تشهد فرنسا، بداية من اليوم الاثنين، الأسبوع الأخير المحموم من الحملات الانتخابية قبل انطلاق الجولة الثانية لانتخابات الجمعية الوطنية/ البرلمان الفرنسي. حيث لا يزال الوسطيون، بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون، يأملون في التقدم، لكنهم يواجهون حالة من عدم اليقين. بشأن ما إذا كان بإمكانهم الفوز بأغلبية حاسمة من المقاعد في البرلمان.

يحتاج ماكرون، الذي أعيد انتخابه رئيسا في إبريل/نيسان ضد ماري لوبان اليمينية المتطرفة. إلى أغلبية من أجل فوز تجمعه الوسطي في الجمعية الوطنية. وذلك كي يكون له مطلق الحرية في مقترحاته لخفض الضرائب وإجراء تغييرات على نظام الرعاية الاجتماعية. بينما حث منافسه، زعيم التحالف اليساري جان لوك ميلينشون. الناخبين على الخروج “لرفض السياسات الكارثية لأغلبية ماكرون”، وادعى أن “الحزب الرئاسي قد تعرض للهزيمة”.

تشير التقديرات إلى أن نسبة الإقبال، أمس الأحد. سجلت انخفاضًا قياسيًا بلغ حوالي 47%. بعد أن وصف المرشحون الحالة المزاجية السائدة بين الناخبين بأنها “غاضبة” و”خيبة أمل من الطبقة السياسية”. وقالت أوليفيا جريجوار، المتحدثة باسم الحكومة، إن المشاركة المنخفضة كانت “القضية الرئيسية”.

حصل تحالف ماكرون الوسطي -مجموعة “معًا”- على 25.75% من الأصوات -وفقًا للنتائج التي نشرتها وزارة الداخلية صباح اليوم الاثنين- بينما حصل تحالف تاريخي من أحزاب اليسار -يضم الاشتراكيين والخضر- بقيادة حزب “فرنسا الأبية” بزعامة ميلينشون. على 25.66%، وهو ما يمثل تحديًا لماكرون. بينما حصل التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة ماري لوبان على 18.68%، ويأمل الآن في زيادة مقاعده. فيما حصل حزب الجمهورية اليميني وحلفاؤه على 13.62%.

اقرأ أيضا: لماذا ماكرون مهم؟

صراع التحالفات يُقسّم البرلمان الفرنسي

ستحدد النتائج البرلمانية ميزان القوى لولاية ماكرون الثانية، وتحدد قدرته على تنفيذ السياسات المحلية. مثل رفع سن التقاعد، وإصلاح نظام المزايا. كان هذا ما جعل رئيسة الوزراء الجديدة إليزابيث بورن تقول: “أمامنا أسبوع للتعبئة.. أسبوع واحد للإقناع، وأسبوع واحد للحصول على أغلبية قوية وواضحة”. وقالت إن المجموعة كانت “المجموعة السياسية الوحيدة القادرة على الحصول على الأغلبية”.

في الوقت نفسه، يسعى تحالف ميلينشون – المعروف باسم “Nupes / الاتحاد البيئيالاجتماعي الشعبي الجديد”. إلى زيادة مقاعده، وتقليل عدد الوسطيين التابعين لماكرون. ويتضمن مشروع التحالف زيادة كبيرة في الحد الأدنى للأجور، وخفض سن التقاعد إلى 60. وتجميد أسعار المواد الغذائية الأساسية والطاقة لمعالجة أزمة تكلفة المعيشة.

وكان ماكرون ووزراء كثفوا حملتهم هذا الأسبوع، محذرين من أن ميلينشون “خطير ومتطرف قد يقتل الاتحاد الأوروبي”. وأنه “حليف لروسيا” و”يزيد من الفوضى العالمية”.

حتى الآن، يجعل نظام التصويت للبرلمان الفرنسي -القائم على الدوائر الانتخابية- العدد الدقيق للمقاعد لكل مجموعة لا يزال من الصعب التنبؤ به. حيث لن يتضح شكل البرلمان الجديد إلا بعد الجولة الثانية في 19 يونيو/حزيران.

نقلت صحيفة The Guardian البريطانية تقديرات شركة الأبحاث Ipsos حول مجرى الانتخابات الفرنسية. والتي أشارت إلى أن تحالف ماكرون الوسطي سيفوز بأكبر حصة من 577 مقعدًا في البرلمان. حيث سيحصل على ما بين 255 و295 مقعدًا. يشير هذا إلى أن هناك احتمالًا بأن يفشلوا في تحقيق الأغلبية المطلقة، والتي تتطلب 289 مقعدًا. بينما قد يستوعب التحالف اليساري ما بين 150 و190 مقعدًا.

تقول الصحيفة: إذا فشل حزب ماكرون وحلفاؤه في الحصول على الأغلبية، فسيكون ذلك بمثابة نكسة للرئيس. وقد يؤدي إلى إبرام صفقات فوضويّة مع الأحزاب اليمينية في البرلمان، أو تعديل وزاري غير مرغوب فيه.

ماكرون: الوزراء عليهم التنحي إذا خسروا

يأمل حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة ماري لوبان -والذي فاز بثمانية مقاعد في عام 2017- هذه المرة في الحصول على 15 مقعدًا على الأقل؟ مما يسمح له بتشكيل مجموعة برلمانية، واكتساب رؤية أكبر في الجمعية الوطنية. وتوقعت Ipsos أن يشغل الحزب ما يصل إلى 45 مقعدًا.

ويشير التقدير إلى أنه على الرغم من احتلال لوبان المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية بنسبة ارتفاع تاريخية بلغت 41%. إلا أن نظام التصويت البرلماني، أثبت تاريخياً أنه صعب على حزبها في الانتخابات التشريعية. رغم إقصاء منافس لوبان الجديد في أقصى اليمين -المحلل التلفزيوني السابق إيريك زمور- في الجولة الأولى، بعد وقوفه في دائرة انتخابية حول سان تروبيه في جنوب فرنسا.

من قبل، دعت لوبان -من معقل هينين بومون بشمال فرنسا- ناخبيها، للتصويت لصالح حزبها. ضد ما وصفته بأسلوب السياسة “الوحشي” لماكرون. وقالت إن فرنسا تعاني. مستشهدة بأزمة تكاليف المعيشة، وكذلك معاملة المشجعين الإنجليز في نهائي دوري أبطال أوروبا في باريس. والذي يُنظر إليه على أنه يضر بصورة فرنسا في الخارج.

كانت الأسابيع الأولى من تشكيل الحكومة الجديدة متوترة في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية. حيث صاحبها إضرابات في المستشفيات، ومخاوف بشأن تكاليف المعيشة، واتهمت أوكرانيا ماكرون بأنه “متكيف للغاية مع روسيا”. بينما واجه وزير الإعاقة الجديد في حكومة ماكرون، داميان أباد. اتهامين بالاغتصاب، وهو ما نفاه، لكن ذلك أدى إلى مظاهرات في الشوارع احتجاجًا على حقوق المرأة. في حين أن رئيسة الوزراء الجديدة بورن “لم يكن لها تأثير حتى الآن” حسب وصف The Guardian.

رغم ذلك، تجد بورن نفسها في وضع جيد للجولة الثانية. حيث تقاتل من أجل مقعد نورماندي. بينما تم إقصاء جان ميشيل بلانكير، وزير التعليم السابق لماكرون، في الجولة الأولى في لورا. لذلك، أوضح ماكرون أن الوزراء الحاليين الذين يترشحون للانتخابات “سيتعين عليهم التنحي إذا خسروا”.