كتب: حمادة عبد الوهاب
قال المتحدث الإقليمي باسم الاتحاد الأوروبي لويس ميجيل بوينو، في حواره مع موقع “مصر 360″، إن الاتحاد يحث الأطراف الليبية الفاعلة على احترام وقف إطلاق النار، والانخراط في مفاوضات جدية وإنه لا بديل عن الحل السياسي، معبرا عن قلقه من المواجهات المسلحة الأخيرة التي شهدتها طرابلس مع محاولة دخول الرئيس المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا للعاصمة.
كما رحب بوينو، بإجراء الانتخابات النيابية في لبنان، مشيدًا بالقوى الأمنية لمساهمتها في الحفاظ على بيئة هادئة وآمنة بشكل عام، وضمان إجراء الانتخابات دون وقوع حوادث أمنية كبيرة.
وبخصوص الأزمة السورية، يرى أنه لا يمكن ضمان حل مستدام للأزمة في سوريا إلا من خلال انتقال سياسي حقيقي، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف لعام 2012، الذي تفاوضت عليه الأطراف السورية في إطار عملية جنيف التي تيسرها الأمم المتحدة، وأن الاتحاد الأوروبي ملتزما بوحدة وسيادة وسلامة أراضي الدولة السورية.
ما هي الرؤية لإنهاء حالة الانقسام في ليبيا؟
الاتحاد الأوروبي لديه اهتمام كبير بأن تكون ليبيا بلدًا مستقرًا وآمنًا وموحدًا ومزدهرًا، لذا نسعى إلى مساعدة ليبيا والشعب الليبي على إعادة إرساء السلام واستئناف عملية الانتقال الديمقراطي، كما ندعم بشكل كامل جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة في سياق عملية السلام بين الليبيين والجهود المبذولة لتوحيد المجتمع الدولي في سياق عملية برلين.
نشعر بقلق بالغ إزاء المواجهات المسلحة الأخيرة والتحريض على العنف الذي حدث في طرابلس، ندعو إلى التهدئة ونؤكد أن العنف لن يؤدي سوى إلى تهديد وحدة ليبيا واستقرارها وازدهارها، وإننا نذكر بأهمية حماية المدنيين ونحث جميع الأطراف الفاعلة على الامتناع عن الأعمال التي من شأنها تقويض اتفاق وقف إطلاق النار، لا يوجد بديل عن الحل السياسي.
يحث الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف على التصرف بمسؤولية والدخول في حوار فعلي لإيجاد طريقة توافقية يمكن من خلالها المضي قدما في هذا الإطار، حيث دعمنا المحادثات الدستورية في القاهرة برعاية الأمم المتحدة. ونعيد التأكيد على ضرورة وجود مسار ناجع يضمن تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية شاملة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن في كامل أنحاء ليبيا، تماشيا مع قرارات مجلس الأمن الدولي وسعيا لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة البلاد وضمان تجديد شرعية المؤسسات الليبية. إن تطلعات ملايين الليبيين الذين أعربوا عن رغبتهم في اختيار قادتهم جديرة بأن يتم احترامها.
كما نؤكد على ضرورة الحفاظ على المؤسسات الليبية واستقلاليتها ووحدتها حتى لا تصير محركا للصراع ولتكون في خدمة جميع الليبيين. ولذلك، فإننا نشدد على الحاجة إلى الإدارة الشفافة والتوزيع العادل للموارد والخدمات العامة في كامل البلاد لفائدة كل الشعب الليبي.
كيف تؤثر الأزمة الليبية على دول الاتحاد الأوروبي؟
إن ليبيا فاعل رئيسي في استقرار البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل. ومن الواضح أن أمننا وازدهارنا مترابطان: إن ما فيه خير لليبيا فيه خير لأوروبا. ونحن مستعدون للقيام بدورنا.
نتطلع إلى العمل مع جميع الجهات الفاعلة المستعدة للعب دور بناء، المبني على الحوار والتوافق، لضمان أن يصبح الاقتصاد محركا للسلام وأن يتم إدارة دخل النفط لصالح جميع الليبيين والحفاظ عليه من الفساد أو سوء الإدارة.
كيف يمكن أن يساعد النفط والغاز الليبي في دعم دول أوروبا في ظل أزمة الحرب الأوكرانية؟
قدمت المفوضية الأوروبية خطة REPowerEU والاستجابة اللازمة لمواجهة الصعوبات واضطراب سوق الطاقة العالمي الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا. فهناك حاجة ملحة لتحويل نظام الطاقة في أوروبا لسببين: إنهاء اعتماد الاتحاد الأوروبي على الوقود الأحفوري الروسي، الذي يستخدم كسلاح اقتصادي وسياسي ويكلف دافعي الضرائب الأوروبيين ما يقرب من 100 مليار يورو سنويا، ومعالجة أزمة المناخ. ومن خلال العمل كاتحاد، يمكن لأوروبا التخلص تدريجيا من اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي بشكل أسرع.
يعتقد 85٪ من الأوروبيين أن على الاتحاد الأوروبي تقليل اعتماده على الغاز والنفط الروسي في أقرب وقت ممكن لدعم أوكرانيا. ويمكن للتدابير الواردة في خطة REPowerEU أن تستجيب لهذا الطموح، من خلال توفير الطاقة، وتنويع إمدادات الطاقة، وتسريع نشر الطاقة المتجددة لتحل محل الوقود الأحفوري في المنازل والصناعة وتوليد الطاقة.
وتشمل هذه الخطة إجراءات مختلفة بما فيها تنويع مصادر الطاقة من موردين آخرين. إذا سمحت الظروف، فستصبح ليبيا أحد الموردين. وبدأت بعض الدول الأعضاء مثل إيطاليا مشاوراتها مع السلطات الليبية في هذه الصدد.
ما هي التدابير التي يتخذها الاتحاد لوقف تدفق الهجرة غير الشرعية من جنوب المتوسط؟
يؤيد الاتحاد الأوروبي مقاربة أكثر استدامة لإدارة تدفقات الهجرة. ولا يكتفي الاتحاد الأوروبي بحماية حدوده، بل يعمل أيضا على دعم الهجرة الشرعية. ومن هذا المنطلق اعتمدنا عدة القواعد والأطر من أجل جذب العمال ذوي المهارات العالية، والطلاب والباحثين، والعمال الموسميين، والأشخاص الساعين إلى لم شمل العائلة.
بالنسبة إلى أفريقيا، نقوم بتمويل مجموعة واسعة من المشاريع لمساعدة شركائنا في مجال الهجرة من خلال صندوق الاتحاد الأوروبي الائتماني لحالات الطوارئ في أفريقيا. يساهم الصندوق من خلال موازنة تفوق الـ 5 مليارات يورو في دعم المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين والمجتمعات المضيفة بالحماية والمساعدة الطارئة المباشرة في عدة دول أفريقية. وبالنسبة لليبيا مثلا، يقدم الصندوق أيضا تدابير أساسية منقذة للحياة، والعودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين وعمليات الإجلاء الإنسانية للأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية. ويساهم هذا الأمر في برامج تحقيق الاستقرار للمجتمعات المحلية عبر دعم تقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية، بمن فيهم النازحين المتأثرين بالنزاع، بالإضافة إلى المهاجرين الذين يقطنون في بلدان مضيفة.
الهدف الأساسي من التعاون بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا في مجال التنقل والهجرة هو تعزيز الروابط بين الهجرة والتنمية. وهذا ما يمكن تحقيقه عبر تخفيض تكلفة التحويلات النقدية، وتحسين عملية تنظيم تنقل العمال، وتعزيز التعاون لمكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية وزيادة تعاوننا على مستوى الحماية الدولية واللجوء.
هل نجحت سياسة دعم التنمية في منطقة الساحل والصحراء في خفض معدلات الهجرة غير الشرعية؟
الهجرة أمر طبيعي لطالما كان موجودا وسوف يبقى دائما. فالهجرة جزء من مجتمعنا وجزء من الاتحاد الأوروبي. لقد أصدرنا في العام 2020 اقتراحا بخصوص عهد جديد حول الهجرة واللجوء. وكانت إحدى المبادرات الأساسية هي تنفيذ “شراكات الموهبة” مع الدول الأفريقية لتشجيع الهجرة النظامية بما يعود بالفائدة أيضا على البلدان الأصلية.
أعتقد بأننا أحرزنا تقدما كبيرا منذ ذلك الحين. فقد أطلقنا عدد كبير من المشاريع. كما يعمل الاتحاد الأوروبي مع المعهد الأفريقي للحوالات، ويعمل على تعزيز قدرات الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ومرسلي الحوالات ومتلقيها وأطراف أخرى من أجل تنفيذ استراتيجيات ملموسة وأدوات تنفيذية بهدف استخدام الحوالات كوسائل تنموية للحد من الفقر.
كما أنشأت القمة الخامسة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي فرقة عمل مشتركة، تضم أيضا الأمم المتحدة، بهدف إنقاذ وحماية حياة المهاجرين واللاجئين، ولاسيما في ليبيا. اجتمع الشركاء الثلاثة بصورة منتظمة منذ ذلك الحين، على المستويين التقني والسياسي، مما سرّع حالات العودة الطوعية المدعومة إلى دول المنشأ وإعادة توطين الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية. وأدت الجهود المشتركة إلى تنفيذ الإجلاء الطوعي لأكثر من مئة ألف مهاجر عالق في ليبيا إلى بلادهم الأصلية أو إلى مركز العبور في حالات الطوارئ في رواندا. ويتم تنسيق عمل الفرقة بشكل وثيق مع السلطات الليبية، وسوف يشكل جزءا من مجمل العمل المشترك الذي سوف يكثفه الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة من أجل تفكيك شبكات التهريب والإجرام وتوفير فرص لتحقيق التنمية والاستقرار في دول المنشأ والعبور.
كيف يرى الاتحاد الأوروبي نتائج الانتخابات النيابية في لبنان؟
رحب الاتحاد الأوروبي بإجراء الانتخابات النيابية في لبنان. ونشيد باللبنانيين الذين اقترعوا والذين انخرطوا في الإعداد للعملية الانتخابية وتنفيذها، على حسّ المواطنة الذي أظهروه عبر مشاركتهم فيها، رغم الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي أحاطت بهذه الانتخابات.
كما نشيد بالقوى الأمنية لمساهمتها في الحفاظ على بيئة هادئة وآمنة بشكل عام، والمساعدة في ضمان إجراء الانتخابات دون وقوع حوادث أمنية كبيرة.
وقد ساهم الاتحاد الأوروبي في جعل هذه الانتخابات ممكنة، من خلال تقديم مساعدة فنية مكثفة لهيئات إدارة الانتخابات وإيفاد بعثة لمراقبة الانتخابات.
أصدرت بعثة مراقبة الانتخابات تقریرها الأولي الذي أشار إلى أن النظام الانتخابي والمخالفات وشراء الأصوات قد أدت إلى عدم تكافؤ في الفرص، علماً أنّ هذا التقرير سيتبعه تقرير نهائي آخر.
نتوقع من مجلس النواب المنتخب أن يدعم عملية سريعة لتشكيل الحكومة، وأن يعمل على اعتماد جميع التشريعات وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحسين الحوكمة والاستقرار الاقتصادي بما يخدم لبنان وشعبه. وأن يسهم في تنفيذ الإجراءات المسبقة المطلوبة في الاتفاق على مستوى الموظفين الموقع مع صندوق النقد الدولي في 7 أبريل/ نيسان الماضي من أجل المباشرة ببرنامج للصندوق.
ونكرر توقعاتنا بإجراء الانتخابات الرئاسية والبلدية في موعدها، بما يتماشى مع مبادئ لبنان الديمقراطية وتقاليده والتزاماته. وسيواصل الاتحاد الأوروبي الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه.
وما هو الدعم الذي يقدمه الاتحاد للبنان للخروج من أزماته الحالية؟
في الحقيقة الدعم الأوروبي للبنان مستمر منذ عقود ولم يتوقف. ففي عام 2020 وحده، قدم الاتحاد الأوروبي حوالي 333 مليون يورو لمساعدة البلاد. ونحن على استعداد للاستمرار في مساعدة لبنان بعد إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
كما أننا على استعداد لنناقش مع الحكومة الجديدة الأولويات ومجالات التعاون الرئيسية بين الاتحاد الأوروبي ولبنان حتى عام 2027. لذلك هناك احتمالات متعددة للاستمرار في مساعدة لبنان، ومن المهم التأكيد مرة أخرى على ضرورة القيام بالإصلاحات اللازمة لضمان أمن واستقرار وازدهار مستدام للبنان واللبنانيين.
بعد مرور 10 سنوات على الأزمة السورية، ما هو الموقف من الحكومة السورية وهل يمكن تطبيع العلاقات معها؟
منذ بداية النزاع في عام 2011 دعا الاتحاد الأوروبي إلى التوصل لحل سياسي تحت رعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة. لا يزال موقف الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا ثابتا: “لا يمكن التطبيع أو رفع العقوبات أو إعادة الإعمار حتى ينخرط النظام السوري في عملية انتقال سياسي والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254”. وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي لن يشارك في برامج إعادة الإعمار.
مع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي لديه برامج تشمل إعادة تأهيل المدارس، وسبل العيش وبناء القدرات. أحد الأمثلة المعبرة عن ذلك هو برنامج الأمم المتحدة المشترك حول المرونة الحضرية والريفية في سوريا الذي يتم تنفيذه في درعا ودير الزور. في الواقع، تم دعم أكثر من 3000 طفل في سن الدراسة من خلال إعادة تأهيل المدارس وخلق 960 فرص عمل مؤقتة عن طريق إزالة 10000 متر مكعب من النفايات الصلبة والحطام. يلتزم الاتحاد الأوروبي بوحدة وسيادة وسلامة أراضي الدولة السورية، والتي لا يمكن ضمانها إلا من خلال انتقال سياسي حقيقي، ونرفض أي محاولة للهندسة الاجتماعية والديموغرافية في أي جزء من سوريا.
ودعني أؤكد هنا على أننا أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لسوريا حتى اليوم؛ حيث قدمنا 27.4 مليار يورو للشعب السوري منذ عام 2011. نبحث بشكل نشط كيفية دعم الشعب السوري، أيضا عبر مؤتمر بروكسل السادس الذي انعقد في 10 مايو/ أيار والذي أنشأ مساحة للاستماع إلى صوت السوريين، ووفر زخما للمناقشات الصادقة تجاه حل مستدام، الأمر الذي يستحقه السوريون الآن أكثر من أي وقت مضى.
ما هو الموقف الأوروبي من محاولة تركيا بدء عملية عسكرية جديدة في شمال شرق سوريا؟
تركيا هي شريك أساسي للاتحاد الأوروبي ولاعب مهم في الأزمة السورية وفي المنطقة عموما. نشيد بدور تركيا كبلد مضيف للاجئين السوريين، ولتثبيت وفق إطلاق النار في إدلب.
يحث الاتحاد الأوروبي على ضبط النفس. يجب معالجة مخاوف تركيا الأمنية من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية، وليس العمل العسكري، وفقا للقانون الدولي الإنساني.
كما ذكرت مسبقا، لا يمكن ضمان حل مستدام للأزمة في سوريا إلا من خلال انتقال سياسي حقيقي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف لعام 2012، الذي تفاوضت عليه الأطراف السورية في إطار عملية جنيف التي تيسرها الأمم المتحدة. يظل الاتحاد الأوروبي ملتزما بوحدة وسيادة وسلامة أراضي الدولة السورية.
كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى التغيرات التي تشهدها المملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية؟
نحن نعتبر أن المملكة العربية السعودية حققت أهدافا أبعد من تلك الموضوعة في رؤية السعودية 2030. ونود في هذا الإطار أن نبحث عن وسائل للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف كافة. أصدر الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي استراتيجيته الأولى بشأن منطقة الخليج، وسوف تكون أساسية لتعزيز روابطنا الثنائية مع دول مجلس التعاون الخليجي. فنحن نحتاج إلى بعضنا البعض. سوف يكسب الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي كثيرا من هذه الشراكة.
نرغب في تعزيز مستقبل أكثر استدامة لمواطنينا بما في ذلك من خلال تطوير الطاقة المتجددة. وتمتلك منطقة الخليج إمكانات هائلة في هذا المجال، خاصة بما يتعلق بالهيدروجين الأخضر. لقد قامت المملكة العربية السعودية باستثمارات ضخمة وهي ترغب في أن تصبح من الموردين الرئيسيين في هذا القطاع. نحن في الاتحاد الأوروبي نود أن نستورد الهيدروجين الأخضر من أجل تحقيق أهداف ما يعرف “بالاتفاقية الخضراء”. وعلاوة على ذلك، يتفق الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية على الملفات الإقليمية. ونحتاج إلى تعزيز هذا التعاون لصالح الاستقرار الإقليمي.