(1)

لا إجابات عن أسئلة حيوية تتعلق بحاضر البلد ومستقبله.

في عدم الرد على الأسئلة الهامة والفارقة تبدو أزمة مصر في هذه اللحظة سياسية أكثر من أي شيء آخر.

الشعب خارج معادلة السلطة، وحقه في معرفة طبيعة الأزمات وإجراءات المواجهة التي ستتخذها الحكومة، إن وجدت، غائب تماماً.

الصمت المطبق تعبير عن طبيعة حكم وأزمة نظام يحكم بطريقة “أنا فقط”.

السؤال الأول يتعلق ببيان أصدره البنك المركزي الخميس يعلن فيه تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى ٣٧ ملياراً و٨٢ مليون دولار في نهاية مارس الماضي، وحسب البيان الذي نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط فإن البنك:” التزاماً بدوره في الحفاظ على استقرار الأسواق المصرية وفي ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المضطربة جراء الأزمة الروسية الأوكرانية فقد قام البنك المركزي المصري خلال شهر مارس الماضي باستخدام جزء من احتياطي النقد الأجنبي لتغطية احتياجات السوق المصري وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية وكذلك لضمان استيراد السلع الإستراتيجية، وسداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة”.

هل هناك إجابة على سؤال انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي لهذه الدرجة رغم الوديعة السعودية التي دخلت البنك المركزي في مارس الفائت وبلغت ٥ مليارات دولار؟ وهل أضحت الديون الخارجية بالفعل ضاغطة على الاقتصاد المصري بدرجة خطيرة؟ وهل يمكن التوقف عن الاقتراض والتفكير بطريقة مختلفة ومراجعة قرار الاقتراض من صندوق النقد الدولي ومخاصمة “روشتته” التي يمكن أن تعود علينا بأضرار اقتصادية أكبر وأخطر؟

(2)

في مواجهة أزمة اقتصادية كبيرة يعيشها البلد جراء سياسات اقتصادية افتقدت للأولويات، وبددت جزءا مهما من ثروة البلد فيما لا ينفع أو في أفضل تقدير في مشروعات لا تشكل أولوية قصوى للبلد وتقدمه؛ هل هناك نية في إعادة النظر في تلك السياسات وتصحيحها والبدء بشكل فعلي في المشروعات الإنتاجية التي يحتاجها الاقتصاد المصري؛ أم أن هناك رغبة وتصميماً على السير في نفس الطريق وبنفس السياسات والرموز التي أوصلت البلد إلى هذا المستوى الاقتصادي والقلق الذي أضحى مهدداً حتى تأمين الغذاء والقمح وغيرها من سلع استراتيجية لا تستقيم الحياة بغيرها؟!

(3)

هل يمكن التوقف، لفترة من الزمن على الأقل، عن العمل في المشروعات الكبرى كالعاصمة الإدارية وغيرها؟، وهل يمكن التقليل لأقصى حد ممكن من مشروعات الطرق والكباري والمحاور الجديدة واستخدام فائض هذه الأموال في مشروعات إنتاجية تسمح بالتصدير بما يوفر النقد الأجنبي وفرص العمل ويدفع الاقتصاد خطوة مهمة إلى الأمام، ويرفع العبء بدرجة جيدة عن الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي دفعت ثمناً كبيراً جراء سياسات اقتصادية فاشلة وغير مناسبة طوال السنوات الماضية؟!

(4)

أخيراً هل يمكن أن نعتبر أن أزمة مصر سياسية بالأساس وأن الحكم الفردي المطلق قد أضر بها عندما نفى الكثير من عقول وخبراء البلد؟، بعد أن أضحى التقييم بتم بمنطق الولاء لا الكفاءة، هل نفتح الباب لمشاركة كل القوى بلا إقصاء لنستمع ونستفيد من كل الأفكار والخطط والبدائل؟، هل نسمح بمساحات أوسع وأكثر جدية للأحزاب والنقابات والمراكز البحثية ووسائل الإعلام لتتفاعل الآراء ووجهات النظر وتتصارع كلها لخدمة البلد؟!

هل نفتح الباب لنزيل الاختناق والاحتقان الذي تعاني منه البلد منذ سنوات ونؤمن أن بلداً كبيراً كمصر لا يمكن أن يحكمه فرد واحد ولا حزب واحد ولا فكر واحد وأن البلد مدهش في تنوعه وأفكار أبنائه وهو قادر بالانفتاح وعدم الإقصاء على تقديم حلول جادة وعلمية وحقيقية لأزماته وهي كثيرة؟!

هل نؤمن أن الحريات العامة والشفافية وسيادة القانون واستقلال القضاء وكفاءة البرلمان أضحت جزءاً مهماً من أسباب التقدم، وأنه لا تقدم اقتصادي بدون مجتمع حر وإنسان حر؟!

لعل وعسى!