منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في أكتوبر الماضي، تبحث أوروبا عن بدائل تحررها من قبضة الغاز الروسي. وقد أجادت موسكو استعماله كورقة ضغط، مستغلة حقيقة أن 27 من دول القارة العجوز تلجأ إليها في سد نحو 40% من احتياجات الغاز. الأمر الذي فتح باب الحديث عن قدرة أفريقيا وإمكانية أن تكون موردًا بديلًا.

اقرأ أيضًا: بوتين يذل أوروبا.. الروبل فقط لتسديد قيمة الغاز

لدى أوروبا 3 أوراق محتملة في أفريقيا قد تعتمد على إحداها لتخفيف حدة أزمة الغاز التي تعانيها؛ الجزائر ومصر ونيجيريا. وقد سقطت بالفعل أولى هذه الأوراق في مارس الماضي. حينما رفضت الجزائر -عاشر أكبر منتج للغاز في العالم- طلبًا أمريكيًا بإعادة تشغيل خط أنابيب الغاز المتوقف باتجاه إسبانيا. فما هي حظوظ الورقتين الباقيتين؟

إيني الإيطالية والغاز المصري

في مارس الماضي، تعهدت مجموعة الطاقة الإيطالية “إيني” بتوفير أكثر من 14 تريليون قدم مكعب إضافية من الغاز إلى الأسواق العالمية والتخفيف من أزمة الطاقة في أوروبا. ذلك من خلال “الاستفادة من التحالفات القائمة مع الدول المنتجة”. بما في ذلك مصر، حسبما ورد في استراتيجية الشركة (بي دي إف) حتى عام 2025. وهو ما يأتي فيما تخطط الدول الأوروبية للتخلص التدريجي من الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية بعد غزوها أوكرانيا.

قال الرئيس التنفيذي لإيني كلاوديو ديسكالزي، في بث عبر الإنترنت (شاهد 1:22:30 دقيقة) حينها: “إننا نزيد إنتاجنا من الغاز وسنرسل كل ما اكتشفناه إلى إيطاليا وجنوب أوروبا”.

ولإيني في مصر امتيازات تنقيب عن الغاز ضمن المزايدة الحكومية المطروحة لعام 2021. وقد خصصت المجموعة الإيطالية ما لا يقل عن مليار دولار لإنتاج النفط في خليج السويس ودلتا النيل. بينما من المتوقع أيضًا أن تعلن عن المزيد من الاتفاقيات مع مص. خاصة مع انعقاد قمة المناخ العالمية COP27 المقبلة في شرم الشيخ نوفمبر المقبل، وفق ما يذكره موقع “إنتربرايز“.

وقد التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الخميس الماضي، كلاوديو ديسكالزي، في اجتماع مطول. حيث بحثا مستقبل الغاز بالمنطقة وكذا فرص وتعزيز إمكانات مصر التصديرية.

ولفت تقرير الشركة إلى أن القضايا الرئيسية التي تناولها اللقاء تمحورت حول إنتاج الغاز الطبيعي وصادرات الغاز الطبيعي المسال. وهي المناطق التي اكتسبت فيها مصر دورًا مركزيًا في البحر الأبيض المتوسط ​​منذ اكتشاف حقل ظهر. ذلك فضلًا عن مناطق امتياز أخرى تحوي مخزونات ضخمة من الغاز تتجاوز تريليوني متر مكعب.

النقاشات التي تمت بين الجانبين شددت على تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي وأن تلتزم الشركة بدعم الإنتاج المحلي من خلال حملة تنقيب وتطوير محورية، بحيث يسهم ذلك في دعم الصادرات من خلال مصنع دمياط للإسالة، والذي أعيد تشغيله بنجاح في عام 2021، ما يساعد مصر على أن تصبح مُصدرًا صافًا للغاز الطبيعي المسال، في الوقت الذي تسعى فيه مصر لتصبح مركزًا إقليميًا للغاز بالمنطقة والاستفادة من مصانع الغاز الطبيعي المسال القائمة.

وباستعراض مؤشرات إنتاج شركة إيني الإيطالية، فقد تبين إنتاج كميات من الغاز الطبيعي حاليًا تغطي حوالي 80% من الغاز المخصص للسوق المحلي لتوليد الكهرباء، بفضل حقل “ظهر” الذي ينتج وحده ما بين 2.6 : 3 مليارات قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي.

خريطة الغاز في مصر.. منحنيات العجز والاكتفاء

احتلت مصر المركز الـ 14 عالميًا، والخامس إقليميًا، والثاني إفريقيًا في إنتاج الغاز عام 2020. وذلك بحجم إنتاج سنوي بلغ 58.5 مليار م3، وفقًا لـ”بريتش بتروليوم”. وفي عام 2020/2021 وصل حجم الإنتاج لـ 66.2 مليار م3. وكان الاستهلاك 62.9 مليار م3، والفائض 3.3 مليار م3. بينما سجل الإنتاج 63.2 مليار م3 في عام 2019/2020، والاستهلاك 59.6 مليار م3، والفائض 3.5 مليار م3.

وقد وصلت مصر إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في سبتمبر 2018. وعادت إلى الخريطة العالمية لتصدير الغاز الطبيعي والمسال. حيث سجلت عام 2018/2019 إنتاجًا بحجم 66.1 مليار م3. في مقابل استهلاك 61.8 مليار م3. وفائضًا وصل إلى 4.3 مليار م3.

وكانت قد تحولت إلى مستورد للغاز الطبيعي منذ عام 2014/2015. حيث وصل العجز لـ 0.2 مليار م3. بعدما سجل حجم الإنتاج 46.8 مليار م3، والاستهلاك 47 مليار م3. كما بلغ العجز 7.1 مليار م3 في عام 2015/2016. حيث سجل حجم الإنتاج 41.6 مليار م3، والاستهلاك 48.8 مليار م3. بينما بلغ العجز 8.9 مليار م3 في عام 2016/2017. حيث سجل حجم الإنتاج 46.3 مليار م3، والاستهلاك 55.2 مليار م3.

وتراجع هذا العجز –وفق تقارير حكومية– مع بدء تشغيل حقل “ظهر”. حيث سجل 4.9 مليار م3 في عام 2017/2018. وبلغ حجم الإنتاج 54.6 مليار م3، والاستهلاك 59.5 مليار م3.

وكان إنتاج الغاز الطبيعي عام 2013/2014 سجل 52.2 مليار م3، والاستهلاك 50 مليار م3، والفائض 2.2 مليار م3. في حين سجل الإنتاج 58.8 مليار م3 في عام 2012/2013، والاستهلاك 52.1 مليار م3، والفائض 6.7 مليار م3. بينما سجل حجم الإنتاج 61.3 مليار م3 في عام 2011/2012، والاستهلاك 51.8 مليار م3، والفائض 9.5 مليار م3.

خلال 2021، ارتفعت صادرات قطاع البترول (النفط والغاز والبتروكيماويات) بنسبة 84.28% لتصل إلى 12.9 مليار دولار. ذلك مقابل 7 مليارات دولار خلال عام 2020. فيما قفزت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال خلال العام الماضي بنسبة 550% لتصل إلى 3.9 مليار دولار. ذلك مقابل 600 مليون دولار خلال 2020. حيث ارتفعت صادرات مصر من المنتجات البترولية والبتروكيماوية خلال 2021 بنسبة 42.5% لتصل إلى 5.7 مليار دولار مقابل 4 مليارات خلال 2020.

"رحلة

محفظة استثمارات إيني في مصر

وفق مصادر بوزارة البترول مطلعة على اللقاء بين الجانبين، فإن لقاء الرئيس السيسي بالرئيس التنفيذي لشركة إيني، تطرق إلى محفظة استثمارات واستكشافات “إيني” الحالية في مصر، بعد حصول الشركة مؤخرًا على خمسة تراخيص جديدة تقع في أحواض غزيرة الإنتاج، وعلى مقربة من مصانع إنتاجها، ما يدعم قدرتها على زيادة الطاقة الإنتاجية من الغاز الفترة القادمة لمحاولة إبرام عقود تصديرية في أوروبا تعزيز قيمة صادرات مصر خلال 2022.

لفتت المصادر إلى الاتفاق مع “إيني الإيطالية” على إنفاق استثمار ما لا يقل عن مليار دولار، في البحث عن البترول وتنميته واستغلاله في مناطق خليج السويس ودلتا النيل، خلال المرحلة المقبلة، موضحة أن تركيز الحكومة ينصب حاليًا على محاولة إيجاد طاقات إضافية من الغاز يمكن إسالتها وتصديرها لدول أوروبية بعد الأزمة الروسية هناك.

وبإمكان مصر لعب دور استراتيجية بالنسبة لأوروبا على صعيد توريد كميات من الغاز المسال. لدينا فائض حاليًا يومكن زيادة الكميات المنتجة بالاتفاق مع الشركاء الأجانب وهو ما يتم حاليصا من خلال بعض المباحثات، وفي رأيي مباحثات إيني الإيطالية الأخيرة ستذهب بإنتاج حقل “ظهر” إلى مستوى يتجاوز الـ 3 مليارات قدم مكعب يوميًا الفترة المقبلة -وفق المصادر-.

360 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميًا

ويصل إنتاج إيني الإيطالية التي تعمل في مصر منذ عام 1954، يصل إلى حوالي 360 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميًا، وهي كميات تمثل العمود الرئيسي للوسق المحلية في سد احتياجاتها من النفط والغاز الطبيعي، وتصدير شحنات من الغاز الفائض لأسواق عدة أغلها في آسيا، ويحتمل أن يكون هناك أسواق جديدة في أوروبا الفترة القادمة.

وتأتي نجاحات “إيني الإيطالية” في تحقيق اكتشافات بترولية جديدة -نهاية أكتوبر الماضي- في امتيازي “مليحة” و”جنوب غرب مليحة” في صحراء مصر الغربية، بتقديرات أولية تصل لـ 50 مليون برميل نفط مكافئ،. وهو ما يمثل مُحرك رئيسي لأنشطة إيني في مصر. ومن ثم زيادة الطاقات الإنتاجية الغازية التي ستعزز موقف مصر في التحرك نحو فتح أسواق تصديرية جديدة بأوروبا.

أما الرئيس التنفيذي لـ “إيني” فقد أوضح للموقع الرسمي للشركة الإيطالية، أن لقائه بالرئيس السيسي تطرق أيضًا إلى إنتاج الهيدروجين المحددة بالفعل في عام 2021 في دمياط، بعد مذكرة التفاهم الموقعة في يوليو 2021، بجانب مشاركة إيني في تطوير الهيدروجين منزوع الكربون إلى جانب مشروع CCS الذي يهدف إلى إنتاج الأمونيا الزرقاء. ويمكن توسيع هذا المشروع بشكل أكبر لإزالة الكربون عن المنطقة الصناعية بدمياط، بإجمالي 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون تم التقاطها في المرحلة الأولى، إضافة إلى المبادرات الحالية لاستبدال الغاز بمصادر الطاقة المتجددة.

لفت كلاوديو ديسكالزي، إلى مناقشة الطرفان مشروعًا واسعًا للطاقة الشمسية للاستخدام المدني، بمدى عدة جيجاوات، وهو المشروعات التي من شأنها دعم قدرة الدولة على التحول إلى مركز إقليمي للطاقة بالمنطقة.

"إن

الآليات التي تفتقدها مصر في مجال الطاقة

تفتقد الخطوات المصرية في مجال الطاقة إلى بعض الآليات والاستراتيجيات التي تضمن تحقيق مبتغاها. ومنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من البترول. حيث لاتزال مصر تستورد كميات تقارب الـ 25% من الوقود من الخارج. إضافة إلى ضرورة تمتع الدولة بفائض استراتيجي دائم من الغاز، يضمن لها تصدير شحنات ضخمة لمختلف الأسواق عبر شبكة نقل وأنابيب تربط أوروبا وأسيا ودول إفريقيا، كما يقول الخبير البترولي رمضان أبو العلا.

ويسمح فائض الغاز الحالي يسمح لمصر بفتح أسواق جديدة. لكنه ليس بقوة دولة مثل روسيا وعدد من دول الخليج. لذا بات على قطاع البترول تبني سياسات توسعية فيما يتعلق بإنتاج الغاز السنوي. بالإضافة إلى طرح مزيد من المزايدات لتوسعة رقعة البحث والتنقيب. وكذلك سرعة برامج التحول إلى الطاقة النظيفة في الكهرباء لتوفير الغاز المستهلك في محطات التوليد. باعتبار أن قطاع الكهرباء لايزال هو المستحوذ الأول على استهلاكات الغاز في مصر.

وبذلك، فإن تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة لم يكتمل بعد. وهو يحتاج إلى طفرة إنتاجية في الغاز، وتحقيق الاكتفاء الذاتي النفطي. بالإضافة إلى التوسع في مصادر توليد الكهرباء للاستغناء عن الغاز وإسالته وتصديره للخارج.

وقد علق المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول السابق، على لقاء الرئيس وممثلي إيني الأخير بأنه يعزز فرص التعاون بين الجانبين الفترة المقبلة. وذلك لدعم عمليات الإنتاج من الغاز الطبيعي. ومن ثم ترجيح كفة مصر في الاستحواذ على حصة من السوق الأوروبية، وتوريد شحنات لعدة دول بحاجة إلى بديل فوري للغاز الروسي.

ووفق يوسف، فإن مصر تجري حاليًا مفاوضات مع كبريات شركات الإنتاج العاملة في السوق المحلية لزيادة الطاقة الإنتاجية الحالية. وهي تسعى إلى الوصول به لما يتجاوز 7.5 مليار قدم بحلول منتصف 2022.

فعلى الرغم من الفرص المتاحة أمام مصر، إلا أنها قد بلغت الحد الأقصى من إنتاج وتصدير الغاز المسال خلال الفترة الماضية وأن مضاعفة الطاقات الإنتاجية من الغاز لسد حاجة أوروبا لن يتم على المدى القريب بسبب خطط وبرامج الإنتاج التي تستغرق مدد متوسطة لزيادة الإنتاج. لذا بدأت مشاورات الدولة مع كبريات الشركات المنتجة للغاز في مصر مثل “إيني الإيطالية”.

الجزائر تبتعد عن المشهد الأوروبي

في 19 مارس الماضي رفضت الجزائر طلبا قدمته الولايات المتحدة، من أجل إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز المتوقف باتجاه إسبانيا، فيما كانت واشنطن تأمل أن تساعد هذه الخطوة في خفض اعتماد الأوروبيين على إمدادات الطاقة الروسية، لكن السلطات الجزائرية رفضت مؤخرًا إعادة تشغيل الخط الذي يمر عبر المغرب، وجرى الإعلان عن وقفه إثر توتر العلاقات مع الرباط، في ديسمبر 2021.

وطلبت واشنطن إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز خلال الزيارة التي أجرتها نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان مؤخرا، إلى كل من مدريد والرباط والجزائر، خاصة وأن الولايات المتحدة تدعم شركاءها الأوروبيين حتى يجدوا بدائل للغاز الروسي، في إطار الإجراءات الغربية التي جرى فرضها على موسكو، بسبب العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا.

لكن الجزائر التي تمد الدول الأوروبية بـ 11% من واردات الغاز، ولا تريد زيادة الكمية في الوقت الحالي، خاصة وأن الجزائر تتعامل مع الملف الأوكراني بـ”حذر كبير”، في إطار الحرص على العلاقات القائمة مع موسكو، ورفض الاصطفاف مع الغرب في الأزمة.

وتوقف خط أنابيب الغاز الذي يعبر البحر المتوسط في 31 من أكتوبر الماضي، عندما رفضت الجزائر تجديد العقد الذي كان يربطها بالمغرب، بسبب خلافات سياسية مع البلد الجار، وحتى لو وافقت الجزائر على زيادة الإمدادات إلى أوروبا، فإن ذلك لن يكون بمثابة حل على المدى القريب.

ويستدعي رفع الإمدادات على المدى الطويل القيام باستثمارات كبرى، وهذه الخطوة تحتاج 5 سنوات على الأقل حتى تؤتي ثمارها، في حين أن أوروبا تسابق الزمن لأجل تقليل اعتمادها على واردات الطاقة الروسية.

وجاء موقف الجزائر برفض زيادة الغاز إلى أوروبا رغم سابقة إعلانها -منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا- الاستعداد لزيادة صادرات الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال إلى عدد من الدول الأوروبية.

ففي 27 فبراير الماضي، أبدى المدير التنفيذي للمجموعة الجزائرية للنفط والغاز (سوناطراك)، استعداد الشركة لتزويد أوروبا بكميات إضافية من الغاز عبر أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإيطاليا، في حال تقلصت الصادرات الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.

اقرأ أيضًا: في قلب العاصفة.. ماذا سيحدث إذا توقف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا؟

نيجيريا.. ورقة أخرى مرهونة بالأوضاع

في نيجيريا آثار مشروع ضخم الآمال في الحصول على مزيد من واردات الغاز للأوروبيين. وكانت الجزائر والنيجر ونيجيريا وافقت على بناء خط أنابيب للغاز عبر الصحراء الكبرى بطول أكثر من 4 آلاف كيلو متر. حيث سيوصل هذا الأنبوب الغاز عبر الدول الثلاث إلى أوروبا لينقل 30 مليار متر مكعب غاز سنويا بعد اكتماله -بحسب مرصد الطاقة العالمي.

لكن لفترة طويلة لم يسمح الوضع الأمني في المنطقة والتوترات بين الجزائر والنيجر بإكمال المشروع. وفي عام 2021 فقط أعادت الجزائر والنيجر فتح حدودهما وأعيد إحياء مشروع خط أنابيب الغاز. ومن المقرر إنشاء خط أنابيب للغاز يمكن أن يربط نيجيريا بعد ذلك بخطوط الأنابيب القائمة بين أوروبا والجزائر.

وحاليا، فإن أكبر المشترين للغاز الطبيعي المسال النيجيري في أوروبا هم “فرنسا وإسبانيا والبرتغال” -وهي البلدان التي لديها محطات للغاز الطبيعي المسال.  وفي عام 2019 استوردت أوروبا 108 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال. منها أكثر من 12 مليار من نيجيريا. ما يعني أن نيجيريا قد تُزيد حصتها التصديرية من الغاز لأوروبا لكن لن تستطيع وحدها لعب دور محوري في أن تحل مكانة روسيا. لكن يبقى هذا كله مرهونًا بالتوترات بين الجزائر والمغرب في الصحراء وبالوضع الأمني في النيجر التي يمر بها الخط، حيث تستوطن جماعة “بوكو حرام” مناطق نفوذ فيها.

 لا يوجد “حل سريع” للمشكلة

يؤكد عدد كبير من الخبراء أن الدول المنتجة حاليًا ربما لن تتمكن من توفير حل سريع لإمدادات الغاز إلى أوروبا. وأن على دول الاتحاد الأوروبي بذل جهد أكبر من أجل تنويع مصادر الطاقة في المستقبل. خاصة في ظل ارتباط الدول المصدر للغاز بعقود تصديرية حاليًا. إضافة إلى ارتباط مشروعات الإنتاج الجديدة بمدد زمنية طويل الأجل، لا يمكن تسريع وتيرتها لدخولها على الإنتاج خلال عدة أشهر.

فالوضع في أوروبا بات أكثرت عقيدًا الآن -منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا- والعقوبات التي فرضتها بعض الدول الأوروبية ستجعلها في مأزق حقيقي. إذ أن قدرة تلك الدول على توفير بديل ملائم وسريع لسد احتياجاتها من النفط والغاز الطبيعي سيكون صعبًا للغاية.

وأحد الحلول المتاحة أمام الدول الأوروبية هو التحول الطاقي، والاتجاه إلى مصادر أخرى بديلة عن الغاز. وهذا لا يمكن تحقيقه على المدى القصير. هي مشروعات باهظة التكلفة تتطلب مددًا زمنية طويلة في التنفيذ.