نشرت الجريدة الرسمية، اليوم الأربعاء، قرارًا بالعفو عن المهندس يحيى حسين عبد الهادي. وقد غادر سجن طرة، واستقبلته أسرته التي كانت في انتظاره أمام بوابة السجن.

كما أعلن المحامي الحقوقي خالد علي، عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك”، عن تنفيذ عدد من إخلاءات السبيل في العاشرة من صباح غدٍ الخميس. وذلك بحق خلود سعيد، وعبد الرحمن طارق موكا، وعلاء عصام، وحسين خميس السباك، ومحمد محيي الدين؛ الذين سيخلى سبيلهم من سجن طرة.

وفي 23 مايو/ أيار الماضي، أصدرت محكمة جنح مدينة نصر حكمًا بالحبس 4 سنوات على المهندس يحيى حسين، مدانًا بنشر “أخبار كاذبة عمدًا داخل وخارج البلاد”، في القضية رقم 558 لسنة 2021 جنح مدينة نصر ثان أمن دولة طوارئ. وقضى عبد الهادي أكثر من ثلاث سنوات حبسا على ذمم قضايا أخرى.

وقد ألقي القبض على حسين عبد الهادي في 29 يناير/كانون الثاني 2019، من منزله بالقاهرة. وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة وظهر بعدها في اليوم التالي في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 277 لسنة 2019. والمعروفة إعلامياً بتنظيم “اللهم ثورة” وصدر قرار بحبسه احتياطيًا حينها لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وبعد عامين من حبسه احتياطيا، ظهر يحيي على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 1356 لسنة 2019، من داخل محبسه. بتهم الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، والتي تأتي متقاربة وبنفس الاتهامات السابقة. التي حبس على ذمتها لعامين، وهي نفس القضية المحبوس على ذمتها الحقوقي محمد الباقر والناشط علاء عبد الفتاح.

يحيى حسين بعد تنفيذ العفو الرئاسي
يحيى حسين بعد تنفيذ العفو الرئاسي

احتفالات 25 يناير

جاء القبض على عبد الهادي بعد ساعات من مطالبة الحركة المدنية الديمقراطية بالإفراج عن خمسة آخرين من أعضائها. ألقي القبض عليهم في أعقاب احتفالهم بالذكرى الثامنة لثورة 25 من يناير.

قال المحامي الحقوقي خالد علي، إن قضية المهندس يحيى حسين عبد الهادي. كانت بشأن مقال نشره على حسابه عبر موقع فيسبوك. وتم التحقيق معه بشأنه 2018 أمام نيابة مدينة نصر. وخرج بكفالة. ثم تم حبسه على ذمة تحقيقات القضية 277 لسنة 2019 حصر أمن دولة. ثم تم تدويره على القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة وقضى في الحبس الاحتياطي أكثر من ثلاث سنوات.

وتمت إحالة تحقيق مدينة نصر إلى نيابة أمن الدولة وتحدد لها رقم 210 لسنة 2019، وتم إحالته للمحاكمة بشأنها.

وأشار علي إلى أنه يحاكم بالمادتين 80 د، ومكررا /1 عقوبات بزعم اذاعة عمداً أخبار وبيانات كاذبة داخل البلاد وخارجها.

وأسندت النيابة تهم بث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة للمتهم بالتحقيقات، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها وجرائم الانضمام إلى جماعة أُنشئت على خلاف أحكام القانون، والغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة، من ممارسة أعمالها.

سنوات من النضال

لم تغفر سنوات عمل المهندس الـ 15 عاما، بالقوات المسلحة، حيث ظل يخدم بها كضابط مهندس حتى عام 1992. شارك في تأسيس مركز إعداد القادة، وأصبح مديراً للمركز ووكيلاً لوزارة الاستثمار عام 2004. مركزه هذا، ومناصبه المتعددة، أهّلته لعضوية اللجنة الرئيسية لتقويم “شركة عمر أفندي”.

“كان الأمر ككل أشبه بمهزلة. من كان يجب أن أبلِّغ بهدر أكثر من 700 مليون جنيه من أموال المصريين. إذا كان كبار المسؤولين أنفسهم هم من يهدرون المال العام؟”. قال عبد الهادي تلك الكلمات.

ومن ضمن 15 عضوا من قيادات قطاع الأعمال والخبراء. قدر عبد الهادي والأعضاء تقويمهم لشركة عمر أفندي بنحو مليار و300 مليون جنيه. حيث فوجئ عبد الهادي بتجاهل هذا التخمين واعتماد تقويم آخر بـ450 مليون جنيه ارتفع إلى 550 مليوناً. إضافة إلى توقيع اللجنة على ما يشبه اعتذار عن تقريرها الأصلي، واعتماد القيمة المنخفضة. وقد بيعت الشركة إلى شركة “أنوال” السعودية.

لم يكف عبد الهادي صاحب الـ 67 عاما، يده عن الوضع. تقدم عبد الهادي ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الاستثمار محمود محيي الدين ورئيس الشركة القابضة آنذاك هادي فهمي. بتهمة الضغط على لجنة التقييم التي كان عضوا منتدبا فيها لتسهيل الاستيلاء على المال العام. لصالح الشركة السعودية وإهدار لـ600 مليون جنيه مصري، وهو البلاغ الذي أخرج القضية إلى النور.

معركة بيع “عمر أفندي”

حارب عبد الهادي عملية بيع شركة عمر أفندي بعد عدوله عن قراره، حيث كان موافقا على تقييم لجنة الوزارة. ولكنه أعلن ندمه، وبالفعل نجح في تعطيل البيع لمدة 8 أشهر. في مقاومة انتهت بالخسارة وحرمانه من جميع مناصبه ليعود مرة أخرى لمركز إعداد القادة مرؤوسا ليس رئيسا.

صفحة أخرى بدأت في حياة عبد الهادي، حيث قام بقيادة الحركة الشعبية “لا لبيع مصر” باعتباره مناهضا للخصخصة. بعد أن اختاره المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري ليكون ضمن اللجنة التنسيقية لحركة كفاية. واعتبر ما يحدث تنفيذ لأجندات خارجية لتدمير مصر وتخريب أصولها.

اشتهر عبد الهادي بالسياسي المعارض رغم عدم انتمائه إلى حزب سياسي. فلم تكن قضية “عمر أفندي” هي القضية الوحيدة التي ناضل فيها من أجل الحفاظ على ممتلكات الدولة. والوقوف ضد نهب أموال الشعب، منذ عهد الرئيس المخلوع مبارك، مثل تصديه لبيع بنك القاهرة. وبيع أراضي الدولة لهشام طلعت مصطفى بأثمان زهيدة.

وفي 27 يونيو 2013 أصدر وزير الاستثمار آنذاك يحيى حامد، قرارا بإقالة يحيى حسين من منصبه كمدير لمركز إعداد القادة. بسبب استضافة المركز لرموز المعارضة ضد الرئيس المعزول محمد مرسى في هذا التوقيت. لتنتهي علاقته بالمركز بعد خروجه على سن المعاش ورفضه الاستمرار أكثر في 30 يناير 2014.

في نهاية عام 2014، تلقى عبد الهادي عرضاً للعمل مستشاراً لمجلس الوزراء الكويتي. في شؤون الإدارة والدراسات والبحوث، وتولى مهام منصبه بالفعل.

مصرية تيران وصنافير

عُرف عبد الهادي بمناصرته الشديدة لثورة يناير من خلال مشاركته في أحداثها. وفي عام 2017 شارك عبد الهادي بشكل فاعل في تأسيس الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. كان عبد الهادي على رأس الرافضين لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.

لم تكن هذه هي المرة الأولي التي يمثل فيها عبد الهادي أمام السلطات القضائية، في ظل النظام الحالي. حيث تم إلقاء القبض عليه في شهر نوفمبر 2018، ولكن تم الإفراج عنه بكفالة عشرة آلاف جنيه. بعد تحقيق في بلاغ تقدم به مواطن يتهمه بإهانة رئيس الدولة ونشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام.