أبدت منظمة العفو الدولية قلقا من زيادة معدلات أحكام الإعدام في بعض البلدان خلال عام 2021، فيما كان هناك اتجاه لانخفاض الأرقام خلال الأربعة سنوات الأخيرة.

وقالت المنظمة في تقريرها السنوي الصادر في 24 مايو/أيار الماضي إن هناك زيادة بنسبة 20% في عام 2021. بواقع 579 عملية إعدام بينهم 14 حالة من النساء، مقابل 246 حالة في العام السابق له 2020. وهو أعلى معدل منذ عام 2017.

سجلت أحكام الإعدام التي لم تصل حد التنفيذ 2052 حكمًا في 56 دولة، بزيادة تقترب من 40% عن عام 2020. وأرجع التقرير هذه الزيادة إلى تأخير الإجراءات القضائية في السابق بكثير من بلدان العالم. بسبب إجراءات كورونا، ثم عادت بعض البلدان إلى سابق عهدها من حيث استخدام العقوبة.

واعتبرت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، الأرقام المعلنة هي الحد الأدنى لما تم تنفيذه على أرض الواقع. رغم أن هذا الرقم يشكل ثاني أقل رقم سجلته المنظمة منذ سنة 2010 بسبب السرية التي تتبعها الدول في تقييد الوصول إلى المعلومات فيما يخص مراقبة عمليات الإعدام بدقة.

أسباب الارتفاع

وأثار اللجوء إلى عقوبة الإعدام في قضايا لا تتعلق بالقتل العمد كالمخدرات والقضايا السياسية استياء المنظمة.

ووفقا للتقرير فإن عددا من الدول كثفت من عمليات الإعدام بطرق سرية ومنها الصين التي جاءت في المرتبة الأولى. وإيران بواقع 314 شخصًا اتهم معظمهم في قضايا متعلقة بالمخدرات، ثم مصر والسعودية بزيادة معدلات الإعدام إلى الضعف. حيث أعدمت المملكة 81 شخص في شهر مارس/آذار الماضي فقط.

واعتبر التقرير استخدام هذه العقوبة في غير جرائم القتل العمد انتهاكا صارخا للقانون الدولي. الذي يحظر استخدامها في جرائم غير تلك التي تنطوي على القتل العمد.

القانون الدولي وعقوبة الإعدام

لم يمنع القانون الدولي جريمة الإعدام، فمازال أمرا اختياريا باستثناء القانون الأوربي لحقوق الإنسان، وتركها تقديرية للمشرع. ووضع مجموعة من الضمانات الصارمة لوجوبها، منها قصر توقيع العقوبة على الجرائم الأشد خطورة. وجوب النص على العقوبة في القانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة، عدم التمييز في ارتكاب الجريمة على أساس اللون أو العرق أو الدين. عدم معاقبة من هم دون سن 18 عام بالإعدام، تمتع المحكوم عليه بالعفو.

يوضح الحقوقي نجاد البرعي رئيس المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية، أن القانون الدولي لم ينص على إباحة استخدام عقوبة الإعدام في حالة القتل العمد. إنما أجاز للدول التي لديها إصرار على تطبيق العقوبة أن تقوم بتطبيقها في أشد الجرائم خطورة وتركها لظروف كل مجتمع.

ويضيف “تركها تقديرية يأتي وفقا لمقتضيات الظروف الاجتماعية، فبعض الجرائم قد تكون شديدة الخطورة بالنسبة للمجتمع في لحظة معينة. وقد لا تكون كذلك في وقت آخر، أو في مجتمع آخر مثل “المثلية الجنسية” كانت جريمة خطرة تضرب في أساس المجتمع قديما ويتم معاقبة مرتكبيها بالإعدام حرقا، أما الآن فلم تعد جريمة”.

مستكملا: “بعض المجتمعات ترى القتل العمد أشد أنواع الجرائم. وعند البعض الآخر فإن التجسس أخطر الجرائم والبعض يعتبر القتل العمد أشد الجرائم. لكن وفقا للمعايير الدولية فإن قضايا التجسس أشد الجرائم خطورة لأنها تمس أمن المجتمع”.

هل الإعدام عقوبة رادعة؟

يبين البرعي أن الإعدام ليست عقوبة رادعة لأن تطبيقها لم يحد من انتشار الجريمة في أي بلد. ويري أن السجن أكثر ردعا للمجرم من الإعدام.

وقال لـ”مصر360″ إن الإعدام عقوبة “انتقامية” أكثر منها رادعة، كأن المجتمع ينتقم من الجاني في شكل سلب حقه في الحياة. فيما لابد أن يكون المجتمع متسامحا في إصلاح أعضائه الجانحين وليس استئصالهم.

وأشار إلى أن خطورة عقوبة الإعدام تتمثل في عدم التراجع فيها حال احتمالية الخطأ في الحكم بعد تنفيذ العقوبة. فقد تسلب إنسانا حياته وهو بريء، فلا عودة فيها، كما أنها لا تحقق أي مكسب للمجني عليه. ففي الإسلام وهو جزء من التشريع فإن الله رغب في العفو ورغب في قبول الدية وآخر شيء هو القصاص.

في مصر

ووفقا للتقرير فإن السلطات المصرية واصلت اللجوء إلى التعذيب والإعدامات الجماعية. في كثير من الأحيان بعد محاكمات جائرة أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، وسجلت 356 حالة على الأقل بينهم 8 نساء، مقابل 264 في 2020.

جمال عيد رئيس المجموعة العربية للمحاماة يرى ضرورة أن توقف كل الدول العربية العمل بعقوبة الإعدام كدولة المغرب. لعدم استخدامها في قضايا سياسية، وقال إن مصر وبعض البلدان غير الديمقراطية كالصين التي يتصف الحكم فيها بالشمولية. تستخدم الإعدام لمواجهة قضايا سياسية، وتتم عادة بعد محاكمات غير منصفة. مبينا أن مصر ليست فقط ثالث أكبر منفذ لهذه العقوبة بل هي الأولى في إصدار مثل هذه الأحكام.

ووصف عيد الدول التي تطبق عقوبة  الإعدام بأنها حكومات “ثيوقراطية” بعضها يتعلل بأسباب دينية تغيب عنها الديمقراطية، وسيادة القانون تماما .

وقال عيد ل”مصر 360″ إن عقوبة الإعدام ليست رادعة ولم تحد من الجرائم وهذا ليس رفضا للعقوبة إنما رفض لنوع العقاب، فالسجن قد يكون أشد من الإعدام في رأيه.

ودعا عيد لوقف عقوبة الإعدام في القضايا السياسية، وحتى في حالة القتل العمد التي تجيزها الاتفاقيات الدولية لبعض الدول لحين حسمها، لأنها عقوبة لا يمكن التراجع فيها حال الخطأ في الحكم، أيضا أن تكون هناك إرادة سياسية لاحترام القانون واحترام الحياة الإنسانية، معتبرا المعاقبة بالسجن المشدد والسجن مدى الحياة والخدمات العامة عقوبات رادعة.

حق القصاص

تستند العديد من الدول العربية، الإسلامية التي تطبق عقوبة الإعدام على الشرع ووجوب حق القصاص من القاتل. لكن الحقيقة أن القصاص مفهوم أوسع بكثير لأن القصاص يشمل التعويض في الضرر والجروح. إما بإحداث نفس الجرم في الجاني أو التعويض المادي أو العفو، بينما الإعدام عقوبة مدنية هدفها الردع العام والمنع. وقد يلحقها تغيير وفقا للمذهب السياسي أو الإطار الثقافي والظروف المجتمعية.

عايدة سيف الدولة مؤسسة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ترى أن الإعدام ليس عقوبة، بل إنهاء لحياة إنسان. متسائلة ما الذي يكسبه المجتمع والضحية من موت الجاني؟ مبينة أن العقوبة لم تتحقق بموت مرتكب الجريمة لانتهاء حياته.

وقالت سيف الدولة لــ”مصر360″ إن استخدام الغطاء الإسلامي لتبرير الإعدام ليس إلا “ذريعة”، لأن القصاص في الدين وضع بدائل أخرى غير القتل. منها قبول الدية أو العفو، كما لا يوجد في الدين إعدام لأسباب سياسية.

واعتبرت عايدة التمسك باستخدام هذه العقوبة والتوسع فيها لتشمل قضايا أخرى غير القتل العمد. تصفية مرتبط بسطوة القوانين المرتبطة بدورها بسطوة الأنظمة، لذلك يتم تنفيذ الأحكام في رأيها بشكل سري غير معلن. وبدون إخطار أهالي المعدومين ولا تطبق الحقوق المنصوص عليها في القانون مثل الزيارة الأخيرة للمعدوم.

ويقول عيد إن هناك جرائم لم يتم منعها تماما في الشرع وتم تجاوزها إنسانيا مثل “الرق” ووقف حد “الحرابة”. وإذا تتبعنا شروط تنفيذ الإعدام في الشريعة يصعب تطبيقه في مثل هذه الأحكام كشرط وجود شهود. وهو ما لا تطبقه العديد من الدول حتى التي تدعي تطبيق الشريعة مثل السعودية وباكستان. لذلك فإن احتمالية ورود خطأ في الحكم كبيرة. مما يستوجب إلغاء هذه العقوبة التي لا تمت للإسلام في شيء من وجهة نظره.