يتفشى مرض الالتهاب الكبدي الحاد في الأطفال عالميًا بوتيرة متسارعة. وسط استمرار الغموض حول مسبباته حتى الآن. وبعدما ظل قاصرًا على بريطانيا، انتشر بإسبانيا والدانمارك وأمريكا وهولندا وإسرائيل. مع مضاعفات خطيرة قد تحتاج في النهاية إلى زراعة كبد.
كانت الأعراض المشتركة بين الأطفال المصابين: تغير لون البول (داكن) أو البراز إلى (شاحب). والحكة، وألم مفصلي وعضلي، وبيركسيا (حمى غير عرضية مع ارتفاع في درجات الحرارة). والغثيان والقيء وآلام في البطن، والخمول وفقدان الشهية. واليرقان (اصفرار لون الجلد والعينين الناتج عن الزيادة المفرطة لمستوى البيليروبين في مجرى الدم).

لم يتم اكتشاف أي حالات إصابة في مصر حتى الآن، لكن إدارة الطب الوقائي في وزارة الصحة المصرية. أرسلت تعميمًا للمستشفيات تطالب فيه بإفادتها بأي حالات تنطبق عليها أعراض المرض الجديد. مع تأكيد على أن “الموضوع هام”.
يأتي ذلك بينما يواجه مسئولو الصحة في الدول المصابة يعانون من الحيرة. حاليًا، فالحالات لم يسبق لها السفر وانتشرت على جانبي المحيط الأطلنطي في التوقيت ذاته. والترجيحات تدور في احتمال وجود نوع من الفيروسات الغدية. لكن لم يثبت أي دليل طبي يرجحها.

تفشي الوباء في أوروبا

تم العثور على 74 حالة موثقة في المملكة المتحدة وثلاثة في إسبانيا وعدد غير معروف في الدنمارك وهولندا. بينما سجلت ولاية آلاباما بالولايات المتحدة وحدها نحو تسع حالات خلال أيام. وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، أمس، أنها تحقق في حالات مماثلة بعد تشخيص إصابة 12 طفلا على الأقل بهذه الحالة. بينهما اثنان احتاجا إلى زراعة كبد.

مع تزايد حالات التهاب الكبد الحاد التي شوهدت عند أطفال من بريطانيا واسكتلندا وويلز في الأسابيع القليلة الماضية. تم رفع درجة الاستعداد بين الأطباء تجاه الأطفال. وأن يتم إجراء اختبار وظائف الكبد لقياس نسبة الأنزيمات التي تتجاوز 500 وحدة دولية.

قالت ميشيل إم كيلي، أستاذة مساعدة في كلية إم لويز فيتزباتريك للتمريض. إن التهاب الكبد الذي يعاني منه هؤلاء الأطفال لا يبدو أنه ناجم عن الفيروسات المرتبطة عادةً بالتهاب الكبد. مضيفة أن المنطق يقود إلى الاعتقاد بأن السبب هو فيروس لم يتم تحديده بعد، أو التعرض لمادة تسبب ضعف الكبد.

ما هي الأسباب المحتملة؟

مسئولو الصحة في المملكة المتحدة يقولون إن الأسباب المحتملة التي يتم التحقيق فيها. إمكانية الارتباط بنشاط كورونا أو الأسباب البيئية. لكنهم أكدوا في التوقيت ذاته أن لقاح كورونا ليس مرتبطًا بأي حال من الأحوال بتفشي المرض. خاصة أن جميع الحالات المصابة لم تحصل على اللقاح.

وأكد المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض. أن المعلومات التفصيلية التي تم جمعها عن طريق الاستبيان بشأن طعام الأطفال وشرابهم وعاداتهم الشخصية “فشلت في تحديد أي تعرض شائع”.

وفقًا لمسئولي الصحة في ولاية ألاباما، لم يكن اختبار أي من الأطفال في تلك الولاية إيجابيًا لأي نوع من فيروسات التهاب الكبد. أو كان لديهم عوامل خطر نموذجية أخرى للمرض، واستقبلهم مقدمو الخدمات بمناطق مختلفة بسبب أعراض مرض الجهاز الهضمي، بما في ذلك فشل الكبد.

الترجيحات تشير إلى الفيروس الغدي الذي يملك 52 نمطًا مختلفًا؛ لذا يعد السبب في الإصابة بمتلازمات عديدة مختلفة، وغالبًا ما يصيب الجهاز التنفسي لكنه يعد سببًا شائعًا للنزلة المعوية ويسبب ارتفاع درجة الحرارة والإسهال المائي، وعادةً ما تزول الأعراض خلال أسبوع إلى أسبوعين.

الفيروس الغدي أحد الأسباب المتوقعة

أستاذة مساعدة في كلية إم لويز فيتزباتريك للتمريض، ترى أن عدوى الفيروس الغدي شائعة جدًا وتؤدي عادةً إلى أمراض خفيفة شبيهة بالإنفلونزا لا تتطور إلى التهاب الكبد لدى الأطفال الأصحاء.

قالت: “من المهم معرفة أن الإصابة بالفيروس الغدي بالتزامن مع هذا الالتهاب الكبدي غير المبرر لا يعني أن الالتهاب الكبدي ناجم عن الفيروس الغدي”، مشيرة إلى أن الفيروس الغدي كان مرتبطًا سابقًا بالتهاب الكبد لكنه شمل أشخاصًا يعانون بالفعل من نقص المناعة أيضًا.
إيلان شابيرو، زميل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، يقول إن الأسباب الشائعة لالتهاب الكبد هي الكحول والأدوية ومرض الكبد الدهني غير الناجم عن شرب الكحول، موضحا أنه عندما لا يعمل الكبد بشكل صحيح يمكن أن يتطور إلى تليف ثم سرطان.

منظمة الصحة العالمية قالت إنه تم إخطارها بـ 10 حالات من التهاب الكبد الحاد غير معروف الأسباب لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات ، في جميع أنحاء وسط اسكتلندا يوم 5 أبريل/نيسان وبعد 3 أيام تم تحديد 74 حالة في المملكة المتحدة.

أوضحت المنظمة أن الحالات المصابة لا تعاني من فيروسات التهاب الكبد المعروفة (A و B و C و E و D) بعد إجراء الاختبارات المعملية، ونظرًا للزيادة في الحالات المبلغ عنها وتعزيز أنشطة البحث عن الحالات، فمن المرجح أن يتم الإبلاغ عن المزيد من الحالات في الأيام المقبلة.

ما الأعراض التي تم اكتشافها؟

تؤكد المنظمة أن من بين هذه الحالات العشر التي تم الإبلاغ عنها في 5 أبريل، ظهرت الأعراض على تسع حالات في مارس 2022 بينما ظهرت الأعراض في حالة واحدة في يناير/تشرين الثاني 2022، وشملت اليرقان والإسهال والقيء وآلام البطن.

أما الحالات التي تم الإبلاغ عنها في 8 أبريل/نيسان فتتضمن التهاب الكبد الحاد مع ارتفاع ملحوظ في إنزيمات الكبد، وغالبًا ما يكون مصحوبًا باليرقان، وتسبقه أحيانًا أعراض معدية معوية عند الأطفال بشكل أساسي حتى سن 10 سنوات.

تطلبت بعض الحالات التحويل إلى وحدات كبد متخصصة وخضع ستة أطفال لعملية زرع كبد اعتبارًا من 11 أبريل/نيسان، لكن لم يتم الإبلاغ عن أي حالة وفاة بين هذه الحالات، وتم اكتشاف حالة واحدة مرتبطة وبائيًا.

نشاط متزايد

تقول منظمة الصحة العالمية إن المملكة المتحدة لاحظت مؤخرًا زيادة في نشاط الفيروس الغدي والذي ينتشر بشكل مشترك مع “سارس كوفيد 2″، لكن دور هذه الفيروسات في التسبب في المرض أو الآلية التي يتطور بها المرض لم يتضح بعد، ولم يتم تحديد أي عوامل خطر وبائية أخرى حتى الآن، بما في ذلك السفر الدولي الأخير.

بشكل عام، لا تزال المسببات المرضية لحالات التهاب الكبد الحالية غير معروفة ولا تزال قيد التحقيق النشط. تجري الاختبارات المعملية بحثًا عن إصابات ومواد كيماوية وسموم إضافية للحالات التي تم تحديدها.

في إسرائيل، تحسنت حالة العديد من الأطفال بسرعة بعد العلاج بالستيرويدات وتم إطلاق سراحهم من المستشفيات، والستيرويدات أدوية معروفة لإبطاء تراجع قوة العضلات، وتستخدم تلك المنشطات في الحد من مشاكل في الجهاز التنفسي والقلب والعظام، ويمكن أن تقلل من خطر الانحناء في العمود الفقري.

البروفيسور إيال شتيير، مدير وحدة كبد الأطفال في مستشفى شعاري تسيديك بإسرائيل يقول إن الأطفال في المستشفى كانوا جميعًا دون الحد الأدنى لسن لقاح COVID ، مما يعني أن اللقاح ليس على الأرجح سبب الالتهاب،
قال شتاير. إحدى النظريات التي يتم اختبارها هي أن التهاب الكبد هو في الواقع أحد أعراض COVID الطويلة، إذ أصيب 11 من أصل 12 طفلاً بالفيروس في العام الماضي,, ونحن نعلم أن الإصابة الحادة بكورونا الحاد يمكن أن تلحق الضرر بالكبد”.

كيف يمكن المواجهة؟

تطالب المنظمات الصحية العالمية جميع الموظفين المشاركين في رعاية هؤلاء الأطفال. استخدام احتياطات “أي بي سي” (احتياطيات مكافحة العدوى القياسية). بوضع الحالات منفردة بغرفة واحدة بحمام داخلي. واعتبار المريض معديًا، بجانب البروتوكولات التي تنطبق عادة في التحقيق في التهاب الكبد الحاد والتعامل مع العينات.

كما بجب إجراء اختبارات للتأكد من المرض. أبسطها: مسحات الأنف والحنجرة (البكتيرية والفيروسية)، وعينات البول والبراز. واختبارات فيروسات التهاب الكبد ( A و B و C و E )، ووظائف كبد لقياس مستوى الإنزيمات. والإحالة المتخصصة إلى أحد مراكز كبد الأطفال، وتفعيل فرق الحماية الصحية المحلية عبر الهاتف. بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع لتقديم المشورة المجانية للأسر.

خطورة المرض في احتياجه لعمليات زراعة للكبد. ومتوسط تكلفتها متغير بدرجة كبيرة ويعتمد على صحة المريض وعمره والمستشفى الذي يتم فيه الإجراء والمنطقة التي يقع فيها المستشفى. وتتراوح تكلفة زراعة الكبد بين 80 و300 الف دولار. وأحيانا ترتفع في الأعمار الكبيرة. شاملة الرعاية الصحية والتكاليف العلاجية إلى 600 ألف دولار في بعض المستشفيات العريقة بالولايات المتحدة الأمريكية.

ما هو الوضع في مصر؟

نفى الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة تسجيل مصر أية إصابات مؤكدة أو محتملة حتى الآن بالالتهاب الكبدي للأطفال، ويتم تحديد الإصابة المؤكدة بأي طفل بعمر 10 سنوات أو أقل يعاني من التهاب كبدي حاد ولم يتم تشخيص أي من فيروسات الكبد من “أيه حتى إي” مع وجود ارتفاع في إنزيات “ast” “وalt” ” أعلى من 500 وحدة دولية، أما الحالات المحتملة فتشم أي طفر بعمر 11 ـ 16 يعاني من الأعراض ذاتها، أما الحالة المرتبطة وبائيا فهي أي حال لم يتم تشخصيها وبائيًا بأي من فيروسات الكبد في أي عمر ولديها ارتباط مع أي من الحالات المؤكدة.