يبدو أن الزمالك قد وجد ضالته أخيرًا بعد فترة طويلة من التذبذب الفني مع أكثر من مدرب. ليكون البروفيسور جيسوالدو فيريرا، بمثابة المنقذ من جديد لعشاق القميص الأبيض في كل مكان. بعد أن بدأت تظهر ثمار ما زرعه بالفريق بالفترة الأخيرة في مباريات الدوري الأخيرة. ولاسيما لقاء القمة أمام الأهلي.

نجح فيريرا في إظهار نسخة مختلفة تمامًا من الزمالك في فترة قصيرة، بعد أسابيع وشهور من التوهان الفني والتمرد من كبار النجوم داخل “أوضة اللبس”. فأحدث حالة من الانضباط والالتزام الكامل داخل أسوار النادي، ومن يعارضه أو يتمرد يخرج تمامًا خارج حساباته بصرامة كبيرة.

أدت القرارات الأخيرة لتحسن أوضاع الجميع، والفريق ككل، من الناحية التأديبية والتركيز على كرة القدم فقط. ثم على الجانب الفني، وما أحدثه، وغيره كثيرًا في شكل وأداء وعقلية الفريق واللاعبين.

بالإضافة لذلك، خرج عدد كبير من شباب الزمالك للنور، واللعب بانتظام في الدوري والكأس مؤخرًا. وقدموا مستويات كبيرة ورائعة، لاسيما أمام الأهلي في القمة 124 بالدوري الممتاز. ما أدى لحالة من النشوة لجماهير القلعة البيضاء بعد التحسن الكبير على مستوى نتائج وعروض الفريق في الآونة الأخيرة مع كل الإيجابيات تلك.

عبقرية فيريرا تؤتي ثمارها

فيريرا مدرب كبير للغاية، ومن العيار الثقيل، وصاحب شخصية قوية جدًا. ولا يهمه الأسماء والنجوم، ويطيح بالكل مهما كانت نجوميته، طالما يخرج عن المنظومة والنظام الذي وضعه لباقي عناصر الفريق. بالإضافة لعمله الفني الكبير مع مساعديه في الارتقاء بالمستوى الفني والبدني والتكتيكي للاعبيه في فترة قصيرة للغاية لم تتجاوز شهر كأقصى تقدير، وبدأت تظهر ثمارها عقب فترة التوقف الدولي الأخيرة مباشرة.

يعتمد فيريرا بجرأة كبيرة على مجموعة من اللاعبين الصاعدين في المباريات الأخيرة. ومنها مباراة القمة أمام الأهلي، وقدم نجوم الزمالك الصاعدين مستويات رائعة ولعبوا دورًا محوريًا في تحسن نتائج الفريق الأبيض. واستمراره في المنافسة على لقبي الدوري وكأس مصر.

وتحولت أسماء مثل يوسف اسامة نبيه، وسيف فاروق جعفر، وسيد عبد الله “نيمار”، بجانب ثنائي الدفاع محمد طارق وحسام عبد المجيد. إلى جزء من قوام الفريق الأساسي، لنجاح المدرب البرتغالي في علاج أزمة النقص الحاد في قائمة الفريق منذ بداية الموسم.

ونجح سيف جعفر في قيادة الزمالك لعبور عقبة الداخلية في بطولة الكأس بتسجيل هدف التعادل. في اللقاء الذي انتهى لصالح الفريق الأبيض بنتيجة 2-1. وواصل النجوم الصاعدين تألقهم في لقاء القمة، بعد أن صنع يوسف أسامة نبيه هدف الفريق الثاني في شباك الشناوي. باللقاء الذي انتهى بالتعادل (2-2)، بينما قدم سيد نيمار وسيف جعفر أداء مميزا خلال نفس اللقاء.

وواصل يوسف أسامة نبيه تألقه ليصنع هدف فوز الزمالك أمام البنك الأهلي، مع مشاركة مميزة لثنائي الدفاع عبد المجيد ومحمد طارق. بجانب البديل الرائع سيف جعفر، لينجح فيريرا في ثورته الفنية والانضباطية بالزمالك، وأحرج كافة كبار نجوم الفريق والمتمردين منهم أمام الجماهير بشكل علني. ونجح في مهمته بشكل ساحق.

إيقاف القيد صب في مصلحة الأبيض

يواجه الزمالك ظروفًا صعبة منذ انطلاق الموسم، بعد حرمانه من القيد لفترتي انتقالات، بقرار من الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”. ويخوض الفريق منافسات الموسم بقائمة يشوبها الكثير من عناصر النقص في العديد من المراكز. خصوصًا مع تفاقم الإصابات والأزمات خلال الفترة الأخيرة.

وتسعى إدارة النادي للاعتماد على قطاع الناشئين في خطة طموحة لحل أزمة العجز في القائمة. واكتشاف عدد من العناصر المميزة، التي قد تُغني الإدارة عن إبرام عدد كبير من الصفقات خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة.

وهو ما قدمه لهم فيريرا على طبق من ذهب، حيث حل الأزمة تمامًا بجرأته في الدفع بالشباب وإعطاء الثقة للبدلاء ليشاركوا ويتألقوا. ويتحول شكل وأداء الزمالك تمامًا معه بالفترة الأخيرة، ليؤكد أن الفريق الكبير لا يقف على نجم مهما كان اسمه وأن الشباب دائمًا هم الأمل والحل لكل أزمات الأندية الكبرى في أحرج الأوقات وأحلك الظروف.

تكرار ثورة الجوهري بالتسعينات

ويأمل الزمالك من ثورة فيريرا تلك الذي قام بفتح مدرسة الفن والهندسة من جديد بعد فترة إغلاق طويلة لها، في تكرار سيناريو تصعيد جيل نهاية التسعينات التاريخي على يد فاروق السيد والذي لعب دورًا محوريًا في سيطرة الزمالك على البطولات في بداية الألفية الجديدة.

واعتمد الزمالك آنذاك على عدد مميز من أبناء قطاع الناشئين في مقدمتهم طارق السيد وطارق السعيد ومحمد أبو العلا وعبد الواحد السيد، قبل أن يتم تصعيد جمال حمزة وشيكابالا في وقت لاحق.

وحقق الزمالك خلال الفترة من 2000 إلى 2004، 3 بطولات للدوري بجانب بطولة دوري أبطال أفريقيا ولقب كأس الكؤوس الأفريقية والبطولة العربية والعديد من البطولات الأخرى.

وسبق هذا الجيل تصعيد الجنرال محمود الجوهري لمجموعة متميزة من الناشئين عام 1994، ضمت محمد صبري وحازم إمام ومدحت عبد الهادي وأسامة نبيه ومعتمد جمال، وتحول جيل إمام وصبري الرائع سريعًا إلى ركيزة حقق من خلالها النادي العديد من الإنجازات، خصوصًا على المستوى الإفريقي، بجانب دورهم الكبير مع منتخب مصر فيما بعد مع الجوهري نفسه ببطولة 1998 الشهيرة بجنوب أفريقيا.