بينما يهرب الملايين من اللاجئين الأوكرانيين إلى بولندا وأوروبا الغربية من تداعيات الحرب التي تقترب من شهرين، كان الأثرياء الروس يغادرون في الوقت ذاته عبر اليخوت الفاخرة والطائرات الخاصة إلى دبي الملاذ الآمن لهم حاليًا.

وجد المليارديرات الروس حاليًا في العقارات الفاخرة بدبي ملاذًا آمنًا ليس على المستوى السياحي فقط. ولكن لوجود برنامج التأشيرات المرن والحياد الرسمي الواضح تجاه أوكرانيا، الذي منحهم الثقة في التواجد بالإمارات بصفة مؤقتة أو دائمة.

يقول شريف نادي فارلي، السمسار العقاري الرئيسي في شركة Vartur Real Estate، التي لها مكاتب في دبي، إنها أصبحت وجهة رئيسية للأثرياء الروس الذين يتطلعون إلى الهروب من العقوبات أو الباحثين عن ملاذ لاستثمارات خوفًا من تجميدها في البلدان الأوروبية.

يقول سمسار آخر إن الأثرياء الروس ليسوا مهتمين فقط بشراء العقارات في دبي. ولكن الإقامة الكاملة بها. بينما يتحدث مسؤول تنفيذي ثالث في قطاع العقارات في دبي عن إجراء شركتهم عملًا مع “عدة” مليارديرات روس يبحثون عن منازل.

وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن، يمتلك واحد بين كل ثلاثة من أصحاب المليارات الروس مؤخرًا عقارات في دبي بينهم قطب الأسمدة ديمتري ريبولوفليف الذي اشترى عقارًا بقيمة 29.5 مليون دولار في نخلة جميرا. وهي أرخبيل فاخر من الجزر الاصطناعية على شكل شجرة نخيل.

من بين جيرانه فاحشي الثراء في المنطقة ذاتها ألبرت أفدوليان وزوجته إيلينا التي تمتلك عقارين تبلغ قيمتهما الإجمالية 19 مليون دولار – وأندريه مولشانوف، الذي يمتلك منزلًا بقيمة 26.5 مليون دولا، وبافيل دوروف، مؤسس تطبيق المراسلة تليجرام البالغ من العمر 37 عامًا.

الروس يشترون عقارات بأسعار مجنونة

“يشتري الروس أغلى العقارات في نخلة جميرا التي يبلغ سعرها المطلوب 68 مليون دولار في قطاع الفخامة الفائقة.. وقد شهدنا معاملات مجنونة ومجنونة”.. بتلك العبارة يعبر ألكسندر فون ساين فيتجنشتاين، الرئيس التنفيذي لشركة سمسرة لوكس كابيتال. وقد سهلت شراء منزل بقيمة 76 مليون دولار – مرة أخرى في نخلة جميرا – في وقت سابق من هذا الأسبوع، مثل الأسعار التي لم ترها من قبل.

بالإضافة إلى نخلة جميرا الشهيرة، التي تحظى بشعبية بين المشترين الروس الأثرياء، توجد أحياء مثل جميرا باي. وهي جزيرة من صنع الإنسان تبلغ مساحتها ستة ملايين قدم مربع، يصل سعر الفيلات فيها إلى 30 مليون دولار.

كما تتضمن الوجهات الشائعة الأخرى إعمار بيتش فرونت، التي تطل مبانيها السكنية الشاهقة الفاخرة على ميناء دبي، وإعمار بيتشفرونت، موطن أطول ناطحة سحاب بالعالم، برج خليفة، وثاني أكبر مركز تسوق في العالم ، ودبي مول، ومرسى دبي، ومشروع الواجهة البحرية الفاخر جميرا بيتش ريزيدنس.

يقول نادي فارلي إن شركات عملاقة في التطوير العقاري تخبره عن شراء الروس بكميات هائلة، في ظل برنامج “التأشيرة الذهبية” لدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي يوفر إقامة طويلة الأجل للأجانب إذا استثمروا ما لا يقل عن 10 ملايين درهم (2.7 مليون دولار) في شركة محلية أو صندوق استثماري.

الإمارات وخطة المواطنة

حررت الإمارات العربية المتحدة برنامج التأشيرات الخاص بها في أوائل عام 2021 لتشجيع “المستثمرين والمهنيين والمواهب الخاصة وعائلاتهم” على الانتقال إلى دبي.

كما أدخلت خطة المواطنة عن طريق الاستثمار في يناير 2021 التي تسمح للأجانب بالحصول على الجنسية الإماراتية من خلال الاستثمار بـ “العقارات”. ولكن لا يزال من غير الواضح مقدار ما يحتاجه المواطنون المحتملون للاستثمار للحصول عليها، وما هي أنواع العقارات المدرجة.

يقول عبد الله العجاجي، الرئيس التنفيذي لشركة Driven Properties للوساطة العقارية في دبي، إن دبي تمنح إقامة مدى الحياة بأسعار معقولة جدًا للعديد من هؤلاء الروس الأثرياء”.

سجلت شركة العجاجي زيادة بنسبة 71% في صافي قيمة العقارات التي اشتراها الروس خلال الربع الأول من عام 2022 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ويقول العجاجي: “كان الكثير من الأفراد الذين عملنا معهم مقيمين في لندن ولوكسمبورج وسويسرا وإسرائيل، ويتطلعون الآن لإنشاء متجر في دبي”، سواء كان ذلك لأعمالهم الخاصة، أو نقل العائلات واتخاذ قرار الإقامة في دبي”.

الروس ودبي.. اليخوت لا تتوقف عن القدوم

في الأسابيع الأخيرة، شقت العديد من اليخوت التي يملكها الأوليجارشيون الروس (رجال أعمال تربحوا من الخصخصة) طريقها إلى ميناء دبي. إذ شوهد يخت مدام جو الفخم المملوك من عضو دوما أندريه سكوتش وتبلغ قيمته 156 مليون دولار في دبي في أوائل مارس.

كما يرسو اليخت الفاخر نيرفانا الذي يبلغ طوله 290 قدمًا. وينتمي لقطب النيكل غير الخاضع للعقوبات فلاديمير بوتانين. إلى جانب تيتان، الذي يبلغ 82 مليون دولار، المملوك لرجل الأعمال ألكسندر أبراموف، في ميناء راشد. كما يوجد يختان آخران “وي” وسي” مملوكين لأناتولي لوماكين بقيمة 58 مليون دولار، وأناتولي سيدخ الذي تبلغ تكلفته 73 مليون دولار.

تعود ملكية محطة ميناء راشد في النهاية إلى حكومة دبي، التي تمتلك أيضًا مرسى يخوت آخر يحظى بشعبية كبيرة بين المليارديرات الروس -بورتو مونتينيغرو في تيفات، الجبل الأسود- من خلال مؤسسة الاستثمار في دبي. أبحر يخت سولاريس الذي يملكه أبراموفيتش والذي تبلغ تكلفته 474 مليون دولار لفترة وجيزة في بورتو مونتينيغرو في 12 مارس قبل الإبحار إلى تركيا. بينما غادر جلاكتيكا سوبر نوفا، قطب النفط والغاز فاجيت أليكبيروف، المرسى في 2 مارس.

للطائرات الخاصة نصيب في دبي

طيران الإمارات هي واحدة من شركات الطيران القليلة التي لا تزال تخدم روسيا بعد انسحاب شركات الطيران الكبرى من البلاد وسط عقوبات شاملة بسبب حرب أوكرانيا.

يأخذ قلة من الروس أيضًا طائراتهم الخاصة إلى الإمارات. وقد شوهدت أربع طائرات مرتبطة بمليارديرات روس خاضعين للعقوبات. بما في ذلك رومان أبراموفيتش وأركادي روتنبرغ وفيكتور راشنيكوف وميخائيل جوتسيريف – تم تعقبها في دبي أو أبو ظبي في فبراير ومارس.

وتوجهت الطائرات الثلاث التي تم تسجيلها مؤخرًا في دبي إلى مطار دبي وورلد سنترال. وهو أحدث مطار في المدينة وبديل لمطار دبي الدولي. حيث تهبط الغالبية العظمى من الرحلات المجدولة ويطلق عليه “مطار المستقبل” من قبل مطارات دبي المملوكة للدولة.

لا يزال مطار دبي ورلد سنترال قيد الإنجاز ويبدو أن رحلات الركاب الوحيدة التي تستقبلها حاليًا هي رحلات تأجير موسمية تقدمها أربع شركات طيران روسية من مجموعة متنوعة من المدن الروسية.

ممتلكات أبراموفيتش في دبي

ليس المليارديرات الروس وحدهم هم من يتدفقون على شواطئ دبي. لأن الأثرياء فقط -الممنوعين من السفر إلى أوروبا- يقتنون الشقق. وارتفع عدد الروس الذين يمتلكون عقارات في دبي في مارس، مدفوعًا بالنشاط في النطاق السعري بين 250 ألف دولار و 500 ألف دولار.

يقول محامو رجال الأعمال الروس إن بعضهم يحاول نقل أصول إلى الإمارات العربية المتحدة، التي تعد دبي جزءًا منها. وحددت مواقع الطيران المتخصصة طائرات تابعة لأباطرة روس. بما في ذلك طائرة أبراموفيتش، قادمة إلى المدينة، رغم  عدم معرفة من كان على متنها بالفعل. وفرضت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على أبراموفيتش ، لكن الإمارات العربية المتحدة لم تفرض أي عقوبات.

ويأتي إقبال الروس على الإمارات في الوقت الذي يتم فيه الاستيلاء على اليخوت العملاقة والممتلكات والطائرات التي يُعتقد أن لها صلات بالكرملين في جميع أنحاء أوروبا.

قالت داريا نيفسكايا، الشريكة في شركة FTL Advisers القانونية ومقرها موسكو، إن حتى الروس الذين لديهم مصادر دخل شفافة وليس لديهم صلات بسلطات الدولة يخشون أن يتم جمعهم مع رجال الأعمال الخاضعين للعقوبات أو مصادرة أصولهم.