تستضيف مصر في نوفمبر المقبل، مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين للدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ- (COP27)-  فما هو مؤتمر الأطراف؟ ومتى بدأت هذه المؤتمرات؟ ولماذا؟ وماذا حدث في المؤتمرات السابقة؟ وما هي قواعد اختيار الدولة المضيفة للمؤتمر؟ وكيف نجحت مصر نيابة عن أفريقيا في استضافة المؤتمر الذي سينعقد في شرم الشيخ في نوفمبر المقبل؟ وهل ينجح المؤتمر في تجاوز الخلافات وأوجه القصور التي طبعت المؤتمرات السابقة؟

البداية

مؤتمر الأطراف “COP” هو اختصار لثلاث كلمات (Conference of the Parties) تعني مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC). كانت المفاوضات حول الاتفاقية قد بدأت في عام 1992، ووقعت عليها 197 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتهدف الاتفاقية إلى “تثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري عند مستوى من شأنه أن يمنع التدخل البشري الخطير في نظام المناخ”، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 1994.

بموجب الاتفاقية، يمثل المؤتمر أعلى هيئة لاتخاذ القرار بين الدول الأطراف في الاتفاقية، وكل الدول الموقعة، أطرافا أو أعضاء في المؤتمر، وتم تقسيم الدول الـ 197 إلى خمس مناطق إقليمية: أفريقيا، آسيا والمحيط الهادي، أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، أوربا الوسطى والشرقية، أوربا الغربية ودول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا واستراليا، وتمثل هذه المناطق الإقليمية- الخمس- في هيئة مكتب- أو أمانة- المؤتمر.

وفقا لموقع سكرتارية تغير المناخ التابع للأمم المتحدة على شبكة الإنترنت “ينعقد مؤتمر الأطراف سنويا، ما لم تقرر الأطراف غير ذلك”، وينعقد في “بون” -مقر الأمانة- ما لم يعرض أحد الأطراف استضافة الدورة، و”يتناوب على الرئاسة الدورية للمؤتمر ممثلون للمناطق الإقليمية الخمس”. ويتركز جدول أعمال المؤتمرات على الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدول الأطراف لتنفيذ الاتفاقية، وأي قرارات أخرى يعتمدها المؤتمر بما في ذلك الترتيبات المؤسسية والإدارية، ومراجعة وتقييم البيانات وقوائم الانبعاثات المقدمة من الدول، وتقييم مدى التقدم الذي تحرزه الدول في تنفيذ الاتفاقية والحد من تغير المناخ.

 

انعقد مؤتمر الأطراف الأول (COP1) في برلين بألمانيا في مارس 1995، وانعقد المؤتمر الثاني (COP2) في جنيف بسويسرا في عام 1996. وعلى الرغم من أن الاتفاقية تنص على انعقاد المؤتمر في “بون”، لكن هناك اتجاه لتدوير مكان انعقاد المؤتمر-أيضا- بين المناطق الإقليمية الخمس، دون أن تشترط انعقاده في البلد التي تتولي الرئاسة الدورية للمؤتمر. في عام 2017، كانت “فيجي” تترأس الدورة الثالثة والعشرين للمؤتمر، لكنها اعتذرت عن استضافة أعمال المؤتمر لأسباب لوجستية، وانعقد COP23 في بون، وفي عام 2019، كانت شيلي تترأس الدورة الخامسة والعشرين، لكن أعمال المؤتمر COP25  انعقدت في مدريد بأسبانيا.

بروتوكول كيوتو: خطوة صغيرة للأمام

في عام 1997 انعقد المؤتمر الثالث في مدينة “كيوتو” باليابان، حيث انطلقت مفاوضات صعبة استغرقت حوالي ثماني سنوات حول آليات تنفيذية ملزمة للوفاء بأهداف اتفاقية المناخ وخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وانعقد مؤتمر الأطراف الرابع في بوينس آيرس بالأرجنتين عام 1998، ثم المؤتمر الخامس في بون بألمانيا في 1999، والمؤتمر السادس في هولندا عام 2000. وفي عام 2001 انعقد المؤتمر السابع للأطراف في مدينة مراكش المغربية، ثم المؤتمر الثامن في دلهي بالهند عام 2002، واستضافت مدينة ميلانو بإيطاليا المؤتمر التاسع، ثم استضافت بوينس آيرس بالأرجنتين- وللمرة الثانية- المؤتمر العاشر.

دخل بروتوكول كيوتو حيز التنفيذ كملحق للاتفاقية الإطارية في عام 2005. وقعت على البروتوكول الذي أصبح اتفاقية 192 دولة، وفي حين إن الاتفاقية الإطارية طوعية، ولا تلزم الدول بأرقام أو مواقيت محددة لخفض الانبعاثات، كانت اتفاقية كيوتو خطوة متقدمة لإلزام الدول الصناعية بخفض الانبعاثات، وفق جداول زمنية معلومة.

اتفقت الدول على خفض ستة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وبموجب الاتفاقية، تم تقسيم الدول الموقعة إلى مجموعتين: دول الملحق الأول، وتضم الدول الصناعية، ودول الملحق الثاني، وتضم الدول النامية. وبحسب الاتفاقية، توافق الدول الصناعية المدرجة بالملحق الأول على الحد من الانبعاثات وفق نسب مقررة، وفي آجال زمنية معلومة، وإذا لم تتمكن من القيام بذلك، فيمكن لها شراء أرصدة الانبعاثات أو الاستثمار في سبل الحماية. أما دول الملحق الثاني فلم ترتب الاتفاقية عليهم أية التزامات فورية.

في عام 2005 انعقد مؤتمر الأطراف الحادي عشر (COP11) في مدينة مونتريال بكندا، ومعه وفي نفس الوقت، انعقد الاجتماع الأول أو المؤتمر الأول للدول الأطراف في اتفاقية كيوتو (CMP1). لم توقع الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاقية، وتملصت منها كندا بعد اكتشاف احتياطات كبيرة من النفط، واستمرت الدول الصناعية في إنتاج الانبعاثات بمعدلات أكبر من المتفق عليها، وبحسب الاتفاقية، تعتبر الصين والهند، دولا نامية.

كان اتفاق كيوتو خطوة للأمام، لكنها لم تكتمل، لأن الدول الصناعية الكبرى لا ترغب في الاعتراف بحقيقة واضحة، وهي أنه لا يمكن تحقيق خفض كبير في الانبعاثات، خلال فترة زمنية معقولة، دون تقليل الاعتماد على النفط والوقود الأحفوري، وتهرب إلى الأمام، عن طريق الترويج لأوهام حول سوق عالمية “خضراء” للتجارة في الانبعاثات، من خلال ما يسمى سندات الكربون.

ولأن تأجيل المواجهة لا يحل الأزمات، وقعت 196 دولة في عام 2015 اتفاق -أو اتفاقية- باريس، التي تلزم الدول الموقعة بالعمل للحد من الاحترار العالمي دون درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، ويفضل ألا تزيد درجة الاحترار عن درجة ونصف مئوية. بعد توقيع اتفاقية باريس، ودخولها حيز التنفيذ في العام التالي، أصبح اجتماع أو مؤتمر الأطراف في الاتفاقية، (CMA)، ينعقد سنويا، وفي نفس الوقت، مع اجتماع الأطراف في اتفاقية كيوتو، (CMP)، ومع مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية (COP). لكن كالعادة، الشيطان يكمن في التفاصيل، والطريق للتنفيذ، مشغول دائما بالعقبات والمصالح المتناقضة.

نظرة على المؤتمرات السابقة

يكشف تاريخ دورات انعقاد مؤتمر الأطراف- والاجتماعات المتزامنة معه لاتفاقية كيوتو واتفاقية باريس، عن عدد من الحقائق: أولا، من بين ست وعشرين مؤتمرا للأطراف في الاتفاقية، انعقدت المؤتمرات 15 مرة في منطقة الدول الأوربية، وثلاث مرات في أمريكا اللاتينية، وأربع مرات في آسيا، وأربع مرات في قارة أفريقيا. ثانيا، استضافت ألمانيا المؤتمر أربع مرات، مرة في برلين، وثلاث مرات في بون، واستضافت بولندا المؤتمر ثلاث مرات، في ثلاث مدن مختلفة هي: بوزنان 2008، ووارسو 2013، وكاتوفيتس عام 2018، واستضافت الأرجنتين المؤتمر في “بوينس آيرس” مرتين في عامي1998 و2004، واستضافت مراكش المغربية المؤتمر مرتين في عامي 2001 و2016.

ثالثا، انعقدت مؤتمرات الأطراف في القارة الأفريقية أربع مرات، كانت المرة الأولى في مراكش بالمغرب عام 2001، والثانية في نيروبي بكينيا عام 2006، والثالثة في ديربان بجنوب أفريقيا عام 2011، والمرة الرابعة كانت في مراكش بالمغرب عام 2016. رابعا، أنه من بين تسعة مؤتمرات انعقدت خلال عشر سنوات ماضية، كان نصيب أفريقيا منها مرة واحدة، وأمريكا اللاتينية مرة واحدة، وآسيا مرة واحدة، في حين انعقدت ستة منها في أوربا.

لماذا فشل المؤتمر السادس والعشرين؟

كانت المملكة المتحدة قد تقدمت بعرض مشترك مع إيطاليا لاستضافة أعمال مؤتمر الأطراف السادس والعشرين، ومعه الاجتماع السادس عشر لمؤتمر أطراف اتفاقية كيوتو (CMP16) ,والاجتماع الثالث لأطراف اتفاقية باريس (CMA3)، في عام 2020. لكن بسبب جائحة كوفيد-19 تأجل موعد انعقاد المؤتمر إلى عام 2021، واستضافت مدينة جلاسجو بالمملكة المتحدة مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في الفترة من 1-12 نوفمبر الماضي، في حين استضافت مدينة ميلانو الإيطالية عددا من الجلسات وورش العمل والمؤتمرات التحضيرية.

فشل مؤتمر جلاسجو قبل أن يبدأ، ولم يحقق أيا من أهداف الأمم المتحدة الثلاثة: التعهدات التي من شأنها خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بمقدار النصف تقريبا، كانت المساهمات المحددة وطنيا المقررة، أقل بكثير مما هو مطلوب للبقاء ضمن حدود 1.5 درجة مئوية من مستويات ما قبل الصناعة، ولذلك، اتفقت الدول على مراجعة أهدافها قبل المؤتمر المقبل. كما فشل في توفير 100 مليار دولار من المساعدات السنوية من الدول الغنية للدول الفقيرة، مع تخصيص نصف هذه الأموال لمساعدة الدول النامية على التكيف مع آثار تغير المناخ.

الطريق الطويل إلى شرم الشيخ

من المقرر أن تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية-نيابة عن القارة الأفريقية- مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP27) في نوفمبر القادم، فكيف وصل مؤتمر الأطراف إلى مصر؟ وما هي قواعد اختيار الدولة المضيفة؟

الكتاب الصادر عن سكرتارية الأمم المتحدة للمناخ في عام 2020 تحت عنوان: “كيف يكون كوب: كتيب لاستضافة مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخ” ينظم طريقة اختيار الدولة المضيفة للمؤتمر السنوي للأطراف عبر عدد من القواعد. القاعدة الأولى، أن مدينة بون الألمانية هي المقر الدائم للمؤتمر، ما لم تطلب إحدى الدول استضافة المؤتمر. القاعدة الثانية، تدوير رئاسة ومكان انعقاد المؤتمر بين المناطق الإقليمية الخمس، متى كان ذلك ممكنا.

القاعدة الثالثة، إذا ما رغبت دولة ما في استضافة المؤتمر، فعليها أن تعلن من خلال أحد المسئولين عن اهتمامها ورغبتها في استضافة المؤتمر. القاعدة الرابعة، إذا أعلنت دولة ما عن رغبتها في استضافة المؤتمر، ووافقت الأمانة العامة للمؤتمر على ترشيحها، تتولى الأمانة بالمشاركة مع البلد المضيف، متابعة الإجراءات والترتيبات اللوجستية والجدول الزمني من وقت إعلان موافقتها، وحتى نهاية المؤتمر.

قبل انعقاد المؤتمر السادس والعشرين في جلاسجو، كان من المقرر بحكم قاعدة التناوب على رئاسة المؤتمر، أن تؤول رئاسة الدورة السابعة والعشرين إلى الدول الأفريقية. ووفقا لوكالة أنباء رويترز، كانت مصر، قد أعلنت من خلال رئيس الجمهورية عن اهتمامها ورغبتها في استضافة المؤتمر المقبل نيابة عن القارة الأفريقية.

ونقلت رويترز عن الرئيس السيسي قوله إن مصر لن تدخر أي جهد في استضافة ونجاح مؤتمر الأطراف وتحقيق نتائج تساهم في وضعنا على طريق الاستدامة البيئية والنمو الصديق للمناخ، و”أن مصر ستعمل بالتنسيق مع جميع الأطراف على جعل المؤتمر نقطة تحول جذرية في جهود المناخ لصالح أفريقيا والعالم بأسره”. وفي نوفمبر الماضي، وافقت الأمانة العامة للمؤتمر على أن تستضيف شرم الشيخ المؤتمر المقبل خلال الفترة من 7-18 نوفمبر من العام الجاري، ووعدت مصر بعد اختيارها كمضيف للمؤتمر أن تجعل المرونة والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ على رأس أولوياتها.

السياسة المصرية للمناخ

بحسب موقع وزارة البيئة المصرية، كانت مصر قد أطلقت على هامش مؤتمر جلاسجو “الاستراتيجية المصرية لتغير المناخ-2050″، والتي تسعى إلى تحقيق خمسة أهداف رئيسية، هي: تحقيق نمو اقتصادي مستدام، بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره السلبية، تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ، تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، وتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي بتغير المناخ. وأعادت تشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية، بحيث يترأسه رئيس مجلس الوزراء، والذي تتركز مهامه في رسم السياسات العامة للدولة فيما يخص التغيرات المناخية.

وقعت مصر بالفعل، مع دول أخرى، عددا من الاتفاقيات للتخلص التدريجي من الفحم، وتعمل على زيادة الاعتماد على وسائل النقل الجماعي، من خلال القطارات السريعة والحافلات الكهربية، واتخذت خطوات هامة للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ووصلت نسبة هذه المصادر إلى 20% في العام الماضي، وتخطط مصر لزيادة هذه النسبة لتصل إلى 42% بحلول عام 2035، مختصرا الجدول الزمنى للانتقال إلى الطاقة النظيفة بحوالي خمس سنوات، بحسب ما أعلن طارق الملا وزير البترول في مؤتمر جلاسجو.

ويعتقد مراقبون أن اختيار شرم الشيخ المصرية يجب أن يعطي دفعة قوية لحفز الاقتصاديات الناشئة الرئيسية، مثل الصين والهند وروسيا، على خفض انبعاثاتها. وقال “بوب وارد”، مدير السياسات بمعهد جرانثام بكلية لندن للاقتصاد، لصحيفة واشنطون بوست الأمريكية، إن مصر ستكون مضيفا مناسبا للمؤتمر، وإن قضايا تمويل المناخ والتكيف والتعويض عن الخسائر والأضرار، يجب أن تكون على رأس الأولويات، لأنها ذات أهمية خاصة لأفريقيا التي تضم الكثير من الأشخاص الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ”. ودعا بيرنيس لي، مدير البحوث في “تشاتام هاوس” إلى التركيز على مخاوف البلدان النامية، وقال “يجب أن نركز على حقيقة أن هذا حدث عالمي، لا يحدث فقط في مصر، ولكن في أفريقيا، وهي فرصة ذهبية لمشاركة أصحاب المصلحة الأفريقيين”.

بينما يرى آخرون، أنه على الرغم من أن مصر هي إحدى الدول الموقعة على اتفاقية باريس، لكنها لم تقدم أي أهداف ملزمة بمساهمتها المحددة وطنيا لخفض الانبعاثات، كما لم تحدد موعدا نهائيا لبلوغ مرحلة صافي الانبعاثات الصفرية. ويتساءل بول بليدسو، مستشار كلينتون السابق للمناخ، والذي يعمل الآن في معهد السياسة التقدمية بواشنطون، وهي منظمة أمريكية لا تهدف للربح، عما إذا كانت مصر تستطيع أن تمارس ضغوطا كافية للتأثير على الدول التي تتردد زيادة طموحها بشأن خفض الانبعاثات”.

وكما واجهت بريطانيا انتقادات بسبب تطوير حقل نفط مقترح، فإن اعتماد مصر المستمر على الوقود الأحفوري يواجه بعض الانتقادات. فوفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، مصر هي أكبر منتج للنفط في أفريقيا خارج منظمة “أوبك”.

ويتزايد الاعتماد على الغاز الطبيعي، خصوصا بعد اكتشاف شركة “إيني” الإيطالية لما قد يكون أكبر مخزون بحري للغاز في البحر المتوسط، وبحسب موقع “كوارتز” الأمريكي، عملت الحكومة مع شركة “سيمنز” الألمانية في السنوات القليلة الماضية لبناء ثلاث محطات كبيرة للطاقة تعمل بالغاز.

وعلى الرغم من خطط مصر لزيادة الاعتماد على المركبات ووسائل النقل الكهربائية، لم توقع مصر على الاتفاقية الجديدة، التي وقعتها في جلاسجو 24 دولة وكبرى شركات تصنيع السيارات، تلزمهم ببيع سيارات عديمة الانبعاثات فقط بحلول عام 2040 أو قبل ذلك.

إلى جانب الطاقة والمناخ، أعرب بعض الخبراء عن قلقهم بشأن سجل حقوق الإنسان في مصر في السنوات الأخيرة، وواجهت الحكومة انتقادات واسعة، بسبب قيامها بتجريف حدائق ومساحات خضراء وقطع عشرات الآلاف من الأشجار، لتنفيذ مشروعات للبنية التحتية، خاصة في القاهرة.  وعن الوعي بقضايا تغير المناخ، أشارت صحيفة واشنطون بوست الأمريكية إلى أن نتائج استطلاع رأي، كانت قد أجرته شركة “إبسوس موري” (Ipsos Mori) عام 2020، يكشف أن الوعي بتغير المناخ في مصر أقل منه في دول شمال أفريقيا الأخرى، حيث قال 26% فقط من المصريين الذين خضعوا للاستطلاع أن “تغير المناخ موجود، وفي الغالب ينتج عن النشاط البشري”، في حين كانت النسبة في المغرب، الي استضاف دورتين سابقتين من المؤتمر، بلغت 71%”.

في فبراير الماضي، زار جون كيري السيناتور ووزير الخارجية الأمريكي السابق، والمبعوث الخاص للرئيس بايدن للمناخ، مصر. وأعلن في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع وزير الخارجية سامح شكري رئيس الدورة القادمة للمؤتمر- أعلن عن تشكيل لجان عمل مصرية أمريكية مشتركة للتحضير لقمة المناخ المقبلة. وعن التوترات العالمية الجارية، بما في ذلك الحرب الروسية على أوكرانيا، قال كيري أنها “لن تغير من واقع ما يحدث في مناخنا” وقال إن قضية المناخ لا تتعلق بالسياسة، “لا يوجد أيديولوجيا في هذا الأمر”، وأضاف كيري “أن المؤتمر ليس له علاقة ببعض “القضايا” التي تهم الإدارة الأمريكية.

التمويل وصندوق المناخ الأخضر

تأسس صندوق المناخ الأخضر (Green Climate Fund) عام 2010 في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، في عام 2010 ككيان تشغيلي للآلية المالية لمساعدة البلدان النامية في التخفيف والتكيف مع تغير المناخ، ويقع مقره في مدينة “إنتشون” بكوريا الجنوبية، ويديره مجلس مكون من 24 عضوا، وتساعده أمانة عامة. وبحسب موقع الصندوق على شبكة الإنترنت “هو منصة عالمية فريدة من نوعها للاستجابة لتغير المناخ من خلال الاستثمار في التنمية منخفضة الانبعاثات والمقاومة للمناخ.

تم إنشاء صندوق المناخ الأخضر من قبل 194 حكومة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو الحد منها في البلدان النامية، ولمساعدة المجتمعات الضعيفة على التكيف مع الآثار التي لا مفر منها لتغير المناخ. ونظرا لإلحاح وخطورة هذا التحدي، فإن الصندوق الأخضر للمناخ مكلف بتقديم مساهمة طموحة في الاستجابة العالمية لتغير المناخ.

وكان “مجلس أوربا” قد حذر في فبراير الماضي من أن نقص التمويل اللازم لإنجاز تحولات مرنة وعادلة للطاقة يمثل عقبة أمام التنمية المستدامة في الدول النامية، بحسب الواشنطون بوست، وحث الاتحاد الأوربي الدول الغنية على الوفاء بالتزامها الجماعي بتعبئة 100 مليار دولار سنويا كمساعدات للدول للفقيرة.

لكن شيئا من هذا لم يحدث حتى الآن، ولا يبدو أنه سيحدث في وقت قريب، فالاقتصاد العالمي لم يتعاف بعد من الآثار الاقتصادية لجائحة كوفيد-19، كما تلقي الحرب الروسية على أوكرانيا، وتداعياتها المحتملة، بظلال كثيفة من الشك حول قدرة الدول الغنية على توفير التمويل المطلوب، خصوصا في ظل الارتفاعات الحادة في أسعار الغذاء والطاقة في الفترة الأخيرة.

ووفقا لبيان صادر عن وزارة التعاون الدولي، شاركت كل من رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، وهالة السعيد وزيرة التخطيط، في مفاوضات رفيعة المستوى حول تمويل المناخ في مؤتمر جلاسجو. تركزت المفاوضات حول التمويل المشترك للمشروعات الخضراء، والبحث عن إطار عمل دولي لإزالة العقبات أمام مشاركة القطاع الخاص في خطط التكيف مع تغير المناخ، وتشجيع القطاع الخاص على الالتزام بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وحضر الاجتماعات ممثلون عن البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، والبنك الأوربي للإنشاء والتعمير، وبنك “إتش. إس. بي. سي” (HSBC) والبنك التجاري الدولي (CIB) وبنوك أخرى. فهل يكفي توفير 100 مليار دولار سنويا لمنع تحول أزمة تغير المناخ إلى أزمة وجودية؟

لا يمكن اختزال قضايا تغير المناخ وآثاره الممتدة في الجانب التمويلي فقط، فالتمويل وحده -حتى لو توفر- لا يكفي لمعالجة مخاطر تغير المناخ وآثارها المتوقعة. لا بديل عن خفض الانبعاثات، لأن استمرارها بمعدلاتها الحالية خطر كبير، ولا يمكن تحقيق خفض كبير في الانبعاثات، دون تقليل الاعتماد على الوقود الاحفوري. وما لم يحدث هذا التحول الكبير، فسوف تتزايد الانبعاثات وتتفاقم عواقب أزمة تغير المناخ.

هذا التحول الكبير، بعيدا عن الفحم والبترول والغاز، هو واجب الساعة، لكن تحويله إلى سوق بين الشركات التي تتنافس لجني المزيد من الأرباح، يهدد بترك الملايين في العالم خارج منظومة هذا التحول الضروري لميزان الطاقة. لكنه بالتأكيد ليس في صالح شركات النفط، ولا في صالح الدول التي تعتمد عليه، لذلك لن يتم بسهولة، وربما لن يحدث قريبا.

لذلك، لا يمكن مطالبة المؤتمر المقبل بتجاوز المصالح الاقتصادية المتباينة والمتنافسة بين الدول والشركات، ولا يتوقع أحد أن يقدم مؤتمر شرم الشيخ حلا جذريا ونهائيا لتغير المناخ، لكن الحد الأدنى المطلوب من النجاح، هو أن يكون المؤتمر صوتا للدول الضعيفة والأكثر تعرضا لتغير المناخ في أفريقيا والعالم، وأن يكون بداية لمرحلة أرقى من التنسيق بين هذه الدول.

من شرم الشيخ إلى دبي

في نفس اليوم الذي أعلنت فيه أمانة مؤتمر الأطراف الموافقة على استضافة مصر للمؤتمر السابع والعشرين، أعلنت أيضا أن “دبي” بالإمارات العربية المتحدة سوف تستضيف المؤتمر الثامن والعشرين في العام القادم. والإمارات العربية من أكبر الدول المنتجة للنفط، تنتج حوالي 3 ملايين برميل يوميا، وهي عضو في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”. ومن المفارقات الغريبة، أن السيد سلطان الجابر، مبعوث الإمارات العربية المتحدة الخاص لتغير المناخ، هو في الوقت نفسه، رئيس شركة النفط الوطنية في أبوظبي، حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

فشلت عصبة الأمم في الحيلولة دون اندلاع الحرب العالمية الثانية، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، تأسست الأمم المتحدة على أنقاض عصبة الأمم، فهل تنجح الأمم المتحدة وهيئاتها ومؤتمراتها السنوية في منع كارثة المناخ؟ أم أننا بحاجة إلى نظام عالمي جديد؟

المصادر:

https://unfccc.int/process/bodies/supreme-bodies/conference-of-the-parties-cop

https://unfccc.int/sites/default/files/resource/How-to-COP_2020.pdf

https://www.metoffice.gov.uk/weather/climate/cop/what-is-cop

https://unfccc.int/resource/docs/convkp/kparabic.pdf

https://unfccc.int/sites/default/files/arabic_paris_agreement.pdf

https://unfccc.int/sites/default/files/resource/How-to-COP_2020.pdf

https://www.eeaa.gov.eg/ar-eg/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%89/%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1.aspx?articleID=6873

https://www.reuters.com/world/middle-east/egypts-sisi-declares-interest-hosting-cop27-next-year-2021-09-20/

https://www.washingtonpost.com/politics/2021/11/16/egypt-will-host-cop27-expect-criticism-over-fossil-fuels-human-rights/

https://www.theguardian.com/environment/2021/nov/21/cop27-is-in-egypt-next-year-but-will-anyone-be-allowed-to-protest

https://abcnews.go.com/International/wireStory/us-egypt-launch-group-prepare-cop27-climate-summit-83022669

https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2021/11/11/uae-egypt-climate-summit-mohammed-bin-rashid

https://www.greenclimate.fund/

https://cms.qz.com/wp-content/uploads/2021/10/2019-12-17T000000Z_54687142_RC24XD9YB28L_RTRMADP_3_EGYPT-SOLAR-e1636123348982.jpg?quality=75&strip=all&w=1600&h=900

https://www.nytimes.com/2021/10/30/business/uae-net-zero-cop26.html