إسلام عوض عبد المجيد – شيماء فؤاد كحله
طوال العقدين الماضيين على الأقل كان إصلاح نظام تسجيل الملكية العقارية في مصر، أحد أبرز الإصلاحات التي يلفت خبراء التنمية الانتباه لأهميتها، وتضعها مؤسسات التمويل الدولية على رأس أجندتها. من جانبه يري هرناندو دي سوتو Hernando De Soto مؤلف كتاب “سر رأس المال” أن ما تراكم بالفعل في مصر خلال عقود من قيمة أصول، تتضمن الأرض والمساكن، تفوق قيمة الاستثمارات الأجنبية والوطنية المسجلة بعشرات المرات، ولكن فشل أو عجز المنظومة الإدارية للدولة في دمج هذه الأصول في إطار اقتصاد رسمي أو منظومة الاقتصاد يعوق تحولها لرأسمال مستثمر بالمعنى الحديث[1].
هكذا يطرح إصلاح نظام شهر الملكية العقارية وربطه برفع معدلات التكوين الرأسمالي، بمعزل عن إدماج العمل الاجتماعي، كحل سحري لمشاكل الاقتصاد وأزماته البنيوية، تتمثل جاذبيته في أنه بخلاف برامج الاصلاح المالية، يسلط الضوء على ضرورة الإصلاحات المعيارية أو المؤسساتية لنجاح الرأسمالية في البلدان النامية ومن بينها مصر بطبيعة الحال.
ما يدعونا لهذا التأمل والتحقيق فيما وراء سر رأس المال؛ هو دخول أكثر اصطلاحات نظام شهر الملكية العقارية جذرية حيز النفاذ، مع سريان تعديل القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري[2]. الذي يسمح لاول مرة بتسجيل وشهر “الملكية محدودة النطاق” باعتبارها واقعة مادية بغض الطرف عن إثباتات تسلسل الملكية التقليدية، ما من شأنه فتح أفق تثبيت المراكز القانوية الناشئة عن التملك والاعتراف بها.
الاعتراف بالملكية محدودة النطاق
مع ظهور الملكية الخاصة في مصر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر كان تسجيل الملكية من خلال قيدها بأقلام التسجيل الملحقة بالمحاكم الوطنية والمختلطة والشرعية. وبموجب قانون تنظيم الشهر العقاري سالف الذكر تم إلغاء تسجيل الملكية بالمحاكم وحل محلها مصلحة الشهر العقاري المستوحاة من النموذج الفرنسي، وعلي أثر ذلك أنشأت مكاتب الشهر العقاري الإقليمية وأسند إليها وحدها مهمة شهر المحررات التي ترد على الملكية والحقوق العينية العقارية الأصلية وتسجيلها.
وبموجب هذا القانون أصبح يجب شهر جميع التصرفات، التي من شأنها إنشاء حق الملكية، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك، بطريق التسجيل. ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية. ويترتب على عدم الشهر بلغة القانون، أن تلك الحقوق المشار إليها لا تنشأ، ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى الغير. إذ تقتصر آثار حق الملكية وغيرها من الحقوق العينية العقارية الاصلية غير المشهرة، على مجرد إنشاء التزامات شخصية بين ذوي الشأن مثل البائع والمشتري والراهن والمرتهن.. إلخ.
لا يخفض القانون الملكية غير المشهرة إلى مستوى الحق الشخصي. هنا يبدو مفهوم الحق ملتبسًا فحسب، فكما يرى ج. و. ف. هيجل G. W. F. Hegel الذي يشكك بحق في سلامة تصنف الحقوق لشخصية وآخري عينية (أي تقع على الاشياء) أن الشخصية وحدها تضفي معنى الحق على الأشياء، ولهذا فإن الحق الشخصي هو في جوهره حق على الأشياء أو حق عيني[3]. مع ذلك نحن هنا بصدد حق عيني محدود أو ملكية محدودة النطاق؛ ملكية تعطي صاحبها الحق الحصري في استعمال الشيء (العقار) واستغلاله والتصرف فيه ولكن فقط في نطاق محدود.
يستخدم الفقه القانوني مصطلح “نطاق الملكية” للإشارة إلى مداها الذي يشمل كل عناصرها الجوهرية التي لا تنفصل عنها، وأبعادها المكانية، الأرض على سبيل المثال كما يشرح عبد الرازق السنهوري، يتسع نطاق ملكيتها لما فوقها وما تحتها[4]. إلا إننا نستخدم المصطلح نفسه بطريقة مختلفة لاستكشاف المدى الذي يمكن أن تصل له حدود استفادة مالك العقار غير المشهر من خصائص ملكيته، وسنلاحظ بسهولة، كيف أن هذا النطاق محدود باعتراف “الغير” بالملكية غير المشهرة وقبوله بالتعامل عليها. إذا كنت مالكا لعقار غير مسجل سيكون من حقك استعمالها أو استغلالها بنفسك أو تتنازل عن ذلك للغير بعوض أو بدون، وأن تتصرف فيها بأي طريقة من طرق التصرف، إلا إن المدى الذي سيبلغه تصرفك سيظل محدودا بالاعتبار “الشخصي” المحض الذي يضمن اعتراف الغير بملكيتك.
ولهذا فإن طبيعة الملكية محدودة النطاق أو الملكية غير المشهرة تتحكم في رسم حدود مجال استعمالها واستغلالها والتصرف فيها، كما تحصرها في نمط الملكية الصغيرة والمجزأة وتجعلها متعينة في المجالات المحلية حيث يمكن أن يؤمن الاعتبار الشخصي تداولها ويوفر الثقة اللازمة للتعامل عليها بصفة عامة. من ناحية أخري تؤدي الطبيعة المحدودة لتنزيل الملكية من مكانة ’الحقيقة قانونية‘ المعترف بها بشكل صوري (أي بشكل مجرد من الاعتبارات الشخصية) لمستوي ’الواقعة المادية‘ وهو المفهوم الذي يشير بالأساس لكل حالة ذاتية لصيقة بالشخصية الطبيعية ومحيطها المحدود. ولا شك أن هذا من شأنه التأثير بالسلب على دمج ملايين العقارات غير مسجلة بشكل رسمي في منظومة الاقتصاد المهيكلة بشكل صوري وهو ما سنعود لمناقشته لاحقًا.
ما يهمنا الآن هو متابعة تأملنا هذا الإصلاح الذي يفكك الوضع الراهن للملكية محدودة النطاق ويفتح أفق إعادة تركيبها كحقيقة معترف بها بشكل صوري – في تقديرنا من شأنه إحداث تعديل في البنية المعيارية – ويعتبر تحولا جذريا أجاز لأول مرة شهر الملكية كواقعة مادية أو شهر الوقائع التي شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تغييره، أو زواله، أو تقريره بطريق التسجيل. ومن الوقائع المادية التي يجوز شهرها وتثبيت الملكية بها واستعادة مكانتها كحقيقة قانونية، الحيازة المكسبة للملكية لمدة خمسة عشر عام حيازة هادئة ومستقرة، وأيضا الحيازة المصحوبة بسند ولو كان سنًدا عرفيًا لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ نشوء الحق إذا كانت بحسن نية حتى التسجيل (تعتبر الواقعة الأخيرة سببًا جديدًا من أسباب كسب الملكية بخلاف الأسباب المنصوص عليها حصرًا بالقانون المدني وهو ما يجب استكماله في تقديرنا بتعديل في القانون الأخير).
الإصلاح من أبعاده المؤسساتية
ينصب تركيز إصلاح نظام شهر الملكية العقارية حول “عملية شهر الملكية” من جوانبها الإجرائية وهو ما سنعرض لبعض أهم عناصره. وكممارسين قانونيين أو محامين، لا يسعنا إلا أن نظهر إعجابنا بهذا الإصلاح، إلا أننا لن نسطيع في نفس الوقت أن نخفي مخاوفنا، من ناحية، بشأن استعداد مصلحة الشهر العقاري ومكاتبها الإقليمية لتطبيقه ووضعه موضع التنفيذ. ومن ناحية أخرى، من إغفال أحد الأبعاد المؤسساتية لهذا الإصلاح الذي يفترض تعديلا موضوعيا في المنظومة الإدارية للدولة لا سيما فيما يتعلق بالعلاقة ما بين الهيئات المركزية والأجهزة المحلية وترتيب الوظائف والاختصاصات التي تضطلع بها. وهو ما سيتوقف عليه في تقديرنا نجاح هذا الإصلاح في تحقيق أهدافه الاستراتيجية من عدمه.
مؤخرًا أصبح نظام شهر الملكية العقارية من الأنظمة المزدوجة بما يقابل ازدواج المنظومة الإدارية للدولة وانقسامها لمجالين هما، مجال الإدارة المحلية، ومجال المجتمعات العمرانية الجديدة. ما يبرر استحداث أحكام خاصة لتسجيل الملكية العقارية في المناطق التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (وهي هيئة من الهيئات المركزية تتبعها مباشرة أجهزة المدن الجديدة) تمليها بطبيعة الحال ملكية الدولة للأراضي التي تنشأ فيها هذه المجتمعات الجديدة. ومع ذلك يشمل مضمون إصلاح نظام الشهر العقاري تسجيل الملكية في المجالين بلا فروق جوهرية، إذ صدر بشكل متزامن مع تعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الشهر العقاري، تعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 27 لسنة 2018 بشأن تنظيم بعض احكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة[5].
يعالج إصلاح نظام شهر الملكية العقارية المشاكل الإجرائية التي كانت تعرقل تسجيل العقار بما من شأنه تبسيطها وتسهيلها وتقليص المستندات المطلوبة لإتمامها. وفضلًا عن تحديد مدة زمنية محددة يتم فيها بحث الطلب ومرجعة مشروعه، وإصدار قرار بشأنه إما بالقبول وإما بالرفض، وبحيث لا تستغرق عملية التسجيل أكثر من “ثلاثين يوما” من تاريخ تقديم طلب الشهر من ذوي الشأن، تقلصت مراحل فحص طلبات الشهر العقاري، إذ أضحى يبحث ويراجع مشروعها في مرحله واحدة فقط وليس على عدة مراحل كما كان متبعا في ظل القانون قبل تعديله. كما تقلصت المستندات المطلوبة وتم تحديدها على وجه الدقة لتسهل التسجيل وتشجيع أصحاب العقار على تسجيل ملكيتهم. وحددت اللائحة التنفيذية للقانون نماذج خاصة لطلبات الشهر العقاري وجعلت لكل موضوع شهر، نموذجا خاصا به.
واللافت للنظر، أنه بموجب إصلاح نظام شهر الملكية العقارية انفك الارتباط الوثيق ما بين نظام الشهر والأعمال المساحية التي كانت تضطلع بها حصرًا مصلحة المساحة المصرية (وهي جهة مركزية ارتبطت نشأتها التاريخية بالمسوح الأرضية التي دشنها محمد علي باشا في الربع الأول من القرن التاسع عشر) إذ ألغيت مرحلة إرسال الطلب لمأمورية المساحة المختصة لإعداد كشف تحديد مساحي للعقار وبذلك رفع عن كاهل طالبي تسجيل العقار عبأ متابعته مسارات طلبتهم ما بين مصلحتي الشهر العقاري، والمساحة، وتوفير الوقت المهدر في صدور/وورود لأكثر من مرة في بعض الحالات. واكتفي القانون بتقديم خريطة رسمية من أي جهة معتمدة موضح بها بيانات وإحداثيات العقار محل التسجيل، رفقه الطلب أثناء تقديمه وهو خطوة مهمة نحو لا-مركزة الأعمال المساحية.
وفيما يتعلق بشهر الوقائع المادية المكسبة للملكية – وهو بيت القصيد في إصلاح نظام الملكية العقارية – تنظم اللائحة التنفيذية لتعديل قانون الشهر العقاري المسألة من الناحية الإجرائية بطريقة تجعل من الأعضاء الفنيين في مصلحة الشهر العقاري يضطلعون بوظائف عادة ما كان يضطلع بها خبراء وزارة العدل في المنازعات القضائية والتي تتمثل في معاينة العقار على الطبيعة للتحقق من وضع اليد أو الحيازة المكسبة للملكية وإجراء تحقيقات يسمع فيها الحائزون والمعترضون بحسب الأحوال وكل من يلزم سماع أقوالهم قبل البت في طلب الشهر سواء بقبوله أو رفضه.
والسؤال الذي يطرحه هذا النظام المستحدث هو مدى استعداد مصلحة الشهر العقاري لتنفيذه بما يسمح بتسجيل الملكيات على نطاق واسع في ظل محدودية أعداد أعضائها الفنيين. والحقيقة أنه في ظل عدم وجود مقابل لكاتب العدل [Notary] في نظام شهر الملكية في فرنسا على سبيل المثال (والذي يتمتع بصفه الموظف العمومي ويباشر مهمه تسجيل الملكية ونقلها) يقع عبء تسجيل الملكية بالأساس على مصلحة الشهر العقاري وهي جهة مركزية بإمتياز. ومع قلة أعداد أعضائها الفنيين، وصعوبة زيادتها لأسباب كامنه في تركيبة نظام الخدمة المدنية وهياكل الأجور فيها سيكون من الصعب أن يحقق الإصلاح أهدافه.
ونعتقد أن “لامركزية” نظام شهر الملكية العقارية أهم أبعاد الإصلاح المؤسساتية المتغافل عنها وهو ما يضع الإصلاح برمته على المحك. إذ هناك حاجة للإصلاح في نظام الخدمة المدنية وهياكل أجورها يسهل ترتيب إلحاق مكاتب الشهر العقاري الإقليمية بالإدارة المحلية (وكذلك إعادة إلحاق الضرائب العقارية بها كما كان الحال قبل سنة 2008)، بما لها من خبرة بالملكية محدودة/محلية النطاق، خاصة وأن إعادة تعيين الملكية في المجالات المحلية سيظل مرهون باضطلاعها بوظائف جوهرية في عملية شهر الملكية العقارية مثل الاعمال المساحية وتحقيق الوقائع المادية المكسبة للملكية.. الخ.
ورغم أن إصلاح نظام شهر الملكية قد فصل ما بين تسجيل الملكية وإزالة مخالفات البناء أو التصالح عليها إلا أنه في النهاية لإعادة تعين الملكية محدودة النطاق في المجالات المحلية يجب أن يسمح للإدارة المحلية بإقرار لوائحها الخاصة بالبناء – مع استحالة تطبيق قانون بناء موحد ومركزي وهي استحالة تجريبية – تراعي الأبعاد المحلية لا سيما في المحافظات غير الحضرية أو في الريف والمدن المتوسطة.
مبدأ الإدماج أو ما وراء السر
كما أشرنا، بطبيعتها الملكية محدودة النطاق، ملكية عقارية صغيرة ومجزئة، وهي بسبب طبيعتها، كما يرى كارل ماركس Karl Marx في مؤلفه الهائل “رأس المال” مما يستبعد تطوير القدرات الإنتاجية الاجتماعية والأشكال الاجتماعية للعمل، وأخيرًا التركيز الاجتماعي للرساميل أي التراكم الرأسمالي[6].
صحيح رأس المال ليس هو الرصيد المتراكم من الأصول وإنما هو الإمكانية التي تحوزهاPotential Energy in Assets لتوليد إنتاج جديد كما يرى دي سوتو. وأن المليارات من قيمة أصول تراكمت لدى المصريين لا يمكن تحويلها لرأسمال لأنها ملكيتها غير مشهرة أو محدودة النطاق ومن ثم لا يمكن تداولها إلا في النطاقات المحلية وبعيدًا عن أطر الاقتصاد الرسمي أو منظومة الاقتصاد وهو ما يعني بلغه الاقتصاد السياسي أن الملكية العقارية الصغيرة أو محدودة النطاق مجرد رأسمال في ذاته أو رأسمال كامن في ظل نمط الإنتاج الرأسمالي كما يؤكد ماركس نفسه.
مع ذلك، لا يجب أن يقتصر فهمنا لشهر أو تسجيل الملكية العقارية لإطلاق طاقتها الكامنة كمبدأ إدماج في منظومة الاقتصاد دون ما يرتبط بها من عمل اجتماعي، كما يصور دي سوتو الأمر سواء بوعي أو بدون، بعدما كشف بضربة حظ سر رأس المال في أواخر القرن العشرين كمفاجأة مدهشة، على هامش تحليل الأوضاع القانونية للملكية في البلدان النامية والبلدان الشيوعية السابقة. لا يجدد رأس المال في ذاته الحياة الاجتماعية من تلقاء نفسه أو بدون العمل الاجتماعي، ولهذا لا يمكن فصل مبدأ دمج الملكية العقارية في منظومة الاقتصاد من خلال الاعتراف بها كحقيقة قانونية “صورية” عبر إصلاح نظام شهرها (أي إحداث تعديلات مؤسساتية في المنظومة الإدارية للدولة) عن مبدأ إدماج العمل الاجتماعي ورفع قيمته باضطراد.
ما يغفله دي سوتو هو أن نموذج دولة التحرر الوطني حتى مرحلة تحللها الأخيرة حال تاريخيًا دون نزع الملكية العقارية الصغيرة وتجريد العمال منها على نطاق واسع. ولهذا نرى أن دمج الملكية العقارية في المنظومة الاقتصادية أو تغيير طبيعتها كملكية محدودة النطاق بديلًا عقلانيًا عن نزعها على نطاق واسع وتحويلها لملكية كبيرة كما حدث في الغرب أو البلدان الرأسمالية (ستعطينا محاولات نزع ملكية جزيرة الوراق واستبعادها من مجال الإدارة المحلية لصالح المطورين العقاريين صورة حية عما نقصده بنزع الملكية العقارية الصغيرة). بشرط إعادة تعينها في نطاقتها الطبيعة أي نطاقتها المحلية التي تمثل في مجملها الحياة الاجتماعية وبشكل يخضع المنظومة الاقتصادية والسوق الرأسمالية – التي تصل حدودها لتخوم الجهات الإقليمية وتتطابق مع مجال ممارسة السيادة السياسية للدولة – لأولية الإدماج الاجتماعي وإطلاق القدرات الانتاجية الاجتماعية لا سيما البشرية منها.
ترتبط الملكية غير المشهرة بضعف مساهمة القطاع المصرفي في تمويل المشروعات الخاصة، كما ترتبط بالنشاطات الاقتصادية غير الرسمية والعمل غير الرسمي منخفض القيمة، ليس فقط القطاع غير الرسمي وإنما أيضا نشاطات المنشآت والأفراد المسجلين التي تتم في “الظل” وبشكل منفصل عن المنظومة الإدارية للدولة. فالملكية العقارية الصغيرة والمجزأة أو محدودة النطاق، على سبيل المثال، في حالة الأرض المزروعة ينتج عنها عزل عمل الفرد عن العمل الاجتماعي، وفي حالة المسكن الخاص ترسخ إعادة انتاج الحياة الاجتماعية في شرط انخفاض قيمة العمل أو بالتحديد انخفاض الأجور وعدم توافر شروط العمل اللائق. باختصار، تستبعد تطوير القدرات الإنتاجية ’الاجتماعية‘ للعمل كما تستبعد التراكم الرأسمالي. وهذا ما وراء سر رأس المال.
=================
[1] See: Hernando De Soto, The Mystery of Capital: Way Capitalism Triumphs in the West and Fails Every Where Else (New York: Basic Book, 2000)
[2] يسري القانون رقم 9 لسنة 2022 بتعديل بعض احكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري اعتبارا من تاريخ 7/5/2022. رابط: https://manshurat.org/content/tdyl-bd-hkm-qnwn-tnzym-lshhr-lqry-blqnwn-rqm-9-lsn-2022 (أبريل، 2022)
[3] See: G. W. F. Hegel, Elements of the Philosophy of Right, (trans,) H. B. Nisbet (Cambridge: Cambridge University Press, 1991 [1820])
[4] انظر: عبد الرازق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الكتاب الث (الجيزة: نقابة المحامين، 2008)
[5] القانون رقم 27 لسنة 2018 بشأن تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة رابط: https://rern.gov.eg/pages/file/3 (ابريل، 2022).
[6] كارل ماركس، رأسالمال، ترجمة: فالح عبد الجبار، الكتاب الثالث (بيروت: دار بن خلدون للنشر) ص 936