قبل أيام، شارك الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري. في جلسة حوار حول ندرة المياه والهجرة. بعنوان “التحديات والفرص من أجل التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.  أشار الوزير في كلمته -التي تم بثها افتراضيا- إلى التأثير الواضح لتغير المناخ على الدورة الهيدرولوجية للمياه. وعلى إمدادات المياه العذبة بشكل غير متساوي في جميع أنحاء العالم. وهو ما يمثل “تهديدا خطيرا للأمن المائي والأمن الغذائي وسبل العيش والنظم الإيكولوجية”، حسب قوله.

وبينما كان عبد العاطي يؤكد على أهمية تحقيق التعاون الإقليمي بين الدول على أساس المنفعة المتبادلة في مجال التكيف مع المناخ. وأهمية تحديث الخطط الوطنية المعنية بالمياه والمناخ بمختلف دول العالم. لفت إلى تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ والذي أوضح أن تغير المناخ يؤدي بشكل متزايد إلى النزوح والهجرة غير الطوعية، وما ينتج عنها من أزمات إنسانية وخسائر وأضرار في جميع أنحاء العال.

قال الوزير ضمن فعاليات مؤتمر “أسبوع المناخ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. إن البنك الدولي يقدر أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يمكن أن تخسر ما يصل بين 6- 14% من الناتج القومي الإجمالي بحلول عام 2050 بسبب الإجهاد المائي. وكذلك تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي أوضح أن الإدارة الفعالة والمستدامة للمياه تقلل من شدة آثار التغيرات المناخية.

وأوضح عبد العاطي أن مصر تقترب من حد الندرة للمياه. حيث يبلغ نصيب الفرد من المياه حوالي 560 مترا مكعبا سنويا، وأن 40% من القوى العاملة في مصر تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. لفت إلى أنه لمواجهة هذه التحديات، قامت الحكومة بوضع الخطة القومية للموارد المائية حتى عام 2037 باستثمارات تصل إلى 50 مليار دولار، من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار.

مستويات الإجهاد المائي

يشكل الإجهاد المائي تهديدات خطيرة لحياة البشر وسبل العيش واستقرار الأعمال. ومن المتوقع أن يزداد سوءًا. حيث يؤدي النمو السكاني والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والتوسع الحضري إلى زيادة الطلب على المياه. في حين أن تغير المناخ يمكن أن يجعل هطول الأمطار والطلب أكثر تقلبًا.

تكشف البيانات التي قام بتحليلها معهد الموارد العالمية WRI أن 17 دولة تواجه مستويات “عالية للغاية” من الإجهاد المائي الأساسي. حيث تسحب الزراعة المروية والصناعات والبلديات أكثر من 80% من الإمدادات المتاحة في المتوسط كل عام. بينما هناك 44 دولة تواجه مستويات “عالية” من الإجهاد. حيث يتم سحب أكثر من 40% من الإمدادات المتاحة كل عام في المتوسط.

وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي أكثر مناطق العالم إجهادًا بالمياه. حيث تقع 12 دولة من أصل الـ 17 دولة التي تعاني مستويات عالية من الإجهاد المائي في المنطقة المعروفة بأنها حارة وجافة. لذا، فإن إمدادات المياه منخفضة في البداية، لكن الطلب المتزايد دفع البلدان إلى مزيد من الضغوط الشديدة.

مع ذلك، هناك فرص غير مستغلة لتعزيز الأمن المائي في المنطقة. حيث -على سبيل المثال- لا يتم إعادة استخدام حوالي 82% من مياه الصرف الصحي من شأن تسخير هذا المورد أن يولد مصدرًا جديدًا للمياه النظيفة. بالفعل، بدأ ظهور رواد في مجال المعالجة وإعادة الاستخدام. تحتل عمان المرتبة 16 في قائمة البلدان التي تعاني من الإجهاد المائي، بينما تعالج 100% من مياه الصرف الصحي التي تم جمعها وتعيد استخدام 78% منها. أيضًا، يتم معالجة حوالي 84 % من جميع مياه الصرف الصحي التي يتم جمعها في دول مجلس التعاون الخليجي بمستويات آمنة. ولكن يتم إعادة استخدام 44 % فقط.

مقتضيات المصلحة العالمية

في تحليله المنشور بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، يلفت عمرو سليم، مدير المستقبل للدراسات الإعلامية والسياسية. أنه على الرغم من اختلاف الظروف بين دول المنطقة. فإن معظم السكان يواجهون خطر وجودي يتمثل في ندرة المياه. وفي حين أن ندرة المياه ليست قضية جديدة، يجب أن يولى المجتمع الدولي المزيد من الاهتمام بها حيث تشير العديد من الهيئات الدولية إلى أن هذه الأزمة من المرجح أن تسوء، خاصة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لتحسين الوضع.

وفي مؤشر على ضرورة التعاون بين تلك الدول لمواجهة تلك الأزمة الخطيرة. هو أن بلدان منطقة الشرق الأوسط تشترك في مكمن مياه جوفية واحد على الأقل. مما يبرز أهمية الإدارة التعاونية لموارد المياه المشتركة. وهوما يشير أيضا إلى أن الصراعات والنزاعات المحتمل أن تشهدها المنطقة خلال المستقبل القريب. سيكون السبب الرئيسي لقيامها هو السيطرة على الموارد المائية والحصول على المياه.

ويعتبر استقرار المنطقة وعدم حدوث موجات جديدة من اللاجئين والنازحين. بسبب أزمة المياه التي من المحتمل أن تكون أشد وضراوة من الأزمات الأمنية. لأنها ستطال أغلب السكان وتؤثر على جميع أمور حياتهم بصفة شبه كاملة. من مقتضيات المصلحة العالمية، فبدون المياه ستتوقف الحياة. ويضطر المواطنين للبحث عن مناطق آخري للعيش فيها، وهو ما سيزيد من أعداد اللاجئين بالمنطقة. والتي وصلت إلى أكثر من 10 مليون لاجئ.

طرق لتقليل إجهاد المياه

هناك اتجاهات مقلقة بلا شك في مجال المياه. ولكن من خلال اتخاذ إجراءات الآن والاستثمار في إدارة أفضل، يمكن حل هذه المشكلات. حيث يمكن تقليل الإجهاد المائي في أي منطقة جغرافية، من خلال عدة تدابير. تتراوح من الفطرة السليمة إلى أحدث التقنيات. لكن، هناك بعض الحلول التي قد تكون أكثر فعالية أكثر من غيرها. مثل زيادة الكفاءة الزراعية، حيث يحتاج العالم إلى جعل كل قطرة ماء تذهب أبعد من ذلك في أنظمته الغذائية.

يمكن للمزارعين استخدام البذور التي تتطلب كميات أقل من المياه. وتحسين تقنيات الري باستخدام الري الدقيق بدلاً من إغراق حقولهم. كما يمكن للممولين توفير رأس المال لاستثمارات إنتاجية المياه. بينما يمكن للمهندسين تطوير تقنيات تعمل على تحسين الكفاءة في الزراعة. ويمكن للمستهلكين الحد من فقد الأغذية وهدرها، حيث يستخدم ربع إجمالي المياه الزراعية.

كذلك، يمكن أن يتغير الإجهاد المائي بشكل كبير على مدار العام. تظهر أبحاث WRI والبنك الدولي أن البنية التحتية المبنية -مثل الأنابيب ومحطات المعالجة- والبنية التحتية الخضراء -مثل الأراضي الرطبة ومجمعات المياه الصحية- يمكن أن تعمل جنبًا إلى جنب لمعالجة قضايا كل من إمدادات المياه وجودة المياه.

كذلك يجب العمل على تنشيط مراكز المعالجة وإعادة الاستخدام والتدوير. فنحن بحاجة إلى التوقف عن التفكير في المياه العادمة على أنها نفايات. فمعالجتها وإعادة استخدامها يخلق مصدر مياه جديد. هناك أيضًا موارد مفيدة في مياه الصرف الصحي يمكن حصادها للمساعدة في خفض تكاليف معالجة المياه. على سبيل المثال، تعيد النباتات في شينج يانج بالصين والعاصمة الأمريكية واشنطن استخدام أو بيع المنتجات الثانوية الغنية بالطاقة. والمغذيات التي يتم التقاطها أثناء معالجة مياه الصرف الصحي.