أصدرت النيابة العامة بيانًا هو الثاني في قضية وفاة الباحث والخبير الاقتصادي أيمن هدهود داخل مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في العباسية بالعاصمة القاهرة. ذلك بعد إلقاء القبض عليه بتاريخ 6 فبراير 2022، بتهمة اقتحام مسكن للغير، وإحالته لمستشفى الأمراض النفسية، دون تمكن عائلته من لقائه حتى يوم وفاته في 5 مارس الماضي. وهي الوفاة التي علمت بها أسرة هدهود بعدها بقرابة الشهر، وفق تصريحات سابقة لأشقائه.

قضية هدهود بدأت بتفاصيل غامضة أعلنها أشقائه. وقد علموا باحتجازه داخل مستشفى الأمراض النفسية في العباسية. واتهموا المستشفى بنفي وجود أيمن لديهم. ذلك بعد إقرار إدارة المستشفى سابقًا بوجوده ضمن سجلاتهم. إذ استمر بحث الأسرة ما بين جهات التحقيق والمستشفى إلى إعلان نبأ الوفاة في أبريل الجاري، وفق تصريحات سابقة لعمر هدهود.

النيابة تنفي الشبهة الجنائية في وفاة هدهود

وفي بيانها الرسمي، عبر حسابها بـ”فيسبوك” مساء اليوم الإثنين، أعلنت النيابة العامة انتهاء التحقيقات في قضية أيمن هدهود. ذلك بانتفاء الشبهة الجنائية في وفاته. وقد استندت في إعلان عدم وجود شبهة جنائية إلى تقرير مصلحة الطب الشرعي، التي أجرت الصفة التشريحية على جثمان الباحث.

ماذا قال تقرير الطب الشرعي في وفاة هدهود؟

تقرير الطب الشرعي ذكر أن وفاة هدهود جاءت “نتيجة حالة مرضية مزمنة بالقلب”. بينما أشار إلى “خلو جسده من أي آثار إصابة تشير لحدوث عنف جنائيٍّ أو مقاومة”. وقد لفتت التقرير أيضًا إلى “خلو الأوراق من أي شواهد أخرى ترجّح الاشتباه في وفاته جنائيًّا”.

ماذا قال عمر هدهود أمام النيابة؟

ذكرت النيابة -في بيانها أيضًا- أنها استكملت إجراءات التحقيق في الواقعة بعد صدورِ بيانها الأول فيها يوم 12 أبريل الجاري. وأشارت إلى الاستماع لشهادة عمر شقيق الباحث أيمن هدهود. وقد مَثَلَ أمامها بعد صدور البيان الأول، ونقلت عنه شهادته باشتباهه في وفاة شقيقه جنائيًّا بعدما رأى بجثمانه وقتَ استلامه لدفنه آثارًا، قالت النيابة إنه لم يتيقنْ إذا ما كانت من آثار التشريح أم إصابات سابقة.

كما نقلت النيابة عن “عمر” قوله إنه كان “مُزْمَعًا تلقي شقيقه العلاج بأحد المستشفيات لمرورهِ بأزمةٍ نفسيّةٍ وضغوطٍ عصبيّةٍ نتيجة ضائقةٍ ماديةٍ ومرضِ شقيقتهما. وأن العلاج أُرجِئَ العلاج”. وكذلك نقلت عن “عمر” سابقةَ العثور على “أيمن” مرتيْن في حالة مثل التي أُلقي القبض عليه فيها.

تصريحات سابقة لعمر هدهود: معرفناش نشوفه طول فترة احتجازه

وفي رواية رسمية سابقة، ذكرت وزارة الداخلية عبر حسابها الرسمي على “فيسبوك” أنه “بتاريخ 6 فبراير/شباط 2022 تبلغ من حارس أحد العقارات بمنطقة الزمالك بالقاهرة بتواجد المذكور داخل العقار ومحاولته كسر باب إحدى الشقق وإتيانه بتصرفات غير مسئولة. وقد تم إتخاذ الإجراءات القانونية في حينه. وإيداعه بأحد مستشفيات الأمراض النفسية بناءً على قرار النيابة العامة”.

اقرأ أيضًا: أيام أيمن هدهود الأخيرة بين الأمن ومستشفى الأمراض النفسية

بينما في رواية سابقة أيضًا لشقيقه عمر، تناول أيمن مع عمر وجبة العشاء مساء 5 فبراير/شباط ورحل متجهًا إلى منزله. لكنه لم يظهر بعدها ولم تعرف الأسرة مكان تواجده سوى عقب 4 أيام. ذلك حينما زارهم أحد أفراد الأمن وأبلغهم بوجوده في جهاز الأمن الوطني. قبل أن تعلم الأسرة بأنه أحيل إلى مستشفى الأمراض النفسية لبيان سلامة قواه العقلية. وأيضًا لم تتمكن من رؤيته.

وقد قال عمر لـ “مصر 360”: “دوخونا ومعرفناش نشوفه طول الفترة دي.. كنا عايزين من الأمن يكون صادق معانا.. لماذا تم إخفائه بهذه الطريقة رغم علمهم أنه مريض وظلوا يعدونا بخروجه؟ كانوا سابونا عالجناه بمعرفتنا.. لم نترك بابًا إلا وطرقناه للبحث عنه ولم نصل لنتيجة مع الأجهزة.. كانوا بيقولوا مجرد يومين ثلاثة للتحقيق وهيخرج حتى اكتشفنا أنه مودع بالمستشفى تحت الملاحظة لمدة 45 يومًا”.

النيابة: لم يثبت العنف الجنائي أو المقاومة في تشريح الجثة

عادت النيابة -في بيانها الصادر اليوم- إلى تقرير مصلحة الطب الشرعي بإجراء الصفة التشريحية على جثمان “أيمن”. وذكرت أنه أثبت عدم وجود أي آثار أو مظاهر إصابة حيوية بالجثمان تشير لحدوث عنف جنائيٍّ أو مقاومة أو تماسك أو تجاذب. فضلًا عن خلوِّ الجسد من الموادّ المخدرة والسامَّة. مشيرةً إلى أن الوفاة حدثت نتيجة حالة مرضية مزمنة بالقلب، نتج عنها توقف الدورة الدموية والتنفسية، ما أدى إلى الوفاة.

الأخطاء الإجرائية في قضية هدهود

وكانت فاطمة سراج، المحامية بمؤسسة حرية الرأي والتعبير والمتابعة للقضية، ذكرت أن عملية إلقاء القبض على أيمن هدهود شابتها أخطاء إجرائية. إذ ألقي القبض عليه إلى مستشفى الأمراض النفسية، مع تعرض أسرته “للتضليل” بشأن مكان احتجازه. إذ لم يتمكن أي من أشقائه من الاطمئنان عليه أو التواصل معه حتى إعلان وفاته بعد قرابة الشهرين، وفق شهادات سابقة لهم.

أيضًا، كشفت “سراج” أن أيمن توفي في 5 مارس الماضي وتم إيداعه مشرحة المستشفى طيلة هذه المدة الزمنية. ذلك حتى أبلغت الأسرة في مكالمة هاتفية من قسم ثاني مدينة نصر في أبريل الجاري بوفاته وضرورة التوجه إلى المشرحة لاستلام الجثمان.

وتساءلت سراج: لماذا أقر المستشفى في بادئ الأمر بوجوده لديها وأنه محتجز بالقسم الخاص بالمحبوسين على ذمم قضايا رافضة الإفصاح عن الجهة التي أرسلته؟ ثم لماذا أنكرت المستشفى بعد ذلك وجوده؟ حيث كانت أسرته تذهب بشكل دوري أسبوعيا للاطمئنان عليه ولم تخبرهم بوفاته.

ووفقا لسراج؛ فإن المستشفى رفض أثناء معاينة الجثمان إعطاء أسرته أي تفاصيل أو معلومات عن وفاته أو تاريخ إيداعه أو وفقًا لأي قضية أو بموجب أي أمر نيابة تم احتجازه. وقد رفضت الأسرة استلام الجثمان وطلبت تشريحه. وهو أمر استجابت له النيابة العامة بقرار التشريح لبيان سبب الوفاة.

من هو أيمن هدهود؟

أيمن هدهود (42 عامًا) تخرج في كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية. كما حصل على ماجستير إدارة الأعمال. وأيضًا التحق ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في محاربة الفساد والرشوة. وحتى إعلان وفاته كان مراقبًا ماليًا في الجامعة الأمريكية.

كما انضم إلى حزب “الإصلاح والتنمية” الليبرالي، ليصبح واحدًا من مؤسسي الحزب. وقد قرر خوض انتخابات البرلمان في 2010 بدائرة الزيتون أمام زكريا عزمي، التي انتهت بخسارته. كما كان يكتب تحليلات اقتصادية حول الشأن المصري، وله موقف مخالف لسياسات الحكومة الاقتصادية.

وأيضًا عمل مستشارًا للسياسة الاقتصادية لمحمد أنور السادات رئيس الحزب والبرلماني السابق وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان. والسادات نجل شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات قد عمل خلال العام الماضي وسيطًا بين الحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر لمحاولة إطلاق سراح سجناء الرأي والمحتجزين احتياطيًا.