لأول مرة منذ أعوام، يتحدث الوزير الأسبق الدكتور محمد نصر الدين علام. الذي شغل حقيبة الموارد المائية والري في الحكومة المصرية منذ 15 مارس/أذار 2009، وحتى 30 يناير/كانون الثاني 2011. متناولًا في حوار مستفيض مع “مصر 360″، عدد من القضايا المحلية والإقليمية الراهنة، وعلى رأسها أزمة سد النهضة.

تعمق الحديث مع علام عن الأوضاع الحالية داخل مصر، وعن تأثير ملء السد وتشغيله تحت الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق، على مصر. وبالطبع، تأثير الحرب الروسية- الأوكرانية على الاقتصاد المصري.

في البداية، دعنا نتحدث عن أهم الأحداث الموجوده على الساحة في الوقت الراهن. وهو دعوة الرئيس لعمل حوار وطني مع المعارضة. هل من الممكن ان يكون هناك تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية في مصر بعد ذلك الحوار؟ أم سيكون الوضع أسوأ مما هو عليه إذا اختلفت مطالب المعارضة؟

الحوار الوطني كان أمر ضروري. على الأقل، لنقل وجهة نظر بعض أقطاب المعارضة غير المشاركين فى العملية السياسية الحالية للدولة، والعكس صحيح.

وأرى أن الحوار الوطني سيكون له نتائج ايجابية، على الأقل جزئيا. وإلا فلم يقوم رئيس الدولة شخصياً باقتراحه؟ إضافةً لذلك، يكون الاستعداد له تحت إشراف رئيس الحكومة، وآخرين من كبار رجال الدولة. أريد أن أوضح أنه ليس كل ما تأتي به بعض المعارضة صائب مئة فى المئة، وكذلك السياسات الحكومية. ولذلك، من فوائد الحوار تقريب المسافات وتصحيح المسار.

هناك سؤال يشغل بال المصريين. وهو تأثير ملء السد وتشغيله على مصر، وذلك تحت الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق؟

كان من المفروض قيام الشركة الهولندية الاستشارية إعداد دراسة لتقييم التداعيات البيئية للسد على مصر والسودان. وعلى ضوء نتائجها يتم التوصل لاتفاقية الملء وتشغيل السد تحت الظروف المائية للنيل الأزرق، بدون حدوث أضرار جسيمة بأي من البلدين.

لكن، قامت أثيوبيا بتجميد العقد مع الشركة الاستشارية، ولم يتم اعداد الدراسة البيئية. وتم الاستعاضة عنها بخبراء من الدول الثلاثة والبنك الدولى، وتم التوصل لاتفاق حول قواعد الملء والتشغيل في مسودة اتفاقية واشنطن. ولكن لم تحضر أثيوبيا جلسة التوقيع.

لذلك/ فالسؤال الجزئى عن ملء اول وخلافه هدفه، الكذب على العالم كله بأن السد لا يسبب اضرارا ملموسة على البلدين. وفى سنوات عالية الفيضان، ويجب علينا عدم الاستجابة لمثل هذه الترهات.

هل مصر ستصل لمرحلة أن يكون أمامها الحرب فقط أما سيكون هناك حلول سلمية؟

من الواضح للجميع ان مصر والسودان قامتا بكل شئ سلمى للدفاع عن حقوقهما. سواءا باللجوء للاتحاد الأفريقي، أو مجلس الأمن، وحتى الوساطة الدولية. ولكن هناك نوع من البلطجة الإثيوبية، مع عدم وجود رغبة دولية، سواءا من الشرق أو الغرب، لحسم هذه الأزمة.

في الواقع، مازالت الدولتان مستمرتان فى مساعيهما الدولية حتى الأن. وليس واضحاً أنه سيكون هناك انفراجة قريبة فى ظل استمرار أثيوبيا فى التعلية وتشغيل السد، والضغوط الدولية علينا لعدم التصعيد. وفى النهاية، أرى ان هذه القضية لايمكن وتحت جميع الظروف التهاون فيها، ولا تملك الدولة رفاهية التنازل عن قطرة مياه واحدة. وسيؤدي التسويف الأثيوبي والدولي إلى عواقب دولية واقليمية وخيمة.

كيف ترى الحرب الروسية- الأوكرانية؟ وكيف تأثرت مصر بتلك الحرب؟ وهل سنشهد أزمة اقتصادية وغذائية في الفترة المقبلة؟

بلا شك الحرب الأوكرانية والتحالف الغربي له تداعيات عالمية في مجالي الطاقة والغذاء. ومصر من الدول المتأثرة كثيرا بذلك، وهناك جهودا ضخمة داخلية للتعامل مع هذه الأزمة. واتمنى للدولة التوفيق، بالرغم من معاناة كافة طوائف الشعب عموما والفقراء خاصة فى هذه الأزمة الماحقة على مستوى العالم جميعا.

كيف ترى زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للسعودية فى الفترة المقبلة؟  خاصة وأنه سيجتمع مع زعماء الخليج العربي والاردن ومصر والعراق. فهل تعتقد أنه سيكون هناك رفضا عربيا للتحالف العربي- الأمريكي المزمع مع اسرائيل ضد إيران؟ أم ستكون هناك قرارات لم نتوقعها؟

الزيارة الرئاسية الأمريكية للسعودية، فيها تكريم للمملكة كدولة كبرى بالمنطقة ولها تأثيراتها الاقليمية والدولية. وتأتى بعد نوع من الفتور السياسي من الجانب الأمريكي، وتصريحات غير مناسبة فى حق ولى العهد السعودي، ودور أمريكي مخل في الأزمة اليمنية.

نرجو ان تكون هذه الزيارة لها ايجابيات فى العلاقات السعودية الأمريكية وبما يعود على البلدين والمنطقة بالخير، والدعوة لتشكيل تحالف أمريكي- إسرائيلي- عربي ضد إيران. يصب في مصلحة الصهيونية واسرائيل أولا. وكذلك تمثل كجزأ فى الحرب الباردة بين الشرق والغرب، والتي ليست في صالح العرب الدخول فيها، ولكن يجب النظر جديا فى التهديد الايراني للخليج وفى المشرق العربي. وكيفية تحجيمه والعودة لعلاقات عربية- إيرانية طبيعية، إن أمكن ذلك.

هل مصر دولة فقيرة أم غنية؟ ولماذا لم يشعر المواطن الفقير ببرنامج الإصلاح الاقتصادي؟

مصر لها اسباب قوة عديدة غير الموارد الطبيعية، مثل الموقع الجغرافى، وقناة السويس، والتعداد ونوعية الشعب المصري وتكوينه. غناء مصر ليس غنى تقليدي، بل يتطلب من القائمين عليها باستغلال مفاتيحها للنهضة وتحقيق رفعتها

توجهنا التقليدي نحو الزراعة، هو سبب تأخرنا الاقتصادي لمحدودية اهم عاملين وهما “المياه والاراضي عالية الانتاجية”. وليس هناك بديل عن التصنيع، وكذلك التعدين كحلول مثلى لحل مشكلاتنا الاقتصادية. ونقص الموارد الكبير، وقارة اسيا وقبلها اوروبا أمثال حية للتطور الصناعى. بالاضافة الى محاولة تحجيم الزيادة السكانية الهائلة.