يبدو أنه عام السعد بالنسبة لعشاق نادي ميلان الكبير بإيطاليا، فبعد سنوات عجاف طويلة وصلت لـ11 سنة. عاد الروسونيري من جديد للواجهة ومن الباب الكبير وفاز بلقب الدوري الإيطالي “الاسكوديتو”. بعد واحد من أكثر المواسم إثارة في تاريخ البطولة العريقة. ليضع النادي اللومباردي بهذا اللقب حجر الأساس لحقبة جديدة من تاريخه.

وتوج ميلان بلقبه الـ19 في تاريخ المسابقة بعد هذا التتويج. معادلا رصيد جاره ومنافسه الأزلي إنتر ميلان من الألقاب في البطولة. فيما يتصدر يوفنتوس السجل الذهبي للاسكوديتو برصيد 36 لقبًا.

وبعد عشرة مواسم غاب فيها ميلان عن منصة التتويج باللقب، لم يكن الطريق هذه المرة مفروشًا بالورود. خاصة في ظل المنافسة القوية من جاره انتر الذي توج باللقب في الموسم الماضي. وأنهى هذا الموسم في مركز الوصيف للمرة الـ16 في تاريخه، معادلاً بهذا رصيد ميلان نفسه في مركز الوصيف.

الروسونيري يستعيد بريقه الفني

بعد تسعة مواسم احتكر فيها يوفنتوس اللقب، استعاد قطبا ميلان بريقهما في الدوري الإيطالي من خلال الموسمين الماضي والحالي. الذي انتهى مساء الأحد بتتويج الروسونيري باللقب، فقد بدأ الفريق الأحمر والأسود الشهير مساعيه الحقيقية لاستعادة البريق في المسابقة خلال الموسم الماضي. والذي أنهاه في المركز الثاني خلف إنتر ثم توج الفريق جهوده في الموسم المنتهي الأحد بإحراز اللقب الغالي.

وعلى مدار الموسم الحالي وبفريق يبلغ متوسط أعمار لاعبيه 26:8 عام فقط. برهن ميلان أنه يمتلك شخصية البطل الحقيقي الذي يجمع بين عناصر الخبرة والمواهب الشابة. ما يعني أن الفريق لديه القدرة على الاستمرار في المنافسة بقوة على مزيد من الألقاب لسنوات مقبلة.

ويعد تتويج ميلان هذا الموسم هو أول لقب له منذ 1976 يومًا. وبالتحديد منذ إحراز لقب كأس السوبر الإيطالي في 23 ديسمبر 2016 بالفوز على يوفنتوس وقتها.

وحصد النادي اللومباردي بقيادة مديره الفني الرائع ستيفانو بيولي هذا الموسم 86 نقطة. وهو أعلى رصيد للفريق في مسابقة الدوري بأي موسم للبطولة منذ الثمانينيات. ومنذ تطبيق نظام منح الفائز في المباراة ثلاث نقاط.

كما حقق الفريق 26 انتصارًا في المسابقة هذا الموسم للمرة الأولى منذ 16 عامًا. كما أنها المرة الرابعة فقط في تاريخه التي يحقق فيها 26 انتصارًا على الأقل بموسم واحد في الدوري الإيطالي.

ووصل الفريق إلى الجولة الأخيرة من المسابقة مساء الأحد، وهو يتفوق على إنتر بفارق نقطتين فقط ما يعني تعرضه لضغط كبير في الجولة الأخيرة. لكن وبرغم هذا حسم الميلان اللقب بجدارة من خلال ثلاثية نظيفة في شباك مضيفه ساسولو. علمًا بأن التعادل كان كافيًا له في ظل تفوقه على النيراتزوري إنتر 3-2 في نتيجة المواجهات المباشرة بينهما هذا الموسم.

شخصية البطل ولدت من جديد

لم تكن هذه هي المرة الأولى في هذا الموسم التي برهن بها ميلان على امتلاك الفريق لشخصية البطل. والقدرة على اجتياز المواقف الصعبة حيث نجح الفريق على سبيل المثال في قلب تأخره بهدفين نظيفين في الشوط الأول إلى فوز ثمين 3-2 على ضيفه فيرونا. في الجولة الثامنة من المسابقة ليحافظ الفريق على سجله خاليًا من الهزائم في أول 12 مباراة. بواقع 11 انتصارًا وتعادل واحد بموسم الدوري المحلي.

كما كرر الفريق هذا في مباراة مهمة للغاية عندما قلب تأخره بهدف نظيف في الشوط الأول. إلى فوز ثمين على مضيفه لاتسيو في الجولة 34، ليحافظ على صدارته لجدول المسابقة في المراحل الصعبة والحاسمة.

وخلال مباراة ديربي ميلانو أمام جاره العنيد إنتر في فبراير الماضي. كان “الأفاعي” متقدمًا بهدف نظيف حتى قبل ربع ساعة فقط من نهاية اللقاء، لكن الفرنسي أوليفيه جيرو سجل ثنائية في غضون أربع دقائق ليحقق ميلان الفوز الثمين.

مشوار عظيم وتركيز شديد على اللقب

برغم التعادل مع ساليرنيتانا وأودينيزي الذين عرقلوا انطلاقة الفريق في مباراتين، أثارا كل الجدل بسبب بعض الأخطاء التحكيمية، لم يستسلم ميلان وواصل رحلة البحث عن اللقب.

وخلال مسيرته نحو منصة التتويج، اعتلى ميلان الصدارة منفردًا أو بالشراكة مع منافسه في 24 جولة من 38 جولة في المسابقة، فيما اعتلى إنتر الصدارة منفردًا أو بالشراكة معه في 10 جولات فقط.

وبعدما اعتمد الفريق كثيرًا في الماضي على قوة خط الدفاع، تميز ميلان في الموسم المنتهي حديثًا بالتوازن بين الدفاع والهجوم، وكان الفريق صاحب أكبر عدد من الانتصارات بين جميع فرق المسابقة، وإن كان قد حل رابعًا في قائمة الأكثر تهديفًا بالمسابقة، كما اقتسم مع نابولي صدارة قائمة الفرق الأفضل دفاعًا في المسابقة بعدما اهتزت شباك كل منهما 31 مرة فقط في 38 مباراة بالمسابقة.

خلطة فنية مميزة ومدرب كبير

بلا شك تميز ميلان هذا العام بالدمج بين عناصر الشباب والخبرة خاصة في خط الهجوم، الذي قاده المهاجم الشاب البرتغالي رافاييل لياو 22 عامًا والفرنسي المخضرم أوليفيه جيرو 35 عامًا، والنجم السويدي الشهير زلاتان إبراهيموفيتش 40 عامًا، حيث أحرز كل من لياو وجيرو 11 هدفًا مقابل 8 أهداف لإبرا صاحب الطموح المتجدد والتألق الدائم.

وأصبح جيرو أكبر لاعب سنًا “35 عامًا و234 يومًا” يحرز عشرة أهداف أو أكثر في أول موسم له بالدوري الإيطالي، كما اعتمد بيولي مدرب الفريق كثيرًا في خط الوسط على مهارة ونشاط لاعب الوسط الإيفواري فرانك كيسي، الذي سجل أيضًا ستة أهداف للفريق، وفي الدفاع اعتمد الفريق على مجموعة مميزة من اللاعبين مثل ديفيد كالابريا وثيو هيرنانديز وفيكايو توموري وبيير كالولو.

وإلى جانب الخبرة الكبيرة التي جعلت إبراهيموفيتش بمثابة القاطرة لدفع هذا الجيل من اللاعبين الشبان إلى الأمام، حيث لعب النجم السويدي دور القائد بما يتمتع به من شخصية قوية وكاريزما وقدرات تهديفية عالية.

وكان للمدرب ستيفانو بيولي دورًا بارزًا أيضًا مع الفريق، حيث نجح في إضفاء صبغة الاتحاد والتماسك على لاعبي الميلان، بخلاف نجاح أفكاره وأساليبه الخططية وقدرته على توظيف اللاعبين بالشكل الأمثل.

وأصبح التحدي الجديد الذي يسعى إليه الفريق في المواسم المقبلة، هو المنافسة بقوة على لقب دوري أبطال أوروبا، لاستعادة أمجاد الفريق على المستوى القاري الذي يملك به 7 ألقاب كاملة وهو أكثر أندية إيطاليا تتويجًا بلقبه، كما أنه الثاني خلف ريال مدريد عملاق القارة إجمالاً في عدد الألقاب حيث يمتلك الملكي 13 لقبًا، مع فرصة لزيادة الغلة عندما يواجه ليفربول في نهائي هذا العام يوم 28 من الشهر الجاري، فيما قد يعادل الليفر عدد ألقاب ميلان حيث يمتلك 6 ألقاب.