على مدار حلقتين كاملتين نشرتا بـ”مصر 360“، رصد الباحثان أحمد صوان وسارة الأمين أوضاع العمالة الأجنبية في الإمارات. وهي واحدة من أغنى الدول على وجه الأرض، يتمتع فيها المواطن بنصيب من الناتج المحلي الإجمالي من بين أعلى المعدلات في العالم.

وقد نقل الباحثان، في ورقة سياسات جديدة صدرت عن مركز التنمية والدعم والإعلام (دام)، أرقامًا وحقائق موثقة، جرى تداولها عبر مؤسسات دولية، حول الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة في الدولة العربية الوحيدة، التي استحدث نظامها وزارة خاصة للسعادة.

للاطلاع على ورقة دام كاملة..

نسبة العمالة الأجنبية في الإمارات

بلغ عدد سكان المواطنين الإماراتيين -عدا الوافدين الأجانب- حوالي مليونين و700 ألف نسمة. وتقدر نسبة الإماراتيين الأصليين وفق أعدادهم مقارنة بإجمالي عدد السكان حوالي 30%. أما عدد سكان الإمارات من جنسيات أجنبية في عام 2020 فقد وصل إلى حوالي 6 مليون و600 ألف نسمة. وتمثل نسبة الوافدين الأجانب في العام نفسه حوالي 70% من عدد سكان الإمارات الإجمالي. ذلك وفق مركز الإحصاء الاتحادي الذي يعمل في ظل الحكومة الإماراتية.

ورغم ذلك، وبحسب تقارير عديدة لوسائل الإعلام، ونشطاء حقوق الإنسان، الدوليين ومنظمات الحقوق والأكاديميين، يمكن أن يتعرض العمال المهاجرون من ذوي الدخول المنخفضة في الإمارات للفقر. فضلًا عن الظروف الصعبة، وانتهاك الحقوق، حسبما يذكر تقرير معهد أبحاث الجامعة الأوروبية.

ففي واقعة وصفتها الصحف العالمية بأنها “نادرة”، نظّم عمال توصيل في الإمارات إضرابا عن العمل يوم الاثنين 9 مايو/ أيار 2022. مطالبين بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل. ونقلت رويترز عن مجموعة من سائقي شركة “طلبات”، أن إضرابًا نظمه عمال التوصيل في شركة أجنبية، شجعهم على التحرك للمطالبة بتحسين أوضاعهم.

ولم يكن الإضراب هو أول ما يُشير إلى تردي أوضاع العمالة خاصة -الآسيوية- في البلاد التي استحدثت “وزارة السعادة” من أجل رفاهية مواطنيها. فقد رحّلت حكومة الإمارات في عام 2013 عدة مئات من عمال البناء في جزيرة السعديات بشكل تعسفي. ومنعتهم من دخول البلاد لمدة سنة، لأنهم مارسوا حقهم في الإضراب. كما أن ظروف المعيشة والعمل المؤسفة هذه تعتبر مسؤولة جزئيا عن زيادة معدل الانتحار بين هؤلاء العمال.

المنظمات الإنسانية: الوضع كارثي

يتطرق الباحثان إلى ما ذكرته المنظمات الإنسانية بشأن أوضاع العمالة في دولة السعادة العربية. وقد رصدت التقارير الأجور المتدنية والبيئة الخطرة التي تعيشها العمالة العربية في معظم دول الخليج ومنها الإمارات، دون أي حماية قانونية.

وفي تقرير صدر عن هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch عام 2006 بعنوان “بناء الأبراج.. خداع العمال”، رصدت المنظمة الأوضاع القاسية لعمال البناء المهاجرين الذين تنتهك حقوقهم. خاصة فيما يتعلق باستغلال أصحاب العمل لهم، والانخفاض الشديد للأجور، وحجبها عن العمال لمدة شهرين على الأقل، ولجوء أرباب العمل لمصادرة جوازات سفرهم كضمان لمنعهم من ترك العمل.

فبعد أن تتراكم على العمال الديون الباهظة المستحقة لمكاتب التشغيل في أوطانهم، لتغطية نفقات التأشيرات والسفر، يجدون أنفسهم مضطرين للبقاء في وظائفهم مع العمل في بيئة محفوفة بالمخاطر، في بناء المباني المرتفعة، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفاة والإصابة بينهم.

وتؤكد روثنا بيجوم، الباحثة في Human Rights Watch.  أنه على الرغم من أن الدعارة محظورة في الإمارات. لكن الدعارة القسرية لا تزال تمثل مشكلة واسعة الانتشار في البلاد، ويرجع السبب في ذلك بدرجة كبيرة إلى نظام الكفالة. حيث تُغرى الشابات الضعيفات في الإمارات بعروض وظائف محترمة، ثم يُجبرن على العمل الجنسي المستغل.

استغلال المهاجرين في إكسبو 2020

في فبراير/شباط، الماضي. نشرت صحيفة Independent البريطانية، تقريرًا تضمن مزاعم بشأن “استغلال العمال المهاجرين” في معرض إكسبو 2020. وقال التقرير إن العمال المهاجرين في المعرض -الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات- يواجهون “استغلالًا وتمييزًا عنصريًا على نطاق واسع”، ووفقًا لتقرير أعدته شركة “Equidem” للاستشارات ومقرها لندن. قال العمال، ومن ضمنهم حراس الأمن، وموظفو الحانات وعمال النظافة. إنهم “أُجبروا على دفع رسوم توظيف غير قانونية، وتعرضوا لمصادرة جوازات سفرهم وحجب رواتبهم”.

أفاد الاستطلاع أن العشرات من النساء والرجال من أفريقيا وجنوب آسيا. أفادوا أنهم تعرضوا للتمييز العنصري أو التنمر، وانتهاك حقوقهم، والتي تشير أيضًا إلى العمل القسري. ونقل عن عامل هندي يعمل في مقهى في إكسبو 2020 قوله: “هذا متعب جدا. أعمل من الصباح الباكر حتى المساء. لم أتلق نهائيا أجرا على العمل الإضافي من صاحب العمل”. وأضاف: “الطريقة التي يعاملون بها الموظفين مثل العبيد، أعني عبودية العصر الحديث”.

وفي دراسة أخرى نقلتها الصحيفة. صدرت في 2 فبراير/شباط. قيل إن التمييز العنصري وممارسات العمل القسري منتشرة في إكسبو. تضمنت الدراسة، التي تحمل عنوان “التمييز وممارسات العمل الجبري في إكسبو 2020 دبي”. مسحًا بين المهاجرين من ذوي الدخل المنخفض، من العاملين في قطاعي الضيافة والبناء في دبي.

وجاءت نتائج الدراسة لتشير إلى أن 50% من العمال الذين تمت مقابلتهم يعتبرون عبء عملهم ثقيلا للغاية بالنسبة للدخل. و66% من العمال الذين تمت مقابلتهم، و27% من الإناث الذين تمت مقابلتهن أبلغوا عن إجازات مرضية غير مدفوعة الأجر. كما يضطر كثير منهم إلى القيام بأكبر قدر ممكن من العمل الإضافي، للتعويض عن انخفاض الراتب الأساسي. خاصة للعاملين في قطاع البناء والسائقين. ويعتبر عدم دفع أجر العمل الإضافي شكلا متكررا من أشكال الاستغلال.

الوجه الآخر للإمارات

في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كشفت قناة RTS السويسرية الناطقة بالفرنسية -في برنامج “نقطة نظام”- ما أطلقت عليه “الوجه الآخر لبلد وزارة السعادة”. مُبرزة اضطهاد العمال الأجانب، الذين يعانون من الاستغلال، ويُكابدون ظروف قاسية.

وأشارت القناة إلى أن الأبراج الشاهقة، والمباني الفخمة، والمنشآت المتخمة بالرفاهية، التي شيّدها ملايين العمال الأجانب، القادم معظمهم من بلدان شبه القارة الهندية هروبا من البؤس ورغبة في تحسين ظروف معيشة أسرهم. لكنهم، تحدثوا إلى مراسلي القناة عن ظروف عمل قاسية، ومعاناة، واستغلال يتعرّضون له.

وفي تسجيل مصوّر ظهر خلال البرنامج في إحدى حظائر البناء بمدينة أبو ظبي، عمال قالوا إنهم يعملون لمدة 10 ساعات مقابل 100 فرنك سويسري -101 دولار- إلى 200 فرنك سويسري يحصلون عليها في آخر الشهر.

لهذا السبب، اعتقلت السلطات الإماراتية فريق القناة الذي جاء لتغطية افتتاح متحف اللوفر- أبو ظبي. وقالت القناة إن قوات الأمن الإماراتية احتجزت المراسل والمصور لأكثر من 50 ساعة، دون السماح لهما بالاتصال بالعالم الخارجي. مضيفة أنهما تعرضا لاستجوابات استمرت في بعض الأحيان 10 ساعات متواصلة. كما عُصبت أعينهم أثناء نقلهم إلى منشآت مختلفة، وصودرت الكاميرات وأجهزة الكمبيوتر وأقراص التخزين وغيرها من المعدات.

وبحسب القناة، أرادت سلطات أبو ظبي معرفة سبب التقاطها صور للسوق وبدا أنها منزعجة من تصوير السويسريين للعمال المهاجرين. كما قاموا باستجوابهم حول تعاونهم مع المنظمات غير الحكومية.