للعام الثاني على التوالي خرج التابلت من منظومة امتحانات الثانوية العامة ولم يعد. وذلك بعد تعثر التجربة في الامتحانات التجريبية والتي لن تجدي مع مرحلة كالثانوية العامة. التي تعتبر مصيرية يتوقف عليها مستقبل الطلاب ومن الصعب تطبيق نظام الامتحان عبر التابلت بسبب “السيستم واقع” وتخوف مسؤولي وزارة التعليم من عمليات الغش الإلكتروني التي باتت ظاهرة مقيمة.
ورفضت وزارة التربية والتعليم خلال العام الدراسي الحالي إجراء أي اختبارات تجريبية بالتابلت لطلاب الصف الثالث الثانوي. وقررت للعام الثاني على التوالي إجراء امتحانات نهاية العام للشعب الثلاث “أدبي وعلمي رياضة وعلمي علوم” بنظام البابل شيت الورقية. والتى تعتمد على نظام الاختيار من متعدد والتصحيح الإكتروني لكي يتم توفير الوقت والمجهود ولضمان تكافؤ الفرص ودقة التصحيح والحد من التظلمات مع استمرار التقييم بالنظام الجديد الذي يعتمد على الفهم والتفكير ويبتعد عن الأسئلة المقالية.
وخرج الدكتور طارق شوقى وزير التعليم للطلاب وأولياء الأمور معلنا تأجيل امتحانات الثانوية العامة لمدة 15 يوميا ليخالف الخريطة الزمنية التي أعلنتها الوزارة في بداية العام الدراسي. والتي حددت عقد امتحانات الثانوية 11 يونيو. لكن بعد التأجيل الذي لم يعرف سببه تنطلق الامتحانات في 26 يونيو المقبل وتنتهي يوم 21 يوليو تتخللها إجازة عيد الأضحي.
منع الكتاب المدرسي
وكشف الوزير في رسالة مسجلة لأولياء الأمور والطلاب أن الاختبارات هذا العام “ورقية”. وطريقة الإجابة “بابل شيت” متطور. على أن تكون الأسئلة بنظام الاختيار من متعدد حتى يكون التصحيح إلكترونيا دون تدخل بشري.
وفي إشارة واضحة إلى فشل فكرة دخول الطلاب لجان الامتحانات بالكتب المدرسية والتي روجت لها الوزارة وسمحت بها العام الماضي قال الوزير: “لن نسمح باصطحاب الكتاب المدرسي أو أجهزة التابلت للطلاب داخل اللجان لضمان الهدوء وعدم الغش والبلبلة داخل اللجان. ولضمان تكافؤ الفرص بين الطلاب”. مشيرا إلى أن الوزارة ستسلم الطلاب ورقة مفاهيم داخل اللجان لكل مادة قام بوضعها القائمون على الامتحانات.
وأوضح أن نظام الإجابة بالبابل شيت يحتاج إلى تركيز شديد من الطالب. وهو نظام ينمي قدرات التحليل والتقويم لدى الطالب. وأسئلة امتحانات البابل شيت تقيس مستوى ما فهمه الطالب وليس ما حفظه. والأسئلة ستوضع وفقاً لنظام التقييم الجديد التي تعتمد على الفهم والتفكير وقياس المهارات ونواتج التعلم لدى الطلاب. فضلا عن أنه يكافح الغش لأن كل سؤال له وقت محدد للإجابة عنه”.
وبالنسبة للمواد غير المضافة للمجموع فسوف تعقد امتحاناتها في اللجان المدرسية يومي 20 و21 يونيو القادم وليس بالمنزل مثل العام الماضي.
الجدل حول ورقة المفاهيم
وشهد قرار الوزير منع اصطحاب “أوراق بيضاء” كمسودات وطباعة كتيب المفاهيم لطلاب الثانوية العامة حالة من الجدل بين أولياء الأمور. ففي الوقت الذي أعلنت الوزارة إتاحة كتيبات المفاهيم بأكملها لكل المواد لطلاب الصف الثالث الثانوي إلكترونيا للاطلاع عليها قبل نهاية مايو الحالي. فضلا عن تأكيد الوزير على صفحته الشخصية ردا على مطالبات أولياء الأمور في الجروبات التعليمية: “صممنا أسئلة امتحانات الثالث الثانوي من نوعية اختيار من متعدد بشكل لا يحتاج تطبيق خطوات على الورق لحلها حتى في المواد العلمية. ولذلك لن يحتاج الطلاب إلى أوراق بيضاء للإجابة”.
لكن خبراء التربية والتعليم وأساتذة كليات التربية كان لهم رأي آخر. وهو “لا بد من إتاحة مسودات للطلاب في لجان امتحانات الثانوية لكي يستطيع الطلاب ترتيب أفكارهم والوصول إلى الناتج النهائي الصحيح. ومثل هذا القرار لا يطبق حتى في الامتحانات العالمية لمواد الرياضة. حيث يتم تسليم الطلاب أوراق بيضاء وأقلام رصاص”.
بعد التابلت.. جول أوراق البيضاء
وقالت الدكتورة راندا الديب، أستاذ أصول التربية: إنه لا بد أن يتوافر لدى الطالب في مواد مثل الرياضيات والمواد التطبيقية أوراق، خاصة في الامتحانات التي تعتمد على البابل شيت. وذلك لحل الخطوات والمسائل والاستعانة بها في الحل حتى يتمكن من الوصول إلى الناتج الصحيح.
وأشارت إلى أن ورقة المفاهيم هي دليل استرشادي للطالب يمكنه من الوصول إلى القواعد والمعادلات كافة. وهي أداة هامة للوصول إلى الإجابات. وورقة المفاهيم عبارة عن كتيب للمفاهيم والصور والخرائط والقوانين والمعادلات. ولن يطلع الطلاب على ورقة المفاهيم قبل الامتحانات وتعد من المصادر الثرية التي لا بد أن يعتمد عليها الطالب قبل حل أسئلة الامتحانات.
وقال سعد إسماعيل -معلم خبير بالرياضيات- إن هذا القرار لا يصلح للتطبيق في مواد الرياضيات التي تحتاج لكتابة الخطوات من أجل أن يصل الطالب للحل النهائي ثم يختاره من الاختيارات المعروضة عليه في المسألة.
ولفت إلى أن عدم استعمال أوراق بيضاء من الجائز أن تستخدم مع الأسئلة التي تقيس قدرة الطالب على الحفظ من استكمال قوانين على سبيل المثال. أو نواتج تعلم لكن لا تصلح مطلقا مع المسائل الرياضية.
وأشار سعيد سلامة -موجه رياضيات- أن منع استخدام “الأوراق البيضاء” في لجان الامتحانات بالمراحل الثانوية يتنافى مع القدرات العقلية لأي شخص. حيث إن أقل من 5% من الطلاب فقط لديهم القدرة على ترتيب وتنظيم أفكارهم. بينما عموم الطلاب يحتاجون إلى ورقة لتدوين وترتيب أفكارهم.
وأضاف أن كراسات البوكليت كان يتم ترك مساحات بيضاء فيها كمسودات للطلاب وهو أمر متعارف عليه عالميا.
وأوضح أنه حتي الامتحانات النظرية يحتاج الطالب فيها إلى أوراق بيضاء كمسودات لترتيب أفكاره. مثال على ذلك مادة التاريخ. مضيفا أن الامتحان يجب أن تتوافر به احتياجات الطلاب لكي يكون منصفا وعادلا وفق المعايير المتفق عليها من المركز القومي للامتحانات والمتعارف عليها عالميا خاصة فى مواد الرياضيات.
نظام البابل شيت
في نظام البابل شيت يتم التصحيح الإلكتروني للامتحان عبر الماسحات الضوئية. وهو عبارة عن أسئلة الاختيار من متعدد والذي تطبقه الوزارة للعام الثاني على طلاب الثانوية العامة. رغم الدعاوى القضائية الكثيرة التي رفعها الطلاب التي تشكك في نزاهة التصحيح الإلكتروني وتشابه الاختيارات في إجابة الأسئلة.
ويعتمد نظام البابل شيت في امتحانات الثانوية العامة على الأسئلة الاختيارية وليست المقالية.
ويقوم الطالب بتسليم البابل شيت بعد تدوين وكتابة اسمه والكود الخاص به ورقم الجلوس عليها. وتعطى للطالب ورقتان. ورقة أسئلة وأخرى للإجابة تسمى “البابل شيت” مدون بها أرقام الأسئلة مثل السؤال رقم (أ) يندرج أسفله ( 1، 2، 3، 4) بدوائر ويقوم الطالب باختيار الحل من خلال التظليل على الدائرة.
نصائح الوزارة بـ”المسطرة الحديد”
وردت الوزارة على أولياء الأمور المطالبين بإلغاء نظام البابل شيت بإصدار تعليمات للطلاب للتيسير عليهم في لجان الامتحان. منها وضع المسطرة الحديد على إجابة السؤال الأول في ورقة البابل شيت. حتى لا تظلل السؤال الذي بعده لأن حجم الدوائر صغيرة.
ونصحت الوزارة الطلاب في التعليمات التي وزعتها على المدارس الثانوية بأن السؤال الذي لا تعرفه أو متردد فيه “اتركه وجاوب على الذي يليه”ّ!. “وبعد اكتمال الامتحان للمرة الأولى سترى أنك تركت أسئلة عدة فارجع إليها وأجب عنها وانظر في ساعتك التي أمامك دائماً”!.
وبالنسبة لأسئلة الاختيار من متعدد يحدد الطلاب إجابة صحيحة واحدة أو أكثر من اختيارات. ولا يتم إخبار الطلاب إذا كانوا بحاجة إلى اختيار إجابة واحدة أو إجابات عدة. ويمكنك فقط ترتيب الإجابات بشكل عشوائي بالنسبة لسؤالي “التوصيل” و”الاختيار من متعدد”.
الحالة المثالية يجب أن تعتمد امتحانات الاختيار من متعدد على العشوائية. أي يجب ألا يوجد نمط معين يدل على الإجابات الصحيحة أو الخاطئة. لكن هذه الاختبارات يكتبها بشر والطبيعة البشرية تجعل من المستحيل لأي اختيار أن يكون عشوائياً تماما.
يشار إلى أن جدول امتحانات الثانوية الذي أعلنته الوزارة كالتالي:
يؤدى الطلاب أولى امتحاناتهم يوم الأحد الموافق 26 يونيو في اللغة العربية. والثلاثاء 28 يونيو في اللغة الأجنبية الثانية. والأحد 3 يوليو في الكيمياء والجغرافيا. والثلاثاء 5 يوليو في الديناميكا والخميس 7 يوليو في اللغة الأجنبية الأولى.
ثم يحصل الطلاب على إجازة عيد الأضحى في الفترة من 9 إلى 12 يوليو. ويستأنفون الامتحانات الخميس الموافق 14 يوليو للامتحان في الفيزياء والتاريخ. ويوم الأحد 17 يوليو في الجيولوجيا وعلوم البيئة والتفاضل والتكامل وعلم النفس والاجتماع. والثلاثاء 19 يوليو في الجبر والفراغية. على أن يختتم الطلاب الخميس 21 يوليو الامتحانات بالأحياء والاستاتيكا والفلسفة والمنطق.