تناقش إدارة “بايدن” اتفاقية جديدة مع الإمارات العربية المتحدة تشمل ضمانات أمنية استراتيجية أمريكية جديدة لحكومة أبوظبي. وذلك بحسب تقرير أعده دانييل لاريسون لموقع معهد “كوينسي”.

وذكر التقرير أنه إذا كانت التقارير عن اتفاقية جديدة مع أبوظبي صحيحة فلن يؤدي ذلك إلى ترسيخ الدور الأمريكي في المنطقة. بل إن هذا يمثل خطوة أخرى في الاتجاه الخاطئ لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وذلك في أعقاب الاعتذار الذي قدمه وزير الخارجية -بلينكن- لمحمد بن زايد رئيس الإمارات عن الرد الأمريكي البطيء على هجوم الحوثيين ضد أبوظبي في مارس/آذار الماضي.

وأوضح أن اتفاقية أمنية جديدة مع الإمارات ستكون دليلاً على “مكافأة” واشنطن للإمارات بحماية أمريكية أكبر رغم السلوك الإقليمي المدمر لحكومتها وجهودها للتدخل في سياسة أمريكا الداخلية.

الاتفاقية المزمع توقيعها تبدو أقل بكثير من المعاهدة الرسمية التي تفضلها الإمارات. لكن إذا قدمت أمريكا ضمانات أمنية للإمارات فسيكون “بايدن” مكررا لأخطاء أسلافه عبر “طمأنة” جهة فاعلة إقليمية سيئة على حساب أمريكا -بحسب التقرير.

استفادة الدول “التابعة”

وتابع التقرير أن الأشهر القليلة الماضية كانت أشبه بقصة تحذيرية حول كيفية استفادة الدول الإقليمية “العميلة” الإقليمية من أمريكا -في إشارة إلى الإمارات. فضلا عن انتزاعها تنازلات عبر الشكوى من إهمال واشنطن المزعوم. فيما تبذل الولايات المتحدة -حسب معد التقرير- قصارى جهدها لتوفير الحماية للإمارات. ويدلل على ذلك بمسارعة إدارة بايدن بمد أبوظبي بالطائرات والسفن للحماية من هجمات الحوثيين.

ومن الواضح أن هذا لم يكن سريعًا بما فيه الكفاية -حسب الوجهة الإماراتية- ما سبب امتناع ممثلها عن التصويت على قرار مجلس الأمن الذي يدين غزو روسيا لأوكرانيا.

وأضاف: “رفض محمد بن زايد الرد على مكالمات الرئيس الأمريكي وتجاهل قائد القيادة المركزية الأمريكية عند زيارته. وكان رد إدارة بايدن على هذا العناد هو لعب دور المتملق وكأن الإمارات هي الشريك الأكبر في العلاقة وحكومتنا بحاجة إلى موافقتهم”.

ووصف “لاريسون” سلوك إدارة “بايدن” بأنه “عرض محرج متوقع استمراره”. إذ سيشارك “بايدن” في قمة مجلس التعاون الخليجي في وقت لاحق من هذا الشهر في الرياض.

وجاء بالتقرير أن هناك من يدافع عن علاقة أوثق مع الإمارات بحملة ضغط على الإدارة الأمريكية خلال الأشهر القليلة الماضية. وذلك لحمل إدارة بايدن على إصلاح العلاقات مع أبوظبي. وقد سارعت الإدارة إلى ذلك. رغم أن الولايات المتحدة ليست ملزمة بفعل أي شيء للإمارات.

“بن زايد” يريد اتفاقا أمنيا تحت المظلة الأمريكية

كانت الإمارات مهتمة بالحصول على التزام أمني رسمي من الولايات المتحدة. فقد تحدث محمد بن زايد إلى الصحفي الأمريكي ديفيد إغناتيوس خلال الخريف الماضي حول اهتمامه باتفاق أمني رسمي.

منذ ذلك الحين بدأت فكرة إعطاء الإمارات والسعودية “ضمانات أمنية أكثر ثباتًا” في واشنطن.

وعلى الأقل عندما يتعلق الأمر بالإمارات فإن هذه الفكرة قد تجد جمهورا متجاوبا في إدارة بايدن.

فقد أصبحت المفاوضات النووية مع إيران مناسبة أخرى للإمارات لتطالب أمريكا بالمزيد. حيث تضغط حكومتهم وإسرائيل للحصول على ضمانات إضافية في حالة إحياء الاتفاق النووي مع إيران.

الحجة الرئيسية ضد زيادة التزام الولايات المتحدة تجاه الإمارات هي أن الاتفاق النووي يضر بالمصالح الأمريكية ولن يؤدي إلا إلى زيادة تهور حكومتهم.

ابتزاز للنهاية

بن زايد وبن سلمان
بن زايد وبن سلمان

وبحسب التقرير فإنه في المرة الأخيرة التي أرادت الولايات المتحدة “طمأنة تابعيها من دول الخليج العربي” على دعمها بدأت في المساعدة والتحريض على تدمير اليمن.

وعلى الرغم من سنوات من الدعم الأمريكي غير المحدود لتلك الحرب الوحشية -حرب السعودية والإمارات في اليمن- فلا تزال الحكومتان السعودية والإماراتية تشكوان من أن الولايات المتحدة “لا يمكن الاعتماد عليها”.

وبغض النظر عما قدمته الولايات المتحدة لهذه الحكومات في الماضي فإنه لا يكفي أبدًا لإرضائها. فأيا كان ما تقدمه إدارة بايدن لهم الآن سيزيد من شهيتهم للمزيد.

فقد أظهرت سنوات “ترامب” مدى خطورة هذا النمط من “الانغماس في التابعين” عندما تراجعت الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي وصعدت التوترات مع إيران احترامًا لرغبات تابعيها.

والآن بحسب التقرير فإن “بايدن” يخاطر بمخاطر مماثلة إذا جعل استرضاء السعوديين والإمارات أولوية خلال رئاسته.

تسليح لمزيد من عدم الاستقرار

التدخل الإماراتي في ليبيا نحو تأجيج الصراع
التدخل الإماراتي في ليبيا نحو تأجيج الصراع

وقد قدم العقد الماضي الكثير من الأدلة على أن رغبة واشنطن في تسليح ودعم الإمارات و”التابعين الآخرين في المنطقة” لا ينتج عنها سوى مزيد من عدم الاستقرار وسفك الدماء.

كما أن استمرار دعم الولايات المتحدة لـ”التابعين الاستبداديين” في المنطقة يورط أمريكا -حسب التقرير- في انتهاكاتها العديدة داخل وخارج حدودها.

وبدلاً من إضافة التزام آخر بالدفاع عن الإمارات يجب على الولايات المتحدة -حسب لاريسون- أن تفكر في كيفية خفض مستوى العلاقة وتقليل دعمها قدر الإمكان: “سيكون سحب القوات الأمريكية التي تم نشرها مؤخرًا مكانًا جيدًا للبدء”.

يرى كاتب التقرير أن الضمانات الأمنية للإمارات قد تجر الولايات المتحدة إلى صراعات جديدة في المستقبل. فمن المحتمل أن تتضمن الحفاظ على وجود عسكري أكبر بكثير في المنطقة مما تتطلبه المصالح الأمريكية.

واختتم التقرير بأن الاتفاق الأمني مع الإمارات “مضيعة للوقت والموارد” ويمكن أن يوقع الولايات المتحدة “في حرب أخرى غير ضرورية”. فمن السهل أن نرى كيف تستفيد الإمارات من مثل هذا الترتيب لكن كل ما تحصل عليه الولايات المتحدة منه هو أن تثقل كاهلها بعبء آخر غير مرحب به.

 

 

*معهد “كوينسي” مؤسسة بحثية تهتم بالسياسة الخارجية الأمريكية وتنشر موادها عبر منصة نشر خاصة باسمResponsible Statecraft.