بعد أسابيع من الانتظار والبحث وتداول أسماء أغلب مدربي العالم المتاحين لتدريب النادي الأهلي. سواء ممن لديهم اسم كبير في عالم التدريب. أو ممن لديهم خبرة معقولة. وبعد حديث عن تحمل شركة الكرة برئاسة رجل الأعمال ياسين منصور قيمة كبيرة من الراتب المعروض لهؤلاء المرشحين تمخض الجبل فولد فأرًا.

فبعد كل هذا الضجيج جاء التعاقد مع المدرب البرتغالي المغمور ريكاردو سواريز -المدير الفني لفريق جيل فيسنتي في بلاده لمدة موسمين- بترشيح من أسطورة النادي مانويل جوزيه صاحب الألقاب والإنجازات الكبرى بالقلعة الحمراء. ليقود سواريز الفريق الأول لكرة القدم بالأهلي خلال المرحلة المقبلة خلفًا للجنوب أفريقي بيتسو موسيماني. الذي رحل منذ 3 أسابيع بعد إنهاء عقده مع النادي بالتراضي. ليتم إسناد المهمة إلى سامي قمصان كمدرب مؤقت لحين التعاقد مع مدرب أجنبي جديد.

سواريز
سواريز

قبل الأهلي.. مسيرة تدريبية متواضعة لسواريز

كلاعب لم يكن اسمًا كبيرًا. حيث شارك في الدوريات الأدنى بالبرتغال. وخلال 232 مباراة سجل 28 هدفًا. ولم تكن له تجارب مع أندية كبيرة أوروبيًا. فيما نجح ريكاردو سواريز كمدرب في إنهاء الموسم المنقضي بالدوري البرتغالي بقيادة جيل فيسنتي لاحتلال المركز الخامس في جدول الترتيب برصيد 51 نقطة. خلف أندية بورتو وسبورتنج لشبونة وبنفيكا وسبورتنج براجا. ليتأهل بالرفيق لدوري المؤتمر الأوروبي لأول مرة في تاريخه.

وفاز جيل فيسنتي تحت قيادة سواريز الموسم الماضي في 13 مباراة. بينما تعادل 12 مرة وخسر 9 مرات في الدوري. ونجح فريقه في تسجيل 47 هدفًا بينما سكن شباكه 42 هدفًا.

وقام “سواريز” بتدريب العديد من الأندية البرتغالية. حيث بدأ التدريب في 2005 وهو بسنّ 30 عامًا فقط. وكانت أولى تجاربه مع فريق كاكودوريس الذي بقي معه لموسمين كمدرب هاوٍ. قبل أن يقوم برحلات مكوكية عبر أندية صغيرة في البرتغال. ليحصل بعدها على رخصة من الاتحاد الأوروبي كمدرب محترف. ويبدأ العمل في الدوري البرتغالي الأول مع أندية موريرنسي وجيل فيسنتي.

وعمل سواريز مع فريق موريرنسي منذ ديسمبر 2019 حتى 10 نوفمبر 2020. ورحل عن الفريق بشكل مفاجئ بعد تصريحاته بأنه أصبح غير قادر على تطوير أداء الفريق. وبعد أيام قليلة تولى تدريب جيل فيسنتي يوم 14 نوفمبر 2020.

فترة التألق

هل تنجح صفقة خليفة موسيماني
هل تنجح صفقة خليفة موسيماني

لتبدأ بعدها أفضل فتراته كمدرب وذلك خلال موسمه الأخير مع فيسنتي. حيث حقق معه المركز الخامس المؤهل لدوري المؤتمر الأوروبي بتحقيق 51 نقطة. وبفارق ثلاث نقاط عن صاحب المركز السادس فيتوريا. و40 نقطة عن بورتو حامل اللقب.

وخلال 69 مباراة مع الفريق البرتغالي نجح سواريز في تحقيق 28 فوزا و16 تعادلا وتمت هزيمته 25 مرة. وتميز الفريق معه بأسلوب هجومي قوي يعتمد في الأساس على بناء اللعب من المنتصف.

وفي موسمه الأخير فاز بـ13 مباراة وتعادل في 12 وخسر في 9 آخرها كانت ضد فريق فيتوريا صاحب المركز السادس. حيث خسر بخمسة أهداف نظيفة. لكنه أراح معظم الأساسيين بفريقه. وخلال الموسم سجل فريقه 47 هدفًا ومُنيت شباكه بـ42 في 34 مباراة.

وهو ما يؤكد قوة الفريق الهجومية لكنه يفتقد الصلابة الدفاعية. ويعتمد الفريق أيضًا على بناء اللعب من الخط الخلفي والاستحواذ على الكرة بمعدل وصل إلى 54.7%.

طريقة لعب سواريز هي 4-3-3 هجومية. وأيضًا ظهر في بعض المباريات معتمدًا على طريقة 4-4-2 و4-2-3-1. وكان أكبر فوز حققه في مباراة الدور التمهيدي لكأس البرتغال بخمسة أهداف نظيفة ضد كوندكسيا. وأكبر نتائجه في الدوري كانت 4-0 ضد فامليكاو الذي أنهى الموسم في المركز الثامن.

تفاصيل توقيعه للنادي الأهلي وتكرار مشروع فايلر

رينيه فايلر
رينيه فايلر

قاد سواريز -47 عامًا- الفريق البرتغالي منذ نوفمبر 2020 وينتهي تعاقده في صيف الموسم المقبل 2023. وبعقده شرط جزائي قيمته 250 ألف يورو للرحيل عن النادي. وهو ما سيفعله الأهلي للتعاقد معه رسميًا خلال ساعات قليلة مقبلة. على أن يحضر إلى القاهرة لتوقيع العقود رسميًا والإعلان عنه في مؤتمر صحفي كبير.

وسيكون مع “سواريز” في جهازه الجديد مدرب مساعد ومخطط أحمال ومحلل أداء من البرتغال -معاونوه بفريقه السابق- بالإضافة إلى بقاء سيد عبد الحفيظ مديرًا للكرة وسامي قمصان كمدرب عام وميشيل يانكون مدربًا للحراس.

ويأمل الأهلي في تكرار تجربة السويسري رينيه فايلر الذي تولى المهمة الفنية للفريق في سبتمبر 2019. ونجح في تقديم مستوى مميز. كما نال استحسان الجميع من مسئولي وجماهير القلعة الحمراء. وقاد الفريق لنصف نهائي دوري أبطال أفريقيا كما تم تتويجه بالدوري.

لكن التجربة لم تكتمل لأسباب أسرية لدى المدرب السويسري. فيما يرى مسئولو الأهلى أن سواريز مشابه كثيرًا لفايلر وسيكون مشروعا جيدا للفريق في الفترة المقبلة.

مميزات سواريز وكيف سيلعب الأهلي معه؟

طريقة لعب
طريقة لعب

اعتمد سواريز مع جيل فيسنتي على استراتيجية استحواذ واضحة. فهو فريق لا يمانع الصبر على الكرة انتظارًا للفرصة. أو الاحتفاظ بها لمنع الخصم من تهديده. فكان فريقه خامس أكثر الفرق في متوسط الاستحواذ بالمباراة في الدوري البرتغالي بعد بورتو وبنفيكا وسبورتينج لشبونة وبراجا.

ودون الكرة يضغط الفريق من الأمام وبصورة منظمة للغاية. ولكن في الوقت ذاته يملك القدرة على تشكيل جدار دفاعي منخفض لمنع الخصم من التهديد ثم إيجاد المساحات بين الخطوط المهاجمة.

يفضل سواريز بدء شكله الهجومي بأربعة مدافعين من الخلف يتناقلون الكرة. معتمدا على الأطراف للدعم والدفع للأمام تمهيدا لمحاولة الاختراق من العمق.

ويلجأ المدرب البرتغالي لحيلة “الرجل الثالث” كثيرًا. حتى وإن ركض باتجاه منطقة داخل إطار التسلل. فالهدف منه هو خلخلة تناسق خط دفاع الخصم بحثًا عن المساحة المنتظرة.

هذا التحرك ينفذه المهاجم “رقم 9 على الورق” لمرات عدة. فدوره لا يتوقف عند تسجيل الأهداف. وإذا فشلت المحاولة يحتفظ الفريق بالكرة عن طريق مثلث يتم تشكيله سريعا على أحد جانبي الملعب، ثم تعود الكرة إلى خط الوسط الذي يكفل خيارات تمرير كثيرة لحامل الكرة.

حيلة الرجل الثالث

ريكاردو سواريز
ريكاردو سواريز

هذا لا يعني أن كل ما يجيده فريق سواريز هو التمرير والاستحواذ. فمواجهة الضغط المتقدم على حدود الثلث الأخير يمكنه التعامل معها بتمريرات عمودية سريعة للأمام.

تتنوع أشكاله الهجومية بين 4-3-3 وأحيانا 4-4-2 وبنسبة أقل 4-4-1-1 وأيضًا 4-2-3-1. والأخيرة تحديدًا إذا كان الفريق بحاجة إلى وجود ثنائي محور الوسط في منطقة أكثر تراجعًا. وذلك ليدفع الأجنحة الخط الثالث رفقة صانع الألعاب.

ورغم تنوع الأشكال فإن المرونة التكتيكية على طول الخط لم تكن أكثر ما يميزه. إذ كان بحاجة إلى تنظيم أكثر صرامة في الغالبية العظمى من المباريات. بالنظر لطبيعة أسلوبه وتضاربها مع طبيعة الفرق غير المرشحة للمنافسة.

وصل ذلك إلى درجة أنه لم يغير طريقة لعبه المفضلة ضد بورتو وبنفيكا وسبورتينج لشبونة -مثلث الكرة البرتغالية الأكبر- فاللاعبون يفهمون أدوارهم وينفذونها بشكل جيد. وهو ما سيحتاج إلى فرضه في الأهلي بأسرع وقت ممكن.

منظومة دفاعية جيدة

أسطورة الأهلي والمدرسة البرتغالية
أسطورة الأهلي والمدرسة البرتغالية

وأخيرًا على الصعيد الدفاعي يضغط فيسنتي من الأمام بنية استرجاع الكرة سريعًا. وبحساب المتوسط فإن الفريق يسمح لخصمه بـ10 تمريرات فقط في المتوسط قبل أن يتخذ خطوة دفاعية. ويملك هذا الرقم علاقة عكسية مع قوة الضغط وانتظامه. إذ كلما زاد الأخير قل عدد التمريرات المسموح بها.

وفي شكل 4-4-2 بحالة الضغط من الأمام يلعب الثنائي الهجومي والجناحان في شكل أشبه بالمعارك الفردية ضد قلبي الدفاع والأظهرة. بينما يبقى لاعبو الوسط خلفهم للدعم بتعليمات واضحة بعدم الدخول في معركة الرقابة الفردية. مع التمسك بدفاع المنطقة حتى يتراجع أحد ثنائي الهجوم لإغلاق زاوية التمرير على ارتكاز الخصم. الذي حين ستصل الكرة إليه سيندفع أقرب لاعبو الوسط لمراقبته الآن.

عملية تضمن فرصة جيدة لاستعادة الكرة وتستهدف إجبار الخصم على توسيع رقعة اللعب. ليتسنى لفيسنتي استخدام خط التماس كمدافع إضافي. كما جرت العادة في اللعبة مؤخرًا. ولكن إذا فشلت فإن عملية تقدم اللعب للأمام بواسطة ارتكاز الخصم تصبح أسهل كثيرًا.

وهنا يأتي دور الخط الخلفي الذي يملك تعليمات بالوجود على خط مرتفع لاكتساح أي مساحة يمكن تشكيلها بين الخطوط. ونتيجة لذلك فإن الفريق يفوز بأغلب صراعاته الدفاعية على الأطراف وفي أنصاف المساحات.

كانت هذه هي الملامح الرئيسية التي صنع بها ريكاردو سواريز موسمًا سيبقى خالدًا في تاريخ جيل فيسنتي. والقادم الآن لتدريب الأهلي من بلاد أهدته سابقًا مانويل جوزيه. والسؤال الآن: “فهل يسير على خطى الأسطورة أم يفشل وتكون تجربة عابرة وتمضي مثل مواطنه جوزيه بيسيرو؟”.