قبل يومين، صدر تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2021/2022. والذي يلقي الضوء على حالة حقوق الإنسان في 154 بلداً في عام 2021. والذي وصف عام 2021 -من منظور حقوق الإنسان- بأنه “كان إلى حدٍ كبير مُفعماً بالخداع والخذلان والنفاق في دهاليز السلطة”. مشيرًا إلى أن توظيف الحكومات والشركات متعددة الجنسيات. لإجراءات مكافحة وباء كوفيد-19، واشتداد النزاعات. زادت في انعدام المساواة وانتهاكات الحقوق الأساسية.

أما فيما يخص العالم العربي، فيؤكد التقرير أن عددًا من حكومات المنطقة أصدرت مزيدا من التشريعات. التي تضيق الخناق على الحريات وفرضت رقابة على شبكة الإنترنت. وواجه مدافعون عن حقوق الإنسان محاكمات جنائية وأحكاما بالسجن. واستخدمت قوات الأمن القوة بشكل غير مشروع لسحق احتجاجات سلمية”.

قال التقرير أيضًا إن مصر في 2021 شهدت تضييق شديد للحق في حرية التعبير، وحرية التجمع، وتكوين الجمعيات، أو الانضمام إليها. التضييق نفسه شهده المدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين المعارضين وغيرهم من النشطاء. عن طريق استدعائهم بصورة غير قانونية واستجوابهم، وإخضاعهم لتدابير المراقبة خارج نطاق القضاء والتحقيقات الجنائية، والملاحقات القضائية غير العادلة. وإدراجهم على “قوائم الإرهاب”.

يقول التقرير: ظل الآلاف من الأشخاص، ما بين المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والطلاب، والسياسيين المعارضين. وأصحاب الأعمال التجارية، والمتظاهرين السلميين، معتقلين بصورة تعسفية. وأدين العشرات بعد محاكمات جائرة بصورة فادحة، أو أمام محاكم الطوارئ بتهم ذات صلة بالممارسة السلمية لحقوقهم الإنسانية.

اقرأ أيضا: ورقة دام| حق الوصول للوثائق الرسمية.. قروض صندوق النقد الطارئة لجائحة كوفيد-19 (مصر مثالًا)

حرية التعبير والاعتقالات

لفت التقرير، الذي قام بعرض الدول أبجديًا، إلى استمرار سوء ظروف الاعتقال. حيث حرم بعض السجناء من الرعاية الصحية الكافية، مما تسبب في وفاة ما لا يقل عن 56 شخصا في الحجز. وفق التقرير. كما تم إصدار أحكام بالإعدام وتنفيذ أحكام أخرى شملت الجرائم المتعلقة بالمخدرات. مع التضييق على الإضرابات العمالية.

ووصف التقرير عمليات نقل سكان العشوائيات وتطويرها بـ “طرد سكان المناطق العشوائية من منازلهم بالقوة واعتقالهم بسبب التظاهر”. كما ادعى أن السلطات المصرية قامت بـ “التمييز ضد المسيحيين على مستوى القانون وعلى أرض الواقع. ولاحقت المنتمين إلى أقليات دينية وأصحاب الرأي الديني المخالف لتوجهات الدولة”. وأن لاجئون ومهاجرون تعرضوا للاعتقال التعسفي إلى أجل غير مسمى “بسبب عبورهم الحدود بصورة غير نظامية”.

أشار التقرير كذلك إلى التضييق الشديد حول الحق في حرية التعبير بشدة، حيث تم حجب ما لا يقل عن 600 موقع من المواقع الإخبارية والحقوقية، وذلك طبقا لما ذكرته منظمات حقوق الإنسان.

بالنسبة للاعتقالات، ألقت قوات الأمن القبض على ما لا يقل عن ستة صحفيين بسبب عملهم أو آرائهم الناقدة. في 19 يوليو/تموز، ألقت القبض على الصحفي عبد الناصر سلامة، بعد أن دعا الرئيس للاستقالة. ظل سلامة مع 24 صحفيا آخر في السجن بعد إدانتهم أو استمرار حبسهم على ذمة التحقيق بتهمة “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ونشر أخبار كاذبة، والإرهاب”.

قوائم الإرهاب

في مايو/أيار، ألقي القبض على حسام شعبان -طبيب كان يعمل في مجال الإغاثة- عقب انتقاده الحظر المفروض على التظاهرات التي عبرت عن التضامن مع غزة إبان العدوان الإسرائيلي عليها. ولا يزال محتجزاً على ذمة التحقيق بتهم “الإرهاب”. وفي يوليو/تموز، أدين حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. بسبب تعبيره عن آرائه في انتخابات 2020. واستجوب قضاة التحقيق ما لا يقل عن خمسة من مديري المنظمات غير الحكومية في يوليو/تموز، وأعادوا فتح التحقيقات المتعلقة بالتهرب الضريبي “في إطار تحقيقات جنائية ذات دوافع سياسية امتدت على مدى عقد من الزمان بشأن أنشطة وتمويل منظمات حقوق الإنسان والمعروفة بالقضية 173”. وفق التقرير.

أضاف التقرير: أوقفت السلطات التحقيق مع 12 منظمة غير حكومية، لكنها ظلت تحظر السفر على مديريها والعاملين بها، وتجمد أصولهم المالية بالمصارف. وظل على الأقل 15 آخرون رهن التحقيق مع خضوعهم لقيود مماثلة.

كذلك، أضافت السلطات على نحو تعسفي 408 اسما إلى “قائمة الإرهاب”. تشمل عددا من النشطاء والسياسيين المعارضين. لمنعهم من المشاركة في العمل المدني أو السياسي، ومن السفر إلى الخارج لمدة خمس سنوات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أيدت المحكمة الإدارية العليا حكما بحرمان ستة من المحامين المدرجة أسماؤهم على قوائم الإرهاب من مزاولة المهنة.

اقرأ أيضا: خيلٌ جديد للحكومة: بالقانون وأشياء أخرى.. “سكان المستعمرات” في الشارع

المحاكمات الجائرة

أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن القضاء المصري أمر بتجديد بالحبس الاحتياطي “للآلاف من الأفراد ممن ظلوا محتجزين لحين استكمال التحقيقات معهم بتهم متعلقة بالإرهاب لا أساس لها من الصحة، ودون السماح لهم بالطعن على عدم قانونية الاعتقال”. وذكر التقرير إطلاق السلطات سراح 13 من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والسياسيين. الذين كانوا محبوسين احتياطيًا لمدة سنوات. مع ذلك، أوضح أنه في فبراير/شباط، اعتقلت السلطات بصورة تعسفية رجل الأْعمال سيف ثابت بعد شهرين من إلقاء القبض على أبيه صفوان ثابت. بسبب رفضهما تسليم أصول شركة “جهينة” المملوكة لهما للسلطات.

في أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت وزارة العدل قرارًا يسمح بموجبه التجديد عن بعد للحبس الاحتياطي. عن طريق إصدار أوامر جديدة بتهم مماثلة تستند لتحقيقات قطاع الأمن الوطني. والتي تُعرف بأسلوب “التدوير”. كما تم اتباع أساليب أخرى مماثلة للإبقاء على السجناء المدانين قيد الحجز بعد انقضاء عقوبتهم. وفي 15 يونيو/حزيران، أمرت نيابة أمن الدولة العليا باعتقال محامي حقوق الإنسان محمد رمضان على ذمة التحقيق. في قضية جديدة بعد أيام من صدور أمر المحكمة بالإفراج عنه، بعدما قضى ثلاثة أعوام في الحبس الاحتياطي.

وفي شهر أغسطس/آب، أحالت نيابة أمن الدولة العليا قضايا عزت غنيم مؤسس إحدى المنظمات غير الحكومية، والمحامية هدى عبد المنعم إلى محاكم الطوارئ بتهمة “نشر أخبار كاذبة”. كما أحالت نيابة أمن الدولة العليا ما لا يقل عن 28 من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والنشطاء إلى المحاكمة أمام محاكم الطوارئ.

وبين شهري يونيو/حزيران. وديسمبر/كانون الأول، أدانت محاكم الطوارئ الطالب أحمد سمير سنطاوي، إلى جانب السياسيين المعارضين زياد العليمي وحسام مؤنس وهشام فؤاد، والناشط علاء عبد الفتاح، والمحامي ومؤسس إحدى المنظمات غير الحكومية محمد الباقر، والمدون محمد إبراهيم -أكسجين- بتهمة “نشر أخبار كاذبة”. وحكمت عليهم بالسجن ما بين ثلاثة وخمسة أعوام، بسبب انتقادهم سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، والسياسات الاقتصادية ومستويات المعيشة.

الاختفاء القسري

زعم التقرير خضوع مئات المعتقلين للاختفاء القسري في مقر قطاع الأمن الوطني وأقسام الشرطة وغيرها من الأماكن غير المعلومة. وقيام قطاع الأمن الوطني بنقل سجناء الرأي وغيرهم من المحبوسين لأسباب سياسية من أماكن احتجازهم المعتادة. عقب صدور أوامر قضائية بالإفراج عنهم، مع إخفاء مصيرهم وأماكنهم لمدد وصلت إلى 3 أشهر.

ولم يصدر أمر بالتحقيق في الاختفاء القسري لمنار عادل أبو النجا لمدة 23 شهرا مع رضيعها قبل استجوابها في فبراير/شباط بشأن تهم متعلقة بالإرهاب أمام نيابة أمن الدولة العليا. ولا يزال زوجها عمر عبد الحميد مختفيا قسريا منذ مارس/آذار 2019.

أيضًا، زعم التقرير تعريض قوات الأمن المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. من بينها الضرب، والصعق بالكهرباء، والتعليق في أوضاع مؤلمة. والحبس الانفرادي لأجل غير مسمى في ظروف مزرية. وأفاد بأن ما لا يقل عن 56 محتجزاً لقوا حتفهم في الحجز جراء تعرضهم لمضاعفات طبية، وتوفي أربعة آخرون عقب ورود أنباء عن تعرضهم للتعذيب. ولم تقم السلطات بالتحقيق في أسباب وملابسات هذه الوفيات.

التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي

أشارت منظمة العفو الدولية إلى أنه في فبراير/شباط، أحال مجلس الوزراء مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية إلى البرلمان. يحتفظ بالنصوص التمييزية ضد المرأة. فيما يتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والتعليم. ويعطي صلاحيات للأوصياء الذكور لإبطال زواج المرأة بأمر قضائي دون موافقتها. وفي أبريل/نيسان، شدد البرلمان العقوبات المفروضة على إجراء عملية الختان.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، تقلدت 98 امرأة منصب قاض بمجلس الدولة، لكن التقرير يرى أن تمثيل المرأة “ظل دون المعدل المتناسب، وظلت المرأة مستبعدة من شغل معظم الوظائف بدوائر القضاء والنيابة”. زاعمًا أن السلطات ظلت تلاحق النساء المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب سلوكهن وملبسهن وطريقة كسبهن للمال عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.

ولم تتخذ السلطات أي خطوات لمنع العنف المنتشر ضد النساء والفتيات على نطاق واسع والتحقيق فيه. وفي مايو/أيار، أطلقت السلطات سراح كل المشتبه فيهم في قضية الاغتصاب الجماعي بأحد فنادق القاهرة في عام 2014 بحجة “عدم كفاية الأدلة”. وكانت قد أفادت شاهدتان على الأقل أنهما تعرضتا للضغط من جانب رجال الأمن لتغيير شهادتهما.