تعد المهرجانات أحد أهم وسائل الجذب السياحي لما تحققه من عوائد اقتصادية وسياسية مهمة. الأمر الذي يدفع عددا من البلدان حول العالم لاتباع سياسات تشجيعية لإقامة المهرجانات باختلاف أنواعها وأشكالها. بالإضافة إلى توفير عناصر النجاح لها وأهمها التسويق الجيد.
في مصر تقام العديد من المعارض والمهرجانات أهمها معرض القاهرة الدولي للكتاب، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية، والإسماعيلية للفنون الشعبية، ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبيي. بالإضافة إلى الاحتفال بتعامد الشمس في معبد أبو سمبل، والذي يتم تنظيمه مرتين في العام.
اقرأ أيضًا.. “سياحة رخيصة” و”مصايف بالتقسيط”.. إعلانات السفر مع المجهول
موقع مصر على خريطة المهرجانات
في وقت سابق، كانت مصر أحد أهم منظمي المهرجانات في المنطقة. حيث كانت الدولة ترعى عددًا من المهرجانات وضعت مصر لفترة طويلة على خارطة السياحة العالمية، أو على الأقل أحد أهم منظمي المهرجانات في الشرق الأوسط.
وكان من أهم تلك المهرجانات: مهرجان الأغنية الدولي، ومهرجان القاهرة الدولي للأغنية الشعبية. بالإضافة إلى الاحتفال الفني بعيد وفاء النيل.
ولأسباب عديدة، أهمها اشتداد المنافسة مع دول أخرى في المنطقة مثل الإمارات والسعودية، تراجعت الدولة عن تنظيم أكثر من 30 مهرجانًا سنويًا. ذلك في إطار سياسة تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي، التي تسير عليها الحكومة بخطى ثابتة ومستمرة منذ مطلع الألفية.
اقرأ أيضًا.. قليلة الإنفاق ولكن.. لماذا عودة السياحة الروسية لمصر مهمة؟
سياحة المهرجانات.. نماذج من العالم
وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن سياحة المهرجانات بشكل عام كان لها دور في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العديد من دول العالم. كما كانت السبيل لتوفير دخل وعملة صعبة.
وبالنظر إلى الشرق الأوسط، نرى أنه في السعودية، التي تعتبر حديثة العهد بتنظيم المهرجانات خاصة الفنية منها، استطاعت تحقيق أكثر من 550 مليون ريال أرباحًا في أول 10 أيام من تنظيم موسم الرياض 2022، والذي يعتبر مهرجانًا فنيًا وترفيهيًا، تنظمه المملكة في إطار ما يسمى بـ”رؤية 2030″.
وفي الإمارات تنظم مؤسسة دبي للمهرجانات والتجزئة، عددًا من الفعاليات والمهرجانات سنويًا. ذلك بهدف الترويج للإمارة أولًا، وتحقيق عوائد وصلت إلى أكثر من 20 مليار درهم أو ما يعادل 5 مليارات و 400 مليون دولار في 2021، طبقًا لما أعلنته المؤسسة رغم أزمة كورونا.
ولا تكتفي دبي بتنظيم فعالية واحدة طوال العام. لكنها تنظم مهرجانات في كل شيء تقريبًا، بداية من المأكولات والتذوق والاحتفال، حتى مهرجان الاحتفال برأس السنة الصينية.
اقرأ أيضًا.. “السياحة الإسرائيلية” في مصر: رحلة التطور تحت ظلال السياسة
عالميًا، يمكن النظر إلى البرازيل على أنها أحد أهم وجهات العالم السياحية فيما بتعلق بالمهرجانات، أولها كرنفال ريو دي جانيرو. إذ اجتذب عام 2019 نحو 1.5 مليون سائح من البلاد وخارجها. كما حقق إيرادات وصلت إلى 700 مليون دولار أمريكي أو ما يعادل 3.78 مليار ريال برازيلي.
أما في ولاية ماريلاند الأمريكية، تعتبر المهرجانات طويلة الأمد أحد أهم مصادر الدخل. ويشارك فيها 350 فنانًا بين موسيقيين وراقصين ورواة قصص ورسامين، إلى جانب أكثر من 25 مجموعة موسيقية مختلفة تحيي احتفالات بوسط مدينة “سالزبوري” إذ اجتذب مهرجان العام الماضي 91 ألف سائح بعائد اقتصادي بلغ 19.8 مليون دولار.
كيف تكون المهرجانات أداة جذب سياحي؟
الدراسات السياحية تشير إلى أنه رغم تمتع مصر بالعديد من المقومات التي يمكن استثمارها، فإنه لا توجد دلالات على استغلال تلك المقومات في تنظيم مهرجانات جاذبة للسياحة. كما تؤكد غياب أو ضعف وسائل الترويج سواء من خلال الإعلانات أو النشرات السياحية، وحتى الإعلان عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب خبراء السياحة، فإن الاعتماد على المهرجانات في تحقيق موارد مستدامة للتنمية والدخل والعملة الصعبة، يتطلب في الأساس تنوعها لتلبية رغبة الباحثين عن الاستكشاف والتجربة، كالراليات والمهرجانات الرياضية، أو جذب الباحثين عن الهدوء والاسترخاء.
كما أن المهرجانات لا يمكنها جذب السائحين إلا عندما تكون نتاجًا لتطور ثقافي لما يصنعه الناس ويحفظونه ويمارسونه وينقلونه من جيل إلى جيل. وبالتالي، فإن دور الدولة ضروري دون فرض السيطرة الكاملة أو “تهميش” تراث الأقليات العرقية أو الدينية.
كما أن الأمر يتطلب تعاونا كاملا بين منظمي المهرجانات الشعبية وصُناع السياحة على أساس المنفعة المتبادلة، ووضع أهداف طويلة الأجل حتى يكون للمهرجانات تأثيرًا في السياحة والاقتصاد.
اقرأ أيضًا.. لماذا دعم ساويرس مطربي المهرجان أمام “نقيب المغنين”؟
الجونة.. النموذج الوحيد
ويمكن اعتبار مهرجان الجونة، الذي تأجلت دورته للعام الحالي 2022، مثالًا ناجحًا على توظيف الفن اقتصاديًا. فـ”آل ساويرس” نجحوا في الترويج للمدينة الساحلية من خلال المهرجان. واستطاعوا تسويق الجونة كوجهة سياحية من خلال مهرجان فني سينمائي ما رفع نسبة الإشغالات في المدينة طوال العام.
يقول نادي عزام، الخبير الاقتصادي، لـ”مصر 360، إن سياحة المهرجانات والفعاليات تدر دخلًا في الولايات المتحدة أكثر من ناتج صناعة السيارات بـ30%، ويعمل فيها أكثر من مليون ونصف المليون شخص بعائد يناهز ربع تريليون دولار سنويًا.
وبحسب منظمة السياحة العالمية، فإن سياحة المهرجانات والعروض الحية والأفلام والاحتفالات، عملت على جذب السياح الأجانب وكانت محركًا اقتصاديًا في العديد من الدول، ما دفع جهات التنظيم لعقد أكثر من 300 بينالي (حدث يعقد كل عامين) عام 2019.
ويضيف “أن المكاسب الاقتصادية تتضمن وقف الهجرة من القرى إلى المدن، خاصة عندما تتوافر فرص عمل لأهالي الريف تخلق توزيعًا عادلًا لعوائد السياحة.