صدر مؤخرا تقرير السعادة العالمي الذي يصدر عن شبكة حلول التنمية المستدامة بالأمم المتحدة. ويأتي أهمية التقرير هذا العام أنه يصدر في ظل الذكرى العاشرة لصدوره.

وحددت الأمم المتحدة يوم 20 مارس/آذار من كل عام يوما عالميا للسعادة، بهدف تسليط الضوء على أهميته باعتباره طموحا عالميا. وتعد هذه الذكرى بمثابة جرس إنذار لقادة العالم من أجل تحقيق هذه الغاية، فضلا عن رسالة أمل لأولئك الذين لا يشعرون بالسعادة.

السعادة والسياسة

يشير التقرير إلى أهمية السعادة في السياسة حيث أصبحت اليوم هي إحدى أهداف السياسات العامة. وأصبحت أغلب الدول تهتم بقياس مستواها في بلادهم بعد اهتمام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بهذا الأمر. فيما أنشأت بعض دول وزارة للسعادة. كما طالب الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بوضع هذا الامر كأحد اهداف السياسة العامة.

تكمن أهمية التقرير في قدرته على قياس مستوى السعادة في المجتمعات مما يساعد صناع القرار في وضع سياسات عامة. تضع سعادة الشعوب في الاعتبار في تلك السياسات عند تصميمها.

أدوات القياس

بسبب اختلاف مفهوم السعادة من المجتمع إلى آخر لم يعتمد التقرير بشكل أساسي على معايير موضوعية للسعادة. بل اعتمد على قياس وجهة نظر كل شعب حول المعايير التي وضعها التقرير لتقييم مستواها بالنسبة لكل مجتمع.

يستخدم التقرير عدة أدوات. يتم جمع عينة من كل بلد، ويطلب من الأفراد في تلك العينة تخيل سلم من الاقل برقم 0 حتى الأعلى برقم 10. ويختارون رقم بناء على تقييمهم لحياتهم، كما يستخدم التقرير سؤال نعم أو لا كأداة لقياس المشاعر السلبية والإيجابية.

يضع التقرير عدة معايير منها نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط العمر الصحي المتوقع الذين يتم معرفتهم بناء على بيانات من البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية. كما يضع التقرير في الاعتبار أيضا الدعم الاجتماعي الذي يعني وجود أقارب أو أصدقاء يمكن الاعتماد عليهم في الأوقات الصعبة. ومقياس آخر هو القدرة على اتخاذ القرارات في الحياة بحرية، بالإضافة إلى معيار الكرم الذي يهتم بسؤال الاشخاص حول تبرعهم للجمعيات الخيرية مؤخرا. كما يهتم التقرير بقياس رؤية الشعوب حول وجود الفساد في الحكومات، إذا كانوا يعتقدون بأنه منتشر أم لا. كما يضع التقرير مشاعر الذين يتم سؤالهم في العينة إذا كانوا يشعرون بالحزن او السرور أو القلق وغيرها من المشاعر كجزء من التقييم.

يستخدم التقرير أداة أخرى للمقارنة وقياس السعادة وهي الديستوبيا. وهي دولة متخيلة فيها أتعس شعب في العالم. ويتم قياس الدول الحقيقية مقارنة مع تلك الديستوبيا المتخيلة، فحتى أسوأ دولة في التقرير لن تكون أتعس من الديستوبيا.

السعادة في العالم

كانت المراكز العشرة الأولى من نصيب فنلندا والدنمارك وايسلندا وسويسرا وهولندا ولوكسمبورج والسويد والنرويج وإسرائيل ونيوزيلاندا. أما أقل الدول سعادة هم بتسوانا ورواندا وزيمبابوي ولبنان وفي نهاية القائمة في المرتبة 146 أفغانستان. بالنسبة للدول العربية أكثر الدول سعادة في المنطقة جاءت الأمارات والسعودية في المرتبتين الـ 24 والـ 25.

تحسن طفيف في مصر

احتلت مصر في تقرير هذا العام المرتبة الـ 129 من أصل 146 دولة. في التقرير الماضي احتلت مصر المرتبة ال 132 مما يشير إلى حدوث تحسن طفيف في ترتيب مصر في تقرير هذا العام. ولكنه تغيير بسيط وبطيء، فمازالت مصر في مرتبة متدنية بالرغم من التحسن الطفيف. فمازالت هناك عوامل يقيسها التقرير تظل متدنية ويشعر المصريون بالكثير من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. والتي تؤثر سلبا على شعورهم بالسعادة مما يجعلهم أقل سعادة من شعوب أخرى كثيرة في العالم.