تساؤلات عديدة طرحها قرار وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بتحويل جميع المدارس الفنية نظام الخمس سنوات إلى نظام السنوات الثلاث بداية من العام الدراسي المقبل. فيما يأتي ذلك مع تطبيق البرامج الدراسية المطورة ذات المناهج المبنية على الجدارات.
فقد أرسلت الوزارة خطابا إلى المديريات التعليمية بالمحافظات بضرورة الإعلان في مدارس الخمس سنوات بأن هذه المدارس سوف يتم تطبيق البرامج الدراسية المطورة بها وفق منهجية الجَدارات المهنية. ولن يتم قبول أي طلاب على البرامج غير المطورة بهذه المدارس. وأن الطالب الذي سيتقدم بجميع مدارس التعليم الفني “عام وخاص” سيحصل في نهاية الصف الثالث على شهادة إتمام دبلوم المدارس الثانوية الفنية -نظام السنوات الثلاث. ويحق لجميع الطلاب الحاصلين على دبلوم المدارس الفنية نظام الثلاث سنوات طبقا للبرامج المطورة استكمال الدراسة لعامين آخرين بعد الدبلوم –بحسب وزارة التعليم.
تضييع وقت
آراء المدرسين والخبراء وأولياء الأمور تباينت حول قرار الوزارة وكشفت حالة من عدم الفهم لجدوى القرار.
إذ قال مؤيدو القرار إنها فرصة لعدم تضييع وقت الطالب في عامين دون فائدة. وإن من يريد استكمال الدراسة من المتفوقين في العامين التاليين يستطيع ذلك. مثلها مثل الدبلومة التخصصية. وأكدوا أن هدف التعليم الفني هو تخريج فني على مستوى عال من المهارات والخبرات والتدريب العملي الأساسي. لافتين إلى أن تطبيق مناهج الجَدارات سيسهم في تحقيق هذا الهدف. فيما أوضح المعترضون أن نظام الخمس سنوات كان يُكسب الطالب معلومات على مدار مراحل الدراسة. بينما هذا القرار يحرم فئة من الطلاب من استكمال دراستهم في السنتين بعد الثلاث سنوات ويتم تطبيقه على المتفوقين فقط. خاصة أن فائدة نظام الخمس سنوات تساعد الطلاب في عمل معادلة للشهادة واستكمال الدراسة بالجامعة.
الدكتور محمد مجاهد -نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفني- أوضح في منشور تم توزيعه على المدارس الفنية بالمحافظات أن القرار يهدف لتطبيق نظام موحد للدراسة بمدارس التعليم الفني وفق منهجية الجَدارات المهنية. وذلك لإكساب الطلاب الجدارات التي تؤهلهم للمنافسة على وظائف في سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي ودفع عجلة الاقتصاد. وكذلك فتح مسار لاستكمال الطلاب دراستهم بالتعليم العالي.
وأضاف أن جميع المدارس الفنية بنظام السنوات الخمس -حكومي وخاص- سيتم تطبيق البرامج الدراسية المطورة بها وستكون على نظام الثلاث سنوات.
وتابع أنه عند وضع التنسيق الخاص بالمدارس الفنية يجب أن يتم التأكد من توافر الإمكانيات بالمدارس. من حيث عدد الفصول وأماكن التدريب العملي. وحال وجود طلاب يرغبون في التقدم للالتحاق بمدارس التعليم الفني وعدم قدرة المدارس على استيعاب هؤلاء الطلاب أو مجموعهم أقل من الذي تم تحديده بتنسيق القبول بالتعليم الفني يتم إلحاقهم على نظام الخدمات فترة مسائية كطلاب منتظمين.
تغيير نظرة المجتمع
وقال حسام سعد -مدرس بالتعليم الفني- إن هذا القرار “مفيد للطالب ويخفف أعباء دراسة 5 سنوات ويضغطها في 3 سنوات فقط. وهذا ينبغي أن يكون لتحقيق نوع من العدالة وتغيير النظرة المجتمعية عن التعليم الفني.
ويرى طارق عبد الحميد -مدرس بنظام الثلاث سنوات- أن نظام الجدارات القائم على المهارات وتطوير المناهج سيسمح باستيعاب الطالب في ثلاث سنوات ما كان يتم تقديمه في تخصصه في مدة أقصر. علاوة على أن هناك فرصة لاستكمال الدراسة عامين آخرين إذا تفوق الطالب ويريد استكمال الدراسة.
وأشار خالد عبد الله ومحمد علاء الدين وحسن عبده -مدرسو تخصص تبريد وتكييف- إلى أن التعليم الفني قائم على التدريب العملي وممارسة المهنة والتخصص عمليا أكبر من النظري. ورأوا أن هذا القرار في مصلحة الطالب. ويمكن أن تكون السنتان التاليتان للتدريب العملي وممارسة ما تعلّمه الطالب في الثلاث سنوات.
وقال محمود يحيى وأحمد سمير وكمال سعد -أولياء أمور- إن القرار يخفف الأعباء على الطالب ويحقق العدالة بين طالب الفني وطالب الثانوية العامة. فيما يغير نظرة المجتمع تجاه التعليم الفني. لافتين إلى أن تطوير المناهج والمقررات كفيل بتعلم الطالب بشكل جيد وتخريج مؤهلين لسوق العمل بشكل أفضل وأسرع.
هروب الطلاب من التعليم الفني
على الجانب الآخر فسر الخبير التربوي محسن عبد الله قرار الوزارة بتطبيق نظام الثلاث سنوات على المدارس الفنية بدلا من نظام الخمس سنوات بالطمع في الحصول على المنح الخارجية المقدمة من بعض الدول دون النظر إلى سلبية القرار على الطلاب. ما يجعلهم عرضة للهروب من مسار التعليم الفني ككل.
وشرح الدكتور محمد عمارة -رئيس قطاع التعليم الفني بوزارة التعليم- في بيان للوزارة تفاصيل تطبيق نظام الجّدارات على طلاب المدارس الفنية. وقال: “لم يتم إلغاء نظام الـخمس سنوات في المدارس الفنية. ولكنه تحويل لنظام الدراسة من 5 إلى 3 سنوات. بعدها يوجد عامان لجميع البرامج الدراسية. بحيث يستطيع أي طالب (متفوق) فى أي مدرسة أن يستكمل سنتين دراسيتين بعد الدبلوم المكون من ثلاث سنوات”.
وأوضح أنه يجري التعاون مع وزارة التعليم العالي لمعادلة هذين السنتين الدراسيتين الأخيرتين حتى لا يتم إهدار مقدرات الدولة أو ضياع عامين على الطالب دون فائدة.
وتابع: “سيتم تطبيق البرامج الدراسية المطورة ذات المناهج المبنية على الجدارات بجميع المدارس دون استثناء في العام المقبل. سواء بمدارس ثلاث سنوات أو خمس سنوات. حكومية أو خاصة. والتي يصل عددها إلى 850 مدرسة”. لافتا إلى استثناء بعض المدارس مثل “الضبعة النووية” وIBM أو أي مدرسة يتم استثناؤها بقرار من وزير التعليم “نظرا لطبيعة الدراسة الخاصة بها” –حسب قوله.
للمتفوق فقط نصيب في الجامعة
وقال إن الغرض من التعليم الفني هو إعداد فني متمكن من الجَدارات المهنية المطلوبة لسوق العمل. وبمعايير جودة عالمية للمنافسة على فرص عمل لائقة محليا أو إقليميا أو دوليا. وذلك للمشاركة في دفع عجلة الإنتاج في الأنشطة الاقتصادية المصرية المختلفة.
وأكد حق المتفوقين “الذي لا إنكار له” في استكمال دراستهم. والتي من أجلهم قامت الدولة بالتوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية. وذلك حتى يتم الاستمرار في مسارات تعليمية تتفق مع ما تم دراسته فعليا في مرحلة الدبلوم نظام الثلاث سنوات.
وقال إن الميزة في النظام الجديد أنه بعد إتمام الطالب المتفوق السنوات الدراسية الثلاث ستكون له مسارات مختلفة يلتحق بها. موضحا أنه سيتم معادلة السنتين الدراسيتين في الجامعات والكليات التكنولوجية. لافتا إلى أن الدراسة للطلاب المتفوقين بعد الثلاث سنوات ستكون “برسوم عادية”. فيما أشار إلى أن آليات وأدوات التقييم في منهجية الجَدارات تشارك فيها جهات وفق أدوات مختلفة. بينما مصلحة الطالب تكمن في الحصول على تدريب عملي جيد بدلا من زيادة سنوات نظرية بلا فائدة.