مع التوغل الروسي في الأراضي الأوكرانية. وتدمير العشرات من المعدات العسكرية. سعى الغرب إلى دعم أوكرانيا عسكريًا، مع الاحتفاظ بمبدأ هام، هو الحيلولة دون سقوط أي من المعدات العسكرية الغربية في قبضة الروس. هكذا، سعت العديد من الدول الداعمة للرئيس فولديمير زيلينسكي إلى منحه أنظمة عسكرية تعود إلى بقايا الحقبة السوفيتية. في مقابل الحصول على معدات أخرى من الولايات المتحدة.

في مارس/أذار، وضعت بولندا طائراتها المقاتلة من الجيل الرابع MiG-29 Fulcrum تحت تصرف الولايات المتحدة لنقلها إلى أوكرانيا. بينما نجحت سلوفاكيا في نقل نظامها الصاروخي للدفاع الجوي S-300 . وتفكر حاليًا في منح كييف 12 طائرة من طراز MiG-29.

بالفعل، تم نشر أنظمة Patriot بدلاً من S-300 من قبل حلفاء سلوفاكيا في الناتو. هؤلاء الحلفاء أنفسهم قد يقومون أيضًا بنشر طائرات مقاتلة، حتى تحصل سلوفاكيا في النهاية على بدائل. أشار رئيس الوزراء السلوفاكي، إدوارد هيجر إلى أن الاحتفاظ بمعداتها العسكرية السوفيتية “لن يكون مستدامًا على المدى الطويل”. خاصة وأن سلسلة التوريد الروسية تعطلت بسبب العقوبات، وعوامل أخرى منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط.

مؤخرًا، اقترح جاك واتلينج، زميل أبحاث الحرب البرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة. أن يقوم الأسطول الجوي المصري، الذي يضم حوالي 50 طائرة من طرازات MiG-29M / M2 Fulcrums بنقلها إلى أوكرانيا. لكن، يعرف الكثيرين أن نقل Fulcrums المصرية إلى أوكرانيا ليس قيد التفاوض. بل هو أمر حساس بالنسبة للقاهرة. نظرًا للعلاقات السياسية والدفاعية الوثيقة التي أقامتها مع روسيا.

اقرأ أيضا: ما هي الطائرة C-130J-30 Super Hercules التي وافق الكونجرس الأمريكي على بيعها لمصر؟

MiG-29M في مقابل F-16

يشير واتلينج إلى أن صواريخ MiG-29M المتطورة الموجودة في الترسانة المصرية هي أحدث المعايير الروسية جنبًا إلى جنب مع صواريخ R-77  النشطة الموجهة بالرادار. والتي “طلبتها أوكرانيا مرارًا وتكرارًا.” حسب قوله. لافتًا إلى أن القاهرة لم تكن راضية عن طلبها الأخير من طراز Su-35 Super Flankers من روسيا بعد اختبارها مؤخرًا ضد Dassault Rafales الفرنسية الصنع. ووجدت أن الطائرات الفرنسية “أفضل بكثير”.

يرى واتلينج أنه من المحتمل أن ترحب القوات الجوية المصرية باستبدال واحد مقابل واحد. لطائرات MiG-29M بطائرات  F-16 أمريكية الصنع. لأن مصر لديها بالفعل عددًا كبيرًا من طائرات F-16، ولديها بالفعل البنية التحتية لتوسيع أسطولها من هذا الطراز. واقترح إمكانية ترتيب مثل هذه الصفقة “إذا كانت مصر على استعداد لتفريغ أنظمة الأسلحة الروسية الأكثر تقدمًا. والتي اشترتها جميعًا قبل أقل من عشر سنوات” كما تفعل سلوفاكيا الآن.

في تحليل سابق كتبه علي دزبوني رئيس قسم الدراسات العسكرية والاستراتيجية في الكلية العسكرية الملكية في كندا. وكريم الباز الباحث في دراسات الحرب. بدت أسباب مصر لترقية أسطولها الجوي. خاصة في الفترة التي أعقبت تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الحكم. وتهديد الولايات المتحدة بإيقاف صفقات الأسلحة المتقدمة، ومنها الطائرة C-130J-30 Super Hercules. وهو الأمر الذي تراجعت عنه إدارة الرئيس جو بايدن، بعدما أيقنت أن القاهرة لن تعبأ بغضب واشطن أو غيرها في سبيل تحديث الجيش.

أكد تجاهل القاهرة لضغوط واشنطن بشأن المطالب الحقوقية في مقابل التحديث العسكري. الصفقات الأخرى التي تمت خلال السنوات السابقة مع ألمانيا وإيطاليا. وبالطبع صفقة Rafales الفرنسية الشهيرة.

يشير الباحثان إلى أنه على الرغم من ترقية الأسطول الجوي المصري بمعدات أمريكية. فقد حرمت الولايات المتحدة مصر لفترة طويلة من صواريخ جوّ-جوّ التي يزيد مداها عن 85 كيلومترًا. وقيّدت ترسانة الصواريخ الجوية المصرية الطويلة/المتوسطة المدى، بحيث تكون مقتصرة على صواريخ من طرازAIM-7 Sparrow  وصواريخ  AIM-9 Sidewinder التي تتمتّع بمدى أقلّ بمسافة 35 كيلومترًا.

الاكتفاء من بقايا الحرب الباردة

بالنسبة إلى الجيش المصري، كان التعنت الأمريكي حجر عثرة رئيسي، فصاروخ Sparrow متهالك ويعود لفترة الحرب الباردة. ويتطلّب من المشغّل أن يظلّ مقيّدًا بالهدف لتسجيل ضربة. ما يحرم الطيّار من حرية التحرّك أو المناورة بعد الإطلاق.

من ناحية أخرى، كان العديد من مشتري السلاح الأمريكي في المنطقة. مثل قطر، والبحرين، والسعودية، وإسرائيل، والأردن، وعمان، وتركيا. يحصلون على أنظمة أكثر فاعلية مما يتم تخصيصه لمصر مثل صاروخ AIM-120 AMRAAM. وتسمح هذه القدرة المبنيّة على نظام “أطلِق وانسَ” للمشغّل بالمناورة بحرّية بعد الإطلاق. وتمتلك نطاقًا مُعلنًا يتجاوز نطاق صاروخ Sparrow المصري بمقدار 20 كيلومترًا إضافيًّا.

أيضا، وضعت القيود المفروضة على صواريخ جوّ-جوّ للقوات الجوية المصرية. من طراز F-16 في وضع غير مؤاتٍ كليًّا في حال مشاركته في قتال جوّي مع أي قوّة جوية مسلّحة بصواريخ خارج مدى الرؤية البصرية في المنطقة. علاوةً على ذلك، حرمت الولايات المتحدة مصر من مقاتلات التفوق الجوي الثقيل لفترة طويلة، ما قيّد مدى القوات الجوية المصرية وقدرتها. وسعت مصر مرارًا وتكرارًا للتعويض عن هذه العيوب منذ منتصف السبعينيات من خلال الضغط من أجل إبرام صفقة لاقتناء مقاتلات من طراز F-15 إلى أن تمت الصفقة الأخيرة التي وافق عليها الكونجرس في مطلع مارس/أذار الماضي.

الآن، قد تسعى واشنطن لإقناع المصريين بالصفقة التي سعت لحرمانها منها، في مقابل التعاون أمام التوغل الروسي.

في مقاله، يلفت بول إيدون. الكاتب المهتم بالشؤون السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط. إلى الاهتمام المصري بطائرات MiG-29M الروسية عام 2013. بعد الخلاف بين القاهرة وواشنطن في أعقاب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي. كجزء من جهودها لتقليل اعتمادها الشديد على الولايات المتحدة من خلال تنويع مصادر عتادها العسكري، بل وإعداد نفسها لتحمل العقوبات الأمريكية أو حظر الأسلحة.

اقرأ أيضا: خادم الإرهابيين المطيع.. الدرونز سلاح القرن الرخيص: كيف تطيل حربا من الجو؟

حسن النوايا بين القاهرة وواشنطن

كما أشار رئيس الوزراء السلوفاكي- فإن امتلاك مثل هذه الأجهزة الروسية المتقدمة يمكن أن يكون مشكلة أكبر من قيمتها. يرى أنه من الأفضل للمصريين قبول صفقة الإحلال الغربية في حال عرضها. فقد تجد القاهرة صعوبة أكبر في الحفاظ على هذه الطائرات المتطورة الآن لاحتمالية أن تتعطل سلسلة التوريد الروسية بشدة لسنوات قادمة.

يقول إيدون: إن تفريغ المعدات الروسية الآن ومساعدة أوكرانيا، يمكن أن يكسب القاهرة حسن نية كبيرة في واشنطن. بما في ذلك تسليم سريع لمقاتلات F-15.

قبل أقل من خمس سنوات، كانت مصر على استعداد لتحمل مخاطر التعرض لعقوبات أمريكية بموجب “قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات” CAATSA عبر شراء طائرات Su-35 لأنها كانت في أمس الحاجة إلى مقاتلة بصواريخ جو-جو بعيدة المدى. بينما باعت الولايات المتحدة مصر أسطولًا كبيرًا من طائرات F-16 على مدار العقود الأربعة الماضية، إلا أنها لم تسمح مطلقًا للقاهرة بشراء صواريخ جو – جو ذات مدى بصري BVRAAM. .

لكن في مارس/أذار 2021. أعلن الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية -آنذاك- إن الولايات المتحدة ستزود مصر أخيرًا بطائرات F-15 بعد رفضها القيام بذلك لأكثر من 40 عامًا. وقال: في حالة مصر، أعتقد أن لدينا أخبارًا جيدة تتمثل في أننا سنزودهم بطائرات F-15، مضيفًا أن إنهاء عملية البيع كان “عملًا طويلًا وشاقًا”. وبينما لم يقدم أي تفاصيل أخرى، تكهن جينس أن القاهرة ستحصل على الأرجح على “أحدث نسخة متطورة من النسر الذي تم بيعه سابقًا إلى المملكة العربية السعودية باسم F-15SA ، وإلى قطر باسم F-15QA.

هذه الطائرات، التي يمكن أن تحمل ما يصل إلى12 صاروخ AMRAAM.  ستمنح مصر بلا شك القدرات الجوية التي تفتقر إليها منذ فترة طويلة وتلغي الحاجة إلى بدائل روسية أدنى. وبالطبع، سوف تجنب تكبد أي عقوبات أمريكية للتعامل مع قطاع الدفاع الروسي. وتعزيز العلاقات الدفاعية الوثيقة التي تربطها بالغرب منذ أواخر السبعينيات، عندما حلت واشنطن محل موسكو كمورد رئيسي للأسلحة للقاهرة.

وحسب ما ورد، تدعم إسرائيل بقوة بيع مقاتلة F-15 لجارتها الجنوبية. نظرًا لأن إسرائيل تشغل بالفعل طائرات شبحية متطورة من الجيل الخامس من طراز F-35I ، فإن بيع طائرات F-15 المتقدمة لمصر لن يقوض ميزتها العسكرية النوعية QME  والتي تلتزم واشنطن قانونًا بدعمها.