حالة استياء وقلق انتابت قوى سياسية معارضة بعد إعلان إدارة الحوار الوطني أن أولى جلساته تبدأ أول يوليو المقبل. وأكدةت هذه القوى أن الحوار سيصبح  بالشكل المعلن عنه “ذا نهج أحادي”.

كان بيان إدارة الحوار الوطني أعلن اختيار ضياء رشوان -نقيب الصحفيين ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات- منسقا عاما للحوار الوطني. فضلا عن تشكيل أمانة فنية للحوار برئاسة المستشار محمود فوزي لمعاونة مجلس أمناء الحوار في العملية اللوجستية والتنظيمية.

وأعلنت الحركة المدنية الديمقراطية –تضم 7 أحزاب- رفضها بيان إدارة الحوار الوطني. واتفقت بإجماعها على عدم قبول البيان. معتبرة أن ما جاء به “اجتزأ ما تم الاتفاق عليه في جلسات التشاور التي امتدت على مدار الشهر الماضي”. وأن المشاورات لم تكن وصلت إلى اتفاق على نقاط أساسية منها “تسمية الأمين العام للحوار”.

وأكدت “الحركة المدنية” تجديد التزامها القاطع بالبيان الذي أصدرته في 8 مايو/أيار الماضي. باعتباره الحد الملزم لهم جميعا سياسيا وأخلاقيا للدخول في الحوار السياسي الوطني. والذي سبق لهم قبول دخوله مبدئيا بروح بناءة ونيّات حسنة.

خلاف حول “رشوان” و”الأكاديمية”

ضياء رشوان مديرا للحوار الوطني
ضياء رشوان مديرا للحوار الوطني

وقالت إن “شروطها والضوابط المقترحة تتمثل في أن يكون الحوار تحت مظلة مؤسسة الرئاسة. باعتبار أن الواقع العملي يؤكد أنها الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ ما يمكن الاتفاق عليه خلال الحوار”. واشترطت أن تتشكل أمانة فنية مسؤولة عن الإعداد للحوار وإدارته وصياغة مخرجاته وكتابة تقرير ينشر دوريًا على الرأى العام بما تم إنجازه. مما تم الاتفاق عليه وما لم يتم وأسباب ذلك والمسؤول عنه.

الأكاديمية الوطنية للتدريب
الأكاديمية الوطنية للتدريب

وطالبت الحركة في بيانها بأن تضم الأمانة 10 من كبار الخبراء الوطنيين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والتجرد. ويتم تسميتهم مناصفة من قبل طرفي الحوار -سلطة ومعارضة- وتستعين تلك الأمانة بمن تشاء لإنجاز الأعمال التي توكلها إليهم من قبل الأكاديمية الوطنية للتدريب أو غيرها.

“صادم للجميع”

وقال كمال أبو عيطة -وزير القوى العاملة الأسبق وعضو لجنة العفو الرئاسي- إن بيان إدارة الحوار الوطني كان “صادما لجميع أعضاء الحركة المدنية الديمقراطية”. وأضاف: “بعيدًا عن تسمية المنسق العام للحوار والأمين العام واللجنة الفنية للحوار فإن طريقة صدور البيان بهذه الطريقة تعتبر مخالفة في كل شيء”.

وتابع: “جميع نقاط البيان الصادرة من إدارة الحوار الوطني كانت خارج السياق تماما. وتقول إن السلطة التي وافقنا على عمل حوار معها قامت بطرح بيان لدولة ومعارضين آخرين”.

كمال أبو عيطة
كمال أبو عيطة

برنامج اقتصادي وسياسي واحد

وقال “أبو عيطة”: “حينما تم سؤالنا عن تحديد موعد الحوار اتفقنا على أن السقف لبدء الحوار يكون موضوعيا. بمعنى أن يتم إخلاء سبيل سجناء الرأي وفتح المجال العام. وإذا طالبوا بعد ذلك بعمل حوار في اليوم التالي لن نرفض نهائيا. لكن هذا لم يحدث وتم تحديد موعد للحوار دون أن يتم الحديث عن ضمانات نجاحه. وهذا ما نرفضه خاصة أنه من السهل جدا أن يجلس مجموعة من القوى المعارضة مع السلطة لكن لن يؤدي ذلك إلى نتائج. ولن يوافق الشعب المصري. فلا بد من تهدئة القلوب الموجوعة وخروج أبناء المصريين من السجون حتى يشعروا أن هناك حوارا وطنيا حقيقيا يمثلهم. فإذا لم يتم خروج سجناء الرأي فهذا يدل على فشلنا أمام الشعب المصري”.

وأوضح أن هناك قوتين. واحدة تميل إلى الحوار الوطني وخروج سجناء الرأي. والأخرى ترفض خروج سجناء الرأي وتعمل على عرقلتنا. لذلك كل ما نريده هو لم الشمل من جديد والعمل على حل جميع مشكلات المصريين معيشيا أو اقتصاديا أو سياسيا. فضلا عن محاولة تهدئة غضب الشارع بسبب ارتفاع الأسعار.

وعند سؤاله عن حقيقة وجود خلاف داخل الحركة المدنية قال “أبو عيطة”: “لا يوجد انشقاق أو خلاف داخل الحركة المدنية. فنحن متفقون على حب الوطن. لكن هناك نقاشات وهذا أمر طبيعي. وباختلاف الأحزاب يمينا ويسارا فجميعنا متفقون على برنامج اقتصادي وسياسي واحد يطبطب على الشعب المصري الذي يعاني. والخلافات من طبائع الأمور. سواء كان من قبل السلطة الحاكمة أو من قبل المعارضة. لكن قدرتنا الحقيقية تكون في العمل على حل هذه الخلافات بطريقة حضارية محترمة تجعلنا نرى أن هناك مستقبلا أفضل للبلد”.

ضمانات المعارضة قبل الحوار الوطني

يقول طلعت خليل -الأمين العام لحزب المحافظين وعضو مجلس النواب الأسبق- إنه لا خلاف على تولي أفراد بعينهم إدارة الحوار الوطني. لكن لديه خلاف على منهجية العمل. بمعنى أنه لا يعلم مَن الجهة المتمثلة في الحوار الوطني. إضافةً إلى ذلك مطالبة المعارضين في 8 مايو بوجود أمانة فنية تتمثل في خمسة من أحزاب المعارضة وخمسة من الحكومة وليس محاورين. لكن بيان إدارة الحوار يقول إن الأمانة الفنية برئاسة أشخاص معينين يتواصلون مع السياسيين وبعض الفئات الأخرى: هذا ليس حوارا بين المعارضة والجهة السياسية بالدولة. بل أصبح حوارا مجتمعيا وليس سياسيا. وبالتالى لن يؤتي ثماره كما كنا نتوقع”.

وأكد “خليل” أن قوى المعارضة حتى هذه اللحظة ترحب بالحوار الوطني لكن بمنهجية صحيحة حتى لا يفشل هذا الحوار.

طلعت خليل
طلعت خليل

الإصلاح السياسي أولا

وقال: “نطالب بالإصلاح السياسي قبل أي شيء. فدون إصلاح سياسي لن يأتي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي. فنحن نريد حضور الحوار ضامنين الرجوع إلى منازلنا دون إلقاء القبض علينا. خاصةً أننا مختلفون في أشياء كثيرة جدا. لذا يجب أولا ضمان حقوقنا المشروعة حتى لا يتم إلقاء القبض علينا”.

وأوضح خليل، على ان ليس هناك انشقاق من قبل المعارضة وان ما يتردد عاري تماماً من الصحة، خاصة وان القوى المعارضة بأكملها متفقه على قلب رجلاً واحد فى فكر الإصلاح السياسي والاقتصادي

وأكد، على ان اذا كان هناك نية صادقة من قبل السلطة سيتم الإستجابة لبيان الحركة المدنية الديمقراطية، مؤكداً على ان أعضاء الحركة المدنية مازالوا مصرين على التحاور بمنهجية حتى تأتي بنتائج جيدة لصالح الوطن.

وعند سؤاله عن الاعتراض حول اسم ضياء رشوان لتولي إدارة الحوار الوطني قال: “لم نعترض على ضياء رشوان لكننا معترضون على منهجية عرض بيان الحوار الوطني”.

تهمنا ضمانات الحوار من منطلق الجوهر

على الصعيد نفسه يقول مدحت الزاهد -رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي- إن ما يعني الحركة المدنية من الأساس هو ضمانات الحوار من حيث الجوهر. وأن يكون هناك تمثيل متوازن وخطوط عريضة لبيان الحركة. علاوة على إحداث انفراجة سياسية متمثلة في الإفراج عن سجناء الرأي. فلا يمكن أن يكون هناك طرف محاور وهو أسير -حسب قوله.

وأضاف أن الذي تم الإفراج عنهم عدد قليل جدا. حيث خرج “11 شخصا منذ انطلاق الدعوة للحوار الوطني حتى الآن”. مع العلم أن نقيب الصحفيين قال في برنامجه التليفزيوني حين استضافنا إن هناك نحو 1074 شخصا محبوسا قيد الترتيب لإخلاء سبيله ولكن لم يحدث ذلك نهائيا حتى الآن. فلا توجد بشائر تؤكد صدق كلام السلطة ولا يوجد أيضا رفع الحظر عن بعض المواقع التي تم حجبها. ولم يتم الرجوع إلى أصل مادة الدستور من الحبس الاحتياطي. والتي كانت ستة أشهر فقط ووصلت إلى سنتين وفق نسخة الدستور الأخيرة. وهو أمر لا يتحقق على أرض الواقع بالنسبة للبعض، ممن تتجاوز فترات حبسهم السنوات الأربعة.

مدحت الزاهد
مدحت الزاهد

وأكد أنه بمجرد تعديل قانون الحبس الاحتياطي سيتم خروج المئات من سجناء الرأي. الذين لم يقوموا بعمل أي تخريب في الدولة. بل كل ما قاموا به هو كتابة آرائهم فقط.

نقلق على الحوار الوطني

وقال “الزاهد”: “مقدمات الحوار الوطني لم تتحقق بعد. فنحن نرى أن التطورات الأخيرة والمزعجة في بيان إدارة الحوار الوطني دلالة على التوجه لتحويل الحوار إلى كرنفال هُلاميّ”.

وأضاف: “لا يعقل أن نرى الأحزاب التي قامت بالموافقة على التشريعات التي تسببت في أضرار عديدة للشعب المصري والمعارضة هي التي تخرج علينا الآن ويتم استضافتها في قنوات التليفزيون. وتقوم بالتحدث باسم المعارضة وإرسال مقترحات للحوار الوطني. وبالتالي ستقوم الحكومة بنشر إنجازاتها. هل هذا يعقل؟!”.

وأوضح أن المقلق في موضوع الحوار الوطني أن يتحول إلى كرنفال تتعدد أصواته ويكون حوارا عاما ومفتوحا ليس له أي ضوابط أو ضمانات. وبالتالي لن يتم إدارته بطريقه متوازنة ولن تتمكن القوى المعارضة الحقيقية من طرح بدائلها أمام الرأي العام -حسب قوله.

واختتم بأن الاستماع إلى صوت واحد هو صوت الدولة إجهاض مبكرر للحوار.

تعبر عن نفسها فقط

 

ناجي الشهابي
ناجي الشهابي

على جانب آخر يقول ناجي الشهابي -رئيس حزب الجيل وعضو مجلس النواب الأسبق- إن بيان الحركة المدنية الديمقراطية الأخير “تصرف غير مقبول وغير مطلوب بالمرة في ذلك التوقيت”. خاصة وأن نقيب الصحفيين ضياء رشوان ليس بعيدا عن العمل السياسي. فهو ابن من أبناء هذا الوطن. وله علاقة بجميع الشخصيات السياسية والحزبية. ويستطيع أن يدير حوارا سياسيا ناجحا.

وقال “الشهابي”: “الحركة المدنية الديمقراطية بتعبّر فقط عن عدد قليل جدا من الأحزاب السياسية المعارضة. فهي لا تعبر عن جميع الأحزاب السياسية. وبالتالي لا يمكن أن تمثلنا. ولا يجوز أن نقصر الحياة السياسية في الحركة المدنية”.

وأكد أنه ليس بالضرورة تنفيذ كل مطالب الحركة المدنية. ولكن من حقهم إبداء الرأي في قضايا مختلفة على ألا يتحدثوا باسم الأحزاب “السياسية المعارضة”. فهم -الحركة المدنية الديمقراطية- “ليسوا محركين للعمل السياسي المصري. بل يعبرون عن وجهة نظرهم لا وجهة نظر جميع المعارضين”.

وقال “الشهابي”: “أنا معارض موضوعي. وأرى أن هذا الحوار فرصة من أجل الوطن. ويجب علينا جميعًا أن نتحد على قلب رجل واحد”.