استيقظ الإعلام العربي، صباح اليوم الأربعاء. على خبر استشهاد الصحفية الفلسطينية المخضرمة شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة. بنيران جنود الجيش الإسرائيلي، خلال عملية أمنية في مدينة جنين بالضفة الغربية. حيث أصيبت برصاصة في الرأس. رغم أنه كان “بالإمكان رؤية أبو عاقلة ترتدي سترة تحمل كلمة “صحافة” وخوذة. وفق ما ذكرت صحيفة The Times Of Israel.

وبينما حمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس القوات الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة عن مقتل الصحفية الشهيدة. وصف وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الحادث بأنه “حزين”. وقد عرض إجراء تحقيق مشترك مع السلطة الفلسطينية.

ونعت كبيرة المفاوضين الفلسطينيين السابقة حنان عشراوي. في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: شيرين أبو عاقلة إنسان رائع وصحافية مميزة وصديقة عزيزة منذ فترة طويلة. قُتلت برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي. القلب ينفطر. فلسطين تحزن. ارقدي بسلام وقوة وحب”.

وأدانت حركة حماس مقتل أبو عاقله. ووصفته بأنه “اغتيال متعمد”. وكتب عزت محمد الرشق، عضو المكتب السياسي للحركة. ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية: دماء أبو عاقلة ستكون لعنة على الاحتلال. وسيواصل إعلاميو شعبنا دورهم في ملاحقة الاحتلال. ولن تثنيهم جرائم الاحتلال عن مواصلة دورهم الوطني، ورسالتهم الإنسانية النبيلة.

اقرأ أيضا: صحفيو فلسطين.. رُسُل الحقيقة يتحدثون تحت القصف

من هي شيرين أبو عاقلة؟

تعود أصول الإعلامية الراحلة شيرين نصري أبو عاقلة -51 عام- إلى مدينة بيت لحم. ولكنها ولدت في عام 1971 في القدس وعاشت بها. وأنهت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا. درست شيرين في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة المكتوبة. لتحصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك في الأردن.

عملت أبو عاقلة بعد تخرجها في وكالة الأونروا، وإذاعة فلسطين، وقناة عمان الفضائية. ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو. ثم التحقت بقناة الجزيرة في عام 1997 – بعد عام من انطلاقها- لتبقى لما يقرب من ربع قرن، عينًا ترى حقيقة الأحداث الخطيرة والدامية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة يوميًا.

#شيرين_أبو_عاقلة لم ترتبط أو تتزوج طيلة حياتها. قالت في مقابلة صحفية إنها ضد فكرة التجمع، وكرست حياتها للصحافة لتكون في قلب الحدث. وفي حديث سابق لقناتها الجزيرة. صرّحت أبو عاقلة أنها تواجه اتهامات إسرائيلية متواصلة بتصوير مناطق أمنية. معبرة عن شعور لا ينتهي بأنها مستهدفة. وأنها -حسب قولها- تقف في مواجهة مع “جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين”.

وروت أن أكثر اللحظات التي أثرت فيها هي زيارة سجن عسقلان، والاطلاع على أوضاع أسرى فلسطينيين. قضى بعضهم قضى أكثر من 20 عاما خلف القضبان.

وفي ذكرى تأسيس الجزيرة الـ 25، قالت “فقط اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان.. ربما ليس سهلًا أن أغيّر الواقع، لكنني على الأقل، كنتُ قادرةً على إيصال ذلك الصوت إلى العالم”.

الجيش الإسرائيلي يستهدف الصحفيين

كانت شبكة الجزيرة قد أعلنت أن الجنود الإسرائيليين استهدفوا مراسلتها “بشكل مباشر”. ونقلت عن شهود عيان قولهم إن “قناصاً استهدف شيرين برصاصة في الوجه، رغم أنها كانت ترتدي سترة وخوذة تحملان شعار الصحافة”. وإن الجنود الإسرائيليين “أطلقوا الرصاص الحي تجاه المتظاهرين والطواقم الصحفية”.

ووصفت الشبكة -في بيان رسمي– ما حدث بأنه “جريمة اغتيال متعمدة ومفجعة وبشعة”. وقال البيان إن “الجريمة تخرق القوانين والأعراف الدولية”. وأضاف أنه “يراد من خلال الجريمة منع الإعلام من أداء رسالته”.

وقد شيعت الضفة الغربية اليوم ومخيم جنين، جثمان الشهيدة. من المتوقع أن تدفن الراحلة في القدس بعد الصلاة عليها في كنيسة دير اللاتين في جنين. وشاركت جماهير كبيرة في موكب تشييع الإعلامية الفلسطينية، وجاب موكب التشييع أحياء جنين التي قتلت شيرين على أبوابها برصاص القوات الإسرائيلية. بحسب شهود عيان.

اقرأ أيضًا: قتل وتهجير وفصل عنصري.. جرائم الاحتلال التي تنتظر المحاسبة

في المُقابل، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: “تشير التقديرات الأولية وخلافًا لما ينشر في وسائل الإعلام العربية أن شيرين أبو عاقلة قتلت صباح الأربعاء نتيجة نيران مسلحين فلسطينيين في مخيم جنين اثناء تغطيتها الإخبارية”.

تابع أدرعي: “تظهر مقاطع الفيديو التي تم تداولها ونشرها من قبل مخربين فلسطينيين في جنين على مواقع التواصل. إطلاقهم النار بشكل عشوائي متباهين بأنهم أصابوا جنديًا وهو ملقى على الأرض. رغم أن الضحية الوحيدة في الحادث كانت الصحفية أبو عاقلة”.

وأضاف: “ندعو الفلسطينيين إلى إجراء تحقيق مشترك للحادثة. ورغم التوجه إلى أنه وحتى كتابة هذه السطور، لم يلق طلبنا أذانًا صاغية، ربما محاولة لإخفاء الحقيقة”.

وختم: “نعبر عن فائق أسفنا على وفاة الصحفية شيرين التي كنا نعمل معها على مدار السنوات ونرى أهمية كبيرة في حرية الصحافة ونعمل على احترامها وصونها”.