يُشكّل تعزيز تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا لقبضته على بورنو ومنطقة بحيرة تشاد. تهديدًا أمنيًا متزايدًا لنيجيريا والدول المجاورة. رغم الشعور بالارتياح لرحيل الشكوي، وهو مسؤول عن أعمال عنف مروعة وسوء معاملة ضد المدنيين. لذلك، دعا باحثو Ccrisis Group أبوجا وشركاؤها إلى احتواء المزيد من تقدم التنظيم. ومساعدة المقاتلين المتنافسين على الاستسلام، وحماية النازحين داخليًا. والعمل مع الدول المجاورة لقطع الدعم المادي الخارجي عن الجهاديين.

في سبيل العمل على هذا الاحتواء. يجب اتخاذ خطوات لوقف المسلحين الذين كانوا تحت سيطرة الشكوي من نشر عدم الاستقرار في أماكن أخرى. وأن تتوفر أيضًا بدائل أفضل للمدنيين الذين قد يعودون إلى الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة. حيث قد يصبحون قاعدة ضريبية للجهاديين، وأضرارًا جانبية في القتال مع الجيش النيجيري الذي سيحتاج إلى مواصلة حملته. مع توخي العناية الواجبة لحماية المدنيين.

تعود جذور هجوم تنظيم الدولة الخاطف ضد الشكوي إلى التاريخ الطويل من التوترات داخل جماعة بوكو حرام. لا سيما حول الاتجاه الأيديولوجي والتشغيلي للحركة. على الجبهة الأيديولوجية، أثار اعتقاد الشكوي بأن جميع أولئك الذين لم يتبعوه أو عاشوا ببساطة خارج سيطرة جماعته -بمن فيهم المدنيون المسلمون- كانوا “غير مؤمنين” ويمكن قتلهم أو استعبادهم. كذلك فعلت الوحشية، والتطهير الداخلي، وأسلوب الإدارة غير المنتظم.

على هذه الخلفية، بدأ مسار الحركة في التحول بعد سلسلة من الهزائم العسكرية على يد الجيش النيجيري وشركائه الإقليميين في عام 2015. هنا، جاءت مجموعة صغيرة من مسلحي داعش العرب ذوي الخبرة العسكرية والتنظيمية. الذين جاءوا إلى غابة سامبيسا للمساعدة في إقناع الشكوي بمبايعة أبو بكر البغدادي. كانوا يأملون في أن يكبح البغدادي تجاوزات الشكوي، ويعيد ترتيب الجماعة. في مارس/أذار 2015. أقسم الشكوي -على مضض الولاء- للبغدادي، وأصبحت “جماعة أنصار السنة” هي “تنظيم الدولة”.

اقرأ أيضا: “خليفة” داعش المجهول.. كل الدلائل تقود إلى “بشار”

حوكمة تنظيم الدولة

مع مرور الوقت، تطور تنظيم الدولة إلى تنظيم مختلفة إلى حد كبير عن أنصار السنة. على الأقل جزئيًا، بسبب التدريب والتوجيه من قيادة داعش. ويبدو –أيضًا- أنها استفادت من دعم مالي مهم من مصادر خارجية. كانت تلك المساعدة مهمة في السنوات الأولى من تحول بوكو حرام إلى تنظيم الدولة، لا سيما في عامي 2015 و2016، على الرغم من أن تدفق الأموال قد تعطل في بعض الأحيان بسبب اعتقال أولئك الذين كانوا يحملونها بين نيجيريا ومركز التحويل في دبي. كما يوضح باحثو مجموعة الأزمات.

استمرت داعش دائمًا في تقديم المشورة لفرعها في الغرب الأفريقي. مما مكن تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا من تطوير جيش. وصفه المراقبون بأنه “دائم، وأكثر انضباطًا، وأفضل تدريباً” مقارنة بمليشيات الشكوي التي سبقت البيعة. كما شجعت داعش بقوة التنظيم على تحسين العلاقات مع المدنيين المسلمين. ووضع نظام ضرائب مستقر، يحل محل نظام النهب التعسفي والقاسي -والعكسي- الذي أصبحت قوات الشكوي سيئة السمعة بسببه.

في الوقت نفسه، لم يتورع تنظيم الدولة في غرب أفريقيا عن معاقبة من يرون أنهم ينتهكون تفسيرها للشريعة بقسوة. فقاموا ببتر أيدي اللصوص المزعومين، وقتل الزناة. وكذلك -في عدة مناسبات- ذبح المدنيين المشتبه في دعمهم للحكومة. أو في الجماعات التي رفضت دفع الضرائب. أو خالفوا الأوامر.

عرف التنظيم كذلك بالقسوة تجاه الأقلية المسيحية في شمال شرق نيجيريا -ربما جزئيًا لإثبات الولاء لداعش- على الجانب الآخر، حافظ تنظيم الدولة بشكل عام على موقف ترحيبي تجاه المسلمين وامتنع عن ذلك النوع من الانتهاكات التي انغمس فيها الشكوي. ولا سيما عمليات الخطف والزواج القسري للنساء والفتيات والتجنيد القسري للفتيان.

تلفت الدراسة إلى أن هذا التغيير. بالإضافة إلى دور تنظيم الدولة في تسوية النزاعات المحلية من خلال المحاكم الشرعية. ومعاقبتهم لصوص الماشية واللصوص الآخرين. أكسب المجموعة درجة من القبول من السكان المحليين.

 

مزايا داعش الأفريقية

أفاد سكان المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة لباحثي مجموعة الأزمات الدولية. إنهم رأوا عددًا من مزايا العيش في ظل حكم التنظيم. على عكس أولئك الذين يعيشون في ظل جماعة أنصار السنة. حيث يعمل التنظيم على تنمية هذا الانطباع. قال أحد الرعاة المطلعين على المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا على شواطئ بحيرة تشاد: “كانوا -مقاتلي تنظيم الدولة- يمرون للتو وتوقفوا لإخبارنا عن التغيير. قالوا لنا إن رجلاً جديدًا -أبو مصعب البرناوي- كان في السلطة وسيكون السلام.

في مايو/أذار 2021. أعلن البرناوي عن إنشاء لجنة لمراجعة الانتهاكات التي يرتكبها أعضاء التنظيم ضد المدنيين. وذهب إلى حد إقالة قادة يعتقد أنهم “كانوا قساة بشكل غير ملائم على المدنيين”. وقال مدني تواصل مع هذه اللجنة لـ Crisis Group إنه تلقى تعويضات بعد تعرضه للسرقة من قبل أعضاء التنظيم. في غضون ذلك، أعلن التنظيم عن صدقات للمدنيين بمناسبة عيد الفطر.

واصل تنظيم الدولة طمأنة المدنيين بأنهم آمنون في الأراضي التي يسيطر عليها. وأعلن -مع مقتل الشكوي- أن الرعاة آمنين طالما دفعوا الضريبة القياسية. التي تساوي رأس ماشية واحد لكل 30 رأس في كل عام. هكذا يوسع التنظيم نموذج الحوكمة الخاص به، ليشمل أجزاء من منطقة بورنو الريفية التي كانت تحت سيطرة الشكوي. هناك المزيد من التقارير عن أنشطة إدارة تنظيم الدولة. مثل الضرائب والسجون والمحاكم ونقاط التفتيش والدوريات.

قال سكان هذه المناطق إن التحركات أسهل بالفعل من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. حيث يمكن أن تكون عمليات التفتيش الأمنية تدخلية ومرهقة. نقلت الدراسة عن أحد قادة قبائل الفولاني -واحدة من أكبر المجموعات العرقية في منطقة الساحل وغرب إفريقيا- قوله إن التنظيم حريص على توفير الحماية، ودعوة الرعاة إلى اصطحاب حيواناتهم إلى المناطق التي يسيطر عليها. والتي هجروها بسبب المعاملة القاسية من جماعة أنصار السنة.

اقرأ أيضا: مؤشر GTI لعام 2022.. الإرهاب يركز عملياته في مناطق الصراع وعدم الاستقرار السياسي

إشكالية النازحين

من الصعب معرفة عدد المدنيين الذين يحكمهم التنظيم، ولكن يمكن للمرء أن يستخدم -كمؤشر- عدد المدنيين الذين يعيشون في المناطق التي “يتعذر الوصول إليها” أو “يصعب الوصول إليها”، وهي المصطلحات الملطفة التي تستخدمها الحكومة والمنظمات الإنسانية لتحديد المناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الجهاديين أو نفوذهم. حيث لا يمكن لمسؤولي الدولة أو عمال الإغاثة الذهاب بسهولة. اعتمادًا على التعاريف ومصادر البيانات، تختلف التقديرات من ثمانمائة ألف إلى أكثر من ثلاث ملايين.

من القضايا الرئيسية التي تواجه الحكومة النيجيرية وجود 1.6 مليون نازح داخليًا بسبب الصراع في بورنو. وهو رقم قد يتجاوز ثلاثة ملايين إذا اعتبر المرء حوض بحيرة تشاد بأكمله. بدأت السلطات في إغلاق بعض المخيمات التي كانت تستضيف بعض الأشخاص المشردين داخليًا في مايدوجوري، وفاء بتعهد طويل الأمد. كما زار حاكم بورنو زولوم الكاميرون والنيجر. لمناقشة إغلاق مخيمات اللاجئين هناك، وتسريع عودة المواطنين النيجيريين إلى ديارهم.

حتى الآن، تم إجبار حوالي مائة وأربعين ألفًا من بين أكثر من مليون شخص على مغادرة معسكرات مايدوجوري، والعملية لم تكتمل بعد. حاول البعض العثور على مأوى في المستوطنات غير الرسمية وفقدوا وصولهم إلى المساعدة الإنسانية. غادر معظمهم، لكن القليل منهم وصلوا إلى مجتمعاتهم الأصلية، والتي غالبًا ما تكون في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، واضطروا إلى إعادة التوطين في أقرب الجيوب الحضرية التي تسيطر عليها الحكومة.

قبل إغلاق مخيمات النازحين بفترة طويلة. قبلت حكومة ولاية بورنو ضمنيًا أن بعض المدنيين -ولا سيما الرعاة- سوف يتعاملون مع تنظيم الدولة للحفاظ على سبل عيشهم. حيث رفعت الحظر على النشاط الاقتصادي والتجارة الذي فُرض في عامي 2015 و2016 للحد من عائدات بوكو حرام. ولكن مع إعادة التوطين، فإن حجم المدنيين الذين قد يعيدون الانخراط مع تنظيم الدولة لم يسبق له مثيل.

لكن في الوقت نفسه فإن الجيش النيجيري ليس مرنًا مثل سلطات بورنو فيما يتعلق بالمشاركة المدنية مع تنظيم الدولة. كانت هناك تقارير عن مداهمات من قبل الجيش على الأسواق.

مواجهة تنظيم الدولة

يتفق باحثو مجموعة الأزمات أنه بالنظر إلى التحديات الأمنية التي تواجهها نيجيريا ودول بحيرة تشاد حاليًا. يبدو أن الانتصار العسكري على تنظيم الدولة بعيد المنال في الوقت الحالي. لذلك، يجب على السلطات في أبوجا بدلاً من ذلك أن تهدف إلى احتواء تقدم تنظيم الدولة وحرمان المجموعة من فرصة التوسع أكثر. بينما يجب على المنطقة تعزيز تعاونها الأمني ​​والاستخباراتي للحد من التدفقات المالية غير المشروعة إلى تنظيم الدولة.

المشكلة الرئيسية الأولى التي يجب حسابها هي كيفية التعامل مع المنشقين عن جماعة أهل السنة الباقين من بوكو حرام. حتى يظلوا خارج القتال. تحتاج الحكومة إلى التركيز على تسريح هؤلاء الأفراد، خشية أن ينضموا إلى جماعة أخرى أو يصبحوا قطاع طرق في أجزاء مختلفة من الشمال، مما يتسبب في مزيد من انعدام الأمن.

كذلك، من الضروري فرز المنشقين من بين الذين يصلون إلى مخيمات الطوارئ وتوجيههم إلى برامج إعادة دمج قوية. تضمن عدم عودتهم إلى العنف. مع تخصيص المزيد من الموارد والأفراد على وجه السرعة لهذه المعسكرات. ويمكن بعد ذلك إعادة دمج المنشقين الذين تم تقييمهم على أنهم منخفضون المخاطر بسرعة في المجتمع مع بعض المساعدة الاجتماعية والاقتصادية.

بشكل متصل، يجب على السلطات العسكرية والاستخباراتية الفيدرالية دعوة بورنو وحكومات الولايات الشمالية الأخرى في نيجيريا إلى تكثيف الجهود للوصول إلى مقاتلي أهل السنة السابقين. الذين ربما تحركوا خارج منطقة بحيرة تشاد. وتصميم حملة إعلامية لتشجيع المنشقين المحتملين خارج الحوض على الاستسلام.

بالطبع، يجب أن تظل بعض المخيمات مفتوحة للنازحين الذين يفضلون البقاء هناك. بحيث تكون بعيدة عن الأذى عندما تنتقل العمليات العسكرية -بما في ذلك الضربات الجوية- وبالتالي يُحرم تنظيم الدولة من فرصة استغلالهم في التجارة والضرائب. كما لا ينبغي معاملة المدنيين الذين يتعاملون مع التنظيم من أجل العمل في حقولهم أو الحفاظ على قطعانهم أو التجارة في الأسواق المحلية كمجرمين.