كتب – محمود السقا:
قال رئيس حزب “المحافظين” رجل الأعمال أكمل قرطام إن الدعوة الرئاسية للحوار الوطني تأتي في مرحلة حرجة للغاية، وهي مهمة لأنها تُظهر إرادة في الاستماع إلى الجميع. وفي هذا خطوة يجب أن تُقدر، من أجل مصلحة البلاد العليا. خاصة وأن الدعوة للحوار نفسها أتت قبل ذلك من الحركة المدنية.
وفي حوار أجراه معه “مصر 360″، رأى قرطام أن الدستور يحتاج إلى تفعيل وليس تعديلا. فهو يحوي موادّ قانونية كثيرة جيدة. لكنها غير مفعلة. مضيفًا أن البرلمان بشكله الحالي لا يمثل الشعب المصري. ذلك لأن الأغلبية داخل البرلمان خاضعة لأجهزة بعينها ولا تعبر عن الشعب.
اقرأ أيضًا: أسئلة الحوار السياسي الثمانية في مصر
ويؤكد قرطام أنه لا إصلاح اقتصادي دون آخر سياسي يتزامن معه في النشاط والحركة. مضيفًا أن الحراك السياسي يضمن الانتقال السلمي نحو المستقبل دون خلاف، وأن وجود وجهات نظر مختلفة تدعم لُحمة الدولة المصرية، وعدم وجود معارضة يجعل الدولة ضعيفة.
أكمل أحمد رشدي قرطام عمل بمجال هندسة البترول وهو أحد أبرز رجال الأعمال المصريين، وقد ترأس مجلس إدارة مجموعة صحارى للبترول. وهو عضو مؤسس في العديد من الحركات السياسية والاجتماعية مثل “حركة شايفنكم” و”مصريين ضد الفساد”، و”روتاري المعادي سرايات”، ومنظمة “برلمانيون ضد الفساد”، كما يعتبر شريك مؤسس لجريدة “المصري اليوم” وعضو مجلس أمناء جريدة التحرير. وقد كان عضوًا بالحزب الوطني المنحل السابق، وهو حاليًا رئيس ومؤسس حزب “المحافظين”.
-
ماذا ينتظر حزب المحافظين من الحوار الوطني؟
– ننتظر إصلاحًا سياسيًا وحوارًا من أجل الوطن، ونتمنى أن تكون الدعوة جادة وحقيقية.
هذه الدعوة تأتي في مرحلة حرجة للغاية، ولا ينبغي سوى أن ينجح الحوار. فالسلطة الآن تريد أن تسمع الجميع، وهذه الخطوة نقدرها، من أجل مصلحة بلادنا العليا.
الدعوة في أساسها جاءت من الحركة المدنية. وقد تأخر الحديث في الملف السياسي كثيرًا، وهذا تعطل قد يكون سببه التحديات التي كانت تواجه الدولة داخليًا وخارجيًا. لذا علينا أن نغلق صفحة الماضي ونبدأ من جديد لإنقاذ الوطن والوصول إلى إصلاح سياسي حقيقي.
غرضنا هو أن نصل لكيفية نتعامل بها مع هذا الحوار الوطني؛ فالإصلاح السياسى هو المطلب الذي أجمعت عليه كل أطراف الحركة المدنية. وربما هذا هو مطلب كل المعارضين في مصر.
التنمية وسعادة المواطن الغرض الأساسي للدولة المدنية الحديثة، والإصلاح لا يجب أن ينصب على الاقتصاد فقط. الإصلاح الاقتصادي لابد أن يواكبه إصلاح سياسي، ويجب بعث الحياة السياسية والحزبية مرة أخرى. لأن السياسة هي التي تقود الاقتصاد.
نتمنى أن نخرج من مؤتمر الحوار الوطني بوثيقة متفق عليها من الجميع. هذا شيء مهم جدًا في الناحية الاقتصادية.
-
ما هي رؤية حزبكم لآليات الحوار؟
– نرى أن هناك ضرورة للإفراج عن السجناء؛ ففي ذلك تهيئة لمناخ إقامة إصلاحات الدولة المدنية الحديثة. وقد أكد حزبنا على تبنيه مشكلة السجناء، وطالب بأن يتغير العفو الرئاسي إلى نص دستوري أو قانوني.
أما التجهيزات للحوار فهي مهمة للغاية. ويجب أن يسبقها التواصل مع أحزاب المعارضة خارج البرلمان. إذ لا نرى أن برلمانًا مكونًا من أحزاب موالاة يمكن أن يعبر عن الشعب وآلامه. فالأغلبية داخل البرلمان خاضعة لأجهزة بعينها ولا تعبر عن الشعب.
الحركة المدنية عقدت عدة لقاءات فيما بينها، جمعت فيها كل مكونات الحركة وكل المنتمين إلى المعارضة، وبعد مشاورات أصدرت بيان بمفاهيم ومطالب وليس شروط.
وقد تضمن في البيان محددات معينة عن المشاركين في الحوار. إذ يجب أن يمثلوا المصريين من مختلف الأطياف. كذلك لا بد من تحديد مفاهيم الإصلاح المطلوب، وهي مفاهيم لا خلاف عليها، يجب أن نفهمها ونتوافق عليها، أما مخرجاتها فشيء آخر يأتي في مرحلة لاحقة.
-
هل أنت متفائل بالحوار السياسي؟
– هناك ضبابية في الرؤية بشأن الحوار تمنعني من الوصول إلى إجابة دقيقة على هذا السؤال. الأمر متوقف على إرادة السلطة نفسها. فالرئيس دعا للحوار والأحزاب تتحرك من أجل أن تنجح هذه الدعوة. ولكن نجاح الأمر مرهون بمن بيدهم الأمر، وليس أحزاب المعارضة. وعلى أي حال نتمنى أن نخرج بنتجية ترضي الشعب المصري وتنقذ الوطن من أزماته.
النقطة المضيئة في الدعوة إلى الآن هي أن الأحزاب المعارضة في مصر أصبحت أكثر حرية.
-
هل لديكم تحفظات على تكليف الأكاديمية الوطنية للتدريب بإدارة الحوار؟
الرئيس هو من دعا للحوار، والأكاديمية مسئولة فقط عن الأمور الإجرائية أو التنظيمية. وهذا أمر لا يجب الوقوف عنده كثيرًا. كل ما يهمنا هو أن الرئيس دعا للحوار، وهو من سيشرف عليه.
قُدم اقتراح بتشكيل أمانة فنية تضم 10 أشخاص مقسمين بين السلطة والمعارضة لإدارة الحوار. لكن هذا أمر لا يجب أن يكون معطلًا لإجراء الحوار.
-
هل وجهت دعوة للحزب للحوار من قبل الأكاديمية الوطنية للتدريب؟
نعم، تلقى الحزب الدعوة، ولكن للحوار النهائي وليس “حوار ما قبل الحوار”. أي أن الدعوة التي وجهت لبعض الأحزاب من أجل عقد جلسات تشاورية بشأن الحوار لم توجه إلينا.
-
هل ترى أن الدستور يحتاج إلى تعديل؟
– الدستور يحتاج إلى تفعيل وليس تعديلا؛ فهو يحوي موادّ قانونية كثيرة جيدة لكنها غير مفعلة. خاصة المادة الخامسة. نحن بحاجة إلى نظام حكم دستوري، ومؤسسات بها توازن، لا تجور على الشعب المصري، ولا تخضع لأفراد. بل تخضع للقانون والدستور فقط. كما أننا نحتاج إلى حريات عامة تساعد في بناء الدولة المدنية الحديثة.
وأنا أتساءل: كيف لم تعقد انتخابات المحليات إلى الآن؟. وأين هي السيادة التي يجب أن تكون للشعب؟ هذه السيادة لا تكون سوى عبر المؤسسات المدنية والأهلية والأحزاب السياسية.
-
ماذا عن طموحكم السياسي في الفترة المقبلة؟
الحزب يرغب بالتأكيد في أن تكون له أغلبية برلمانية يومًا ما تؤهله لمراقبة الحكومة ومراجعتها في قرارتها وتقويم سياستها. بل وأن تؤهل هذه الأغلبية الحزب لأن يصبح شريكًا في السلطة. وكل هذا يخدم بناء دولة كرامة واقتصاد وعدالة، لا ظلم ولا عوز فيها لأي مواطن.
أما على المستوى الشخصي، فأنا لا أريد أي منصب ولا أي شيء. كل ما أرغب فيه هو أن يصبح حزب المحافظين مؤسسة حقيقية وكبيرة تحتوي الجميع وتقدم نموذجًا قويًا في الحياة السياسية المصرية.
-
كيف يرى حزبكم بيع الأصول ومصانع القطاع العام؟
العمال في مصر يعانون من مشاكل عديدة. وقد طالبنا كثيرًا بوضع حلول لمشاكلهم، ونصحنا بالاستفادة من التجربة الصينية والكورية.
نتمنى أن تكون هناك شراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص من أجل الخروج من الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تؤرق الشعب المصري. لكننا مطالبون بإدراك أن قيمة العدالة هي الأخذ بمقدار الجهد، والمساواة هي العدالة في توزيع الفرص وتكافؤ الفرص. القيم لدينا تحتاج المراجعة.
لا نتحفظ على بيع شركات القطاع العام بشكل عام، ولكن بشرط سداد الدين الكبير على الدولة المصرية. مع الأخذ في الاعتبار أن تكون هناك شفافية من جانب الدولة تجاه الشعب في هذا الأمر. ولكن إذا تم البيع دون خطة ودون تنظيم فهذا لن يحل أزمتنا.
-
هل يمتلك حزب المحافظين رؤية خاصة بأزمة السد الإثيوبي؟
الجانب المصري تعامل بحسن نية شديدة مع الجانب الإثيوبي في هذا الملف. بينما لم يكن الجانب الإثيوبي على قدر الثقة. سد النهضة عدائي، وغرضه ليس التنمية كما يعلن.
مصر من حقها الدفاع عن نفسها بعد إخلال إثيوبيا باتفاقية 1902 والتي تمنع إثيوبيا قانونًا من إقامة أي سدود لاحتجاز مياه. وهذا ما يمنح مصر الحق في إعاقة سد النهضة، ولو بالقوة.
حتى اتفاق المبادئ في 2015 كان لا بد لاستكماله من الحصول على موافقة البرلمان المصري. وهو ما لم يتم. إذ يجب أن يوافق البرلمان عليه، بعد توثيق البيانات والمعلومات الخاصة بتصميم السد وكمية المياه التي ستخزن. ومن ثم يدرس داخل اللجان المختصة وتُعقد جلسات الاستماع حوله. إلا أن إثيوبيا نفسها هي من عطلت ذلك؛ لأنها لم ترسل البيانات حول السد. وبالتالي أصبح هذا الاتفاق غير ملزمة لمصر.
نحن لا نعترض على الموافقة لإثيوبيا على بناء سد لإنتاج كهرباء. لكن مع الالتزام بعدم احتجاز أي كميات من حصتنا، إلا إذا وافقنا، وأن تكون الكمية المحتجزة على سبيل السلفة المائية. خاصة أنه من الواضح أن تصميم السد هو تصميم عدائي وغرضه ليس فقط توليد الكهرباء من أجل تنمية إثيوبيا.
لقد شكل الحزب لجنة ضمت خبراء كبارا أعدوا مذكرة تفصيلية تتضمن كافة التوصيات والملاحظات التي يمكن أن تساعد في الخروج من هذه الأزمة. مشكلة سد النهضة لها عدة أبعاد سلبية يمكن تفاديها إذا نظرنا إلى تلك الحلول التى وضعها الخبراء، والوقوف على توصياتهم البناءة التي تربط شعوب حوض النيل برباط يحمل مشاعر الأخوة بما يحقق الخير لجميع دول القارة.
“المحافظين” أحد أحزاب “الحركة المدنية الديمقراطية”، يُعرفه القائمون عليه بأنه يميل في مرجعيته إلى الوسطية. بينما يعبر عن رؤيته بأن الحكم الدستوري الديمقراطي الرشيد هو الذي يحقق الفصل والتوازن بين السلطات، ويضمن حماية الحريات واحترام حقوق الإنسان. وهو يرى أن طلاقة الفكر وحرية الاعتقاد هما الركيزتان الأساسيتان للتحول إلى دولة مدنية حديثة، لضمان إشراك سواد الشعب في الحكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ما من شأنه أن يدفع بهم إلى معترك الحياة السياسية، وانتقالهم من دائرة الاهتمام بالحياة الخاصة إلى دائرة الاهتمام بالحياة العامة من منطلق الشعور بالمسئولية.