بينما تسجل تنمية سيناء أرقامًا قياسية جديدة، لا تزال هناك العديد من التحديات أمام الحكومة والشعب المصري. الأول هو الإرهاب المستمر في شمال سيناء، والذي ازداد في الأشهر الأخيرة ولا يزال يحصد خسائر فادحة في صفوف الجيش والسكان المحليين.
يرى المحللان الإسرائيليان، جوني عيسى وعوفير وينتر. أنه بينما تستمر عمليات التنمية، تحاول الحكومة المصرية “التباهي داخل الرأي العام المصري بجهودها لمحاربة الإرهاب من جهة، وتطوير شبه جزيرة سيناء لسكانها من جهة أخرى”. وضربا مثالًا بمقطع فيديو عُرض في منتدى شباب العالم في يناير/كانون الثاني 2022 بشرم الشيخ. يُظهر ملحمة البناء في سيناء والتنمية غير المسبوقة. فضلاً عن الفرص الأمنية والاقتصادية الممنوحة لسكان سيناء. وقالا في تحليل نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: بالمثل، فإن متحف شرم الشيخ، الذي تم افتتاحه في عام 2019. يسلط الضوء بشكل إيجابي على قبائل سيناء، كجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري.
وأوضح الباحثان أن الرئيس المصري “يرى الحرب على الإرهاب في سيناء حجر الزاوية لاستقرار مصر. حيث أنفق الجيش حتى الآن 84 مليار جنيه لمكافحة التهديد”. وفقًا لتقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فقد انخفض عدد الهجمات الإرهابية في سيناء من 330 عام 2016 إلى 43 عام 2018.
وبعد زيادة طفيفة في 2019-2020، تراجعت الهجمات الإرهابية مرة أخرى خلال عام 2021. يُعزى الباحثان بعض هذا التطور الإيجابي إلى التعاون بين القوات المسلحة ورجال القبائل البدوية، بما في ذلك الترابين والسواركة والرميلات. والذين انضموا للقتال إلى جانب الجيش المصري لمحاربة الإرهاب. على الرغم من أن هذه القبائل غالبًا ما تفتقر إلى التدريب العسكري الرسمي. وبالتالي، تواجه صعوبة في التعامل مع الجماعات الإرهابية المدربة.
اقرأ أيضا: بعد مقتل 18 عنصرًا.. ماذا وراء التصعيد الإرهابي في سيناء؟
تحديات تنمية سيناء
أدى الوجود الكثيف لقوات الجيش والأمن في سيناء بشكل عام إلى منع شن هجمات على نطاق واسع. معظم الحوادث الموجودة الآن تقتصر على عمليات اختطاف أو إطلاق نار ولا تتجاوز الحدود الجغرافية لشمال شرق سيناء ومناطق الشرق الأوسط.
مع ذلك، على الرغم من النجاح النسبي الذي حققته مصر في الحد من الهجمات واحتواء التهديدات. إلا أن تذكيرًا أخيرًا بأن الإرهاب لا يزال عبئًا كبيرًا حدث في 7 مايو 2022، حيث هاجم الإرهابيون محطة رفع المياه شرق المنطقة الاستراتيجية الاقتصادية لقناة السويس. والذي أسفر عن مقتل ضابط وعدد من الجنود.
التحدي الثاني -وفق جوني وعوفير- هو التأثير السلبي للحرب على الإرهاب على التجمعات البدوية في شمال سيناء. يقولان: “في حين أن هناك نقص في التغطية الإعلامية المحايدة للتطورات على الأرض، تشير التقارير الدولية إلى انتهاكات حقوق الإنسان، والإجلاء القسري، وتهجير المجتمعات المحلية.
أضافا: في وقت سابق، اتهمت Human Rights Watchومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان الجيش بارتكاب “عمليات قتل خارج نطاق القضاء ضد أشخاص غير مسلحين” ، وكذلك “إطلاق نار وتفجيرات عشوائية. وإخلاء قرى وبلدات بأكملها واحتلالها لمحاربة الإرهابيين”. وبحسب العديد من التقارير، فإن سكان شمال سيناء -الذين عادوا إلى القرى التي أجبروا على إخلائها- وجدوها في حالة من الفوضى الكاملة”.
التحدي الثالث ذو الصلة هو الحصول على دعم المجتمعات البدوية لدعم خطط التنمية الوطنية. “وبينما تسلط الصورة التي يقدمها النظام الضوء على إعادة إعمار شمال سيناء، فإنها لا تعكس دائمًا حقيقة الدمار والخراب كما يعيشها جزء من السكان الأصليين. ولا تزال الجهود المبذولة في المناطق المنكوبة متخلفة، ولا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به”.
الترويج لسيناء أكثر حيوية
يزعم الباحثان من خلال تحليل المشاريع والأموال المخصصة، أن تركيز الدولة “ينصب على هدف تحقيق الرخاء لجميع أنحاء مصر، بدلاً من المجتمع البدوي”. حيث تخطط الحكومة لإنشاء مدن جديدة، ونقل ما لا يقل عن 3 ملايين مواطن إلى سيناء في المستقبل القريب، وتأمل في نهاية المطاف زيادة عدد سكان سيناء إلى 8 ملايين. “قد تؤثر هذه الخطط بشكل كبير على الحياة التقليدية للمجتمعات البدوية في شبه الجزيرة -حوالي 600000 مواطن- نتيجة لذلك، لا تدعم جميع المجتمعات البدوية خطط النظام وترى نفسها ملتزمة بنجاحها.
وتابعا: “تدعم الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة في مصر هدف الترويج لسيناء أكثر حيوية. ومع ذلك، لا توجد تقارير واضحة تتعلق بالأموال اللازمة لإكمال هذه المشاريع الطموحة. وغالبًا ما لا توجد صورة واضحة للتسلسل الهرمي، أو ترتيب انتقائي للمشاريع التي بدأتها مختلف الجهات المتنافسة.”
وبينما تتطلب تنمية سيناء إرادة سياسية وآلية تمويل واضحة تضمن تدفق الأموال. على المدى الطويل من الحكومة، وكذلك من المصادر الأجنبية، حتى في أوقات الأزمات. تسببت التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد -19 في تدهور الوضع المالي في مصر، وأدت إلى توقف وتأجيل استكمال العديد من المشروعات. أيضا، قد يؤثر الغزو الروسي لأوكرانيا بشكل أكبر على تدفق الأموال إلى المشاريع المدعومة من روسيا في سيناء، لا سيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
اقرأ أيضا: بالفيديو.. حكاية 6 مسلحين من شمال سيناء أسقطوا “خلية الأميرية”
التداعيات على قطاع غزة وإسرائيل
يشير الباحثان الإسرائيليان إلى أن مصر في الفترة الأخيرة أصبحت أكثر استعدادًا من ذي قبل للعب دور نشط في إعادة إعمار غزة وتنميتها. وذلك من أجل تعزيز مصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية. علاوة على ذلك، فإن بعض مشاريع تنمية شمال سيناء لديها القدرة على تخفيف المشكلات الأساسية في قطاع غزة أيضًا.
مثلًا، في مجال النقل، قد يتيح التوسع الحالي لموانئ العريش البحرية والجوية إمكانية تصدير واستيراد البضائع من وإلى غزة. وبالمثل، فإن إنشاء مرافق تحلية المياه بالقرب من العريش -والتي من المتوقع أن تجلب المياه إلى رفح- قد تعبر الحدود وتساعد سكان غزة على معالجة نقص موارد المياه لديهم. أما بالنسبة لقطاع الطاقة، فإن الخطط المصرية لبناء منشأة لتوليد الكهرباء في العريش، قد تلبي بعض الاحتياجات الفلسطينية. وفي نفس الوقت تعزز استراتيجية مصر في أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة لجيرانها. وقد يؤدي إنشاء مناطق صناعية بالقرب من حدود رفح، إلى خلق فرص عمل. وزيادة التجارة المتبادلة بين الجانبين، وكذلك تقليل التجارة غير المشروعة.
وأضافا: إسرائيل -من جانبها- لديها مصلحة في مشاريع التنمية المصرية. التي تعزز الحكم الرشيد والاستقرار والرفاهية عبر حدودها الجنوبية، مع كل من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. وبالتالي، من الأفضل تشجيع المانحين الدوليين والإقليميين على تقديم حوافز اقتصادية لمصر. لتكييف بعض عناصر استراتيجيتها التنموية في شمال سيناء مع احتياجات قطاع غزة.
وعلى المستوى الثنائي، يجب على إسرائيل ومصر العمل معًا على توسيع علاقاتهما الاقتصادية في سيناء. في مجالات مثل السياحة والزراعة والطاقة. في الوقت نفسه، يجب على كلا البلدين أيضًا تعزيز تعاونهما العسكري ضد داعش وحماس والتهديدات المحتملة الأخرى. التي يمكن أن تقوض الأمن في شبه جزيرة سيناء، وتردع استثمارات رأس المال الأجنبي، وتحجب جهود التنمية الحالية.