تظهر معدلات السياحة في مقاصد جنوب سيناء حاليًا عدم قدرة الفنادق المصرية على تعويض السياحة الروسية. فمنذ اندلاع الحرب بين موسكو وكييف نهاية فبراير/شباط الماضي، انخفضت الإشغالات بنسبة تتراوح بين 30 و40%.

وبينما شهدت الأيام الأخيرة وصول عدة رحلات من روسيا إلى المقاصد المصرية في شرم الشيخ والغردقة. لكنها لا تزال منخفضة العدد، ولا يمكن مقارنتها بالفترة ذاتها من العام الماضي. الأمر الذي دفع بعض المستثمرين السياحيين إلى اقتراح إمكانية التعامل بالروبل، في دفع قيمة الرحلات والإقامة، تشجيعًا واجتذابًا للسياح الروس.

الروس يفكرون بالروبل أيضًا

الفكرة ذاتها أتت صحيفة “كامسوملسكايا برافدا” الروسية على ذكرها. وقد تحدثت عن محاولات عدد من الفنادق بالبحر الأحمر الحصول على موافقة على التعامل بالروبل في دفع تكاليف الإقامة. لكنها لم تشر إلى الآلية الممكنة لتطبيق ذلك. خاصة وأنها أكدت أن إمكانية حجز فندق مصري على الإنترنت عن طريق الدفع بالعملة الروسية يبدو مستحيلًا.

انخفاض نسبة إشغال الفنادق في الغردقة وشرم بنسبة 40٪ منذ الحرب الروسية، جعلت خيارات عودة الروس إلى المنتجعات المصرية ذات مناقشة على مستوى الدولة
انخفاض نسبة إشغال الفنادق في الغردقة وشرم بنسبة 40٪ منذ الحرب الروسية، جعلت خيارات عودة الروس إلى المنتجعات المصرية ذات مناقشة على مستوى الدولة

بحسب الصحيفة الروسية، فإن انخفاض نسبة إشغال الفنادق في الغردقة وشرم بنسبة 40٪ منذ الحرب الروسية، جعلت خيارات عودة الروس إلى المنتجعات المصرية ذات مناقشة على مستوى الدولة. في إشارة إلى إمكانية وجود تحركات تتيح تلك الفكرة في المستقبل. خاصة مع بدء وصول أعداد من السائحين الروس على استحياء للمقاصد المصرية أخيرًا.

اقرأ أيضًا: ورقة دام| الحرب الروسية الأوكرانية.. لماذا نحن بصدد عالم جديد؟

وقد لاقت تلك التقارير صدى إيجابيًا عند قطاع السياحة المصري. فلا يرى الدكتور عاطف عبد اللطيف، رئيس جمعية “مسافرون” وعضو جمعيتيّ مستثمريّ مرسى علم وجنوب سيناء، غضاضة في تلقي الفنادق المصرية الروبل في ظل الظروف الحالية التي يمر بها العالم.

ويضيف أن مصر تحتاج إلى السياحة الروسية. إذ تتسم بالأعداد الضخمة التي تتيح تحقيق معدلات مرتفعة من الإشغالات. كما أن الدول الأوروبية ذاتها بدأت الدفع بالروبل في تمويل صفقات الغاز والنفط. وكذلك توجد تحركات للتعامل به في التبادل بين الصين والهند وروسيا. ومادام لا توجد أي مشكلة سياسية للدولة في التعامل بالروبل، فإن القطاع السياحي يرحب بالتعامل به.

وفتحت 10 شركات أوروبية نهاية إبريل الماضي حسابات لدى جازبروم بنك مطلوبة لتلبية مطالب روسيا للدفع. كما دفع 4 مشترين أوروبيين للغاز بالروبل مقابل إمدادات من الغاز، مثلما طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

التبادل التجاري يسهل آلية “الروبل”

يؤكد عبد اللطيف أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا ضخم. وبالتالي، يمكن إيداع الروبل في البنوك واستخدامه في تمويل التعاملات التجارية مع موسكو في شراء القمح والذرة والزيوت والمعدات الإنتاجية والسيارات. فالأهم هو تسيير حركة الاقتصاد المصري ودعم قطاع السياحة والطيران والشباب العاملين به.

وبحسب سفير روسيا لدى مصر جيورجي بوريسينكو، فإن حجم التبادل التجاري بين موسكو والقاهرة ارتفع بنسبة 10% في 2021، لتبلغ قيمته 5 مليارات دولار.

وتمثل مصر الشريك التجاري الأول في إفريقيا بالنسبة لروسيا. ذلك بنسبة تعادل 83% من حجم التجارة بين موسكو والقارة.

اقرأ أيضًا: كيف يواجه قطاع السياحة المصري تأثيرات الحرب الأوكرانية؟

جمعية رجال الأعمال المصريين كانت قدمت مقترحًا للحكومة، يدور حول الفكرة ذاتها لفتح حسابات بنكية بالروبل الروسي وإجراء المعاملات التجارية مع موسكو. بحيث يتم التبادل بعملتي الروبل والجنيه المصري. على أن تقيم صادرات الفواكه المصرية بسعرها، والقمح يقيم بسعره بالروبل. فيما يحصل مصدرو مصر على أموالهم بالجنيه، ومصدرو القمح الروسي على مستحقاتهم بالروبل.

ويوضح عبد اللطيف أن الفترة الأخيرة شهدت بعض الرحلات المحدودة إلى مصر. لكن هناك آمال في زيادتها خلال يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز المقبلين خاصة في ظل تقارير عن عزم وكالات الأسفار الروسية تنظيم رحلاتها إلى منتجعات الغردقة وشرم الشيخ بعد توقف منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط الماضي.

واستأنفت شركة مصر للطيران رحلاتها الجوية المباشرة بين القاهرة وموسكو، بمعدل رحلة واحدة يوميًا في 15 إبريل الماضي. وذلك على متن طائراتها البوينج B737-800 ، وبعدما قدم وزير المالية ضمانا للشركة القابضة لمصر للطيران وشركة مصر للطيران للخطوط الجوية في الوفاء بالتزاماتها المالية التي قد تنشأ عن تشغيل رحلات جوية من وإلى مطارات روسيا حال وقوع حوادث سواء نتيجة ظروف التشغيل العالية أو نتيجة أخطار لحروب أوالاختطاف.

العودة تستلزم محفزات

كما أعلنت شركة “الشمس والمتعة” الروسية عن إطلاق برنامج رحلات من موسكو إلى مطاري شرم الشيخ والغردقة على رحلات مصر للطيران اليومية المنتظمة بحجز كامل من قبل الشركة السياحية. وتشمل الأسعار إجازة لمدة أسبوع واحد في مايو/أيار الجاري برحلة طيران مصر للطيران من موسكو إلى الغردقة، بنحو 71،500 روبل للفرد مع وجبات شاملة كليًا، تخفض إلى 67320 روبل للفرد مع وجبات شاملة كليًا في شرم الشيخ.

استأنفت شركة مصر للطيران رحلاتها الجوية المباشرة بين القاهرة وموسكو
استأنفت شركة مصر للطيران رحلاتها الجوية المباشرة بين القاهرة وموسكو

كما استأنفت أكبر شركة سياحة روسية “بيبليو جلوبس” الرحلات السياحية إلى مطاري الغردقة وشرم الشيخ بحسب عدد من الوكلاء العاملين بشركات السياحة الروسية في مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر. لكنها رحلات محدودة أيضًا مع ارتفاع تكلفة الرحلات إلى المنتجعات المصرية من 85 ألفًا إلى 130 ألف روبل.

اقرأ أيضًا: قليلة الإنفاق ولكن.. لماذا عودة السياحة الروسية لمصر مهمة؟

تتنافس عدة أسواق حاليًا على السياحة الروسية في مقدمتهم أرمينيا وأذربيجان وقيرغيزستان وأوزبكستان وكازاخستان، وكذلك جزر المالديف إلى جانب الأردن والإمارات التي تقدم في الفترة الأخيرة تسهيلات كبيرة على مستوى الأسعار والتأشيرات لجذب السياح الروس. لكن طقسها شديد الحرارة صيفًا ربما يجعل لمصر فرص أكبر.

خطوات مصرية

وزادت مصر في الفترة ذاتها عدد الدول التي يمكنها الحصول على تأشيرة سياحة إلكترونية لمصر إلى 180 دولة بدلًا من 76. مع تسهيلات غير مسبوقة في منح تأشيرات الدخول. وكذلك تسهيل وصول السائحين بالسماح لـ180 جنسية بالحصول على التأشيرة إلكترونيًا، بينها كل حاملي تأشيرات بريطانيا والشنجن الأوروبي وأمريكا واليابان.

وتحاول وزارة السياحة في الفترة الأخيرة تنويع السياحة الوافدة لمصر واجتذاب أسواق جديدة في أمريكا اللاتينية وآسيا. لكن لا تزال السياحة الروسية الهدف الأول للمنتجعات السياحية المصرية في جنوب سيناء، حتى وإن كانت منخفضة الإنفاق. ذلك لضمان التشغيل الكامل.