انضمت المشروبات الرئيسية لقائمة المشكلات الغذائية بالاقتصاد العالمي حاليًّا بعد إعلان الهند -أكبر منتج للسكر- خفض صادراتها للنصف لتقليل الضغط على الأسعار المحلية. فضلا عن انخفاض مخزون القهوة عالمًيا بسبب التغيرات المناخية والارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار الشاي مع اختناقات التوريد.
ويشهد العالم حمى متفشية للحمائية الغذائية التي ترتبط بإحجام المنتجين الرئيسيين للمحاصيل الزراعية عن تصديرها للحفاظ على مخزوناتها للسوق المحلية. وانضمام السكر إليها أخيرًا يزيد صدمة الإمدادات التي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا.
إذن مسبق لتصدير السكر
الحكومة الهندية قالت إنها ستحد من صادرات السكر إلى 10 ملايين طن لموسم التسويق الذي يمتد حتى سبتمبر/أيلول المقبل. وذلك بعدما طلبت من البائعين الحصول على “إذن مسبق” للتصدير خلال الفترة من أول يونيو حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول. في محاولة للسيطرة على تضخم الأسعار في سوق التجزئة المحلية الذي بلغ 7.8٪. وهو أعلى مستوى منذ ما يقرب من ثماني سنوات.
بالتزامن مع الحظر الهندي كانت كازاخستان القريبة حظرت هي الأخرى صادرات السكر الأبيض والقصب. كما ألغت مصانع السكر في البرازيل -أكبر مصدّر في العالم- عقود تصدير أيضًا.
القرار البرازيلي جاء لأسباب ليس لها علاقة بضعف الإنتاج المحلي أو ارتفاع الأسعار. ولكن لاستغلال اقتصادي للقصب في إنتاج الإيثانول “الكحول”. وذلك للاستفادة من ارتفاعات أسعار الطاقة. فتلك المادة الكيميائية تنتج من تخمر السكر وتدخل في مجموعة واسعة من التطبيقات الصناعية في مقدمتها الأدوية.
أما كوبا التي كانت من كبار مصنعي قصب السكر فلم تنتج إلا 53٪ من النسبة المستهدفة. وستحيل إنتاجها لتغطية الطلب الداخلي دون قدرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية.
وزير الاقتصاد الكوبي أليخاندرو جيل يقول إن خطة الدولة كانت إنتاج 911 ألف طن سكر. والذي تم حصاده في مايو/أيار لكن الإنتاج جاء عند 482 ألف طن بسبب نقص مبيدات الأعشاب والأسمدة والتأخير في بدء تشغيل مصانع السكر.
دعوات الترشيد تصل إلى الشاي
وقد وضعت الحكومة الكينية سياسة تحدد أرضية لأسعار الشاي. ما يسمح لمنتجي المنتجات عالية الجودة بالحصول على أسعار أفضل. ما دفع متوسط سعر البيع للزيادة بنسبة ستة بالمئة عن العام الماضي.
وأدى الحد الأدنى للسعر البالغ 2.43 دولار الذي تم تحديده لشاي KTDA إلى تحسين أرباح المزارعين عام 2021 مع ارتفاع قيمة السلعة بنسبة ثلاثة في المائة في آخر مزاد. لكن من المتوقع أن تحمل تأثيرًا على سعر البيع للمستوردين.
وتعرض وزير في الحكومة الباكستانية المنتخبة حديثًا لانتقادات بعد مناشدته تقليل شرب الشاي للمساعدة في توفير الواردات.
وباكستان من بين أكبر مستوردي الشاي في العالم. ويحظى هذا المشروب بشعبية كبيرة بين الأغنياء والفقراء بباكستان على حد سواء. فالشخص العادي يشرب ما لا يقل عن ثلاثة أكواب يوميًا في المتوسط.
حكومة باكستان تنفق نحو 500 مليون جنيه إسترليني سنويًا من احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة لواردات الشاي.
وتعهد رئيس الوزراء شهباز شريف -تولى المنصب في أبريل/نيسان الماضي بعد الإطاحة بعمران خان في اقتراع لسحب الثقة- بتحسين الاقتصاد المتعثر والوفاء بالشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي في محاولة لإحياء حزمة الإنقاذ البالغة 5 مليارات جنيه إسترليني.
القهوة والشاي.. المشروبان الأكثر استهلاكا في قبضة التضخم
وسجلت عقود قهوة “أرابيكا” الآجلة في البورصة مستوى 2.3 دولار للرطل “450 جرامًا”. وسط مخاوف مستمرة بشأن نقص الإمدادات مع انخفاض معدل الحصاد في البرازيل -أكبر منتج عالمي- عن المستويات المستهدفة بسبب التغير المناخي.
في الوقت نفسه انخفضت المخزونات المعتمدة إلى أقل من مليون كيس لأول مرة في يونيو الجاري منذ فبراير/شباط. لتظل عند أدنى مستوى لها منذ 22 عامًا.
وتمثل أرابيكا 75% من الإنتاج العالمي. تستأثر البرازيل بنحو 40% من إجمالي المعروض في العالم.
وتمثل قهوة روبستا النسبة المتبقية البالغة 25% ويتم إنتاجها في فيتنام التي تنتج 1% من الإمداد العالمي.
وبحسب منظمة القهوة فإن صادرات البن بلغت 69.6 مليون كيس في الأشهر السبعة الأولى من عام القهوة 2021/2022. بانخفاض نسبته 0.9٪ مقارنة بـ70.28 مليون كيس في الفترة نفسها من عام القهوة 2020/2021.
ارتفاعات ملحوظة في أسعار السوق المصرية
وبالنسبة للسوق المصرية فهي مستورد صافي القهوة والشاي. فلا يتم إنتاجهما محليًا.
ويستهلك المصريون نحو 273 مليار لتر شاي وقهوة سنويا. وفقا لإحصاء اللجنة الدولية للشاي فإن مصر في المرتبة الثالثة بين الدول العربية الأكثر استهلاكًا للشاي والقهوة.
وارتفعت أسعار الشاي في السوق المحلية بنسبة 15% مع ارتفاع الأسعار العالمية. وبلغ سعر العبوة وزن ربع كيلو ما بين 24 و30 جنيهًا وفقا للنوع وبلد المنشأ.
أما فيشهد شبه اكتفاء ذاتي في السوق المحلية. إذ استوردت مصر سكرا بقيمة 140 مليون دولار عام 2021. جاء معظمه من دول أوروبية في مقدمتها النمسا بقيمة 3.4 مليون دولار وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
يقول أحمد أبو اليزيد -رئيس شركة الدلتا للسكر- إن نسبة الاكتفاء الذاتي من السكر تصل في مصر إلى 90%. بعدما وضعت الدولة خطة محكمة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر.
وأكد أن مشروع مستقبل مصر شهد زراعة بنجر السكر بما يقرب من 56 ألف فدان. بينما إجمالي حجم الزراعة 600 ألف فدان بنجر تعطي 1.8 مليون طن سكر سنويا. يضاف إليها 900 ألف طن من قصب السكر سنويا.
ويبلغ استهلاك المواطن المصري سنويا 34 كيلو سكر بجانب 900 جرام سنويا من الشاي.
ويرجع تزايد استهلاك السكر باعتباره مشروب تحلية بعد الوجبات الأساسية.
ويقول حسن فوزي -رئيس شعبة البن بالغرفة التجارية بالقاهرة- إن مصر تستورد 100% من البن. والأسعار ارتفعت بنحو 15% للكيلو منذ بداية يونيو الجاري مع تحرك سعر صرف الدولار والأسعار في البورصة العالمية.
ويضيف أن مصر تستورد نحو 70 ألف طن سنويا من البن. متوقعا تراجع حجم الطلب مع ارتفاع الحرارة. فالاستهلاك في مصر يتزايد في الشتاء عن الصيف بنسبة 25%.