تتصاعد أزمة عمال شركة يونيفرسال للأجهزة الكهربائية، البالغ عددهم 3000 عامل، مع قرار الإدارة تصفية 51 عاملًا بينهم 20 من أعضاء اللجنة النقابية، على خلفية الإضراب الجاري الذي دخل يومه العاشر، احتجاجًا على تأخر صرف مستحقات العمال المالية.
وقد دعت الشركة العمال، في بيان، إلى الانتظام في العمل وعدم الانصياع وراء ما ذكرت أنه “هتافات ودعوات تضر بمختلف طوائف العاملين”. بينما وعدت العائدين لأعمالهم بصرف باقي أجر شهر مارس/ أذار المتأخر. على أن يكون ذلك يوم 24 مايو/أيار الجاري. وكذا صرف نصف أجر شهر إبريل/نيسان يوم 26. كما أشارت إلى صرف باقي شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي يوم 2 يونيو/حزيران المقبل.
واشترطت الشركة لصرف المتأخر من المرتبات استئناف العمل في الثامنة صباح اليوم الثلاثاء. وهو ما لم يستجب له العمال. وقد واجهتهم الإدارة بالتهديد بخصم أيام التوقف من الرواتب.
كما تقدمت الشركة إلى مكتب العمل وأخطرت بفصل 20 من أعضاء اللجنة النقابية بالشركة، تمهيدًا لإحالتهم إلى المحكمة العمالية، استكمالًا لإجراءات الفصل، متهمةً إياهم بالتحريض على الإضراب. وهو ما رد عليه أحد أعضاء اللجنة المفصولين. فقال في حديث لـ”مصر 360″: “فوجئنا بقرار الفصل بعد عودتنا من إجازة العيد ومنعنا الأمن من الدخول إلى المصنع، واتهمنا بتحريض زملائنا على الامتناع عن العمل.. نحن الآن ننظر قرار الجهات المختصة لتمكيننا من العودة للعمل”.
وقد تقدم العمال، الأحد، بشكوى إلى مكتب القوى العاملة – حملت رقم 1465- ومحضر إثبات حالة في قسم الشرطة برقم 2565 إداري.
إضراب “يونيفرسال”.. الحصانة مقابل الفصل
توفر اتفاقية قانون العمل رقم 135 -التي وقعت عليها مصر- الحماية القانونية لممثلي العمال النقابيين في ممارسة عملهم النقابي. فيما تحظر فصلهم بسبب هذا النشاط.
ويحدد دكتور نيازي مصطفى، العضو السابق بلجنة التشريعات بوزارة القوى العاملة، الحالات التي يمكن فيها فصل العامل في القانون. ويبين أن الفصل كعقوبة توقعها المحكمة طبقًا للمادة 68 من قانون العمل، وأن العقد يربط بين العامل وصاحب العمل، ويعطي صاحب العمل حق إنهائه حال ارتكب العامل أي من الأخطاء الجسيمة أو أخل بالتزام جوهري بالتزامات العقد. كما حدد القانون حالات إنهاء العقد حال ثبوت عدم كفاءة العامل أو مخالفته لوائح الشركة والبنود أو ارتكابه جناية.
ويقول “مصطفى” إن القانون يحصن أعضاء اللجنة النقابية من التعرض للفصل بسبب النشاط النقابي. لكن يجب التفريق هنا بين أن يكون الفصل تم لنشاط نقابي أو لارتكاب خطأ. فإذا رأت المحكمة أن الفصل جاء بسبب النشاط النقابي، يعتبر الفصل تعسفيًا وغير قانوني، وتحكم المحكمة بعودة المفصول إلى العمل. أما إذا كانت أسباب الفصل ناتجًة عن تقصير عضو اللجنة في أداء خدمته أو بسبب خطأ مباشر في عمله، كإتلاف معدة أو إلحاق ضرر فني أو تغيب عن العمل دون عذر قانوني لمدة 10 أيام متصلة أو 20 يومًا متفرقة خلال الشهر، تكون مسوغات الفصل قانونية. ذلك لأن أعضاء اللجنة النقابية عمالًا تنطبق عليهم شروط العمل واللوائح نفسها.
هل تحققت تهمة التحريض بإضراب “يونيفرسال”؟
يضيف “مصطفى” أن الامتناع عن العمل “الإضراب” حق يكفله الدستور ووسيلة مشروعة ينص عليها قانون العمل، بداية من المادة 192 إلى المادة 194. لكنه يشير كذلك إلى إجراءات تنظيمية تحكم الإضراب، لابد من اتباعها، لمنع صاحب العمل من استخدام هذا الفعل المشروع ضد منفذيه.
ويوضح أن هذه الإجراءات تشمل أن تعقد اللجنة النقابية اجتماعًا لمناقشة الإضراب، وأن يوافق عليه ثلثا الأعضاء. ثم يتم الاتفاق على زمان ومكان الإضراب. ومن ثم إخطار صاحب العمل، وإلا اعتبر مخالفة للضوابط وخطأ يستوجب الفصل طبقًا للمادة 69 من قانون العمل. مضيفًا أن جهل العمال بهذه الإجراءات لا يسقط عنهم العقوبة. ذلك طبقًا للقاعدة التي تنص على “عدم الاعتذار بجهل القانون”.
ووفق العضو السابق بلجنة التشريعات بوزارة القوى العاملة، لا يوجد إلزام قانوني على صاحب العمل، بإخطار الجهات الرسمية بفصل العمال أو أعضاء النقابة. كما أن للعمال حقا باتخاذ الإجراءات القانونية ضده ورفع دعوى قضائية بالعودة للعمل. كما أن لهم الحق في التقدم بشكوى إلى منظمات العمل الدولية، ويستطيع أعضاء اللجنة التوجه إلى الاتحاد الدولي، لأنه ذو ثقل وبإمكانه اتخاذ إجراءات تضامنية ووضع محاذير على منتجات الشركة محل الشكوى لو كان صاحب العمل لديه أعمال في دول أخرى وأثبت تعسفه بحق العمال.
الشكوى الدولية والإضرار بسمعة البلد
ويقوم العمل النقابي على التضامن العمالي، بمعنى أن اللجنة جزء من النقابة العامة، والأخيرة بدورها جزء من الاتحاد العام، وهو بدوره جزء من اتحادات دولية فاعلة قد تُصعد الشكوى بإجراءات أشد.
يقول “مصطفى”: “إن شكاوى العمل الدولية لها تأثير سلبي على سمعة البلد الذي وقع انتهاك بحق عماله. خاصة إذا ما كان هذا البلد موقع على اتفاقيات دولية تحمي العمالة. وهو أمر قد يصل إلى حد وضع الدولة على القائمة القصيرة “السوداء”. إلا إذا تبين أن الانتهاك وقع من صاحب العمل.
مساع لحل الأزمة
وعن حالة عمال “يونيفرسال”، يقول خالد الفقي، رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية، إن هناك إجراءات تفاوضية تتخذها النقابة بالتعاون مع وزارة القوى العاملة لإعادة العمال المفصولين إلى أعمالهم. مضيفًا أن ذلك يتم بالتواصل مع صاحب الشركة، الذي طالب العمال بإنهاء الإضراب والعودة إلى العمل والإنتاج للوفاء بالتزامات وتعاقدات العمل. وهو يتفق مع ضرورة الاحتكام إلى طاولة المفاوضات.
يقول أحد أعضاء اللجنة النقابية المفصولين بـ”يونيفرسال”، إن صاحب المصنع وعد بصرف باقي مرتب شهر مارس/أذار الماضي، قبل إجازة عيد الفطر. لكنه صرف 200 جنيه فقط. ما زاد -على حد قوله- من حالة الاحتقان بين العمال الذين طالبوا بصرف باقي مستحقاتهم لتدبير شؤون أسرهم، ولم تستجب لهم الإدارة رغم حصولها على قرض بقيمة 3 ملايين دولار من صندوق دعم الصادرات بناءً على هذه الوعود. وقد هدد العمال بالتصعيد حال استمرار قرار فصل أعضاء اللجنة النقابية، وتقديم شكاوى لمنظمات العمل الدولية.
إضراب “يونيفرسال”.. التنصل من الوعود
يؤكد شعبان خليفة، رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، شكوى عمال “يونيفرسال”. فيقول إنه بعد إجراء مفاوضة جماعية وصياغة جدول زمني لصرف مستحقات العمال المتأخرة كاملة، لم تلتزم الإدارة بتنفيذ الوعود. ذلك رغم أنها تمت عن طريق وزارة القوى العاملة وبضمانها.
ويشير خليفة، في تصريحات لـ”مصر 360″، إلى أن الاتفاق تضمن جدولة المرتبات المتأخرة للعمال وصرف جزء من المبالغ القديمة مع الشهور الجديدة، وتم تحرير مذكرة بذلك، قدمت إلى مجلس الوزراء والبنك المركزي لإنهاء قرض خاص بالشركة، تفاديًا لأزمة التعثر، بناءً على طلب صاحب العمل. ذلك بعد أن استنفد رصيده من صندوق الطوارئ بالوزارة.
ويرى “خليفة” أن أصحاب الأعمال يضربون بالقانون عرض الحائط، بحجة التعثر. ثم يبدأون في تسريح وتشريد العمال لتخفيض النفقات. ذلك بالمخالفة للقانون والدستور. وهو يطالب بمعالجة هذه الأزمة، وتحقيق الأمان الوظيفي.