نظام التشعيب في الثانوية العامة يعني وجود أكثر من شعبة تتيح للطلاب الاختيار بين علمي علوم وعلمي رياضة وأدبي. وبسبب تضارب قرارات وزارة التعليم بين الاكتفاء بشعبتين -علمي وأدبي- ثم العودة للشعب الثلاث أدى ذلك إلى حيرة وقلق أولياء الأمور على مستقبل أبنائهم.

البداية طرحتها تساؤلات أولياء الأمور على مواقع التواصل الاجتماعي: هل سنلغي نظام التشعيب على طلاب الصف الأول الثانوي للعام الدراسي الحالي 20212022 أم سيتم تطبيقه على السنوات التالية؟

وفيما يخص الطلاب الحاليين سيظل نظام دراستهم كما هو دون تغيير بأن يكون لكل شعبة أو قسم مواده التخصصية. والذي يهدف إلى أن يدرس طلاب العلمي كل المواد العلمية إلى جانب بعض المواد الإجبارية المشتركة مع شعبة أدبي.

الوزير الدكتور طارق شوقي -وزير التعليم– الذي يتابع بنفسه “جروبات” أولياء الأمور ليحسم الجدل خرج ليرد على نظام التشعيب في الثانوية العامة لدفعة 2021/2022. وقال الوزير على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك”: “موضوع إلغاء التشعيب في الثانوية العامة لعلمي علوم وعلمي رياضة لا يزال قيد البحث في المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي”. مؤكدا أن نظام التشعيب يظل كما هو لدفعة العام الدراسي الحالي. وبالتالي الوزارة أتاحت للطلاب العام الحالي التشعيب بالطريقة المعتادة -علمي علوم وعلمي رياضة وأدبي- دون تغيير. رغم تأكيد الوزير استمرار التشعيب لعلمي علوم وعلمي رياضة بالثانوية العامة لمدة عامين. حيث يطبق القرار على جميع طلاب المرحلة الثانوية بالصفين الأول والثاني.

وزير التعليم
وزير التعليم

إلغاء تشعيب الثانوية وشبح الدروس الخصوصية

“جروبات” أولياء الأمور توالت فيها الاستغاثات مما يحدث من قررارت متضاربة. إذ أشاروا إلى أن الهدف من إلغاء التشعيب غير واضح. مطالبين بدراسة متأنية قبل اتخاذ أي قرار لأن الأمر يكون عبئا زائدا على الطلاب وضغطا في المواد الدراسية التي سيدرسها طلاب العلمي.

ليلى السيد وهناء مدحت وأمينة زكري أولياء أمور قلن إن إلغاء التشعيب سيؤدي إلى عزوف الطلاب عن الكليات العلمية والاتجاه إلى الأدبي. بل سيضيف عبئا على أولياء الأمور بزيادة الدروس الخصوصية. إذ لا بد من مراعاة ميول ومهارات وقدرات الطلاب –حسب قولهن- فهناك طالب لا يحب دراسة الرياضيات وهذا ليس عيبا. فالتوسع فيها يحتاج إلى تخصص لمن أراد الالتحاق بكليات الهندسة.

طمأنة الوزير لأولياء الأمور ببقاء التشعيب خلال عامين قادمين لم توقف اعتراضات البعض على إلغائه بعد العامين. فمن وجهة نظرهم هو نظام مفيد للطلاب والتخصصات. لدرجة أن أساتذة الجامعات تدخلوا وأبدوا رأيا في الأمر. فمنهم من يرى عدم تأثر الكليات النظرية بإلغاء التشعيب لأنها كليات تدرس مواد مثل الرياضيات. بينما رأى البعض الآخر تأثر الكليات النظرية حال تطبيق القرار بعدم الإقبال على الشعب العلمية. إذ سيكون هناك قلة فى أعداد الخريجين بكليات الطب والهندسة –حسب رأيهم.

طلاب الثانوية والدروس الخصوصية
طلاب الثانوية والدروس الخصوصية

الدكتور حسن شحاتة -أستاذ مناهج وطرق التدريس- قال إن إلغاء التشعيب جزء مهم من مسيرة تطوير التعليم. وذلك لتوسيع المجال أمام طلاب الشعب العلمية للالتحاق بكليات المجال العلمي ككل. خاصة أن مشكلة الاختيار بين وحدة المعرفة ومتطلبات الدراسة الجامعية لا بد أن تجمع بين العلوم الرياضية والفيزيائية. ولأن الدراسة الجامعية لا تستثني العلوم الرياضية أو الدراسة التي تتطلب التخفيف من بعض تفاصيل الرياضيات والعلوم.

أما الدكتور محمود السعيد -عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- فيرى أن الكليات النظرية لن تتأثر كثيرا بإلغاء التشعيب. مؤكدا أن كلية الاقتصاد مثالا بها بالفعل مواد كالرياضيات متاحة لجميع الشعب.

إلغاء شُعب الثانوية وتعديل المناهج

يسري عرابي -مدرس لغة عربية- يرى أن إلغاء التشعيب يستلزم تعديل المناهج مع استطلاع رأي أولياء الأمور. خاصة أن فتح كليات جديدة يستلزم تعديل المناهج. والطلاب الذين تم إلغاء التشعيب عليهم غير مستوعبين للفكرة والسبب الذي تم اتخاذ القرار من أجله. ولكن الحسنة الوحيدة في إلغاء التشعيب هو إتاحة كليات أكثر أمام الطلاب لاختيار التخصص الذي يناسبهم.

أشرف سامي -معلم خبير لغة عربية- يشير إلى أن إلغاء التشعيب يتعارض مع ميول الطالب الذي له حق اختيار المواد التي تناسب قدراته وتؤهله لدخول الكليات التي يرغبها. مشيرا إلى أن الطالب سيكون في ضغط شديد حيث يتطلب إلغاء التشعيب دراسته مواد الشعبة العلمية كاملة. وأكد أن إلغاء التشعيب لا يدخل ضمن التطوير. فهناك دائما طالب يجيد في الفيزياء ولكنه لا يجيد الرياضيات. وهذا الطالب سيخسر الكثير من الدرجات في مواد لا يهتم بدراستها وغير مؤهل لها. ما سيؤدى إلى هروب الطلاب من العلمي ككل والاتجاه نحو الكليات الأدبية.

حيرة كل سنة مع إلغاء شعب الثانوية
حيرة كل سنة مع إلغاء شعب الثانوية

حدد وجهتك من البداية

وأوضح حسن عبد الخالق -معلم خبير- أن هذا القرار سوف يؤدى إلى بلبلة ويضيف عبئا على طلاب الشعبة العلمية. فمن المعروف أن كليات الهندسة تحتاج إلى مواد مؤهلة وأغلبها تعتمد على الرياضيات والهندسة. وكلية الطب والصيدلة تحتاج إلى مواد الأحياء وعلم الوراثة. وإذا لم يحقق الطالب حلمه في العلمي يتجه لدراسة الأدبي. ولكن مجموع الالتحاق بالكليات الأدبية أقل في طلاب العلمي وهذا حقهم لأنهم حددوا وجهتهم منذ البداية.

أما خالد عبده -مدير التعليم الفني بالقاهرة- فيؤكد أن فكرة إلغاء التشعيب جيدة. خاصة أن طلاب الثانوية الأزهرية لا يوجد لديهم تشعيب. بل تم إضافة مادة النصوص والأدب لهم وهو الطالب نفسه. فما الفرق؟. مشيرا إلى أن تخفيف المنهج ليس شرطا لإلغاء التشعيب. فالطلاب في هذا السن لديهم استعداد لاستقبال المعلومة والبحث عنها. بجانب أن التابلت سهّل على الطلاب عمليات البحث في أي وقت.

ويؤكد هيثم غازي -مدير إدارة الزيتون التعليمية- أن قرار إلغاء التشعيب تم من قبل بناء على دراسات أكاديمية مستفيضة. إذ لم يكن هناك تشعيب وكان الطالب مستمتعا بالدراسة. أما حاليا فتم زيادة المناهج عقب بدء التشعيب حتى يتناسب مع الفترة الدراسية التي يدرسها الطالب.

 وأوضح ان الوزارة لديها اتجاه لإلغاء الحشو من بعد الصفوف الأولى لتخفيفها وتقديم محتوى بحثي للطالب. إذ صارت مصادر التعلم متنوعة تسهل على الطالب الفهم وقياس مهاراته المعرفية.

الأولوية لتأهيل المدرسين

مجلس النواب
مجلس النواب

وقد وصل أمر التشعيب في الثانوية العامة إلى مجلس النواب. حيث يقول الدكتور حسام المندوه -عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب- إن لدينا مشكلات أكبر يجب الاهتمام بها. فلسنا في حاجة إلى إلغاء التشعيب في الثانوية حاليا. ففكرة تقييم الطلاب والبنية التحتية للإنترنت بالمدارس وتطبيق نظام التابلت وطرق التدريس وتأهيل المعلم أولى.

وأشار “المندوه” أنه ليس هناك حاجة إلغاء التشعيب بين علمي رياضة وعلوم لأن هناك اختلاف ميول وقدرات ومهارات بين الطلاب. إذ يجب خلق جو يساعد على تنمية مهارات الطلاب في الرياضيات والعلوم. فالعالم أصبح يبحث عن التخصص. والطالب في التعليم الأجنبي يختار المواد التي يرغب فيها لتأهيله للكلية التي يريدها. إنما إلغاء التشعيب مميزاته أنه يوسع الفرص أمام الطلاب في اختيار الكليات. لكنه في الوقت نفسه يرهق الطالب دراسيا بكم مناهج متخصصة في الرياضيات والعلوم قد لا يحتاج إليها ولا يرغبها.