كتب- محمود السقا

بحس وطني حذر، وبنبل الفرسان، استقلبت الحركة المدنية الديمقراطية، دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل الحوار الوطني. وسط حالة من الترقب الشديد، والذي سيطر على كل الأوساط السياسية في مصر. حيث تعد دعوة الرئيس السيسي، التي وجهها خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في أبريل/نيسان الماضي. لكل القوي السياسية بدون استثناء، هي الأولي من نوعها منذ قدومه إلى سدة الحكم في عام 2014.

تباينت ردود الفعل بين الشك في جدوى الحوار، والتسابق في قبول الدعوي دون ضمانات فعلية. ولكن، الحركة المدنية كان لها رد فعل مغاير تماما. حيث أنها وافقت من حيث المبدأ، ولكنها ظلت في حالة ترقب شديد.

خلال أكثر من ثمانِ سنوات على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. لم توجه دعوة واحدة من قبل النظام للحوار مع قوى المعارضة المختلفة، بل كانت هناك حالة من القطيعة التامة. وانسداد الأفق بين النظام الحاكم وبين المعارضة. ولكن خلال شهر رمضان الماضي، وبالتحديد في حفل إفطار الأسرة المصرية، اختلف الوضع للمرة الأولى.

شاهد الجميع وجوها تحضر لأول مرة في حفل كهذا، مثل حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي المصري، ووكيل مؤسسي حزب الكرامة، والمرشح الرئاسي الأسبق. والمخرج والنائب البرلماني السابق خالد يوسف. وكمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق، والدكتور عمرو حلمي وزير الصحة الأسبق، والمهندس محمد سامي الرئيس الشرفي لحزب الكرامة، وخالد داود الرئيس السابق لحزب الدستور

ضمانات قبول الدعوة

في تلك الأمسية، وجه الرئيس السيسي الدعوة للحضور وللجميع، لحوار وطني يشمل كل القوى الوطنية بلا استثناء. من أجل إصلاح سياسي، والخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. كما قرر إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي للإفراج عن المحبوسين، بعد سنوات مما وصفه بـ “تأجيل فرضته أولويات أخرى”.

استقبلت “الحركة المدنية الديمقراطية” الدعوة للحوار بترحاب شديد. خاصة وأن الدعوة لحقها الإفراج عن قائمة تضم 41 اسما من المحبوسين على ذمة قضايا تخص حرية الرأي والتعبير. ولكنها -في الوقت نفسه- وضعت قائمة ببعض الضمانات، من أجل المشاركة في الحوار الوطني. وطالبت بأن يكون “جادا وحقيقيا وأن ينتهي لنتائج عملية توضع مباشرةً موضع التنفيذ”.

تضم الحركة المدنية الديمقراطية شخصيات سياسية بارزة، مثل حمدين صباحي، وأحزاب الكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والدستور، والمحافظين، والمصري الديمقراطي، وحزب الإصلاح والتنمية.

طلعت خليل: الإصلاح السياسي الحقيقي هو المطلب الأهم

في هذا الصدد، قال طلعت خليل، البرلماني السابق، والأمين العام لـحزب المحافظين. إن كل أطراف الحركة المدنية أجمعوا على أنه لابد أن يكون هناك إصلاح سياسي بتنوعاته المختلفة. وهذا “اتفاق تام لكل عناصر الحركة، وأن هذا الاتفاق نابع من أن الإصلاح السياسي هو المدخل الحقيقي لحل باقي الملفات التي تواجهها الدولة المصرية. فإذا كان هناك رغبة في حل ما يتعلق بملفات اقتصادية أو ملفات خاصة بنواحي اجتماعية أي ملف، فهذا لن يحدث إلا بإصلاح سياسي جاد وحقيقي”.

وأضاف خليل لـ”مصر 360″، أن الحركة أصدرت بيانا اشترطت فيه بعض الضمانات. وأن تلك الشروط هي “ضمانات لإنجاح الحوار”، ومحاولة لانتزاع إرادة السلطة لتحقيق النجاح لذلك الحوار. مشيرا إلى أن الضامن الحقيقي لذلك هو أن يكون الحوار بقيادة مؤسسة الرئاسة حتى وإن كان بعباءة الأكاديمية الوطنية للتدريب.

وأشار البرلماني السابق إلى أن أولوية الحوار الوطني “يجب أن تكون بإلتزام السلطة تفعيل مواد الدستور”. متسائلا عن كيفية إجراء حوار سياسي، في ظل منع الأحزاب من ممارسة السياسة، ومن خلال الحد من التفاعل الجماهيري، وممارسة التعنت في كل شيء من جانب السلطة.

كما أنه وإن كانت مصر تحتاج لدستور جديد -حسب رؤيته- فإن الحوار يجب أن يكون بشأن تطبيق المادة الخامسة من الدستور. التي تنص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والحزبية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة. والتوازن بين السلطات، وعدم تغول سلطة على أخرى، واحترام حقوق الإنسان.

واستدرك أن حزب المحافظين من أول المرحبين بالحوار “بل إن الحزب وضع رؤية خاصة، لحل كافة المشكلات التي تواجه الدولة المصرية. وهي جاهزة ومكتوبة من قبل”. وأكد أن الجمهورية الجديدة، التي تسعى إليها الدولة، تبدأ بوضع دستور سليم، والسماح بحياة سياسية متعددة. مضيفا: “من الأولى إيجاد مناخ سليم للحياة الدستورية”.

الحاجة إلى حوار دائم

وحول إحالة مخرجات الحوار إلى البرلمان، قال خليل، إن “أي حوار حقيقي” يجب أن يبدأ بتفكيك البرلمان الحالي، الذي جاء من دون معارضة، معتبرا إياه “جاء من خلال حزب صنيع السلطة”. ما يجعله جزءا من المشكلة وليس الحل، حسب تعبيره. وأكد أن كل هذه الأمور “هي المدخل الحقيقي لأرضية الحركة المدنية الديمقراطية”.

وفيما يتعلق بالاختلافات فأشار إلى أنه قد تكون هناك اختلافات أيدلوجية بين مكونات الحركة. نظرا لطبيعة تكوينها من أحزاب مختلفة في التوجهات “ولكن الحركة ككل متفقة على أرضية واحدة، وليس هناك اختلاف في كيفية التحرك. الجميع اتفقوا أن مصر مأزومة، وسبب أزمة مصر النواحي السياسية والحياة السياسية المنغلقة. وهذا سبب كل الأزمات الطاحنة الحالية.

وأضاف: “حينما ينفتح المجال فالكل سوف يطرح نفسه من خلال أيدولوجياته وبالتأكيد أنه ليس هناك أي مشكلة في ذلك”.

وعن الإصلاح السياسي أكد الأمين العام لـحزب المحافظين أن الإصلاح السياسي الحقيقي يبدأ حينما يتم الإفراج عن كافة المحبوسين “فمن غير الطبيعي أن يتم حبس شخص عامين على ذمة الحبس الاحتياطي. أو إلقاء القبض على شخص لمجرد كتابته لبوست يعبر فيه عن رأيه”.

وأكد أن الحركة في حالة حوار دائم “سواء أبت أو وافقت السلطة”، وسوف يستمر الحوار “لأن الشعب المصري يعيش في أزمات حقيقية ولن يحل هذه الأزمات غير السياسيين، بداية من ملف المعتقلين، ومرورا بالملفات الاقتصادية والاجتماعية. وطالما غابت السياسية، ازدادت المشاكل، وبالتأكيد ستزيد العقبات، وستزيد الأمور التي ستزيد من الفقر”.

واختتم الأمين العام لحزب المحافظين قوله بأن “الكرة الآن في ملعب السلطة لا في ملعب المعارضة”. وأشار إلى أن “المعارضة تمتلك الرؤي الواضحة فيما يخص كل تطلعات الشعب المصري للخروج من أزماته. لكن السلطة تحجب هذه الأمور، لذلك فالكرة في ملعب السلطة. وننتظر نتيجة حقيقية لهذا الحوار، ونأمل في تنفيذها”.

 هل تسير الحركة المدنية على خطى جبهة الإنقاذ؟

لم ينس أحد “جبهة الإنقاذ”. فبالأمس القريب، كانت الجبهة، التي أسست من أجل إسقاط حكم الرئيس الراحل محمد مرسي. وانتهت الجبهة مع نهاية حكم الإخوان. ولكن بقت عناصرها موجودة وحاضرة في كل القضايا الوطنية. وظلت صورتها حاضرة في الأذهان.

ومع بداية عهد جديد، ووجود الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحكم. انطلقت “الحركة المدنية الديمقراطية”، والتي أسست هذه المرة باختلاف شديد في مكوناتها. ولكن لم تكن لها نفس الأهداف.

رفض الكاتب الصحفي مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. تشبيه الحركة المدنية الديمقراطية بجبهة الإنقاذ. يقول: “جبهة الإنقاذ نشأت في مواجهة الرئيس محمد مرسي، ولكن اليوم النظام الحاكم هو الداعي للحوار. والحركة المدنية الديمقراطية ترحب بهذه الدعوة، فلا يوجد تشابه إذن. بخلاف أن مكونات الحركة اليوم مختلفة عن السابق، فكانت جبهة الإنقاذ تضم في مكوناتها أشخاصا غير مرحب بهم اليوم في الحركة المدنية.

ولفت إلى أن الظروف الحالية لا تشبه جبهة الإنقاذ ولا “30 يونيو” التي كانت لحظة فارقة. وأن “المهمة التي أنشأت من أجلها الحركة المدنية -ومن قبلها التيار الديمقراطي- هي فتح المجال العام، ومازالت هذه هي المهمة الأصلية. لا الصراع على السلطة. رغم أننا -كمعارضة- من حقنا أن نطمح في يوم أن نكون في السلطة، وهذا حق يكفله القانون والدستور. كما أن الحوار الوطنى يتصل بفتح المجال العام، ومخاطبة أصحاب المصلحة وهم المواطنين. ليتحول الحوار الوطني من لحظة عابرة إلى نمط مستمر، ومن حوار طارئ إلى حوار دائم”.

وأضاف “الزاهد” لـ “مصر 360” أن الحركة اتفقت على عنوان عريض، وهو قبول الدعوة للحوار. واعتبار أن هذه فرصة لفتح المجال العام، ومناقشة القضايا “وهذا كان مطلبا دائما للحركة المدنية. كما أن البلاد في حاجة بالفعل إلى حوار سياسى علمي وطني شامل، وتفاوض اجتماعي واقعي، يستهدف مواجهة الأزمات والتحديات. وبلورة سياسات بديلة، للخروج من الأزمة التى تهدد الشعب والوطن، ويمكن أن تنفجر في وجهنا جميعا. بما يستوجب تحقيق مراجعة شاملة ورؤية واضحة.

مدحت الزاهد: نتمنى التحول من الحوار الطارئ إلى الدائم

يشير الزاهد إلى أنه “إذا حدثت أزمة فسوف تكون مضرة للجميع، نظاما حاكما أو معارضة على السواء. لكن، لو استقرت النية وصحت الإرادة لفكرة تقبل التعددية والتنوع. وبناء شراكة حقيقية، وتفعيل مبدأ المشاركة المجتمعية. لكان لذلك أثره الواضح في النهوض باقتصاد الدولة”.

يلفت الزاهد إلى أنه على مدار السنوات السابقة، صدرت الكثير من الاقتراحات والبدائل والمبادرات من أطراف مستقلة. لمعالجة كثير من الأزمات التي تتفاقم وتتدهور على امتداد العقود السابقة، ويضيف: “نركز على عدد من النقاط، هي أن الحوار إذا توافرت له شروط التكافؤ، وجرى في أجواء ديمقراطية. يمكن أن يمثل فرصة مواتية لتحقيق ما كنا ننادي به دوما، من ضرورة فتح المجال العام، ورفع القيود عن المجال السياسي. إدراكا منا أن الحق في التعددية والتنوع، يمثل رصيدا لقدرتنا على البناء بتفاعل حر بين الآراء”.

وأشار إلى أن مثل هذا الحوار يعتبر تفعيلا للمادة الخامسة من الدستور. التى تؤكد أن النظام السياسي يقوم على التعددية.

ميول مختلفة في المطالب

أكد الزاهد أن أحزاب الحركة المدنية “متجانسة في موضوع الديمقراطية. ولكن قد يكون هناك ميول مختلفة داخل الحركة، أو عدم تجانس في بعض المطالب أو الرؤى، وهذا طبيعي. ومنها ميل البعض إلى المبالغة في الجانب الرسمي أو كيفية طرح الأولويات والقضايا من جانب كل حزب داخل الحركة”.

يُضيف: “مثلا، حزب مثل العيش والحرية، وبعض الأحزاب ذات الطابع اليساري أو الاشتراكي. قد يكون من أهم أولوياتها النقابات العمالية وانتخاباتها، وما حدث من شطب جماعي لكل من له دور أو رأي مختلف في التنظيم النقابي. والبعض يرى أن الأهم هو القضايا الاقتصادية والاجتماعية، والبعض الآخر يرى أن قضايا الحريات هي الأهم”.

وأكد الزاهد أننا “أمام نظام غير مؤمن بالديمقراطية، ولن تتغير طريقته. لأنه يرى أن هناك وضعا أمنيا يستوجب القبضة الحديدية. وبالتالي، فإننا من أجل أن نكسب مساحة تنافسية -ليس فقط مع النظام ولكن بيننا كقوى معارضة- فإننا يجب أن تكون أولوياتنا هي الإصلاح السياسي الحقيقي”.

وتابع: “في هذه الحالة، سيكون الإصلاح السياسي له وجاهته، ولكن يتخلله خطاب اقتصادي اجتماعي يعبر عن الشعب المصري حتى نجتذب الشعب لمسار سلمي للتغيير. لأن الناس البسطاء ما يعنيهم هو تحسن الوضع الاقتصادي”. كما أوضح، أن كل طرف له الحق في التركيز على أي قضية يراها أكثر أهمية. كما أنه يجب أن تكون الدعوة للحوار “بين مؤسسات الحكم والمعارضة، ولا يصح أن تختلط فيه الأصوات ويتحول إلى كرنفال هلامي”.

وأضاف الزاهد أن هناك بعض المؤشرات السلبية التى تلت دعوة الرئيس للحوار ومرور أسابيع على الدعوة. مع استمرار احتجاز سجناء الرأي خلافا للوعود التي أطلقت مع إطلاق الدعوة. ويتصل بتلك الإشارات السلبية المزعجة، ما يشبه تجميد نشاط لجنة العفو الرئاسي، التي لم تعقد سوى اجتماع واحد. وصدور بعض المواعيد لإخلاء سبيل السجناء، دون أن ترى النور.

وأضاف: “هناك إجماع على أن قانون الحبس الاحتياطي ظالم وواجب التعديل. وهو فى الأصل إجراء احترازى لا ضرورة له في حالة سجناء الرأي”.

وأشار الزاهد إلى أنه وجهت له دعوة، إلى الحوار الوطني من قبل الأكاديمية الوطنية للتدريب باعتباره رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. وأكد على تلبيته للدعوة، من أجل “طرح رؤية الحزب التي ناقشها وبحثها كثيرا وجاءت اللحظة من أجل عرضها إذ ربما تكون من ضمن رؤى كثيرة تساعد الوطن على الخروج من أزماته”.

محمد سامي: تصفية ملف السجناء أولى مطالبنا

يرى المهندس محمد سامي، الرئيس الشرفي لحزب الكرامة، وأحد قيادات الحركة المدنية الديمقراطية. أن هناك معارضة في الحركة المدنية للحوار الوطني للبعض، ومن ضمنهم الشباب. وهذا الرفض له أسبابه، والتي من بينها، ضرورة توفير جو مناسب لهذا الحوار. خاصة بالنسبة لملف السجناء “لذلك أول طلب لنا كان تصفية ملف السجناء، لتكون رسالة لكل شباب الأحزاب بأن هذا الملف لن يتكرر. وأي إجراءات ضد أي فعل سياسي ستتم وفقًا للدستور والقانون”.

وأشار سامي، إلى أن إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي، وانضمام كمال أبو عيطة، والإفراج عن عدد من المحبوسين. مثل ظاهرة إيجابية “لفتح قنوات الحوار مع النظام، واستجابتنا للدعوة كان لظهور ملامح مبشرة بأن النظام يستمع إلينا، ونحن نستمع إليه”.

وأضاف “عندما تبدأ الأمور في التعافي، وأن تشعر الأحزاب بأنها ليست معرضة للاحتجاز أو غيره. فهذا دافع للاستبشار لاستعادة حيوية الاتصال ما بين الأطراف المتعددة، خاصة وأن كل ما يتعلق بهذا الملف لم يكن ليكلف القيادة السياسية أكثر من “فرمان” على طريقة قرار إخلاء سبيل حسام مؤنس -حسب تعبيره- كما أننا نتمنى أن يتم تخفيف الأحمال على بعض الناس ممن لديهم أوضاع في غاية السوء. بسبب الحجر، أو مصادرة أموالهم. وهذا الملف بالكامل يمثل نقطة محورية في مصداقية الحوار”.

وأكد سامي أنه لا يوجد شخص عاقل يرفض الحوار “ولكننا نريد إظهار حسن النية من أجل إنجاح هذا الحوار، وأول أمارة هي التعامل مع ملف سجناء الرأي بشكل جيد بدلا من التعامل معهم على أنهم رهائن. فكما تم خروج حسام مؤنس وبعض السجناء، نتمني خروج زياد العليمي وهشام فؤاد وكل سجين رأي”.

ولفت إلى أن فتح مجال الحوار بين صانع القرار وقوى المعارضة “يفتح الأمل بأن صانع القرار يستمع إلى من هم لديهم وجهات نظر، وليس شرطًا أن ينفذها بالكامل. ولكن كونه يسمع نبض الشارع فهذا أمر جيد. والمفترض أن يكون الحوار الوطني مستديما، ويجب ألا تكون قنوات الحوار مسدودة”. وتكون “أشبه بحالة غليان مع إيجاد فرص لتسريب البخار”.

وأوضح: “فمفهومنا للحوار الوطني، هو سماع صوت المعارضة على وجه التحديد. ويكون موجها إلى صانع القرار وفي حضور الرأي العام، وأن تكون هناك رؤية في مجال العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.

أكرم إسماعيل: الدعوة تغيير ملموس واعتراف بالمعارضة

وقال المهندس أكرم إسماعيل، القيادي في حزب العيش والحرية “تحت التأسيس”، إن هناك تقسيمة مبدائية داخل الحركة المدنية الديمقراطية. فهناك “أطراف ترى أن هناك استحقاقات مطلوبة قبل الحوار، وأطراف أخرى تبدي موافقة على الحوار دون التأكيد على استحقاقات بعينها. ولكن النقاش الحقيقي الذي يدور داخل الحركة المدنية هو بين صوتين، وقد يكون بينهم اختلاف حول معنى الحوار”.

يوضح: “هناك طرف مهتم بالتأكيد بالحوار، حتى وإن أعلن موقفا حاد جدا من السلطة. لكنه يظل -رغم حدة رأيه- مشغولا جدا بالحوار، وكيفية إدارته، ومن سيمثله. وكل ما يخص قضية الحوار مع السلطة ومحدداتها وإجراءاتها. وهناك صوت آخر يرى أن الحوار في حد ذاته ليس هو الموضوع، وحزب العيش والحرية ممن ينتمون إلى هذا الصوت. فالحوار بالتأكيد له أهمية، ولكن بقدر ما سيخلق من فضاء، تستطيع من خلاله الأحزاب والنقابات والجمعيات والحركات الاجتماعية. أن تتحرك وهي محمية بنسبة كبيرة من البطش الأمني الذي تعودنا عليه”.

وتابع: “سقف التوقعات ليس كبيرا في أن يخرج أشياء عظيمة من الحوار. ولكن متوقع أن دعوة الرئيس للحوار سوف تخلق تداعيات سياسية، وانخراط للأحزاب السياسية المعارضة مع السلطة. ترتيب الحوار سوف يحرك المياه الراكدة ويحسن من أوضاع العمل الحزبي في مصر، ويعلي من سقف توقعات الأطراف الحية من قدرتها على العمل، وهذا أهم من تفصيلة الحوار”.

وأضاف إسماعيل أنه هناك سؤال هام يجب الإجابة عليه أولا: وهو ماذا سيعطينا الحوارمن مجال للحركة وفضاء للعمل السياسي وفتح المجال العام؟

يقول: “بالتأكيد يجب أن يكون الحوار مدخلا لانفتاح دائم في المجال العام، وليس مجرد مشهد إرضاء سياسي. على أن يتضمن منح الفرصة لوجود تمثيل عن جميع أطياف وفئات المجتمع. ومن بينهم العمال والفلاحين والصحفيين والمهنيين والنقابيين وغيرهم، لتحسين أوضاع حياة المواطنين بشكل عام، وهذا هو أصل الموضوع”.

واستطرد: “بينما تتم المشاورات بشأن آليات الحوار، هناك الآلاف تم استبعادهم في انتخابات النقابات العمالية. وهو ما يأتي على العكس من الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه”.

رسائل إيجابية للمرة الأولى

وشدد إسماعيل على أن هذه هي المرة الأولي التي يحدث فيها رسالة إيجابية من السلطة تجاه المعارضة، واعتراف بحق المعارضة في وجودها، وهذا تغير كبير، هايكتمل بأي درجة أو ما هو حجم الإرادة السياسية الدافعة له كل هذا سوف يظهر مع الوقت ولكن يبدو أن هناك إرادة حقيقية نحو تغيير ملموس، فبعد سنوات طويلة من القمع الشديد والحاد تجاه كل صوت والعصف بالقوي السياسية أصبح هناك تحول ما ملموس واعتراف بالمعارضة وأنه يجب أن تأخذ مساحة معينة، وهذا لا يجب التعامل معه بأنه شيء هامشي، لأنه بالتأكيد شيء هام جدا”.

وأضاف: “هذه فرصة جيدة لكي يتم السماح لجميع الأطراف بالتعبير عن نفسها وعرض مطالبها، مما يؤدي بدوره إلى انفراجة حقيقية وملموسة تحسن من شروط الحياة الاجتماعية والسياسية. وإذا تم هذا فيعتبر تحولا كبيرا ويجب التعامل معه بجدية، لكن يجب أن نعي ما هو المكسب الحقيقي وكيفية توسيع مساحات وجود وحضور القوى السياسية وأطراف الحركة المدنية وعودة نشاطها وعودتها كطرف فاعل.

واختتم إسماعيل حديثه متسائلا: “هل الحوار يوسع حركة المعارضة ويوسع قدرة تحركها وتواصلها مع المجتمع أم يحده في حدود أروقة الحوار”؟

الدستور: سنشارك من أجل مصلحة الوطن

قال علاء الخيام رئيس حزب الدستور، إن الحركة من حيث المبدأ اتفقت على قبول دعوة الحوار فمبدأ الحوار لا أحد يرفضه، بل الجميع يرحب به، وقد أوضحنا أن الحوار الجاد والحقيقي ينبغي أن يكون بين النظام وأحزاب المعارضة، وليس بين المؤيدين والمعارضين”.

وأشار إلى أن الحركة قد اقترحت في بيانها “تشكيل أمانة فنية لإدارة الحوار تضم 10 من الخبراء والمتخصصين على أن يكون 5 منهم ممثلين للنظام والـ5 الآخرون ممثلين للمعارضة الحقيقية، وتقوم تلك الأمانة بتلقي ودراسة جميع المقترحات والرؤى والتصورات المختلفة لإنقاذ الوطن مما هو فيه”.

وأكد أنه في حال عدم تنفيذ النظام مطالب الحركة التي سبق وأن أعلنوها في بيانهم فإنهم لن يشاركوا في الحوار الوطني، كي لا يخدعوا الشعب أو أنفسهم بأي صورة من الصور.

وأضاف: “نحن لدينا رؤى وضوابط محددة لكيفية إنجاح الحوار، ونحن شركاء في بناء الوطن، وبالتالي فلن نذهب إلى أي مناسبة لتلقي الأوامر، ولن نقبل بتحول الحوار إلى مكلمة لا طائل من ورائها”.

وأكد أنهم سوف يشاركون في الحوار المرتقب من أجل مصلحة الوطن لا النظام، ونتيجة لتلك الأزمة فيبدو أن السلطة أدركت أخيرا مدى خطوة استبعاد وإقصاء أحزاب المعارضة، وبالتالي فهم يسعون اليوم لتدارك وتصحيح هذا الخطأ الكبير”.

علاء الخيام: الحوار الجاد ينبغي أن يكون بين النظام وأحزاب المعارضة.. وليس بين المؤيدين والمعارضين

أشار الخيام إلى أنه “لا يوجد استقرار اقتصادي بلا استقرار سياسي، والمعارضة تحرص كثيرا على استقرار البلاد سياسيا، فنحن لن ندخل في أي مزايدات أو مكايدات سياسية مع النظام، خاصة في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها الوطن”.

وتابع: “نحن قد نختلف مع النظام، لكننا لم ولن نختلف مع الوطن، وقد قمنا بدعم الدولة وفق ما هو متاح لنا في أزمة سد النهضة، وحربها ضد الإرهاب في سيناء، وغيرها من القضايا الوطنية، وأرجو أن يكون النظام قد أدرك أن المعارضة ليست في عداء مع الدولة بأي صورة من الصور، بل إن لديها مواقف مشرفة وتمتلك كوادر ونخبا يمكنها المساهمة في حل الأزمة الحالية”.

وأضاف “الخيام” أن الحركة متماسكة تماما، وتتبنى نفس الرؤى، وهي الكيان المصري الوحيد الذي استمر بشكله المعارض، وتحمل الكثير من الضغوط والتضييقات المختلفة خلال السنوات الماضية، وهناك توافق إلى حد كبير بين كل الأحزاب والشخصيات المنخرطة في الحركة المدنية ولكن قد يكون هناك اختلاف فقط في الأولويات، وهذا الاختلاف البسيط داخل مكونات التيار المدني، يمكن حسمه ببساطة في إطار التفاهم بين الجميع، ومن حق الجميع أن يكون له رؤية خاصة به قد تتفق أو تختلف مع رؤية الآخرين”.

وأشار “الخيام” إلى أنه لم تحدث خطوات جادة وملموسة في هذا الصدد رغم مرور ما يقرب من شهر من دعوة الرئيس للحوار، ولذلك فنحن نطالب بضرورة بدء الحوار الوطني سريعا، وفي أقرب وقت ممكن، ومع مؤسسة الرئاسة وليس مع أي جهة أخرى.