مناسبة العودة إلى الثلاثي: السادات وهيكل وكيسنجر، كتاب الدبلوماسي الأمريكي “مارتن إنديك” الذي صدر نهاية أكتوبر الماضي بعنوان “سيد اللعبة.. هنري كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط”. وهو الكتاب الذي انصب بشكل حصري على دبلوماسية “كيسنجر” في منطقتنا العربية. وقد اعتمد مؤلفه على آلاف الوثائق التي رُفعت عنها السرية من الأرشيف الأمريكي والإسرائيلي. إضافة إلى العديد من المقابلات مع “كيسنجر” نفسه.

يعيدنا “إنديك” إلى سبعينيات القرن الماضي. تلك الفترة التي لعب خلالها “كيسنجر” الدور الرئيسي الذي مهد لما سُمي عملية سلام الشرق الأوسط. وكان هناك على الجانب المصري الرئيس السادات يتوق إلى التواصل مع الأمريكان. وبذل محاولات شتى لفتح قنوات اتصال معهم، بدأت بالمبادرة التي حملت اسمه في يناير 1971، والتي أخفقت في تحقيق ما يرجوه الرئيس السادات، وحسب رؤيته فقد أجهضها رفقاؤه في السلطة وقتها، هؤلاء الذين أطلق عليهم فيما بعد اسم مراكز القوى، وأطاح بهم خارج دائرة صنع القرار في مايو 1971، فيما أسمي بثورة التصحيح.

ومن بعد جرت محاولات أخرى متبادلة بين السادات وكيسنجر لتلمس الخطى، والتعرف عن قرب بين الرئيس الجديد في مصر، بعد رحيل عبد الناصر، وبين النجم الساطع في السياسة الدولية الذي صار لتوه مستشار الأمن القومي الأمريكي، وطُرح اسم محمد حسنين هيكل ضمن محاولات للاقتراب عن بعد، خلف عدسات الإعلام، وبعيدًا عن المسؤولين الرسميين، والتقت إرادة السادات وكيسنجر على أن يكون هيكل هو حلقة الوصل غير الرسمية.

ولكن هيكل كان له رأي آخر، وفشلت تلك المحاولات، وراح السادات يتلمس قنوات اتصال جديدة، وكان كمال أدهم رئيس المخابرات بالمملكة العربية السعودية جاهزًا لتسهيل مثل هذا التواصل وتمهيد الأرض لإنجاحه.

**

يوم 18 يوليو 1972 فاجأ الرئيس “السادات” العالم بقرار طرد 20 ألفًا من الخبراء السوفييت من مصر، ولكن رد الفعل الأمريكي جاء باهتًا وباردًا، وحسب كتاب “إنديك” فقد قال كيسنجر “لو اتصل الرئيس السادات تليفونيا بواشنطن وطلب أي شيء قبل طرد الخبراء من مصر، لكان حصل على ما أراد، إلا أنه قدم لنا هذا العمل الجليل مجانًا”.

كانت عين “السادات” مصوبة إلى خلق أوضاع جديدة تسمح بتغيير دراماتيكي في السياسة المصرية، وهو ذاهب إلى الحرب بعد محاولات عديدة لتجنبها فشلت كلها، وبعد مبادرات لم تلق أدنى اهتمام من الأمريكان، ولا إسرائيل، وفي أكثر من موقع في كتابه يُلمح “إنديك” إلى أن “كيسنجر” هو من أوصل “السادات” إلى دخول الحرب، بعد أن تيقن السادات أنها وسيلته الوحيدة لجذب انتباه واشنطن، وإعادة “توريطها” في ملف الشرق الأوسط، وهو تلميحٌ تؤكده نظرة “إنديك” إلى أن حرب 1973 كانت أساسية لتفعيل نظريات “كيسنجر” عن التوازن والاستقرار، ووضعها موضع التنفيذ.

**

حسب كتاب “إنديك” فالسلام كان مشكلة منذ البداية في عقل “كيسنجر” الذي انحاز دوما إلى “عملية السلام وليس السلام” كآلية لصيانة الاستقرار، وينقل الكتاب عن “كيسنجر” قوله إن “السلام في الشرق الأوسط كان مشكلة، وليس حلًا، والرغبة في السلام تحتاج إلى إيجاد نظام مستقر في هذا الجزء شديد التقلب من العالم”، وعلى هذا الأساس اكتفى “كيسنجر” بعد حرب 1973 بتوقيع اتفاقات تمهيدية، اثنتن بين مصر وإسرائيل، وواحد بين سوريا وإسرائيل، ولم يستعجل الوصول إلى اتفاقات سلام شاملة تعالج قضايا الخلاف الأساسية.

 

ويكشف كتاب “إنديك”، كيف أن “كيسنجر” أدار اللعبة على قاعدة الوصول إلى توازن عسكري ميداني يسمح للطرفين بدخول عملية سلام بحد معقول من الكرامة الوطنية، وبحد أكثر معقولية من المصالح المشتركة، والولوج من ذلك إلى بناء شرق أوسط جديد مناسب لواشنطن ومزعج لروسيا، من دون أن يسدد ضربة قاضية لسياسة التهدئة مع الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت.

**

حين بدأت الأضواء تنحسر عن نجمها الأول طوال عقد السبعينيات من القرن الماضي “هنري كيسنجر” أشهر وأهم وألمع وأقوى وزير خارجية أمريكي مع انتخاب الرئيس الأمريكي “جيمي كارتر” الذي اختار “سيروس فانس” لشغل الموقع الذي شغله “كيسنجر” لمدة أربع سنوات متتالية، سنتان تقريبا في عهد الرئيس “ريتشارد نيكسون”، ومثلهما في عهد خلفه الرئيس “جيرالد فورد”، طلب “كيسنجر” بعد خروجه من الوزارة أن تستمر الحراسة عليه، بدعوى أن أخطارا تهدد حياته خصوصًا من جانب الفلسطينيين، وكان تعليق أحد أعضاء الكونجرس: (من الذي يهمه بعد الآن أن يهدد «هنري كيسنجر؟، لا أظن أن فلسطينيًا سوف يذهب بمسدسه ليطارد رجلا لم يبق له ما يشغله سوى أن يخرج كل صباح إلى شوارع “جورج تاون” لكي يعطي لكلب زوجته نانسي فرصة ينطلق فيها).

هذا التعليق من عضو الكونجرس على خروج “كيسنجر” من موقع القرار يذكرك بتعليق الرئيس “السادات” عقب إخراجه لهيكل من عرينه في جريدة الأهرام ـبسبب “كيسنجر”، وربما بتحريض منه ـ جاء هذا التعليق حين علم السادات أن هيكل ما زال يمارس مهنته في الخارج بعد قطع الطريق عليه بالداخل فقال تعليقه الغريب: وهل ما زال “هيكل يكتب؟، ألم أرفده من الأهرام؟”.

**

الأقطاب المتشابهة تتنافر، أما المختلفة فتتجاذب، وقد انجذب كل من “هيكل” و”كيسنجر” إلى بعضهما في البداية، ثم قضى التشابه بينهما على هذا الانجذاب المؤقت، فتنافرا، ولعلك تُفاجأ من أن أكثر من كتب عنهم هيكل ثلاثة هم على الترتيب: “جمال عبد الناصر”، و”أنور السادات”، وثالثهم كان “هنري كيسنجر”.

أكثر “هيكل” من الكتابة عن “كيسنجر”، وحذَّر منه، ورأى مبكرًا خطورته على القضية الوطنية أولًا، ثم على مسار العلاقة التي نشأت بينه وبين الرئيس “السادات” الذي كان يحلو له أن يسميه “صديقي هنري”.

ولعل مراجعة سريعة لعناوين مقالاته قبيل حرب أكتوبر في 1973، وأثناءها، وبعدما أن سكتت أصوات المدافع، تؤكد لنا هذا بدون لبس، فهو قبل الحرب بشهر بالتحديد في 7 سبتمبر سنة 1973 يكتب “كيسنجر والمواجهة بيننا وبينه”، ثم وبعد الحرب بشهر يعود ليكتب “مناقشة مع كيسنجر”.

وقبل أن يترك هيكل الأهرام بشهر كتب “كيسنجر ومعنى النجاح”، ثم كان المقال الأخير له تحت عنوان “الظلال والبريق”، وهو المقال الذي صدر في اليوم الأول من فبراير 1974، وهو نفس اليوم الذي أصدر فيه الرئيس “السادات” قراره بإخراج “هيكل” من الأهرام.

**

لم يكن “كيسنجر” في نظر “هيكل” مجرد دبلوماسي رفيع المستوى يتربع على مركز القرار السياسي الخارجي في الولايات المتحدة، خاصة عندما جمع بين وظيفتي مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية في مرحلة كانت الحرب الباردة بين الكتلتين الشيوعية والرأسمالية على أشدها، وحرب فيتنام تشتعل في آسيا ويمتد لهبها السياسي إلى داخل الولايات المتحدة. ولكنه ظل يقدر فيه الأستاذ الأكاديمي الذي جمع بين التنظير العلمي والممارسة السياسية، وأنه نجح في ضربة سياسية مسرحية في فتح دروب التواصل مع الصين، ووضع كلمة النهاية على مأساة الحرب في فيتنام.

وكتب “هيكل” مبكرًا يتوقع أن تفرض أزمة الشرق الأوسط نفسها على “كيسنجر” عقب توليه حقيبة الخارجية مضافة إلى موقعه كمستشار للأمن القومي، (ذلك أنه بعد الوفاق، وبعد بكين، وبعد تسوية فيتنام – فإن أزمة الشرق الأوسط تحتل رأس القائمة بين المشاكل الدولية المعاصرة).

على الجانب الآخر لم يكن “هيكل” في نظر “كيسنجر” مجرد صحفي كبير يترأس تحرير الصحيفة الأشهر والأكبر تأثيرًا، ليس في مصر وحدها ولكن في الوطن العربي كله، كان “كيسنجر” يعرف ويدرك عمق تورط هيكل في السياسة العربية، والمدى الذي وصل إليه في الاطلاع على مجريات وأسرار ومفاتيح السياسة المصرية منذ خمسينيات القرن العشرين، وخبراته المتراكمة التي توفرت له بالجمع بين الموقع المهني البارز على رأس تحرير الأهرام ووجوده الملحوظ قريبًا من قمة صناعة القرار طوال عصر عبد الناصر والسنوات الأولى من عصر السادات.

**

مسيرة العلاقة بين “السادات” و”هيكل” بدأت بالتحالف حد توحد المقاصد، ثم راحت تسوء بوتيرة متصاعدة، وبشكل دائم، خاصة بعد إسقاط من اصطلح على تسميتهم بمراكز القوي وقد كانوا هم الأعداء المشتركين لكل من طرفي العلاقة.

حين سقط التناقض الرئيسي من ساحة المواجهة عند القمة، بدأت التناقضات التي كانت متوارية لحساب المواجهة الرئيسية تظهر على مسار العلاقة بين الكاتب والرئيس، وكانت العلاقة تزداد سوءًا كلما نشبت الاختلافات بين الرجلين ثم لا يتمكنان من الوصول إلى تفاهم حولها.

أقسى لحظات توتر تلك العلاقة بين “هيكل والسادات” كانت بسبب مقال مدوٍ نشره “هيكل” قبل نهاية العام 1972 بثلاثة أيام، وكان عنوان المقال “كيسنجر وأنا مجموعة أوراق”، وهو المقال الذي صدم “السادات”: “أنا أول ما قرأت العنوان رحت رامي الجرنال، بشرفي، وقيل لي بعد ذلك مضمونه، فأصدرت قرارا بأن جميع مقالات هيكل تُعرض على الرقيب، وحين جاءني قلت له قراري: أن تعرض مقالاتك على الرقيب، أو لا تنشر مقالاتك مطلقا، قال لي: تسمح لي أسافر في رحلة إلى الشرق الأقصى، قلت له: روح زي ما أنت عاوز”.

**

وراء هذا المقال الخطير خلفيات عدة، وأسرار متعددة، بدأت وقائعها بعد أن تحقق «كيسنجر» من فشل زيارة وزير الخارجية الأمريكية “وليام روجرز” لمنطقة الشرق الأوسط في أوائل شهر مايو سنة 1971، فقرر لأسباب رآها أن الفرصة قد تكون مناسبة له للقيام بعملية استكشاف من بعيد لأزمة الشرق الأوسط، وكانت ضربة البداية في أوائل شهر يونيو سنة 1971 حيث كان “دونالد كاندال” رئيس مجلس إدارة شركة بيبسي كولا، في زيارة إلى القاهرة، وهو صديق مقرب من الرئيس “ريتشارد نيكسون”، الذي كان لسنوات طويلة محاميا لشركة بيبسي كولا بأمريكا، وطلب “كاندال” أن يقابل “هيكل” لأنه يريد أن يسمع منه عن أزمة الشرق الأوسط.

وتم اللقاء الذي استمر ساعتين في مكتب «هيكل» بالأهرام، ولم يكد “كاندال” يعود إلى واشنطن حتى أرسل خطابًا يدعوه فيه إلى زيارة العاصمة الأمريكية مؤكدًا ترحيب الرئيس “نيكسون” نفسه بهذه الزيارة، وقبل «هيكل» الدعوة من حيث المبدأ، مؤجلا تنفيذها إلى فرصة أخري في ظروف تكون ملائمة.

**

مرت ثلاثة شهور تلقي بعدها “هيكل” من السفير أشرف غربال (القائم بأعمال المصالح المصرية في واشنطن وقتها) رسالة شفوية تشير إلى أن هناك أحاديث في الدوائر المحيطة بالبيت الأبيض الأمريكي عن فكرة اجتماع بين هنري كيسنجر وبينه، ومرة أخرى اعتذر «هيكل» بأن شواغله في القاهرة لا تسمح له بالسفر الآن إلى واشنطن.

ولم تمض غير أيام قليلة، بالتحديد في 15 سبتمبر تلقى “هيكل” رسالة خطية من السفير أشرف غربال حدثه فيها من جديدة عن اهتمام دونالد كاندال وإلحاحه الشديد على (تجديد دعوته لتكون ضيفًا عليه في ضيعته في كونيكتكت لتتقابل مع هنري كيسنجر في عطلة آخر الأسبوع الأول أي 2 و3 أكتوبر- وأن كيسنجر قد قبل حجز هذين اليومين لمقابلتك).

من اللافت أن رسالة غربال حوت فقرة تتحدث عن التشابه بين الشخصيتين، فقال بالنص: (ذكر كاندال أنه يعتقد أنك وكيسنجر متشابهان في الروح والأسلوب، وستنسجمان من أول وهلة مع بعضكما -وهو ما صدقت عليه- وبالفعل أعتقد تماما إنه حقيقي – واتفقنا على أن أحاول معك من جديد على أن ترد عليّ برقيا فور تلقيك هذا بالنتيجة حتى يمكن الرد على كيسنجر). وكان رأي «هيكل» ـ لا يزال ـ أن الوقت ليس ملائما بعد لاجتماع من هذا النوع، وكتب بذلك إلى السفير أشرف غربال.

**

مضى عدة أشهر، وبالتحديد في يوم 2 نوفمبر سنة 1972 اتصل الرئيس السادات بـ”هيكل” وكانت الحماسة ظاهرة من أول كلمة نطق بها، قال: (محمد.. أخيرا كيسنجر أدرك أنه من الضروري عليه أن يتصل بنا).

استطرد الرئيس السادات قائلا: هو يريد أن يقابلك.. أحد أصدقاء نيكسون اتصل بالزيات، وتحدث معه في ذلك، والزيات رأى أن يكتب خطابا بالتفصيل لفوزي (يقصد الدكتور محمود فوزي)، وقد طلبت من فوزي أن يطلعك على خطاب الزيات وأن يبحث معك كل ترتيبات سفرك إلى أمريكا.

وأبدى “هيكل” ملاحظة قال فيها للرئيس السادات إن لديه فكرة عن أن كيسنجر يريد مقابلته، وأنه أرسل برقية اعتذار، فقال السادات: (إيه ده؟ اعتذار إيه؟ كيسنجر يا محمد.. كيسنجر..).

**

في مكتب الدكتور محمود فوزي، اطلع هيكل على نص خطاب الدكتور محمد حسن الزيات (المندوب المصري الدائم وقتها في الأمم المتحدة، والذي أصبح فيما بعد وزيرا للخارجية)، وتضمن الخطاب تفاصيل محاولة جديدة من دونالد كاندال الذي أكد له على ضرورة الحديث مع البيت الأبيض عن غير طريق الاتصالات الرسمية والعلنية، كما أكد له على أهمية أن يسمع كيسنجر وجهة النظر العربية بطريقة عميقة وشاملة.

وقال كاندال إنه حين زار القاهرة قابل فيها رجلا له صفات كيسنجر، ومزاياه، وهو «هيكل»، ولذلك يعتقد كاندال أن هناك فائدة كبيرة من أن تتم مقابلة بينهما، واللافت أن الزيات سأل كاندال: هل يتعين أن تكون مناقشة كيسنجر مع الأستاذ “هيكل”، فكانت إجابته أن هذا أفضل لتشابه شخصيتهما، ولأن “هيكل” ليست له صفة رسمية، ثم إن ذلك كان اقتراحه بعد أن استمع إلى هيكل في حديث طويل عن أزمة الشرق الأوسط في القاهرة.

**

في تلك الفترة كان تحليل “هيكل” يقوده إلى أن الوقت لا يزال غير مناسب لمثل هذا اللقاء، وكانت أسبابه تتلخص أن الموقف العسكري على الجبهة لا يزال على حاله لم يتغير، وأنه لابد من صنع حقائق جديدة على الأرض يكون من شأنها تغيير الموازين أكثر لصالحنا حتى يمكن أن تكون هناك فائدة من أي لقاء.

عرض “كيسنجر” لقاء سريا مع “هيكل”، ولكنه رفض، رغم ترحيب السادات، الذي كان يتطلع إلى خلق “تفاهم ما” مع الأمريكان، يغنيه عن دخول غمار حربٍ لا يعرف كيف تنتهي، ولا كيف تؤثر على بقاء نظامه وأمنه، ومن ناحيته شعر «هيكل» ـ الذي كان يكتب ناقدا مواقف الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت ـ أن السادات يريد الاتجاه إلى واشنطن عبر أقنية سرية، ورفض أن يكون هو واحد من هذه القنوات، فجاء رفضه قاطعا، وكانت خيبة أمل السادات فيه كبيرة.

——————–

الأحد المقبل: (كيسنجر وقصة المقال الأخطر في مسيرة العلاقة بين هيكل والسادات)