بدأ العد التنازلي لإجراء الحوار الوطني المنتظر بإعلان القائمين على إدارته وموعده. إذ جرى إسناد إدارة الحوار إلى نقيب الصحفيين ضياء رشوان. فيما تم اختيار المستشار محمود فوزي -الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام- رئيسًا للأمانة الفنية للحوار الوطني. والذي تبدأ أولى جلساته خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو/ تموز المقبل.
كانت الفترة الماضية حملت كثيرا من الزخْم وضخت القوى السياسية والشخصيات العامة تصوراتها لإنجاح الحوار الوطني. كما قدم البعض ملاحظاته على كيفية الإعداد للحوار واختيار القائمين عليه. بيد أن وقوع الاختيار على ضياء رشوان للمهمة ربما حمل رسائل طمأنة للبعض. الذي كان يتخوف من سيطرة أحد أحزاب الموالاة أو أي جهة بعيدا عن الرئاسة قد تكون على عداء أو لديها تحفظ ما ضد قوى سياسية معارضة على إدارة الحوار بما يقوض أهدافه قبل أن يبدأ. وبالمقابل هناك من يرى أن رشوان أيضا مقرب من أجهزة الحكم، وإن هذا بدوره قد يمثل علامة سلبية بالنسبة لحيادية الحوار ومدى جديته.
ما قبل التكليف.. إسهامات مدير الحوار
خلال الفترات الماضية استضاف نقيب الصحفيين غالبية ألوان الطيف السياسي المصري من اليسار لليمين. وقدم بعض الشخصيات المحورية في المعارضة والسياسة المصرية. على رأسهم حمدين صباحي -المرشح الرئاسي الأسبق ومؤسس حزب الكرامة- في برنامجه على إحدى القنوات الفضائية بعد أن غاب “حمدين” عن الإعلام المصري لمدة تقترب من 6 سنوات.
واستضاف “رشوان” أيضا اليمين الديني لأول مرة منذ سنوات طويلة على شاشات الإعلام المصري. إذ يمثله رسميًا في الحياة السياسية والأحزاب والبرلمان حزب النور السلفي. إذ قدم رئيس الحزب الدكتور محمد إبراهيم منصور تصوراته للحوار عبر لقاء “رشوان”.
سيرة ضياء رشوان
هو من مواليد قرية المحاميد بمركز أرمنت في محافظة قنا عام 1960. وينتمي لعائلة لها تاريخ بالعمل السياسي. إذ كان والده نائبًا برلمانيا وعضوًا بمجلس الشورى لدورات عدة.
تخرج ضياء رشوان في كلية العلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1981. وحصل على الماجستير في التاريخ السياسي من جامعة السوربون الفرنسية عام 1985. وعمل باحثا بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بعد تخرجه. ثم تولى فيه مناصب هامة وخلف الدكتور جمال عبد الجواد في إدارة المركز عام 2011.
فاز “رشوان” بمنصب نقيب الصحفيين في 2013. واستمر عامين قبل أن يعود ويرشح نفسه في انتخابات مارس 2019 ويفوز بها. كما ترشح للمرة الثانية وأعيد انتخابه عام 2021. فيما عين منذ 2017 رئيسًا للهيئة المصرية العامة للاستعلامات.
كان نقيب الصحفيين عضوًا بلجنة الخمسين التي وضعت دستور مصر 2014. كما كان عضوًا بالمجلس الأعلى للصحافة بين عامي 2013 و2015 ممثلا لنقابة الصحفيين. كما شغل عضوية الهيئة الوطنية للصحافة التي تدير وتشرف على الصحف القومية بمصر منذ عام 2017. وتم تعيينه عضوًا بالمجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف تحت رئاسة “السيسي”.
إجراءات الحوار الوطني.. كيف تبدأ؟
حسب بيان لإدارة الحوار فإن أولى مهامه تتمثل في التشاور مع القوى السياسية والنقابية والأطراف المشاركة في الحوار الوطني لتشكيل مجلس أمناء الحوار من 15 عضوا. بما يضمن المشاركة الفعالة والتوصل إلى مخرجات وفقا للرؤى الوطنية المختلفة.
وقد أكدت الأكاديمية الوطنية للتدريب الجهة التابعة لمؤسسة الرئاسة والمسئولة عن تنظيم الحوارـ الانتهاء من التجهيزات اللازمة. وحسب قرار تكليفها فإن دورها يقتصر على توفير المهام التنظيمية واللوجستية دون تدخل في سير الحوار.
وسلمت الأكاديمية طلبات المشاركة والمقترحات المقدمة من الفئات والأطراف المختلفة إلى ضياء رشوان فور إعلان قرار تكليفه بإدارة الحوار. تمهيدا لمناقشتها وبدء جلسات الحوار الوطني. فيما يتم إعلان تفاصيل المقترحات كافة خلال الأيام المقبلة.
ملخص مطالب المعارضة
خلال الفترات الماضية طرحت القوى المعارضة العديد من التصورات لإنجاح الحوار وفعاليته. وبلورت الحركة المدنية -التي ينضوي تحت لوائها معظم أحزاب المعارضة والعديد من الشخصيات الرئيسية- هذه المطالب في تصور شامل طرحته للرأي العام.
وطالبت الحركة بالإفراج عن السجناء السياسيين باعتبارها إشارة لازمة على الجدية في اعتماد هذا الحوار السياسي مقدمة لفتح صفحة جديدة تليق بمصر وشعبها. واقترحت عددًا من الضوابط الإجرائية والموضوعية التي تساعد على جعل الحوار وسيلة لإنقاذ الوطن وحل مشكلاته ـحسب بيان الحركة.
يأتي على رأس مطالب الحركة المدنية أن يكون الحوار تحت مظلة مؤسسة الرئاسة. باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه خلال الحوار. كما طالبت بأن تجرى جميع الجلسات ومناقشة كل المحاور بين عدد متساوٍ ممن يمثلون السلطة بكل مكوناتها باعتبارها المسئولة عن صنع السياسات العامة والمعارضة التي لم تكن جزءًا من تلك السلطة ولا شريكا لها.
وأوضحت ضروة استمرار الحوار حتى صياغة النتائج النهائية والاتفاق على برنامج واضح لكيفية ومواعيد تنفيذه. وأن يجرى بث الجلسات من خلال وسائل الإعلام المتنوعة. والتي طالبت بأن تتحرر من سيطرة السلطة السياسية لتصبح هي ذاتها السلطة الشعبية التي يحكمها في أداء عملها القواعد المهنية ومواثيق الشرف الصحفية والإعلامية فقط.
وطلبت الحركة المدنية أيضا تشكيل أمانة فنية مسئولة عن الإعداد للحوار وإدارته وصياغة مخرجاته وكتابة تقرير ينشر دوريًا على الرأي العام بما تم إنجازه مما اتفق عليه. على أن تشكل الأمانة من كبار الخبراء الوطنيين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والتجرد. ويتم تسميتهم مناصفة من قبل طرفي الحوار -سلطة ومعارضة- وتستعين الأمانة بمن تشاء لإنجاز الأعمال التي توكلها إليهم.
أولويات اقتصادية وحقوقية
واقترحت كتابةً الأفكار والمقترحات والدراسات والمشروعات ووضع جدول الأعمال وتقسيم الجلسات وتوزيعها على المحاور بحسب الأولويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحقوقية. وما يتعلق بالحفاظ على الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل. وصياغة رؤية استراتيجية للتعامل مع القضايا الوطنية والقومية والإقليمية.
كما طالبت بتوزيع جدول الأعمال على محاور أساسية. يتفرع عن كل منها لجان تفصيلية للحديث عن الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي والإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والإصلاح التشريعي والمؤسسي وحقوق الإنسان والحريات العامة والأمن القومي والمصالح الوطنية وتعميق المواطنة ومكافحة التمييز.
وشددت الحركة على ضرورة حضور الحكومة ورؤساء الهيئات البرلمانية جلسات الحوار والمشاركة بالرأي وتقديم المعلومات التي تُطلب منها من قبل المتحاورين بشكل واضح وشفاف. لكي تتخذ أطراف الحوار قراراتها على قاعدة من المعرفة الصحيحة. وذلك للاتفاق على التوصيات النهائية في صورة تعديلات تشريعية أو إجراءات تنفيذية بمشاركتهما كجهتي اختصاص. ما يعني التزامًا أدبيًا بالتنفيذ الأمين لما تم التوافق بشأنه.