ضجة كبيرة أثيرت عقب تداول صور زفاف نجل رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس. حيث نال فستان العروس وزينتها البسيطة وتصفيفة شعرها التقليدية النصيب الأكبر. وكان الرأي السائد في هذا الجانب من منطلق “رغم أنهم أغنياء لكنهم بسطاء في زفافهم”.
وبعيداً عن العرس الذي أقيم في سفح الأهرامات والمأكولات المستوردة من الخارج وماركة فستان العروس. الذي قيل إن ثمنه بلغ 350 ألف جنيه ومساحيق التجميل العالمية. بات الأقباط يتغنوا بنغمة مراعاة الحشمة واحترام بيت الله أثناء صلاة الإكليل في اتجاه واضح لمطالبة المسيحيات بمراعاة ملابسهن. سواء في الأعراس أو في المناسبات العامة والعادية.
وأصبح مبدأ مراعاة الحشمة وسيلة لفرض السلطة الأبوية على المصريات بشكل عام. فمهما ادعى الاقباط أنهم منحوا المرأة حريتها، لكنهم بالفعل تأثروا بثقافة المجتمع التي تراجعت منذ عقود متأثرة بتيارات متشددة.
أخلاق من الدانتيل
العروس التي ارتدت قطعة من الدانتيل بأكمام مكملة لفستان الزفاف داخل الكنيسة وقامت بخلعها خلال العرس في الأهرامات. دفعت البعض يبرر ذلك بأنها راعت الكنيسة، فيما انتقد بعض الأقباط المشهد حيث علقت مارينا باسيلي. قائلة: “حتة ربع متر دانتيل مخرم اتقلع في الحفلة بقى رمز للعفة والاخلاق والحشمة! مجتمع مريض أي ترزي بمقص بوظله أخلاقه”.
الدكتور سينوت دولار شنودة عضو لجنة التراث القبطي بالكنيسة الارثوذكسية وأستاذ الفلسفة بالجامعة الأمريكية. يقول إن ملابس المرأة في اي مجتمع تكشف عن أخلاقه.
وأكد شنودة في تصريحه لـ “مصر 360” أن ما شاهدناه وما نشاهده من تعليقات على ملابس النساء وانتقادها. فهي تعبر عن نقص داخل النفوس نتيجة للبيئة المحيطة التي تحاول سلب المرأة حقوقها وحريتها. وتسعي لوأدها حية وحبسها داخل قشرة من الملابس.
وأضاف “الرجل يرى أن إثبات رجولته في فرض سيطرته على أنثاه بمنتهي الأنانية وكأنها جزء من ممتلكاته. ولأن هذا الاستحقاق منحه له المجتمع فلا يسمح لشخص آخر أن يراها”.
وتطرق شنودة إلى واقعة زفاف نجل ساويرس، قائلا: “حصلت على اهتمام أكبر من حجمها. لأن المجتمع يبحث عن أي واقعة قد تؤيد الفكر الذي يتبناه”. موضحا “أنه نفس المجتمع الذي ارتدت فيه أمهاتنا الميكروجيب ولم تواجه اي انتقاد أو نظرات انتهاك”.
ويرى أن المسألة هنا متعلقة بثقافة وعادات المجتمع والكنيسة مشيرا إلى أن رجالها جزء من تلك الثقافة. كما أن لديهم نفس الفكر الذكوري، وقال “كذلك قد يطلب الأهالي توجيهات من الكنيسة لبناتهم خوفاً عليهم من مضايقات المجتمع. وهو ماقد يدفع بعض القساوسة تلبية مطالب الأهالي وتوجيه تنبيهات متذرعين بالحشمة وآيات من الكتاب المقدس”.
وعقب شنودة ضاحكاً: “بعض الأساقفة مهتمين بحشمة النساء ولا أعلم السبب فالمفترض أنه راهب. ولا ينظر إلى النساء سوى بعين الأبوة والطهارة، لذلك أطلب من أي رجل دين أن يلتزم بطهارة العين والقلب”.
تيارات محافظة داخل الكنيسة
وعلقت نيفين عبيد الباحثة في النوع الاجتماعي بمؤسسة المرأة الجديدة لـ “مصر 360”. موضحة أن المجتمع لديه هوس تجاه جسد المرأة، لذلك اهتم كثيراً بماذا ترتدي ولأن الكنيسة لديها بالأساس أفكار محافظة بجانب تأثرها بالثقافة المحيطة. وصعود تيارات محافظة ومتشددة بدأت تظهر بعض التوجيهات بحشمة المرأة وتخفيف مساحيق التجميل.
وقالت عبيد، “أذكر في زواجي عام 1998 ارتديت حرملة وضعها الكاهن على فستان العرس. وكان جديد وقتها وليس له أصل طقسي في الزواج ولكن لإخفاء ماقد يظهر من ذراع العروس. ومؤخراً حتى الأطفال بدأ يطالهم هذا التوجه وتحذيرات من دخول الكنيسة بالبنطال القصير (الشورت) أو الممزق أو بدون أكمام (الكات)”.
وأضافت “الكاهن متأثر بالعقيدة الأبوية ولأننا كنيسة أبائية فهي تمنح لرجل الدين السيطرة على أبنائه. والوضع أصبح يتصاعد لا على مستوي الكنيسة محلياً فحسب. ولكن في المهجر أيضاً فالكنيسة تتمنى أن يكون لها بصمتها في اختلاف ملابس القبطيات في مجتمعهم الجديد.
وأوضحت أن الأمر غير مرتبط بديانة العروس ولكن بالطبقة التي تنتمي إليها. إذ لاحظنا زواج أبو هشمية كانت العروس ترتدي فستان طويل بأكمام ومحتشم. كذلك أبو العينين، فجميعهم يميلون لهذا اللون من ملابس الزواج التي تصاحب ثقافة الثراء والحياة الرغدة ولا تتعلق أبداً بالدين.