ماذا إن جاء معتذرًا؟
ماذا إن وضع أحدهم يده على كتفك. بينما أنت في حاجة إلى حضن من ذلك النوعية التي تشعر فيه بارتطام ضلوعك؟
ونحن نلوم ونحزن، نصفف الخلافات، نجمع الانكسارات والخذلان لا نرى شيئًا واضحًا. إن المشكلة ليست في أن الآخر لم يفعل ما نحتاجه. ولكن في أنه لم يفعله حينما احتجنا إليه. إنها أزمة الوقت المناسب!
الوقت المناسب لمن؟
تبدأ الحكايات دومًا من زاوية الخيانة. فالكل خائن في رواية أحدهم. والكل لم يحفظ العِشرة، ولم يهتم وعشرات الاتهامات التي نتبادلها من مواضع مختلفة، ويتم اتهامنا بها في مواقع أخرى. وسواء من يتهم أو المتهم لا أحد يقف ليُناقش بعقلانية ومنطق. قل ما يقف أحدهم ويضع نفسه في موقع الآخر. فقط حين ننكسر يُعمينا الحزن فلا نرى.
المشكلة تكمن في الوقت المناسب. من يقدم شيء يُقدمه في الوقت المناسب له، ومن ينتظر شيء ينتظره في الوقت المناسب له. شيء أشبه بأن يأتي المرتب في نهاية الشهر. بينما أنت قد أنفقت كل ما معك في منتصف الشهر. لكن لأن المرتب يأتي من درجة أعلى، في وقت معروف سلفًا، فأي ترتيبات خاصة بالوقت تخصك وحدك، وأي سوء تنظيم للمال أنت تتحمله.
في العلاقات هناك ندية درجات متقاربة بين طرفي العلاقة. فسواء كانت العلاقة صداقة أو ارتباط فالطرفين من المفترض أنهما على نفس الدرجة من التشارك. ولذا يُلقي كل طرف على الآخر بأي مشكلات فقط لأنه يرى نفسه أولًا.
أسوأ ما نمر به حين نحتاج شيء/ مساعدة/ دعم ولا تأتي في الوقت الذي نحتاجه فيه. من هذا الاختلاف في تزامن الوقت تبدأ الانهيارات في العلاقات. فكل طرف يرغب في أداء التزاماته في الوقت الذي يراه هو مناسبًا. ولكن هل هذا صحيح؟!
مثال بسيط لنفرض أنك جائع وهناك طرف آخر يعد لك الطعام. هل توافق أن يقدم لك الطعام عندما يرى هو أن الوقت مناسب؟
الأنانية مقابل الوقت
يتحسر الكثير على الزمن والعلاقات، يرون في الماضي زمنًا جميلًا، أخلاقًا تسود، وأُصول تتبع. لكن الحقيقة غير ذلك.
الضغوط التي نواجها تضاعفت، وإحساس الفرد بذاته نمى بشكل كبير، تصدرت الأنانية المشهد. وغياب الفرص ضاعف من حجم الأنانية. ومن ثم فإن أحدنا حين يجد سيارة أجرة متجهة لمكان يتوجه إليه؛ فإنه يسعى للصعود أولًا، ونادرًا ما نرى شخصًا يقف ليتقدم غيره.
ربما يجد أحدهم أن المثال بعيد ولكن هذا ليس صحيح. فالمرء في علاقاته الشخصية كثيرًا ما يُعلي من أنانيته، مقابل الآخر، سوف يتصل بصديقه عندما ينتهي من عمله، ثم عندما يفرغ من موعد، ثم يؤجل الاتصال حتى يعود إلى المنزل. ثم يفعلها في اليوم التالي.
هناك دومًا أسباب تدفع للتأجيل، عندما نفعل ذلك لا نرى سوى أنفسنا فقط، لا نُفكر في تأثير هذا الاتصال على الطرف الآخر، عن مشاعره عندما يجدنا نسأل عنه. ربما جاءت المكالمة في لحظة يحتاجها، يحتاج أن يثق في محبة موجودة، أو يطمئن لسند.
وبينما الأنانية تتصاعد لدى طرف، تعلو رايات المظلومية لدى الآخر. فغالبيتنا تعود ألا يطلب. بل إنه يشعر بالدونية إن عبر عن احتياجه للمساندة، فتبقي المعادلة صعبة شخص في احتياج لدعم لكنه لا يعبر، وآخر تتقدمه أنانيته. ومن ثم تصل العلاقات لنقطة النهاية مع قائمة سوداء كل طرف فيها يعدد ما فعله للآخر وليس ما فعله الآخر من أجله.
حساسية الوقت
مع تنشئة الكتمان التي نشأ عليها الكثير، بات من الضرورة أن يمتلك الفرد حساسية داخل علاقاته حتى تنجح وتستمر لأطول فترة. وأيضًا إن فترت فإنها تحفظ الجيد والذكريات الحلوة.
يحتاج المرء أن يطور من قدرته على الملاحظة فينتبه حين يغيب عنه صديق بلا مبرر، أو يعتذر أحدهم عن الخروج أكثر من مرة، أو تلك التغيرات التي تطرأ على الشريك. في تلك اللحظات عليه أن يُبادر بالسؤال، لا أن ينتظر حتى يطلب الطرف الآخر الدعم. فربما لا يطلبه.
وإذا كنا بحاجة لتطوير مهاراتنا في الملاحظة والتواصل فنحن أيضًا بحاجة للكثير من حسن الظن، والتماس العذر، وعدم إلقاء كل اللوم على الآخر. فحين نقع أسرى التخلي علينا أن نتذكر أن الوقت المناسب ليس ما يخصنا فقط. ولكنه يأتي من تلك الموائمة بينا ما يناسبنا ويناسب الآخر.
كل نتيجة في علاقة هي حصيلة عمل مشترك من الطرفين. نحن نحصد ما نبنيه أو نهدمه.