نقلت وزارة الداخلية، اليوم الأربعاء، وبشكل مفاجئ، الناشط علاء عبد الفتاح من محبسه في سجن (العقرب) طرة شديد الحراسة إلى “مركز الإصلاح والتأهيل” في وادي النطرون. وقد أكدت الخبر أسرته والسفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان. الأمر الذي بدا وكأنه تخفيفًا مُنح للناشط الذي اشتكى محاميه من تعرضه للتضييق طوال سنوات احتجازه السابقة. وهو ما يفرض أيضًا التساؤل حول إمكانية حصول “عبد الفتاح” عن عفو رئاسي وشيك، يتزامن مع الدعوة لإطلاق الحوار السياسي والانفراجة البادية في تعامل الدولة مع المعارضة.

في 14 مايو/أيار الجاري، تقدمت 500 من الأمهات والسيدات بطلب إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان لبذل كل الجهود الممكنة للإفراج عن “عبد الفتاح” الذي يقضي حكمًا بالسجن 5 سنوات، منذ سبتمبر/أيلول 2019، مدانًا بنشر أخبار كاذبة. بينما أشار بيان للمجلس إلى ما يواجهه “عبد الفتاح” من خطر صحي كبير في ظل إضرابه عن الطعام المتواصل لليوم الـ47 على التوالي.

“العقرب” الأكثر حراسة بين سجون مصر

يعد طرة أو “سجن العقرب” أحد أشهر وأكثر سجون مصر حراسة على الإطلاق. تم إنشاؤه عام 1928، بهدف تخفيف الزحام الذي شهده سجن “أبو زعبل”. وذلك بقرار من مصطفى النحاس باشا، وزير الداخلية آنذاك. وقد توسع لاحقًا وبات يضم 7 سجون، أبرزها: “المزرعة، وليمان، والاستقبال، وشديد الحراسة الشهير بالعقرب”. وهو الأشهر بين نظرائه من السجون المصرية. واستغرق بناؤه عامين، ليتم الانتهاء منه في 30 مايو/أيار 1993.

كذلك يضم السجن مستشفى صغيرًا، يطل على حديقة تعرف بـ”العنبر”. وهو مخصص للمحكوم عليهم في قضايا فساد.

ترتفع أسوار السجن لنحو 7 أمتار، مزودة بكاميرات مراقبة تعمل على مدار اليوم. بالإضافة إلى عدة أسوار متتالية تفصل بين أقسام السجن المختلفة.

علاء عبد الفتاح.. و”طرة” الذي أرهقه

طوال فترة احتجازه، توالت محاولات واستغاثات أسرة علاء عبد الفتاح، مطالبة بتحسين ظروف احتجازه والإفراج عنه. وكان أحدثها إعلان الأسرة حصوله على جواز سفر بريطاني. ذلك في محاولة للضغط في سبيل الإفراج عنه.

ووفق بيان الأسرة الذي صدر إبريل/نيسان الماضي، فقد تقدمت والدته الدكتورة ليلى سويف بطلب إلى السلطات البريطانية لحصوله على الجنسية في عام 2019 كون والدته “ولدت في لندن عام 1956 أثناء رحلة عمل أكاديمي لوالدتها”. ليُطالب علاء -الذي بدأ إضرابًا عن الطعام في الثاني من إبريل/نيسان الجاري مع بداية شهر رمضان- بتمكينه من تلقي مساعدة من السلطات البريطانية، لإنهاء إضرابه عن الطعام.

قبل أسبوع، أعلن المحامي الحقوقي خالد علي أنه سيتقدم ببلاغ إلى النائب العام بشأن تعرض موكله علاء عبد الفتاح لـ”التعدي بالضرب من نائب مأمور سجن شديد الحراسة 2 بطرة”، أثناء فترة إضرابه عن الطعام اعتراضًا على ظروف حبسه.

وعبر حسابه على “فيسبوك”، قال: “النهاردة اليوم الـ 41 (الخميس 13 مايو/أيار الجاري) لإضراب علاء عن الطعام بمحبسه بسجن شديد الحراسة 2 بطرة، والدكتورة ليلى سويف (والدته) كانت بتزوره النهاردة وعلمت منه أن نائب مأمور السجن تعدى عليه بالضرب. النهاردة هنقدم بلاغ بالواقعة أون لاين، ويوم السبت (أمس) هنقدمه لمكتب النائب العام”.

اقرأ أيضًا: علاء عبد الفتاح يهدد بالانتحار في محبسه.. وأسرته تطالب بتطبيق القانون

3 أسباب للشكوى من “طرة”

وفي منشوره بشأن وضع عبد الفتاح، قال خالد علي: “إذا كان المطلوب أن يستمر علاء مقيد الحرية كمان خمس سنوات في السجن تنفيذًا لهذا الحكم، فعلى الأقل يتم نقل علاء من هذا السجن لأسباب عدة”.

وقد أتى على ذكر هذه الأسباب، فقال إن أولها كونه قضى 5 سنوات على ذمة اتهامه بالتظاهر في سجن عنبر الزراعة.

“كان فيه بعض المشاكل مع سجن عنبر الزراعة. لكن بالتحاور مع إدارة السجن تارة وتقديم بلاغات وشكاوى تارة أخرى الأمر كان فى النهاية بيتحل ونفذ العقوبة. فلماذا لا يقضى هذه المدة الأخيرة بعنبر الزراعة وليس شديد الحراسة 2؟” يتساءل خالد علي.

وأشار إلى كون علاء وأسرته قدموا شكاوى عديدة ضد إدارة سجن شديد الحراسة 2، منذ اليوم الأول لدخوله. “حيث ذكر علاء فى أول تحقيق معه أنه تعرض لتشريفة ضرب وسب”.

وفي ذكر السبب الثالث للمطالبة بنقل علاء من مقر احتجازه أنه غير متهم بحمل سلاح أو بأي أعمال عنف وقتل أو تفجير. ولكن نشر بوستات. وبالتالي فلا يحتاج لسجن شديد الحراسة. خاصة وأن كل المدد التى قضاها سابقًا كانت في سجون عادية.

اقرأ أيضًا: الجنسية البريطانية.. ورقة علاء عبدالفتاح الأخيرة لنيل حريته

كيف وصل علاء عبد الفتاح إلى “العقرب”؟

بدأ علاء عبد الفتاح مشواره السياسي في 20 مارس/آذار 2004. عندما أطلق مع زوجته مدونة تحت عنوان “دلو مليء بالمعلومات” أو “دلو معلومات منال وعلاء”، لتغطية الأخبار كدعم للصحافة الشعبية، والتي فازت بجائزة منظمة “مراسلون بلا حدود”. بعد ذلك بعامين، كان الإعتقال الأول في 7 مايو/أيار 2006 أثناء وقفة احتجاجية من أجل استقلال القضاء المصري. ثم انتقل علاء مع زوجته للعيش في جنوب أفريقيا عام 2008.

ومع اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ظهر علاء كأحد رموز شباب الثورة. وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول قررت النيابة العسكرية حبسه. وكان ذلك على خلفية اتهامه بالتحريض والاشتراك في التعدي على أفراد القوات المسلحة وإتلاف معدات عسكرية والتظاهر والتجمهر وتكدير الأمن والسلم العام في “أحداث ماسبيرو”. ثم حُوِّل لاحقًا إلى نيابة أمن الدولة العلي. ليولد ابنه الأول “خالد” أثناء استمرار سجنه على ذمة التحقيق.

ورغم تأييده المرشح الإخواني محمد مرسي في مواجهة الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية 2012. لكنه عارض مرسي في عدد من القضايا كما انضم إلى التظاهرات التي طالبت بسقوط نظامه. وفي25 مارس/آذار 2013 أمرت النيابة العامة بمنعه من السفر بتهمة “التحريض على أحداث عنف”. وبعد إسقاط نظام الإخوان في 3 يوليو/تموز 2013. اعتقل علاء في 28 نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة التحريض على التظاهر ضد الدستور الجديد أمام مجلس الشورى. وأعيد اعتقاله مرة أخرى عام 2014 مع شقيقته سناء أثناء مشاركتهما في إحدى التظاهرات.

وفي 23 فبراير/شباط 2015 صدر حكم على علاء بالسجن لمدة 5 سنوات بتهم التظاهر دون تصريح. فيما حكم على شقيقته سناء بالحبس عاما ونصف العام. بتهمة نشر معلومات كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وإهانة ضابط شرطة أثناء أداء مهامه. ليخرج في مارس/آذار 2019 شريطة أن يوضع تحت المراقبة لمدة 5 سنوات أخرى. لكن في 29 سبتمبر/أيلول، أعيد اعتقاله مرة أخرى ضمن حملة اعتقالات واسعة. واتهم بنشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.

الرئيس والحوار والانفراجة

في أواخر إبريل الماضي، وخلال تفقده حصاد القمح في منطقة توشكى، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى حوار سياسي يجمع المعارضة بالدولة، دون تمميز. فقال إن “مصر في حاجة إلى حوار سياسي يتناسب مع بناء الجمهورية الجديدة”. فيما استقبل بعدها بيومين خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، رموزًا للمعارضة. وقد برز في هذه الليلة ترحيبه بالمرشح السابق للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي. وكذا الحديث الذي دار بين الرئيس ورئيس حزب الدستور السابق خالد داوود. الأمر الذي ربطه كثيرون بالإفراج اللاحق عن مدير حملة صباحي الانتخابية حسام مؤنس، بعفو رئاسي منفرد.

وقد أعقب ذلك لقاءات عدة بين الأحزاب ورموز المعارضة، التي استقبلت دعوة الرئيس بالترحيب وبعض ترقب لما قد يسفر عنه الحوار الذي لم يتحدد موعده بعد، والمفترض أن يتلقى الرئيس تقارير بشأن مخرجاته بشكل مباشر.

اقرأ أيضًا: العفو منفرد وليس أول العلامات.. دلالات الإفراج عن حسام مؤنس