مع بداية موجة الحر وقبل أجازة عيد الأضحى تنتشر على منصات التواصل الاجتماعى إعلانات السياحة والسفر والرحلات. والتي تتضمن دعوات يومية على الفيسبوك، مصحوبة بالصور الجذابة للشطآن، والشمس، والبحر، والألعاب المائية المرحة، والمناظر الطبيعية. وبالطبع، لابد من مشاهد لشباب منطلق وسعيد ومشاهد مدهشة للسلفى والفيديو والذكرى الخالدة.
تبدو الآن عروض الأسعار لزيارة شرم الشيخ، ودهب. وأيضا تركيا ولبنان وجزر المالديف مثل فرصة عظيمة للسعادة بأقل التكاليف. يأتي ذلك عبر شركات مجهولة تحمل أسماء إنجليزية جديدة على سوق الطيران والسياحة. تعد المسافرين معها بمصيف بالتقسيط على 6 أشهر، وأسعار خارج المنافسة، وبرنامج زيارات رائع لا ينقصه غير أن تتخذ قرارك وتتصل بهم. وتدفع مقدما نقدًا أو عبر بطاقتك الائتمانية.
هذه الشركات توجه حديثها -في الأغلب- للعائلات متوسطة أو محدودة الدخل، أو للشباب المغامر. لمن يبحث عن صداقات ومرافقين جدد، أو لمن يريد الانفراد بنفسه وينشد الاستجمام والصمت. ولا يريد أن يسمع سوى صوت البحر والطبيعة. وبالطبع، هناك عرض مناسب ستجده حتما هذه الفترة من الصيف، وأنت تبحث عن رحلة وإجازة عبر الفيسبوك أو إعلانات جوجل أو إنستجرام.
سياحة ما بعد كورونا
السنيما والدراما التليفزيونية العالمية حذرت من الإقبال السريع بدون تفكير على السياحة الرخيصة. خاصة من بعد فترات الحظر وكورونا في معظم دول العالم. على سبيل المثال، ظهرت أعمال فنية حديثة من أفلام السنيما العالمية، ومسلسلات الكيانات الضخمة الجديدة. وحذرت بشدة من مثل هذه الدعوات الجذابة للسفر الرخيص أو المجاني. سواء على سبيل الدعاية أو الجائزة والفوز في سحب عشوائي.
من هذه الأعمال فيلم old إنتاج 2021، ومسلسل welcome to Eden، أو The serpent، أو Hotel Cecile. وقد استعرضت هذه الأعمال خطورة السفر مع جهة غير معلومة، تحت إغراء المكان الرائع، ورفاهية الإقامة الفندقية. مع انخفاض التكاليف بشكل غير منطقي أو معتاد.
أيضا، بعض هذه الأفلام والمسلسلات حذرت من شركات الأدوية التى قد تستغل ضيوف الرحلة في تجربة منتجاتها الجديدة. ذات الآثار الجانبية الخطيرة التى يراقبونها على مدى فترة الرحلة. بما في ذلك التعرض للتسمم والقتل. وبعض الأعمال الدرامية حذرت المغامرين محبي السياحة الرخيصة من الفنادق التى قد تستهدفهم بغرض سرقة جوازات السفر أو الأوراق الرسمية المهمة. والتي يمكن تزييفها لصالح أسماء جديدة. في حين تقوم أماكن أخرى بتعريض نزلائها لأخطار عديدة. منها سرقة المال والمتعلقات والاعتداء من تجار المتعة غير المشروعة أو مدمني المخدرات.
السياحة التعيسة
في السطور التالية، تأتى بعض القصص والشهادات على لسان أصحابها. منهم أماني يوسف. وهي شابة مطلقة تعول ابنها الوحيد، تعمل في نادى صحي. ولا تهتم في العادة بمتابعة نشرات الأخبار، أو تطورات الحرب الروسية في أوكرانيا. لكنها تأثرت للغاية -حسب قولها- من تدنى مستوى وأعداد الأفواج السياحية التى تسافر اليوم للغردقة من أوروبا بالذات وروسيا. لدرجة صارت تهدد عملها بالتوقف، وصارت تهددها هى شخصيا بنوبات اكتئاب حادة. مع عدم قدرتها على الوفاء بمصاريف مدرسة ابنها الابتدائية.
أمّا ماريان سعد، وهي نزيلة في أحد المنتجعات السياحية. فتقول: لقد تغيرت الأمور كثيرا. لم أعد أحب رحلات الغردقة وشرم الشيخ ودهب بسبب الوجوه العابسة للعاملين في معظم الفنادق. والخدمة السيئة، والطعام الرديء الرخيص لدرجة غير مقبولة.
تضيف: أصحاب عدد كبير من الفنادق والمنتجعات يستغلون العمالة والزبائن في نفس الوقت. لتعويض فارق التكاليف وتحصيل نفس نسبة الأرباح من بعد انخفاض الإقبال السياحي من الخارج. أشعر بالاستغلال والخدعة. وبشكل عام لا يستطيع أحد أن يمضي إجازة سعيدة بين مجموعة من التعساء المحبطين. أولئك هم العمالة الرخيصة غير المدربة التى تقوم على الخدمة هنا وفي كل منتجعات البحر الأحمر تقريبا.
بريهان مصطفى، طالبة ثانوي تضيف: أنا وصديقاتى نكتشف أماكن الرحلات عبر الإنترنت. ونحجز أون لاين ونسافر معا دون دخلاء وعادة نفضل الأماكن التى تتسم بالبساطة مثل الخيام والعشش الخوص. لافتة إلى أن قضاء الوقت في “كامب”، هو أكثر متعة من الغرف المغلقة في الفنادق المكيفة. ويمكن أن نعيش فيه إجازة مختلفة مناسبة أكثر للرياضة الروحية. مثل اليوجا أو لعب الكرة، وحفلات الشواء.
إفساد المتعة
في المقابل، يوضح غالى عزت، وهو خبير سياحي ومالك لأحد المشروعات السياحية في نويبع. أن الحرب الروسية عطلت السائح الأوروبي المحب للشواطئ والطبيعة عن السفر لمناطق مثل نويبع وراس شيطان. بينما الروس يفضلون السياحة الفندقية والديسكو ورفاهية الإقامة والخدمات والطعام.
أما أشرف عرفة، فيلفت إلى أن السياحة الرخيصة في دهب أفسدها القادمون من مناطق أخرى ولم يعملوا بها من قبل. يقول: السياحة بالأساس ليست حرفتهم أبا عن جد. هؤلاء القادمون الجدد في المطاعم أو محلات بيع ملابس البحر يتسببون في مشاكل أقلها التحرش اللفظى بالفتيات أومراقبتهن بشكل خادش للحياء والخصوصية.
يُتابع: لقد جربت السفر إلى دهب مرة مع بعض الشباب الذين يجمعهم منظمو الرحلات بعروض رخيصة على الفيسبوك. وكانت الرحلة مرهقة جدا، ورفاق الأتوبيس مزعجون، ومتفاوتون في مستواهم، لدرجة أفسدت متعة الرحلة. فلم أكررها من يومها.
وتوجز مي أبو مازن ما تعلمته في تلك التجربة بقولها: السفر هو متعتى ومكافأة أمنحها لنفسى بعد شهور من العمل الشاق. أنا أعمل في بنك أجنبى وأعشق السباحة وارتدى المايوه البكيني. وليس عندى أى استعداد للذهاب غلى مكان رخيص أو قضاء أجازة مصيف بالتقسيط مع صحبة لا أعرف من فيها. أو مع أشخاص لهم مستويات متفاوتة من التفكير والسلوك قد تفسد إحساسي بالحرية والتلقائية في تصرفاتي.
وأكدت: لذا القاعدة عندي أن المصيف مثل الزواج. من يقدر عليه يدفع تكلفته ومهما بلغت فهى تستحق. أما من ليس معه ما يلزم رحلته بشكل يجعلها ممتعة وآمنة، فيستطيع أن يؤجل السفر لحين تدبير المبلغ المطلوب وإلا سيكون إهدارا للوقت بلا فائدة.