حين كانت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج نبيلة مكرم تحتفل بـ”سبت النور” يوم 24 إبريل/نيسان الماضي كان نجلها رامي فهيم مُحتجز بأحد سجون ولاية كاليفورنيا الأمريكية بتهمة قتل شابين أمريكيين.

وفقًا لـ”المستند” الصادر عن مكتب شرطة إنهايم في 22 إبريل/نيسان الماضي فإن رامي هاني منير فهيم -26 عامًا- متهم بقتل زميله في العمل جريفين كومو -23 عامًا- وجوناثان بام -23 عامًا- مع سبق الإصرار والترصد.

وذكر ممثل الادعاء أنه عند وصول قوات شرطة إنهايم بمقاطعة أورانج بولاية كاليفورنيا بعدما تلقوا بلاغًا في فجر 19 إبريل/نيسان من أحد قاطني مجمع كاتيلا إي رقم 2100 يشكو حدوث شغب وعنف بالشقة المجاورة له وجدوا الممر والمصعد المؤدي لشقة جريفين كومو غارقا في الدماء. فيما عثروا على ثلاثة أشخاص -اثنين منهم قتلى بطعنات مختلفة في الجسد. وتبين لاحقًا أنهما جريفين كومو وجوناثان بام. بينما الشخص الثالث مصاب بجروح خفيفة وكان هو رامي فهيم نجل وزيرة الهجرة نبيلة مكرم.

وبعدها نُقل رامي لمستشفى قريب تلقى فيه العلاج وبعدما استعاد صحته بدأ محققو قسم جرائم القتل استجوابه. وبعد إنكار اعترف رامي بقتل جريفين كومو وجوناثان بام يوم 22 إبريل/نيسان الماضي وفقًا لراوية الشرطة.

بعدها نُقل رامي للحبس الاحتياطي. وفي 6 مايو/أيار الماضي وُجه رسميًا له اتهام بقتل شخصين مع سبق الإصرار والترصد. فيما حاولت محاميه إخراجه بكفالة دون جدوى.

بعد ذلك -وبحسب بيان للمحكمة العليا في مقاطعة أورانج بكاليفورنيا- تم تحديد يوم 17 يونيو/حزيران الجاري موعدا لجلسة محاكمته والتي يمكن أن تصل عقوبته في هذه الجريمة حال إدانته إلى “الإعدام”.

ضحايا نجل وزيرة الهحرة وشؤون المصريين بالخارج
ضحايا نجل وزيرة الهحرة وشؤون المصريين بالخارج

أين يعمل رامي نجل وزيرة الهجرة؟

وفقًا لما نشره رامي عبر حسابه الشخصيفي لينكد إن فهو يعمل “باحث مساعد” research associate في شركة بنس لإدارة الثروات منذ سبتمبر/أيلول 2021. وذلك بعد عامين من عمله في شركة للذكاء الاصطناعي تدعى Accelerate. وقبلها انضم عام 2018 لشركة مور مانجمنت وهي شركة لإدارة رأس المال.

أما الضحية زميله “جريفين كومو” فيعمل في قسم التسويق والاتصال بالشركة نفسها بحسب حسابه عبر لينكد إن منذ مايو/أيار 2021. أي قبل رامي بنحو 5 أشهر فقط وذلك بعد تخرجه في جامعة تشابامان.

ما هي شركة بنس لإدارة الثروات؟

في البداية شركة بنس لإدارة الثروات Pence Wealth Management واحدة من كبرى شركات الاستشارات المالية في الولايات المتحدة. وتُدير نحو 1.95 مليار دولار من الأصول الاستشارية وقرابة 383 مليون دولار في أعمال الوساطة المالية.

وتعود ملكية وإدارة شركة بنس لإدارة الثروات إلى الأمريكية من أصول مصرية ليلى بنس وزجها درايدن بنس وهو رئيس قسم المعلومات بها -وفقًا للموقع الإلكتروني للشركة.

وبحسب المعلومات عبر موقع الشركة الإلكتروني فإن ليلى من مواليد السويس بمصر وهاجرت مع أسرتها عام 1967. فيما تعمل الشركة من مقرها الرئيسي الموجود في نيوبورت بيتش بولاية كاليفورنيا. وفي الوقت نفسه فإن الشركة تابعة لمجموعة RIA المالية.

ومجموعة رايا RIA هي شركة عالمية رائدة في صناعة تحويل الأموال. وتقدم خدماتها في أكثر من 435.000 موقع عبر أكثر من 160 دولة وتأسست عام 1987 وفقًا لموقعها الإلكتروني.

كما تعمل شركة بنس لإدارة الثروات مع شركة LPL Financial كوسيط. حتى إن مستشاريها مُسجلون أيضًا ضمن مستشار LPL. والأخيرة واحدة من كبرى شركات إدارة الصناديق المالية في الولايات المتحدة.

كما أن شركة بنس لديها شركة تابعة هي Pence Capital Management. والتي تُنشئ محافظ نموذجية للمستشارين الآخرين. وبالإضافة إلى مقرها الرئيسي في نيوبورت بيتش تمتلك Pence Wealth Management مكتبًا في تورانس بولاية كاليفورنيا.

متى وصل ابن وزيرة الهجرة إلى شركة بنس؟ 

ليلى بنس ووزيرة الهجرة
ليلى بنس ووزيرة الهجرة

في الوقت الذي كانت وزيرة الهجرة نبيلة مكرم تضع اللبنة الأولى لما عُرف بعد ذلك بمؤتمر “مصر تستطيع بالتاء المربوطة” لم يكن أحد في مصر يعرف ليلى بنس أو حتى سمع عنها. لكن منذ أن شاركت في المؤتمر الأول الذي عُقد في يوليو/تموز 2017 وهي ملء السمع والبصر.

بعدها نشر المجلس القومي للمرأة تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك عرّف خلاله السيدة ليلة بأنها نموذج ناجح. ثم استضافتها المذيعة لميس الحديدي في برنامجها “هنا العاصمة” المذاع على قناة “سي بي سي” في العام نفسه تحدثت خلاله ليلى عن نفسها ومشروعها وشركتها.

وظلت تلك الزيارات والعلاقات بمرور الأيام والسنين وبعد 3 أعوام وتحديدًا في شهر فبراير/شباط 2021 طفت مرة أخرى صور ولقاءات لـ”ليلى بنس” على واجهات المواقع والصحف الإخبارية المصرية.

إذ ظهرت في أحد البرامج المسائية. سبقتها تهنئة قدمتها لها الوزيرة نبيلة مكرم بصفة شخصية في الشهر نفسه بعد تصدرها المركز الأول بقائمة مجلة فوربس لأفضل مستشاري إدارة الثروات على مستوى الولايات للعام السادس على التوالي. وتحديدا في جنوب كاليفورنيا. علاوة على تصدرها المركز الخامس بقائمة المجلة كأفضل مستشاري إدارة الثروات من السيدات على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية.

ثم في يونيو/حزيران 2021، وقعت مؤسسة بنس لإدارة الثروات المملوكة لـ”ليلى بنس” بروتوكول تعاون مع الوزيرة نبيلة مكرم لدعم المشروع القومي “حياة كريمة”. وذلك عبر إطلاق حملة لجمع التبرعات من المصريين المهاجرين في الولايات المتحدة لصالح المشروع -وفقًا لما نشرته صحيفة الوطن المصرية.

وفي الشهر نفسه نظمت وزيرة الهجرة لقاء لـ”ليلى بنس” مع رئيس البورصة المصرية الدكتور محمد فريد صالح لبحث تبادل الخبرات في مجال الاستشارات المالية وأسواق المال وإدارة الثروات.

وفي أغسطس الماضي أعلنت وزيرة الهجرة إنشاء موقع إلكتروني لجمع التبرعات من المصريين بالخارج “الولايات المتحدة-كندا” تحديدًا. بمشاركة ليلى بنس. وذلك في لقاء جمعها مع أخريات عبر منصة زووم -وفقًا لبيان صادر عن مجلس الوزراء.

ليلى بنس وتبرعات المصريين بالخارج

ليلى بنس
ليلى بنس

وبعد البحث والمراجعة اكتشفنا وجود هذا الموقع الإلكتروني الذي يعود إنشاؤه إلى 25 سبتمبر/أيلول من العام الماضي. ودون عبر واجهته عبارة طويلة يقول فيها: “استجابت ليلى بنس وزوجها رجل الأعمال الأمريكي درايدن بنس لدعوة وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج السفيرة نبيلة مكرم لدعم أنشطة المشروع الرئاسي القومي حياة كريمة. وذلك بالموافقة على تنظيم فعالية لجمع التبرعات من المصريين في الولايات المتحدة للإسهام في دعم المبادرة. وتم الاتفاق مع منظمة الروتاري في الولايات المتحدة على دعم الحملة من خلال جمع التبرعات وشراء الاحتياجات المتفق عليها وإرسالها لمصر”.

لا يضع الموقع أي تفاصيل بشأن حجم المبالغ التي تم التبرع بها من جانب المصريين بالولايات المتحدة وكندا. لكن موقع إيجيبت توادي كشف عن جمع نحو 362 ألف و805 دولارات لصالح مشروع “حياة كريمة” -وفقًا لمؤسسة الموقع ليلى بنس.

لكن الموقع الإلكتروني لمؤسسة بنس لإدارة الثروات يخلو تمامًا من قيام المؤسسة بتنظيم حملة لجمع التبرعات. لكنه يذكر قيام الوزارة بنفسها بتنظيم هذه الحملة لجمع التبرعات -وفقًا لبحث أجريناه عبر موقعهم.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تقوم بها وزيرة الهجرة نبيلة مكرم بحملة لجمع التبرعات من المصريين المهاجرين في الولايات المتحدة. إذ سبقتها حملة لصالح مستشفى أبو الريش وجمعت خلالها أكثر من 300 ألف دولار -حسبما ذكر موقع اليوم السابع في عام 2018.

بعد شهرين من إطلاق الموقع الإلكتروني لجمع التبرعات وتحديدًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عُين نجل الوزيرة رامي فهيم في شركة بنس لإدارة الثروات كباحث مساعد -حسبما ذكر هو على حسابه على موقع لينكد إن.

ماذا تقدم الحكومة؟

وزيرة الهجرة
وزيرة الهجرة

يقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية إن الحكومة المصرية لا تستطيع تقديم دعم لرامي لأنه متهم بجريمة. لكنها تُقدم الدعم للوزيرة نبيلة مكرم. وظهر هذا من خلال ظهورها في الصفوف الأولى خلال مؤتمر “مصر تستطيع” وإلقائها كلمة. وهو المؤتمر الذي عقد في القاهرة خلال الأيام الماضية.

ويُضيف ل”فهمي” لـ”مصر 360″: “سياسيًّا وإعلاميا مينفعش نقول الدولة تجيب له محامي أو السفارة تدَّعمه هناك”. مشيرًا إلى أن الحكومة حسمت موقفها وهو “دعم الوزيرة” لكنها لم تقترب من بعيد أو قريب من قضية نجلها.

ويُوضح الإجراءات المُتبعة حال اتهام أي مواطن مصري بالخارج بجريمة قتل قائلاً: “تُتابع السفارة المصرية أو القنصلية الموجودة في البلد القضية قضائيًا وتكتب تقارير عنها وتُرسلها لوزارة الخارجية لإفادتها. وهذا أرقى تصرف تستطيع الدولة تقديمه”.

ويكشف أستاذ العلاقات الدولية أنه حال عدم وجود محام للمواطن المصري المتهم في قضية بدولة أجنبية قد تقوم السفارة بتكليف محام للدفاع عنه. لكن في حالة رامي نجل وزيرة الهجرة من غير الوارد قيام الحكومة بتكليف محام للدفاع عنه.

ويلفت إلى أن إجراءات التقاضي في الولايات المتحدة “صعبة جدًا” ومعقدة. وتقديم أدلة الاتهام صعبة جدًا بخلاف أي دولة أخرى. وبالتالي القضية ستكون صعبة. موضحًا أن إجراءات التقاضي تبدأ بتوجيه اتهام مباشر لحين ظهور أدلة الاتهام.

ويقول “فهمي” إن العقوبات التي تروج لها وسائل الإعلام بين السجن طوال حياته أو الإعدام “تكهنات”. فلا تزال إجراءات التقاضي طويلة جدًا.

ما موقف رامي الآن؟

وفقًا لما أوردته وسائل إعلام محلية فإن فريق الدفاع المكلف للدفاع عن رامي سيتقدم محاموه بوثائق تُفيد معاناته من مرض نفسي “انفصام الشخصية”.

انفصام الشخصية تعرَّفه منظمة الصحة العالمية بأنه اضطراب نفسي شديد يسبّب الذهان ويعدّ معيقا بشكل كبير وقد يؤثر على جميع مجالات الحياة، بما فيها الأداء الوظيفي الشخصي والأسري والاجتماعي والتعليمي والمهني.

ويُوضح ياسر زبادي ‏‏‏‏-المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا- أنه حال تقديم وثائق بإصابة رامي بمرض نفسي وقبول المحكمة بها فإنها قد تؤدي لتخفيف العقوبة الجنائية عليه أو قد تصل حد المنع من العقاب أصلا دون إسقاط الحق المدني وهو التعويض.

ويقول لـ”مصر 360″ إن جريمة القتل العمد تعني أن إرادة الجاني اتجهت لارتكاب الجريمة وإزهاق الروح. لكن حال إصابة الجاني بمرض نفسي يؤثر على إرادته وتركيزه وعلى وعيه ستكون دافعا قويا أمام المحكمة.

ويُضيف “زبادي” أن معنى إصابته بمرض نفسي تمحو “القصد والإرادة المبيتة للقتل”. لكنه يظل مسؤولا عن الشق المدنية وهو التعويض لأسرة المجني عليه. واصفًا التعويضات المعمول بها في المحاكم الأمريكية بـ”الحقيقة” مقارنة بالتعويضات “الوهمية” في المحاكم المصرية.

في النهاية لا يزال موقف رامي معقدًا على الأقل حتى الآن.