تثير تحركات أسعار مواد البناء في مصر تساؤلات حول السعر العادل للتكلفة. بعدما خفضت شركات الحديد والصلب الأسعار بنسبة 4% دفعة واحدة، بينما حافظت شركات الإسمنت على أسعارها متوقعة إمكانية حدوث زيادة جديدة.

خفضت شركة حديد عز البيع إلى 19170 جنيها للطن تسليم أرض المصنع. ومصر ستيل إلى الطن 18900 جنيه شامل ضريبة القيمة المضافة. والسويس للصلب العملاء إلى 19100 جنيه شامل القيمة المضافة. وحديد المصريين 19100 جنيه للطن وحديد بشاى إلى 19120 جنيها والجارحي إلى 19000 جنيه للطن.

عزت الشركات تخفيض الطن بقيمة 800 جنيه إلى التراجع العالمي لسعر طن الخردة. التي قُدر حجم السوق العالمية لها بـ 380.74 مليار دولار عام 2021. و411.26 مليار دولار عام 2022. ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 8.19٪ ليصل إلى 610.71 مليار دولار بحلول عام 2027.

الحديد وضغوط العقارات

كانت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة قد أصدرت قراراً في منتصف مارس/أذار الماضي. تتضمن حديد صب (زهر)، وخردة وفضلات من خلائط صلب مقاوم للصدأ. أو صلب مطلي بالقصدير وخردة، ورقائق وشظايا والتفريز والخراطة ونشارة وبرادة وسواقط عمليتي البصم والتقطيع. وسبائك (اینجوت) ناتجة عن إعادة صهر خردة الحديد أو الصلب.

لكن، لا يمكن عزل انخفاض الحديد عن الضغوط التي يجريها أصحاب شركات العقارات من اجل ضبط أسعار مواد البناء. والتحذير من تأثيرها على خطط الدولة للتنمية. التي تتضمن زيادة الرقعة المعمورة إلى 14%، بتدشين نحو 37 مدينة جديدة دفعة واحدة.

ضغوط شركات العقارات أدخلت مجلس الوزراء على الخط. والذي وجه جهاز حماية المنافسة بإجراء لدراسة تكاليف الإنتاج في القطاع، والزيادات التي حدثت منذ اندلاع الحرب الروسية وتحريك سعر صرف الدولار الأمريكي، حتى يحدث التوازن المطلوب في هذين القطاعين.

يمثل الحديد والإسمنت نحو 25% من تكلفة إنشاء العقار ما يرفع تكلفة البناء بشكل مباشر بنسبة تصل إلى الخمس، علاوة على التكاليف غير المباشرة المتمثلة في الأجور والعمالة وباقي الخامات.

حماية المنافسة قادر على ضبط السوق

دخول جهاز حماية المنافسة على الخط مثل مشكلة لشركات الحديد خاصة بعد إصداره قرارًا حاسما منذ أسابيع يتعلق بسوق السيارات بتحديد سعر البيع النهائي للمستهلك. وتدوين الفاتورة الصادرة منهم عند البيع لأحد الموزعين أو التجار أو منافذ بيع السيارات المختلفة. بالإضافة إلى إلزامهم بإخطار الجهاز بكل تغيير يطرأ على هذا السعر.

حماية المنافسة ألزم كل مـوزع أو تاجر أو أي منفذ لبيع السيارات في كافة مراحل التداول. بالإعلان عن سعر بيع السيارة للمستهلك والمحدد من قبل الوكلاء أو الموردين. ووضع غرامة مليوني جنيه على المخالفين، دون الإخلال بأية عقوبة أشد وردت في قانون آخر.

بحسب شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية. فإن السعر العادل لطن الإسمنت -في ضوء ارتفاع أعباء الطاقة والدولار عالميًا- لا يجب أن يزيد على 17 ألف جنيه للطن.

يقول أحمد الزيني، رئيس الشعبة، إن أسعار الخامات تراجعت بنحو 100 دولار للطن عالميًا بما يعادل 1800 جنيه للطن. مرجحًا هبوط سوق الحديد بنحو ألف جنيه للطن خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويصل إنتاج مصر من حديد التسليح إلى 7.9 مليون طن. بينما يبلغ البليت 4.5 مليون طن، بينما تستورد 3.5 مليون طن بليت. وفق بيانات غرفة الصناعات المعدنية.

يضيف الزيني أن الفترة الماضي شهدت هبوطًا في مبيعات الحديد والصلب في السوق بنسبة قاربت 50%. بسبب ضعف القوة الشرائية وتراجع حركة البيع. بجانب ارتفاع الأسعار وإجازات العيد التي تشهد هدوءً في سوق البناء والتشييد.

ووجه المحافظون أجهزتهم المحلية قبل إجازة العيد برفع درجة الاستعداد. للتصدي لأي محاولة للبناء المخالف أو التعدي على أملاك الدولة. والقيام بجولات ميدانية مستمرة لرصد أي مخالفات وإزالتها على الفور. مع محاسبة المقصرين، خاصة بعدما اعتاد الراغبون في البناء المخالف استغلال إجازات العيد الطويلة من أجل فرض الأمر الواقع.

سعر الحديد والارتفاعات القياسية

يرى المقاولون أن التخفيضات الأخيرة لا تتماشي مع الارتفاعات القياسية التي شهدها طن الحديد خلال أبريل/نيسان. التي تراوحت بين 3 و4 آلاف جنيه تسليم أرض المصنع، وارتفعت بصورة أعلى عند التجار. بعدما كسر سعر الطن في كثير من الأحيان حاجز الـ 21 ألف جنيه.

يقول الزيني إن انخفاض أسعار الحديد جاء مع توقعات بارتفاع أسعار الإسمنت في مايو/أيار. التي تبلغ 30 جنيهًا للطن بالشركات ليصل تسليم أرض المصنع يصل إلى 1350 جنيهًا وبالأسواق يصل إلى 1700 جنيه.

ويتم التعويل حاليا على جهاز حماية المنافسة، ليس بدراسة التكلفة العادلة للإسمنت فقط. ولكن في تغيير القرار الذي أصده في يوليو/تموز 2021. بالموافقة على طلب 23 شركة من الشركات العامة في قطاع الإسمنت لتخفيض الطاقة الإنتاجية. من أجل تقليص فائض العرض وحماية الشركات من الخسائر.

اشتكت شركات الإسمنت من أن زيادة المعروض عن الطلب الحقيقي بنسبة كبيرة. فالطاقة الإنتاجية لشركات الإسمنت بالسوق المحلية تصل إلى نحو 83 مليون طن. فيما يصل الاستهلاك إلى قرابة 53 مليون طن سنويا فقط. ما دفع حماية المنافسة لاتخاذ إجراء وقائي لحماية استثمارات صناعة الإسمنت المحلية.

مستقبل حصص الحديد ومواد البناء

يقول بنك الاستثمار “برايم” إن مستقبل تحديد الحصص التي تم التوصل إليها في يوليو الماضي بين منتجي الإسمنت وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية غير معروف حتى الأن.

يربط البعض قرار شركات مواد البناء بمساعي التجار لتصريف المنتج في ظل ركود السوق وليس من قبل المصانع ذاتها، ففي فترات هبوط الطلب يصبح قرار البائعين الكبار، هو خفض هامش الربح من أجل تحريك السوق وتحقيق أي نسبة من المبيعات.

ووفق مدحت إسطفانوس، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، فإن زيادة في أسعار الأسمنت سببها ارتفاع التكاليف فمع تراجع سعر صرف الجنيه والحرب الروسية، ارتفع طن الفحم من 80 دولارًا في 2021 إلى 400 دولار خلال مارس 2022 نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية.

يقول إسطفانوس إن أكثر من ثلثي الفحم يتم استيراده من منطقة البحر الأسود (واقعة في خضم الصراع الروسي الأوكراني) كذلك الأمر بالنسبة إلى مستلزمات الإنتاج الأخرى من فحم ووقود، والتي يتم أيضًا استيرادها من الخارج، ما يعني أن المنتجين ليس لهم أي تحكم على ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج.

يؤيد تجار الإسمنت ما يذهب إليه المصنعون فشعبة الإسمنت بالغرفة التجارية، تعتبر أن صناعة الاسمنت كثيفة الاستخدام للطاقة، حيث تقوم أساسا على حرق المواد الخام داخل أفران لإنتاج الاسمنت وبالتالي صناعة وثيقة الصلة بالطاقة وأسعار الطاقة عالمياً. حيث تمثل تكلفة الطاقة ما بين 50% و60% من تكلفة المنتج النهائي.

تقول الشعبة إن جميع المصانع تعتمد على ثلاثة أنواع من الطاقة، المازوت، والغاز الطبيعي. وجميعها ترتبط بالأسعار العالمية لكن أحمد الزيني يقول إن الأجانب يسيطرون على %80 من صناعة الإسمنت. ويهدفون من استثمارهم إلى الربح، كما لديهم قدرة على التحكم في سعر السوق المحلية ويتفقون مع بعضهم البعض على رفع سعر الطن. وبعدها يتم إبلاغ الموزعين بها في رسائل عبر الهواتف المحمولة.

بحسب الزيني فإن قرار حماية المنافسة بالسماح لمنتجي الإسمنت بتقليص الإنتاج سبب مشكلة بجعل المعروض من الإسمنت أقل من الطلب، ما أدى لارتفاع أسعاره، بعد أن كانت قيمته تتراوح ما بين 800 و850 جنيها.