للموت جلالة وهيبة تزول أمامها كل الخلافات الفكرية والسياسية. إلا أن لوفاة نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب رجائي عطية بعد آخر، يقوده الخلاف النقابي مع النقيب السابق وعضو مجلس الشيوخ سامح عاشور. والذي أعلن أنه لن يحضر العزاء، متهمًا بعض أعضاء مجلس النقابة بالتعاون مع أسرة الراحل لمنعه من الحضور وتصدير مشهد وصفه عاشور بـ”السلبي” خلال الجنازة.

لماذا اعتذر عاشور عن عزاء رجائي عطية؟

اعتذار عاشور أرفق ببيان مصور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك“؛ جاء فيه: أنا في غاية الأسف أن يكون حديثي معكم اليوم يتعلق بواقعة لكم أكن أود أن تكون.. فمنذ وفاة المرحوم رجائي عطية أصدرت بيانًا بعزائي لأسرته وزملائي المحامين. قررت أن أحضر عزاء المحامين الذي تقيمه النقابة وأسرته، لنشارك زملائنا المحامين في هذا الحدث الجلل.

وأضاف: لكن فوجئت في الساعات المتأخرة من مساء أمس وصباح اليوم بإصرار عدد من أعضاء مجلس النقابة على التعاون مع أسرة المرحوم احتجاجًا على عدم حضوري، وتصدير مشهد سلبي في حالة حضوري قد يؤثر على الشكل العام للمحامين وعلى العزاء.. هذا التعبير الذي أبدته الأسرة عليّ أن أحترمه. خاصة وأن الأسباب التي كانت بيننا في الماضي كانت تبدو شخصية لديهم”.

وقد أتبع عاشور ذلك بإعلان الاعتذار عن الحضور. وبرره بالحرص على الشكل العام لهذا العزاء وحرصًا على الشكل العام للمحاماة وحرصًا على مشاعر الأسرة التي لم يرد أن يؤلمها. بينما أضاف أن هذا الاعتذار ليس تراجعًا أو تعاليًا عن أداء هذا الواجب. وقال: “لن أشارك في السرادق المقام لهذا العزاء احترامًا لكرامتكم وقدركم، واحترامًا لهيبة المحاماة والمحامين وتقديرا لرغبة أسرة الفقيد ولرغبة الذين يريدون أن يؤججوا الصراع في أوقات لا يجوز فيها أن تثار فيها مثل هذه المهاترات”.

سامح عاشور ورجائي عطية
سامح عاشور ورجائي عطية

أمين النقابة: بيان عاشور عن عزاء رجائي عطية “كلام مرسل”

إلا أن هذا الاعتذار وتبريره من جانب النقيب السابق يبدو أنه لم يرض حسين الجمال الأمين العام للنقابة. فقد علق الرجل على بيان عاشور بأنه “موقف شخصي يتم إقاحمه في العمل العام، ولا يعبر عن أي موقف رسمي من النقابة أو أحد أعضائها تجاه شخص عاشور، ولا يستند على وقائع”. وقد وصف حديث عاشور بـ”الكلام المرسل”.

وفي حديثه لـ”مصر 360″، قال الجمال: “هذا الاتهام الذي وجهه النقيب السابق للمجلس الحالي غير صحيح. إن كان وصل السيد سامح عاشور أي تهديدات رسمية فعليه أن يعلنها ويعلن أطرافها”. بينما طالب بتنحية أي خلاف شخصي جانبًا والنظر للمصلحة العامة للنقابة. ذلك لأن النقابة “ليست حزبًا أو موقع لتمثيل بعض التيارات السياسية”، على حد قوله. مؤكدًا أن النقابة ليست حكرًا على أحد ولا ميراث لأحد، وأن الجمعية العمومية هي صاحب الرأي في اختيار من يمثلها على مقعد النقيب أو أعضاء المجلس.

بيان النقابة: مُنعنا من إقامة عزاء يليق برجائي عطية

وكانت النقابة العامة أصدرت بيانًا في أعقاب إعلان وفاة النقيب الراحل، عبرت فيه عن استيائها. فيما ألقت بالمسؤولية على الأمن في منعهم من إقامة عزاء يليق بمكانة الراحل داخل النقابة أو في مسجد عمر مكرم بميدان التحرير أو مسجد الشرطة.

وقد طالب أعضاء مجلس نقابة المحامين، في بيانهم، الرئيس السيسي برد كرامة النقابة، ونقيبها المتوفي. وعبروا عن استيائهم من الطريقة التي جرى التعامل بها مع النقابة، من عدم السماح بنقل جثمان الفقيد إلى النقابة وفق رغبة جموع المحامين. وكذا رفض إقامة العزاء في مسجد عمر مكرم. ذلك بعد حجز النقابة قاعتي المسجد لاستقبال المعزين. واعتبر مجلس النقابة ما حدث بمثابة “عدم تقدير للمحامين وأسرهم ومهنة المحاماة.

بيان النقابة
بيان النقابة

أمين النقابة: الأمن حدد الثلاثاء موعدًا للعزاء والأوقاف ماطلت

وتعليقا علي بيان النقابة، قال الأمين العام إن الأمن كان قد أخطرهم بموافقته على عقد العزاء اليوم الثلاثاء بمسجد الشرطة على طريق صلاح سالم. بعد أن أعلنت النقابة وأسرة الفقيد رسميًا تحديد موعد العزاء يوم أمس الإثنين.

وقال الجمال: الإخطار جاء وكان تم تحديد موعد العزاء. الأمر الذي صعب معه الإلغاء. نظرًا لحضور شخصيات عامة عربية ومصرية وآخرين من محبي الراحل من كل المحافظات.

أيضًا، لفت أمين عام النقابة إلى موقف وزارة الأوقاف. وقد اتهمها بالمماطلة. قال: “الأمن وافق لكن الموضوع تعطل بسبب تصريح وزارة الأوقاف التي ماطلت ولم ترد بالموافقة أو رفض إقامة العزاء بعمر مكرم حتى وقت إقامة العزاء في المنطقة المجاورة للمسجد”.

رجائي عطية.. عزاء النقيب ساحة لتبادل الاتهامات

على الجانب الآخر، اتهم حسام داغر المحامي وأحد أنصار سامح عاشور المجلس الحالي بطرد ومحاصرة وكيل النقابة الحالي مجدي سخي. وقد أشار إلى منع سخي من تقديم واجب العزاء وبعض الأعضاء الآخرين، ومنهم عبد العزيز كركاب ومحمد عبد العال. فضلًا عن توجيه الإهانات إليهم، على حد قوله.

لكن محمد فزاع، عضو مجلس النقابة ورئيس لجنة العلاج بالنقابة، رد قائلًا إن الأسماء المذكورة كانوا يتلقون واجب العزاء داخل الصفوف بأنفسهم. واصفًا اتهام داغر بـ”المهاترات” لإحداث أزمة مفتعلة وغير حقيقية. مشيرًا إلى وجود عشرات الكاميرات التي تثبت ما حدث خلال العزاء.

وفي حديثه لـ”مصر 360″، قال فزاع إن داغر يحاول تشويه صورة النقيب الراحل. ذلك “منذ أن أُدرج اسمه ضمن قضية الفساد التي يتم التحقيق فيها أمام النيابة حاليًا. وانتقامًا لإسقاط عضويته”.

وبدأت الحرب النقابية بين جبهتي عاشور وعطية منذ وقت طويل. وتخللتها محاولات ومعارك انتخابية عدة نجح بعدها رجائي عطية في الوصول إلى منصب النقيب. في انتخابات انتزع بها كرسي النقابة من سامح عاشور الذي سيطر عليه لمدة 18 عامًا متتالية. وقد ضمن الأخير خلال هذه السنوات ولاءات عديدة داخل الطاقم الإداري للنقابة.

وقد ظهرت هذه الحرب جليةً في اتهامات مجلس النقابة الجديد لأنصار عاشور من موظفي النقابة بالامتناع عن العمل وإعاقة مهام النقيب رجائي عطية. والذي بدوره أحال ملف فساد ضد جبهة عاشور.