تواصل اللجنة المشكّلة من “الأعلى للجامعات” برئاسة الدكتور محمد شعيرة وضع تصور كامل لفكرة تطبيق سنة تأهيل قبل دخول الجامعات.

وهو المقترح الذي قدمه الدكتور خالد عبد الغفار -وزير التعليم العالي والبحث العلمي- أمام المجلس بشأن تخصيص “سنة تأهيلية” لالتحاق طلاب الثانوي بكليات القمة. والذي يرى كثير من أولياء الأمور والخبراء أنه يستهدف توفير عملة صعبة عبر الحد من سفر الطلاب خارج مصر لاستكمال دراستهم وتحقيق أحلامهم بدخول كليات القمة.

وقال الدكتور محمد شعيرة -رئيس قطاع الهندسة بالمجلس الأعلى للجامعات ورئيس اللجنة التي تدرس المقترح- إنه سيتم خلال الأيام القادمة وضع التصور الكامل للمقترح بعد مناقشات مع قيادات الجامعات والأساتذة.

البعض يقول إن المقترح يحد من سفر الطلاب المصريين للدراسة بالدول الأجنبية. فيما يرفض آخرون معتبرين التنسيق صمام أمان لطلاب الثانوية.

الدكتور “شعيرة” رفض الربط بين الاختبارات والامتحان الموحد الذي عقد للطلاب العائدين من أوكرانيا وبين السنة التأهلية للدراسة بكليات القمة بالجامعات المصرية. معتبرًا أن حالة الطلاب العائدين من أوكرانيا كانت لها ظروف خاصة بسبب الحرب ولا علاقة لها بمقترح السنة التأهيلية.

وكان مقترح وزير التعليم العالي أمام المجلس الأعلى للجامعات يقضي بدراسة “سنة تأهيلية” للطلاب الذين حصلوا على الثانوية العامة أو ما يعادلها في سنوات سابقة. وذلك لدخول كليات القطاع الطبي. مؤكدًا أن الهدف منه هو الحد من الدراسة بالخارج ورفع المعاناة عن الطلاب وأسرهم.

وأيد المقترح الدكتور محمود المتيني -رئيس جامعة عين شمس- مؤكدا أن المقترح تتم دراسته لتطبيقه على الجامعات الخاصة والأهلية أولا. لأنه “يصب فى مصلحة الطلاب الذين لم يحصلوا على الحد الأدنى للقبول بالقطاعين الطبي أو الهندسي. وهناك اهتمام بالمقترح ليطبق مع العام الدراسي المقبل.

وزير التعليم العالي
وزير التعليم العالي

الفكرة مطبقة في الجامعات الأجنبية

مقترح تخصيص سنة أولى جامعة لتأهيل الطالب لدراسته التخصص الذي يرغب يتم تطبيقه في جامعات أجنبية. فإذا اجتاز الطالب هذه السنة وأثبت أنه مؤهل لدراسة التخصص يتم قبوله في الكلية ويستكمل دراسته. وإذا لم يجتزها يتم إلحاقه بكلية أخرى غير مناظرة بناء على طلبه ومجموعه.

ويهدف ذلك لاكتشاف ملكات وقدرات الطالب لدراسة هذه التخصصات دون أن يكون مجموع الثانوية العامة فقط هو المؤهل لدخول الجامعة.

وتقول الدكتورة هالة المنوفي -عميدة كلية طب الفم والأسنان بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا- إن ما حدث مع طلاب أوكرانيا استثناء وواجب وطني. لكن في الظروف العادية لا يمكن تطبيق مقترح السنة التأهيلية لأنه لا يحقق العدالة بين الطلاب في التنسيق. ويعطي فرصة لطالب أكثر من آخر. وأكدت أن مستوى الطالب وقدراته لا تتغير بالسنة التأهيلية. فهذا المقترح “مضيعة للوقت” بدراسة سنة زيادة على سنواته بالكلية لتأهيله للدراسة. وفي الوقت نفسه مضيعة لجهده دون فائدة.

وأضافت: “طالب كلية الطب والهندسة يحتاج إلى قدرات عقلية نوعية معينة. وطبيعة الدراسة بهذه الكليات تشترط نوعية معينة من الطلاب بدرجة تفكير ووعي وذكاء والتزام واجتهاد. ولا يمكن إجبار الطالب وتحدي قدراته. فالالتحاق بهذه الكليات معياره ثابت. وهو الاستعداد والذكاء. أما السنة التأهيلية فهي تحدٍ لقدرات الطالب وغير منطقية ولا يجوز قياسه بما حدث مع طلاب أوكرانيا. وذلك لمصلحة الطالب وتحقيق العدالة بين الطلاب. فالمجموع الذي حصل عليه هو مستواه الحقيقي ولا يمكن زيادته على حدة بدراسة تكميلية. فهل سنزيده في كل سنة دراسية بكلية الطب سنة تكميلية؟ بالطبع غير منطقي”.

ويتفق معها في الرأي الدكتور محمد زيدان -أستاذ المحاسبة ورئيس أكاديمية العلوم الإدارية بالتجمع- رافضا تطبيق مقترح السنة التاهيلية للقبول بكليات الطب والهندسة. وذلك بسبب عدم توافر معيار العدالة بين الطلاب في الالتحاق بكليات القمة. بمعنى لو طالب حصل على مجموع أقل يتساوى مع الطالب المتفوق من خلال سنة تأهيلية يلتحق فيها بالكلية ذاتها.

العدالة في مكتب التنسيق

مكتب تنسيق الكليات
مكتب تنسيق الكليات

وأكد ضرورة المساواة من البداية عبر مكتب التنسيق الموحّد. لأنه هو الحل الأمثل في اختيار القدرات السليمة للالتحاق بكليات القمة وتخريج كوادر علمية متميزة يستفيد منها المجتمع.

ويقول الدكتور علاء عبد الحليم مرزوق -نائب رئيس جامعة بني سويف وعميد كلية طب بني سويف الأسبق- لا يمكن قياس نجاح تجربة الامتحان الموحد لقبول طلاب أوكرانيا بتطبيق مقترح وزير التعليم العالي بسنة تأهيلية لقبول طلاب حاصلين على مجموع أقل من التنسيق. وذلك لأن طلاب أوكرانيا حالة استثنائية بسبب ظروف الحرب. ولا أنصح بتطبيق نظام السنة التأهيلية على الطلاب المصريين بالجامعات المصرية. فهناك معايير وقواعد واختبارات قدرات ومجموع يحكم عملية الالتحاق بكليات الطب والهندسة. وأعتقد أن هذه القواعد صمام أمان للطلاب في تحقيق العدالة بينهم في عملية القبول والالتحاق بهذه الكليات.

أما الدكتور مجدي جمال عبد القادر -أستاذ محاسبة بتجارة القاهرة ونائب رئيس جامعة النهضة- فيؤيد تطبيق مقترح وزير التعليم العالي.

ويفرق “عبد القادر” بين وضع طلاب أوكرانيا وفكرة السنة التأهيلية. موضحا أن طلاب أوكرانيا كان لا بد لهم من هذه التجربة لتحديد مستواهم بعمل مقاصة في المواد. أما فكرة السنة التأهيلية لدخول الجامعات المصرية فهي أمر مستمد من “هل الطالب يمكن أن يتماشى بقدراته مع طبيعة الدراسة في المجال الطبي والهندسي عبر اختباره ودراسته سنة قبل الالتحاق رسميا واختباره بنظرة مستقبلية؟”.

وتابع: “نحن نقيّم الطالب المصري خلال هذه السنة الأولى المقترحة من حيث قدرته على دراسة هذه المناهج. فالأساس هو قياس مختلف. وهذا النظام مطبق في التعليم بإنجلترا ويسمى نظام الـ(foundation). وهو ليس سنة تأهيلية. ففي إنجلترا توجد 3 سنوات للدراسة الجامعية. ويأخذ الطالب منها سنة ليس لتأهيله ولكن لاستكمال دراسته. فهذه وسيلة للتغلب على فكرة المجموع. فهو ليس شرط الدخول للجامعة. وأيضا يوضع في الاعتبار القدرات الطلابية”.

ويؤيد الدكتور عباس حفناوي -رئيس جامعة السلام السابق- مقترح السنة التأهيلية قبل الالتحاق بكليات الطب والهندسة. موضحا أنه قرار “عادل”. وأوضح: “هناك طلاب يضطرون للدراسة بالخارج للالتحاق بهذه الكليات. وهذا القرار يستبقي العقول المصرية بدل هجرتها للخارج.

التطبيق جاهز في الجامعات الأهلية

وألمحت مصادر بالمجلس الأعلى للجامعات بأن المقترح من المنتظر أن يتم تطبيقه في الجامعات الأهلية العام الدراسي المقبل أولا. قبل تعميمه على الجامعات الخاصة والحكومية.

وقال الدكتور عصام الكردي -رئيس “جامعة العلمين الدولية”- إن المقترح يفتح الباب للتشغيل. فضلا عن عرض هذه المناهج على المجالس المتخصصة قبل التنفيذ لوضع ضوابط القرارات التنفيذية على أرض الواقع.

وأوضح الدكتور أشرف حسين -رئيس جامعة الملك سلمان- أن المقترح يفتح أبواب الأمل أمام طلاب الثانوية الذين لم يحصلوا على درجات لازمة لدخولهم الطب أو الهندسة. وعدم تضييع الفرصة على الطالب الحاصل على الحد الأدنى للقبول في القطاعات المطلوبة.

وأكد الدكتور طارق أبو المعاطي -نائب رئيس جامعة الجلالة- أن “السنة التأهيلية” سيتم تطبيقها العام القادم في القطاع الهندسي والحاسبات بالجامعات الأهلية. مشيرا إلى أن القرار يحقق طموحات الطلاب الراغبين في الدراسة بكليات القمة ويسافرون للخارج للدراسة.