قضية “جوني ديب” أظنها حالة لا تتكرر كثيرا في مجتمعنا وربما ليس من الوارد حدوثها، لكن ما يتكرر بكثرة هي حالات العنف التي تتعرض لها النساء كما شهدنا في قضية “أحمد بسام زكي”  وقضية “الفيرمونت” و”فتاة المول” لذلك أجد أنه من الأهمية بمكان، وخاصة في خضم تصاعد الحديث عن تعديلات قوانين الأحوال الشخصية، أن لا ننسى قانون حماية الناجيات من العنف   لتحقيق وتمكين وحماية حقيقية للنساء في مجتمعنا كما أوجب ذلك الدستور، وكما ورد في استراتيجية تمكين النساء 2030 والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

خاصة وأنه في 20 يونيو المقبل ستنظر محكمة الاستنئاف حكم براءة رشا عزب من تهمة سب وقذف المخرج  إسلام العزازي، والذي قضى أيضا برفض الدعوى المدنية المقامة منه، وكان المخرج إسلام العزازي اتهم “عزب” بسبه وقذفه عبر نشرها وتضامنها مع سيدات ادعين تحرش المخرج بهن.

 استراتيجية “قضية في مواجهة قضية”

“قضية أمام قضية” استراتيجية قديمة يستخدمها المتقاضون في المحاكم المصرية ليتحول المجني عليه إلى متهم، ويتحول الجاني إلى مجني عليه، فتتساوى مواقفهم القانونية، لينتهي المطاف بالتصالح، أو معاقبة الطرفين، تلك هي الاستراتيجية التي يستخدمها المتهمون في قضايا العنف ضد النساء حاليا للإفلات من العقاب أو لترهيب الناجيات من اللجوء إلى العدالة أو للانتقام منهن.. جريمة أخرى يرتكبها المتهمون ومحاموهم في قضايا العنف ضد النساء، يشاركهم فيها نظام عدالة يقبل أن يكون لجوء الضحايا إليه محفوفا بالمخاطر.

وهكذا تواجه الناجيات من “العنف المبني على النوع الاجتماعي”  [1]حواجز وتحديات تعيقهن عن الوصول للعدالة، منها غياب الثقة بفعالية منظومة العدالة، وعدم الوعي بالقوانين ومعرفة الحقوق،  وإفلات الجناة من العقاب، واحتمال وقوع الناجيات ضحايا مرة أخرى لهذا العنف، مما يشعرهن بأنه لا حول لهن ولا قوة، وفي بعض السياقات لا يمكن لنظم العدالة أن تلبي احتياجات الناجين، بل إنها في الواقع تتسبب بالمزيد من الضرر لهم أحيانا، كما قد يواجه الناجون عوائق اقتصادية واجتماعية وثقافية كبيرة تضاف إلى الضغط الاجتماعي الذي يمنعهم من التبليغ عن الحوادث والوصول للخدمات القانونية، خاصة مع غياب البروتوكولات الخاصة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي وضعف أو غياب التشريعات التى تحمي الناجيات وتسهل عليهن إثبات وقائع العنف أمام منظومة العدالة.

 وفى مصر شهدت الفترة الماضية عددا من قضايا العنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي، والموجه ضد النساء تلك القضايا التي جاءت لتثبت قدرة النساء على تخطي موروث الصمت والتستر على العنف الواقع عليهن، وبالرغم من كافة الصعوبات والتحديات التي واجهتها النساء فى ذلك، إلا إنهن أوجدن طرقا متعددة  للإعلان عن تلك الجرائم ومواجهة الجناة.. تلك الخطوة الإيجابية والتي تعد انتصارا،  كان من الأولى بعدها الحديث عن تطوير آليات وأدوات إثبات هذا العنف لمساعدة المزيد من النساء للخروج من صمتهن، لكن للأسف مسار الأحداث فى بعض تلك القضايا التي أصبحت فيها المجني عليها والشهود متهمين وتم عرضهم على الطب الشرعي فى انتهاك لكثير من حقوقهم يحتم علينا الحوار من أجل طرح أفكار وأدوات وآليات لحماية المجني عليهن (الناجيات) والشهود استنادا إلى ما نص عليه الدستور فى مادته “السادسة والتسعين” والتي جاء نصها: “توفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمبلغين والمتهمين عند الاقتضاء وفقا للقانون”.

وما جاء أيضا فى نصوص الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الجريمة – والتى صدقت عليها مصر – ومنها “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” والتي ألزمت الدول الأطراف فيها بضرورة إصدار قوانين لحماية المبلغين والشهود والخبراء.

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعت عليها مصر في 2003 وصدّقت عليها في 2005، تلزم كل الدول الموقعة عليها بحماية الشهود وخاصة المادة 25 التي تنص على أن تعتمد ما يلزم من تدابير تشريعية وغير تشريعية ضد استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو التحريض على الإدلاء بشهادة زور، أو للتدخل في الإدلاء بالشهادة، أو في تقديم الأدلة في إجراءات تتعلق بارتكاب جرائم تشملها الاتفاقية.

وتنص المادة 32 من ذات الاتفاقية، على اتخاذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفقًا لنظامها القانوني الداخلي، وضمن حدود إمكانياتها، لتوفير حماية فعّالة للشهود والخبراء الذين يُدْلون بشهادة تتعلق بأفعال مجرّمة وفقا للاتفاقية، وكذلك لأقاربهم وسائر الأشخاص وثيقي الصلة بهم عند الاقتضاء، من أي انتقام أو ترهيب محتمل.

فعدم وجود أحكام لإضفاء الحماية على الشهود والمبلغين والخبراء فى القانون المصرى كان له أكبر الأثر فى الحد من مكافحة الجريمة والإفلات من العقاب، وخاصة في جرائم العنف الجنسي الموجه ضد النساء.

كما أن التزامات مصر الدولية بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تحتم عليها اتخاذ تدابير تشريعية وغير تشريعية وبذل العناية الواجبة لحماية النساء من العنف الواقع عليهن

كما نصت المادة الثانية من الاتفاقية على أنه: تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:

أ- إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلل التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.

ب-  اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة.

ج – فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي

كما يلزم معيار بذل العناية الواجبة الدولة باتخاذ الإجراءات التالية:

 منع العنف ضد المرأة:

التصدي للأسباب الكامنة وراء العنف ضد المرأة، وتغيير الذهنيات وتعديل السلوكيات، والقضاء على عوامل الخطر، والتواصل مع المرأة المعرضة للعنف، وإنهاء عزلتها، وتوسيع نطاق برامج التصدي للعنف ضد المرأة، وصياغة قوانين وتقديم ضمانات دستورية تتسم بالشمول، وجمع البيانات وتصميم البرامج، ومراعاة تعدد أشكال العنف ضد المرأة، وإيلاء الاعتبار الواجب للفئات المعرضة للخطر، واعتماد استراتيجية مستدامة، والتعاون مع المنظمات النسائية والمعنية بقضايا المرأة.

حماية المرأة من العنف:

كفالة توفير خدمات الدعم المنسقة للمرأة وضمان حصولها عليها، وإتاحة أوامر الحماية للمرأة وضمان استعانتها بها، ودعم المسعفين في أداء واجباتهم، وتعزيز الوعي والمواقف الإيجابية من خلال أنشطة التدريب المستمرة.

ملاحقة مرتكبي العنف ضد المرأة:

تلبية احتياجات الضحايا والاستجابة لمخاوفهن، ووضع سياسات للحد من سقوط الدعاوى، وضمان تنفيذ استجابة إيجابية ومبكرة من قبل الشرطة لصالح الضحايا/الناجيات، وترسيخ واجب التحقيق في قضايا العنف ضد المرأة، وترسيخ واجب ملاحقة مرتكبي العنف ضد المرأة، وتعزيز الثقة بأجهزة الشرطة والقضاء، وتعيين مدعين عامين متخصصين، وإنشاء محاكم متخصصة، والنظر في اعتماد سبل بديلة لتسوية النزاعات، والتأكد من أن النظم القانونية التعددية تتوافق مع نهج تقوية المرأة.

معاقبة مرتكبي العنف ضد المرأة:

محاسبة الجناة، وضمان معاقبة الجناة عقابا يتناسب مع الجرم المرتكب، وتحقيق الأهداف المرجوة من العقوبة، وتوسيع نطاق نظام العقوبات القائم بحيث لا يقتصر على السجن عند الاقتضاء، وضمان وضع عقوبات ترتكز على مبدأ أن العنف ضد المرأة غير مبرر.

توفير سبل الانتصاف للمرأة المعرضة للعنف:

اعتماد منظور محوره الضحية/الناجية وكفالة التعامل مع العنف ضد المرأة على نحو يتناسب مع خطورة الضرر أو الخسارة المتكبدة، وتحمل مسؤولية تقديم الجناة التعويضات اللازمة للضحايا/الناجيات،  والعمل على تحقيق إصلاح مؤسسي وتغييرات جذرية [2]

نماذج من قضايا تم ملاحقة المجني عليها أو المبلغين أو الشهود  أو التعدي عليهم بسبب اللجوء إلى العدالة: 

  • قضية (المول)

تعرضت «س. ط» التي عرفت إعلاميا باسم «فتاة المول» إلى جريمة انتقام مروعة من قبل (ه. أ) والذي كان قد تحرش بها وتعدى عليها بالضرب في عام 2015  مما أدى إلى حبسه لمدة أسبوعين في القضية 12501 لسنة 2015، حيث كان الجاني يتتبع الناجية وقام في السبت 14 أكتوبر 2017 بضربها في وجهها بسلاح أبيض «كاتر» أثناء خروجها من صيدلية بمصر الجديدة، وأوضح التقرير الطبي وجود جرح قطعي بالوجه بطول 20 سم طبقا للناجية، فالجاني كان يحاول ذبحها لكنها التفتت فأحدث جرحا في وجهها وفر هاربا، وقد تم القبض على الجاني في نفس اليوم وحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق، والجدير بالذكر أن الجاني(ه. أ)  كان أيضا متهما في قضية اغتصاب عام 2001.

  • قضية أحمد بسام زكي 

أحدثت قضية الشاب أحمد بسام زكي، الطالب بالجامعة الأمريكية، الصادر حكم بحبسه 8 سنوات في أربعة اتهامات بهتك عرض 3 فتيات والبراءة في في 13 تهمة منها التحرش والتهديد والابتزاز لم تطعن عليها النيابة، حراكا واسعا ضد جرائم التحرش والاغتصاب على خلفية اتهامه بارتكاب أعمال منافية للآداب تحت وطأة التهديد والإكراه، بدأت بتدوينات فردية تتهمه عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تدشين “هاشتاج” كان الأوسع انتشارا والأكثر تفاعلا لعدة أيام.. وحتى صدور قرار رسمي بحبسه، تلك كانت البداية المشجعة على تجاوز حاجز الصمت، والتى منحت الجميع أمل أن يكون لتلك القضية تأثير كورة الثلج على المستوى الاجتماعي والقانوني في التعاطي مع قضايا العنف الجنسي.

بدأت أحداث القضية بقيام طالبة بكتابة منشور حول تعرضها للتحرش من قبل (أ.ب.ز) في إحدى المجموعات التي تجمع طلاب الجامعة، وتفاعل العديد من المعلقين والمعلقات مع المنشور ما بين فتيات حكين تعرضهن لاعتداءات مختلفة من نفس الشخص وآخرين شككوا في محتوى المنشور واتهموا الفتاة بالكذب، وعندما حذف مديرو المجموعة المنشور تعددت الأقاويل ما بين أن الحذف تم بدعوى عدم وجود إثبات على هذه الادعات وبين تعرضهم للتهديد من قبل (أ.ب.ز)

تم إنشاء صفحة “شرطة الاعتداء” Assault Police  بعد ذلك لتتيح للفتيات نشر شهاداتهن عن وقائع (أ.ب.ز) بشكل مجهل تماما، وهو ما شجع العديد منهن على التواصل مع الصفحة وإرسال الإثباتات اللازمة إن وجدت.

إن مجهولية البيانات ساعدت وشجعت الفتيات على تقديم إثبات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن إثباتا رسميا كان يشكل –لحظتها- عقبة أمامهن، خاصة في ظل إتاحة بيانات المبلغات للشخص المبلغ ضده، الأمر الذي قوبل بالخوف من معظم الفتيات وبالرفض من معظم الأهالي خاصة الفتيات تحت السن القانوني وبالتالي يحتجن موافقة ولي الأمر لاتخاذ الإجراءات الجنائية، فقط فتاة واحدة تقدمت بإثبات حينها وفقا لبيان النائب العام في 4 يوليو 2020 والذي نص على: “وأكدت النيابة العامة، بتلك المناسبة عدم تلقيها أيَّ شكاوى رسمية أو بلاغات ضد المذكور من أي شاكية أو متضررة منه، سوى شكوى واحدة من إحدى الفتيات قدمتها عبر الرابط الإلكتروني الرسمي لتقديم الشكاوى إلى النيابة العامة.

في التاسع من يوليو 2020، أصدر مجلس الوزراء بيانا بعد الاجتماع رقم 99 للحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي يوافق فيه على مشروع قانون حماية سرية أقوال المجني عليها في قضايا التحرش والاعتداء الجنسي في خطوة هامة وجدية لحماية بيانات الفتيات المبلغات، وهو ما تم صدوره فعليا في 5 سبتمبر بقانون رقم 177 لسنة 2020.

كان لقرار مجلس الوزراء في حينه أثر مهم في تقدم عدة فتيات للابلاغ والشهادة ضد (أ.ب.ز) حتى وصل عددهن إلى 9 فتيات، تنوعت التهم ما بين هتك عرض قاصر والتحرش الجنسي والابتزاز، استمرت التحقيقات قرابة الشهرين ليصدر قرار إحالة (أ.ب.ز) للمحاكمة في سبتمبر 2020، وجدير بالذكر أن الفتيات المبلغات لم تنشرن أسماءهن حتى هذه اللحظة.[3]

  • قضية الفيرمونت

وفى شهر أغسطس الماضي، أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بالتحقيق في شكوى التعدي على فتاة جنسيًّا بـ«فندق فيرمونت نايل سيتي» بالقاهرة، وذكرت النيابة العامة -في بيان  لها- أنها تلقت كتابًا من «المجلس القومي للمرأة» مرفقًا به شكوى قدمتها إحدى الفتيات إلى المجلس من تعدي بعض الأشخاص عليها جنسيًّا خلال عام 2014 داخل «فندق فيرمونت نايل سيتي» بالقاهرة، ومرفق بشكواها شهادات مقدمة من البعض حول معلوماتهم عن الواقعة. وأمر النائب العام بفحص ما قُدّم من أوراق وتحقيق الواقعة تحقيقًا قضائيًّا. وأكدت النيابة العامة أنها ستتولى إعلان ما يمكن إعلانه من نتائج التحقيقات في الوقت الذي تراه مناسبًا، وذلك حفاظًا على سلامة التحقيقات وحسن سيرها.[4]

كما أكدت النيابة العامة ضرورةَ الحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالمتهمين قبل الشروع في التحقيقات وإلقاء القبض عليهم واستجوابهم، لعدم منحهم فرصةً للهروب، وضمانًا لسلامة التحقيقات، مؤكدةً أنَّ الحفاظَ على سرية بيانات المتهمين لا يقلُّ أهمية عن الحفاظ على سرية بيانات المجني عليهم في مثل الواقعة المطروحة وغيرها..[5]

وبسبب الاحتفاء ببيان المجلس القومي للمرأة وسرعة الاستجابة بتقديم البلاغ والإشارة لحماية بيانات المبلغين والشهود في قرار مجلس الوزراء الصادر بعد الاجتماع رقم 99، قرر عدد من الفتيات والشباب التطوع بالشهادة في هذه القضية، إلا أن الأمر اتخذ منحى غاية في الخطورة بعد ذلك، ففي الفترة ما بين 24 حتى 27 أغسطس تم القبض على عدة أشخاص كانوا شهودا في قضية الفندق الشهير، فهل كانت الصدفة فقط هي العامل المشترك؟ أسماء الشهود لم تكن معلومة لأي طرف حتى إدلائهم بالشهادة، فكيف ولماذا تم القبض عليهم؟

في 31 أغسطس أصدرت النيابة العامة بيانا ذكرت فيه حبس بعض المتهمين وإخلاء سبيل آخرين “وذلك على ذمة التحقيق معهم في وقائع اتهموا فيها بمناسبة التحقيقات الجارية في واقعة التعدي، فماذا يعني وقائع اتهموا فيها بمناسبة التحقيقات الجارية؟ وما هي تلك الوقائع التي لم يتم الإفصاح عنها؟ هل تكشفت تلك الوقائع بسبب شهاداتهم أم كانت جرائم تحاول النيابة الوصول لمرتكبيها؟ هل ورطت الشهادة في هذه القضية قائليها؟ وهل تم اتخاذ الشهادة دليلا على جريمة لم تكن أصلا محل تحقيق؟ هل للمتهمين دور في الأدلة التي تم التحقيق فيها كما تداولت الأخبار من قبل؟ أسئلة كثيرة بلا إجابات سوى واحدة وهي أنه لولا الشهادة لما عُرفت أسماء الشهود ولما تم اتهامهم.

القبض على بعض الشهود في هذه الواقعة خلق جدالا مهما على مواقع التواصل الاجتماعي ونقدا لاذعا ضد المجلس القومي للمرأة الذي وعد بحماية المبلغين والشهود ثم اختفى من المشهد وكل ما يتعلق بالقضية.. أدى هذا الجدل لتراجع العديد من الفتيات عن إثبات أو الشهادة في قضايا العنف الجنسي خاصة إن كان المتهم ذا منصب ومال خوفا من تكرار سيناريو قضية الفندق. الوصمة التي كسرت بعد (أ.ب.ز) عادت وبقوة في هذه القضية، والدعم الذي تلقته فتيات القضية الأولى اختفى تماما في هذه القضية.[6]

 

وفى مايو 2021 أعلنت النيابة العامة في مصر عن غلق البريد الإلكتروني المنشأ بمناسبة التحقيقات في واقعة الاعتداء على فتاة بفندق فيرمونت نايل سيتي.

كما أصدرت النيابة العامة، أمرا مؤقتا بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في قضية مواقعة أنثى بغير رضائها بفندق فيرمونت نايل سيتي خلال عام 2014، وذلك لعدم كفاية الأدلة فيها ضد المتهمين، وأمرت بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا منهم.

وكانت تحقيقات النيابة العامة في الواقعة قد استمرت نحو 9 أشهر استنفدت فيها كافة الإجراءات سعيا للوصول إلى حقيقتها، وتوصلت منها إلى أن ملابساتها تخلص في مواقعة المتهمين المجني عليها بغير رضائها بجناح بالفندق حال فقدانها الوعي خلال حفل خاص حضرته عام 2014، ولكن الأدلة لم تبلغ حد الكفاية ضد المتهمين لتقديمهم إلى المحاكمة الجنائية عنها.

بينما أعلنت النيابة العامة أن التحقيقات الموسعة التي أجرتها في ما يعرف إعلاميا باغتصاب “فتاة الفيرمونت”، وما رافقها من تسجيلات وبلاغات وشهادات، قادت إلى إثبات الاتهامات بحق 3 من المتهمين في واقعة ثانية، اغتصبوا خلالها فتاة في الساحل الشمالي عام 2015.

وبناء عليه أمرت النيابة العامة بإحالة المتهمين الثلاثة إلى محكمة الجنايات المختصة.

وفى  في نوفمبر 2021 قضت محكمة مصرية، بالسجن المؤبد لمدة 15 عاما، على ثلاثة متهمين بعد إدانتهم باغتصاب فتاة في محافظة مطروح بالساحل الشمالي، رغم حفظ التحقيقات بحق نفس المتهمين وآخرين بالقضية المعروفة إعلاميا باسم “قضية فتاة الفيرمونت”. تضمن الحكم السجن المشدد 15 سنة للمدان الأول حضوريا، والسجن المؤبد على المدانين الثاني والثالث غيابيا، نظرا لهروبهما.

وقائع التحرش هذه كانت سببا في موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، بما ينص على عدم إثبات بيانات المجني عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، أو في المادتين 306 مكررا أ و 306 مكررا ب، من ذات القانون، أو في المادة 96 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، وينشأ في الحالة المشار إليها، ملف فرعي يضمن سرية بيانات المجني عليه كاملة، يعرض على المحكمة والمتهم والدفاع! كلما طُلب ذلك.

ويهدف التعديل إلى حماية سمعة المجني عليهم، من خلال عدم الكشف عن شخصياتهم في الجرائم التي تتصل بهتك العرض، وفساد الخلق، والتعرض للغير، والتحرش، الواردة في قانون العقوبات وقانون الطفل، خشية إحجام المجني عليهم عن إثبات عن تلك الجرائم.

يأتي ذلك في ضوء فلسفة المشرع في تعديل التشريعات لمواكبة المستجدات التي تطرأ على المجتمع، ورصد المتغيرات التي أفرزها الواقع العملي والحالات التي تحول دون الكشف عن الجرائم والوصول إلى مرتكبيها.[7]

هذا وقد صدر القانون رقم 177 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 ونشر بالجريدة الرسمية  العدد 36 مكررا بتاريخ 5 / 9 / 2020 وهذا نصه: قرر مجلس النواب القانون الآتي نصه، وقد أصدرناه:

المادة 1 –  تضاف إلى قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 مادة جديدة برقم (113 مكررا)، نصها الآتي:

مادة 113 مكررا – لا يجوز لمأموري الضبط أو جهات التحقيق الكشف عن بيانات المجني عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، أو في أي من المادتين (306 مكررا/أ، 306 مكررا/ب) من ذات القانون، أو في المادة (96) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، إلا لذوي الشأن.

المادة 2-   ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.

لكن يثور هنا السؤال حول مدى كفاية هذه التعديلات ومدى حمايتها للمجني عليهن وللشهود والمبلغين، خاصة وأن المجني عليهن دائما ما يترددن فى الإبلاغ عن تلك الوقائع للأسباب الاتية:

  • التحديات التي تواجهها (الناجية)[8] خاصة عند الذهاب إلى أقسام الشرطة وطلب المساعدة القانونية (من طريقة التحقيق، والأسئلة الموجهة لها، والكشف الطبى..) لإثبات الاعتداء الواقع عليها مع الانتباه إلى أنه لا توجد شرطة نسائية متخصصة فى جرائم العنف الجنسي ضد النساء .
  • وجود أحكام مسبقة على الناجية بأنها أحد أهم الأسباب في وقوع لحظة الاعتداء الجنسي سواء التحرش أو الاغتصاب نتيجة لملابسها، أو طبيعة عملها، أو ديانتها، وغيرها من التبريرات التي تعزز ثقافة التحرش أو الاغتصاب .
  • خوف الناجية من عواقب تقديم بلاغ ضد المعتدي لما يقع عليها من مسؤوليات وما يشعرها بالخزى والوصمة من المجتمع المحيط وأنها سبب ما تعرضت له من اعتداء.
  • – رد الفعل المجتمعي تجاه الضحية من رفض الاعتراف بالفعل والانشغال بأمور أخرى تبدو أكثر أهمية من الفعل نفسه مثل: الفضيحة – هل هناك علاقة سابقة بينها وبين المغتصب – مكان ووقت وقوع الحادث.. إلخ.
  • – رفض الناجية ووصمها مجتمعيا خاصة من الدوائر المحيطة (الأهل –الأصدقاء – والمعارف..) التي من المفترض أن تكون مساندة لها .
  • صعوبة وصول النساء إلى خدمات الإنترنت، خاصة لو أتيحت آليات للتبليغ إلكترونيا عن وقائع العنف ضدهن، إضافة لارتفاع معدلات الأمية بين النساء تحديدا.
  • عدم فعالية مكاتب مكافحة العنف ضد المرأة في الأقسام المختلفة بسبب تركيز الشرطة على مكافحة التحرش في المجال العام وقت الأعياد والاحتفالات فقط.
  • التهاون مع جرائم العنف الإلكترونية ضد النساء وانتهاك خصوصية وسرية البيانات خاصة في الجرائم الإلكترونية، حيث يزداد تعرض النساء لانتهاك خصوصية البيانات عند تحرير المحضر، لاسيما لو تعلق المحضر بحالة عنف جنسي إلكتروني، في هذه الحالة يجب عليها الإدلاء ببيانات حسابها على التواصل الاجتماعي وهذا الأمر مطلوب فقط في الحالات التي يتطلب فيها الخبير التقني.
  • عدم وضوح خطوات التحقيق بعد تقديم بلاغ إلكتروني متعلق بالتعرض للعنف. فعلى سبيل المثال أتاح المجلس القومي للمرأة طرق إلكترونية للفتيات لتقديم بلاغ متعلق بالتعرض للعنف والعنف الجنسي، إلا إنه لم يكن واضحا ما هي الخطوات التالية بعد تقديم البلاغ بشكل إلكتروني؟، وما هي طرق التدخل لحماية المبلغات؟.[9]

في الحقيقة إن هذا التعديل لا يغني ولا يسمن من جوع، كما أنه لا يحقق الحماية المنشودة، فالمخاطر التى تواجه الناجيات والمبلغين والشهود أكبر بكثير من هذا التعديل الجزئي الذى جاء ذرا للرماد لا أكثر، وستظل التعديلات الجزئية غير كافية حتى يخرج إلى النور قانون متكامل لحماية النساء من العنف  في المجال الخاص والعام وحتى يكون هناك قانون متكامل لحماية المبلغين والشهود والخبراء فالعدالة خطوات عملية وليست مجرد نتيجة، وهناك وعي متزايد بالحاجة إلى اتباع إجراءات خلال المحاكمة ومراحلها  تضمن كرامة الضحايا وحمايتهم. فلا ينبغي أبدا أن يقع الضحايا، أو يشعروا أنهم وقعوا عرضة للتلاعب أو الاستغلال أو الخطر من جراء عمليات العدالة، كما أنه من الضروري إجراء إصلاحات هيكلية لتعزيز المساءلة المؤسسية. ويمكن أن يشمل ذلك وضع معايير سلوك مهنية، وإجراءات الشكوى والإجراءات التأديبية، وآليات الرقابة.

فغالبا ما تتعرض المبلغات عن جرائم العنف الجنسي لانتهاك خصوصيتهن في مرحلة التبليغ ومراحل التقاضي المختلفة والتي تتخذ العديد من الأشكال، ومنها تسريب بيانات للناجيات عبر محاضر الشرطة في الأقسام وأحيانا النيابات، مما يجعل الكثير من الناجيات يتراجعن عن فكرة التبليغ ككل أو التنازل عن محضر الشرطة بعدما يذهب -في أغلب الأحيان- أحد أقارب الجاني إلى محل إقامة الناجية المسجل في المحضر وابتزازها عاطفيا أو تهديدها بالتعرض لها لكي تتنازل عن محضر الشرطة أو عن القضية ككل في حالة إحالتها إلى النيابة، وفي أحيان أخرى تمثل معرفة الأهل أو الأقارب في حد ذاتها تهديدا لسلامة الناجية النفسية والجسدية، بسبب ثقافة لوم الناجيات المنتشرة في المجتمع. كما أن غياب قانون لحماية المجني عليهن والشهود يجعل هذا الأمر شديد الانتشار، ودائما ما تشعر المبلغات بعدم الأمان والخوف عندما يحدث ذلك ويدفعهن للتنازل عن المحضر.

كما يشكل الإثبات في جرائم العنف الجنسي عائقا، ويؤدي في بعض الأحيان إلى حفظ الشكاوى والبلاغات. فوقوف المحقق على حقيقة واقعة تنطوي على جريمة أو شبه جريمة يقع عبء إثباتها عليه لكونه المدعي بالحق الجنائي للمجتمع ومحرك الدعوى الجنائية. وحتى تتوفر عناصر الاشتباه يجب أن يكون كلام  المجني عليها منطقيا وعليها أن تقيم دليلا على صحة الواقعة، استنادا إلى قاعدة “البينة على من ادعى”، و”الدليل” في الإجراءات الجنائية متنوع وليس له شكل ثابت، فأي شيء يمكن أن يكون دليلا، ولكن يجب أن يكون هذا الدليل قد تم التحصل عليه من إجراءات مشروعة، فيكون من الصعب في أغلب الأحوال على الناجيات من جرائم العنف الجنسي إقامة الدليل عند التبليغ والشكوى، وذلك لأسباب مختلفة وعديدة منها:

  • تقع العديد من جرائم العنف الجنسي في أماكن مزدحمة ويبقى من الصعب أيضا على الناجية إيجاد شاهد لإثبات صحة الواقعة، حيث إن الإجراءات المتبعة لتحرير محضر بالواقعة في قسم الشرطة المختص، ثم الذهاب للنيابة للإدلاء بأقوال الشاهد في اليوم التالي –على الأغلب- لحدوث الواقعة، تشكل عائقا أمام الشاهد، وفي كثير من الأحيان على الناجية أيضا، بسبب طول الوقت الذي تتخذه تلك الإجراءات، مما يدفع الناجية إلى التنازل عن المحضر في قسم الشرطة وأحيانا أخرى في النيابة.
  • إن بعض الجرائم تقع في أماكن خالية من المارة، لكونها مناطق نائية أو بسبب عامل الوقت، وعليه يصعب إيجاد شاهد إثبات واحد على صحة الواقعة، الأمر الذي قد يدفع المحقق لحفظ الشكوى أو البلاغ لعدم كفاية الدليل وكإثبات للحالة فقط.
  • حينما تحدث جرائم العنف الجنسي في أماكن العمل، يكون إثبات حدوث الواقعة في معظم الأحيان من الصعوبات التي تواجه الناجيات وذلك لعدة أسباب، منها مثلا أنه على الأغلب ما تحدث تلك الجرائم في مناطق خالية من العاملين أو/ وخالية من كاميرات المراقبة، كما أنه على الأغلب ما ترتكب تلك الجرائم من قبل أفراد لديهم سلطة أكبر على الضحية مثل المدير أو صاحب العمل.
  • بعض الجرائم لا يصدقها المحقق ولا يتصور حدوث الواقعة على النحو الذي روته الشاكية أو المبلغة (كقيام شخص بإظهار عضوه الذكري للناجية في المواصلات العامة متعديا عليها جنسيا بذلك الفعل ثم يقوم بإخفائه سريعا) فإذا ما رويت الناجية للمحقق تلك الرواية لن يقتنع بكلامها، أو لن يعتبر الفعل المرتكب اعتداء من وجهة نظره، ومن الجرائم التي تعتبر(إشكالية) وتقع تحت تعريف جريمة التحرش الجنسي، إظهار العضو الذكري للنساء في الشارع أو في المواصلات العامة والخاصة، وكذلك الاستنماء في بعض الأحوال، ومن ثم يحفظ المحضر لعدم وجود أدلة. [10]
  • إثبات عدم الرضا بجريمة الشروع في الاغتصاب وهتك العرض الذي لا يترك علامات للمقاومة على جسد الناجية، ويصعب على الناجيات إثبات الجريمة، فيعرف القانون فعل الإكراه على أنه “قد يكون ماديا أو أدبيا، ويتحقق الإكراه المادي بارتكاب فعل من أفعال القوة والعنف على جسم المرأة مما يؤثر على المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها من المقاومة ولا يشترط أن تترك أثر جروح في المجني عليها، إذ العبرة بالقدر اللازم لشل مقاومة المجني عليها وهو أمر يتوقف على ظروفها الشخصية وحالتها الصحية. أما الإكراه الأدبي فيقع بطريق التهديد بإلحاق شر مستطير بجسم المجني عليها أو مالها أو سمعتها أو شخص عزيز عليها، وغير ذلك مما من شأنه أن يشل إرادتها ويخضعها لرغبة الجاني. وهناك عوامل أخرى تعد في حكم الإكراه مثل المباغتة، والخداع وغيره من سبل الغش، وانتهاز فرصة فقد المجني عليها شعورها في أثناء النوم، أو الإغماء، أو انعدام الشعور بسبب السكر، أو الجنون وما في حكمه مما يعدم الإرادة. [11]

[1] العنف القائم على النوع الاجتماعي: هو مصطلح شامل لأي فعل ضار يرتكب ضد إرادة الشخص، بناءً على الفروق الاجتماعية (النوع الاجتماعي) بين الذكور والإناث. يتم استخدام مصطلح العنف القائم على النوع في المقام الأول للتأكيد على حقيقة أن الهيكلية وتفاوت السلطة على أساس النوع الاجتماعي بين الذكور والإناث في جميع أنحاء العالم يضع الإناث في خطر التعرض لأشكال متعددة من العنف. وهذا يشمل الأعمال التي تلحق الأذى الجسدي والعقلي، أو الجنسي أو المعاناة والتهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر، أو سائر أشكال الحرمان من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.

[2] Due Diligence Project, 2014, pp. 80-85 :

[3] بيانات حملة ” شهود  بلا حماية” – مؤسسة قضايا المراة المصرية  على موقع Facebook     https://bit.ly/37dyQ2z

[4] مصراوي  5 اغسطس  https://bit.ly/2Djrxud

[5] المصرى اليوم  27 اغسطس  https://www.almasryalyoum.com/news/details/2021475

[6] بيانات حملة ” شهود بلا حماية” – مؤسسة قضايا المراة المصرية  على موقع Facebook     https://bit.ly/37dyQ2z

[7] الشروق 8 يوليو  https://bit.ly/3fktCUo

[8] الناجي/ة من العنف الاجتماعي: الشخص الذي تعرض/ ت للعنف القائم على النوع الاجتماعي. المصطلحات “الضحية” و “الناجي” يمكن أن تستخدم بالتبادل. “الضحية” هو مصطلح يستخدم عادة في القطاعات القانونية والطبية. “الناجي” هو المصطلح المفضل عموما في قطاعات الدعم النفسي والاجتماعي لأنه يعني الصمود. (المبادئ التوجيهية لدمج التدخلات في لعنف القائم على النوع الاجتماعي في الحالات الإنسانية: الحد من المخاطر، وتعزيز الصمود والمساعدة على التعافي، 2015، IASC)

[9] ورقة سياسات “فرص تطبيق التقاضي الإلكتروني في قضايا العنف ضد المرأة في أوقات الطوارئ والأزمات” – مؤسسة المرأة الجديدة  –     https://bit.ly/3oR5i0B

[10]  قضية الطبيب المتحرش في ” الميكروباص”  بالزقازيق   – جريدة المصري اليوم9 – ديسمبر 2020  – https://www.almasryalyoum.com/news/details/2108117

[11] ورقة بعنوان”  العنف الجنسي بين فلسفة القانون وإشكاليات التطبيق” 2018 مؤسسة نظرة للدراسات النسوية   https://bit.ly/35XpI1t