بينما كان رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي يتحدث عن خطة زيادة الصادرات ومضاعفتها للوصول إلى أكثر من 100 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة  المقبلة، كانت عربات للنقل الثقيل مخصصة للتصدير إلى الخارج، تعود أدراجها قبل عبور الحدود بسبب اشتراطات “السارينة والفنار وأجهزة الفلاشر”.

وقد كثفت شرطة المرور، خلال الأسبوعين الماضيين، حملاتها لمنع أجهزة “الفلاشر والسارينة”، والمخصصة لمركبات الشرطة والإسعاف ولا يجوز استعمالها إلا لمركبات الطوارئ. ما يأتي بعد ضبط سيارة دون لوحات معدنية أثناء خروجها من محل كماليات سيارات بالسويس، عُدلت لتشبه سيارات الشرطة. وكان تم تجهيزها بسارينة تشبه مركبات المرور، ودُونت عليها كلمة (بوليس).

وتنص المادة 74 من قانون المرور في فقرتها السادسة على أنه حال تركيب سارينة شرطة أو مطافئ أو أجهزة تصدر أصواتًا عالية يتم توقيع غرامة تبدأ من 500 جنيه وتصل إلى 1000 جنيه. مع سحب رخصة القيادة والتسيير، وعدم التصالح.

إلا أن تطبيق هذا المنع لم يتوقف عند حد السيارات العادية. بل امتد إلى سيارات نقل البضائع سواء الداخلي أو العابرة للحدود. وبالتالي عدم السماح للعديد منها بعبور الحدود، ضمن مساراتها للتجارة مع دول الجوار. ويشكل هذا الوضع أزمة كبيرة للصادرات المصرية وفق تصريحات خالد القناوي، أمين عام جمعية النقل البري بالقاهرة.

مكونات أصيلة بالنقل الثقيل

يقول أمين عام جمعية النقل البري بالقاهرة إن التريلات لها مواصفات خاصة. فلا بد أن تحتوي على آلة تنبيه. وهي جزء أصيل من مكونات السيارة، لا تتم إضافته من قبل السائق وإنما من المُصنِع داخليًا (التجميع) أو خارجيًا (استيرادها كاملة). كما يتم النص عليها في الإفراج من بلد المنشأ، وكذلك من سلطات المواني والهيئة العامة للطرق. وتلك الآلة مرتبطة بقوة حجم محرك السيارة التي تعادل 450 حصانًا. وبالتالي صوتها لا بد أن يكون مرتفعًا.

والأمر ذاته بالنسبة للفنار. فالتريلا بطول 20 مترًا، وتسير على طرق ذات تقاطعات فرعية. وبالتالي الفنار ضروريًا لتنبيه السائقين القادمين من التقاطعات أثناء الليل، خاصة على الطرق المظلمة. وهو يوجد بأعلى نقطة من السقف على ارتفاع حوالي 2.75 متر. ويعطي ضوءًا أصفر، ولا يتشابه مع السيارات الشرطية أو الطوارئ من قريب أو بعيد، على حد قول أمين عام جمعية النقل البري بالقاهرة.

ويدعو القناوي إلى استثناء سيارات النقل الثقيل من قرار المرور الخاص بالبوق والفلاشر. مع إمكانية إلزامها بتقليص استخدام آلات التنبيه داخل المدن لتقليل الإزعاج. و يضيف أن التطبيق الصارم لمنع هذه المكونات أدى إلى سحب رخص بعض الشاحنات المحملة بالبضائع. وبالتالي لا يمكنها السفر أو تسجيل دخولها إلى الدول المجاورة بالإيصال المكتوب، الذي تمنحه شرطة المرور للسيارة بعد سحب الرخص.

الحكومة الزبون الأول للنقل الثقيل

حسب جمعيات النقل البري، تنقل سيارات النقل الثقيل نحو 800 مليون طن سنويًا من البضائع المتنوعة بين الصادرات والواردات. والحكومة هي الزبون الأول لقطاع النقل البري بالشاحنات. وتنفذ هذه الشاحنات نحو 80% من تعاقداتها للبضائع مع القطاع العام والوزارات مثل التموين والتجارة والصناعة. فضلًا عن جميع مصانع الإسمنت والأسمدة. بينما لا يتجاوز تعاونها مع القطاع الخاص إلا في 20% فقط.

ويبلغ إجمالي عدد سيارات النقل المرخصة 1.3 مليون سيارة بنسبة 11.9% من إجمالي المركبات في 31/12/2020. بينما سجل إجمالي عدد المقطورات المرخصة 99.4 ألف مقطورة بنسبة 0.9% من إجمالي المركبات في الفترة ذاتها، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وبحسب الخبراء، فإن النقل البري لا يزال العمود الفقري لحركة البضائع في مصر. رغم التطوير في السكك الحديدية التي تنقل 3.2 مليون طن حاليًا. ذلك لأن النقل البري يمتاز بالمرونة وقدرته على الوصول لمختلف الأسواق بصورة مباشرة.

وتؤكد التقديرات الحكومية أن إجمالي منقول البضائع عبر قطارات هيئة السكة الحديد سجل بنهاية عام 2019 نحو 3.173 مليون طن. وتستهدف وزارة النقل رفع الكمية بنهاية 2024 إلى 25 مليون طن.

أرشيفية
أرشيفية

النقل الثقيل.. عصب اقتصادي

يقول القناوي إن الشحن البري يمثل نحو 90% من البضائع المنقولة في مصر سنوًيا، سواء الواردة بالنقل البحري أو الموجهة للتصدير أو العربات ذات الرخصة عابرة الحدود، التي تنقل الصادرات المصرية للأسواق المجاورة. خاصة الخليج العربي إلى جانب الأردن والسودان وليبيا والعراق.

وتؤكد الأعداد المتزايدة في سيارات النقل المرخصة سنويًا خلال السنوات الأخيرة الاعتماد عليها بصورة أساسية في مستهدفات الدولة للتنمية العمرانية ومضاعفة المساحة المعمورة من 7.5 إلى 14%. إذ تعتبر تلك الشاحنات هي الناقل الرئيسي لمواد البناء من المصانع إلى المناطق الجديدة.

وبحسب جمعية النقل البري، فإن الشاحنات على الطريق تمثل عصب التصدير والاستيراد من السودان. فقيمة الصادرات من القاهرة للخرطوم بلغت 826.8 مليون دولار في عام 2021، مقابل 498.9 مليون دولار خلال 2020، بنسبة ارتفاع قدرها 65.7% في حين بلغت قيمة الواردات المصرية من السودان 336.7 مليون دولار، مقابل 212.5 مليون دولار بنسبة ارتفاع قدرها 58.5%.

كما يؤكد المجلس التصديري للحاصلات الزراعية أن 60% من صادرات الخضر والفاكهة من مصر إلى الأردن تمر عبر الطريق البرى العقبة ونويبع البرى، وكثير منها شاحنات مبردة لحفظ الصادرات ومنع تعرضها لحرارة الجو.

ولا توجد إحصائيات عن عدد الشاحنات المصرية التي تدخل ليبيا. لكن يمكن الاستدلال على ضخامتها من بيانات شهر يناير 2019 الذي شهد في 15 يومًا فقط دخول 1353 شاحنة نقل بضائع تصدير مصرية منفذ السلوم البري متجهة إلى الجانب الليبي، وإنهاء إجراءات عودة 1693 شاحنة مصرية في الوقت ذاته.

كما يتم نقل شاحنات البضائع المصرية (برادات / تريلات) على الخط الملاحي سفاجا/ضبا السعودي.

واتفقت القاهرة والرياض بنهاية العام الماضي على زيادة التعاون أيضًا في مجال النقل البري بينهما وتسهيل حركة دخول وخروج الشاحنات بين الجانبين لزيادة حجم التجارة بينهما.

وتتنوع الشاحنات التي تمر عبر الحدود بين فارغة تأتي لشحنها بالصادرات، أو بنظام الترانزيت لنقلها لدولة أخرى مثل حالة مصر وليبيا أو شاحنة محملة بالصادرات المصرية لنقلها للأسواق الخليجية، والعراق والأردن ومنها الصب الجاف والمواد الغذائية والأثاث.