بعد عقد قمة النقب في سديه بوكير في إسرائيل في مارس/ آذار من العام الجاري، والتي تقرر فيها تشكيل إطار للتعاون الإقليمي “منتدى النقب“. قامت حكومات البحرين، ومصر، وإسرائيل، والمغرب، والإمارات، والولايات المتحدة الأمريكية. ممثلة في كبار المسؤولين من وزارات خارجية هذه الدول، أمس الاثنين، بعقد الاجتماع الافتتاحي للجنة التوجيهية لمنتدى النقب في المنامة.

وفق البيان، يتمثل الهدف الرئيسي للجنة في زيادة تنسيق الجهود الجماعية، وتعزيز رؤية مشتركة للمنطقة. في هذا السياق، تم تحديد وثيقة إطار عمل لمنتدى النقب. وتحديد أهداف المنتدى، وأساليب عمل هيكله الرباعي الأجزاء. وهي: الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية، والرئاسة، واللجنة التوجيهية، ومجموعات العمل.

https://www.youtube.com/watch?v=7q8yekyyuXE

وجاء في البيان الصادر عن حكومات الدول الست المشاركة في المنتدى: “يبين هذا الاجتماع قوة علاقاتنا، والتزامنا المشترك بالتعاون، والفرص المهمة التي أطلقها تحسين العلاقات بين إسرائيل والدول المجاورة لها. مما يظهر ما يمكن تحقيقه من خلال العمل معا للتغلب على التحديات المشتركة.

وأكد المشاركون أيضا “على إمكانية تسخير هذه العلاقات لخلق زخم في العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية. بغية التوصل إلى حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وذلك كجزء من الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل.

اقرأ أيضا: دبي وإسطنبول والقدس: قمة غير مسبوقة في إسرائيل.. وقضية فلسطين هي الضحية

في مواجهة إيران ورحيل أمريكا

يأتي التحالف المزمع للمشاركين في منتدى النقب كأحد آثار الخطوات الأمريكية للتراجع في الشرق الأوسط. في الوقت نفسه، جاء المشاركون في النقب إلى طاولة المفاوضات بأهداف مختلفة تمامًا. كما يلفت الدكتور عمرو حمزاوي، في تحليل نشره معهد كارنيجي للسلام.

خلال اللقاء الأول في مارس/ آذار الماضي، أعربت الدول الخمس عن إحباطها من السياسات الأمريكية تجاه إيران. والتنازلات المحتملة للجمهورية الإسلامية في مفاوضات الاتفاق النووي. كما اشتكوا من التزام الولايات المتحدة الأمني ​​الفاتر تجاه شركائها في الشرق الأوسط. والنية المعلنة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للحد من مشاركتها في المنطقة.

كتب حمزاوي: تؤكد مشاركة وزراء الخارجية العرب في اجتماع تعقده إسرائيل. على حقيقة أن التعاون العربي مع إسرائيل لم يعد مرتبطًا باتفاق سلام إسرائيلي- فلسطيني يقوم على حل الدولتين. لقد توصل المشاركون العرب في قمة النقب إلى رؤية إسرائيل بعدة طرق: كحليف محتمل في الترتيبات الأمنية الإقليمية. الموجهة نحو احتواء الصراعات القائمة، ومحاربة النفوذ المتزايد لإيران، على خلفية تضاؤل دور الولايات المتحدة الإقليمي. وكشريك في إعطاء الأولوية لتطوير علاقات اقتصادية وتجارية وتكنولوجية قوية مع إسرائيل.

وبينما استغلت مصر القمة لإعلان حيادها في حرب أوكرانيا ولتوعية الأمريكيين بالأهمية الاستراتيجية لعلاقاتها مع روسيا. شددت الإمارات والبحرين -منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم في عام 2020- التزامهما الاستراتيجي بالتعاون مع إسرائيل في مجال الأمن الإقليمي. حيث تشترك الدول الثلاث في مصلحة حيوية في محاربة إيران.

لذلك، أوضح وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني في قمة النقب. العقيدة الناشئة القائلة بأن إيران هي العدو المشترك. وأوضح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أن القمة تبعث برسالة إلى إيران مفادها أن “عليها أن تخشى الآن من إصرار العرب والإسرائيليين على محاربة دورها التخريبي في الشرق الأوسط”. كما يقول حمزاوي.

أما المغرب، فهو -بالطبع- أقل قلقا بشأن إيران. تحافظ الرباط على أهمية حل الدولتين لإسرائيل وفلسطين. لكنها عازمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية مع إسرائيل. فضلاً عن دعم الولايات المتحدة في صراعها مع الجزائر حول الصحراء الغربية.

التحالف العسكري في مواجهة إيران

رغم الطموح الإسرائيلي الذاهب إلى إمكانية إنشاء حلف عسكري في مواجهة إيران. شهدت قمة مارس/آذار، التي شاركت فيها القاهرة ممثلة بوزير خارجيتها، مع نظرائه في الإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل والولايات المتحدة. مناقشات حول إقامة تحالف أمني ضد إيران. ولكن في اليوم التالي مباشرة، نفى وزير الخارجية المصري دخول القاهرة في أي أحلاف موجهة ضد دول بعينها.

الرفض نفسه، هو ما أشارت إليه مصادر في تقرير سابق، بالقول إن مصر تفضل عدم استفزاز إيران. وأنها لن تكون جزءا من حلف عسكري مع دولة الاحتلال. بمعنى أوضح “الثابت في عقيدة مؤسسات الدولة المصرية أن إسرائيل هي العدو الاستراتيجي الأول. وهذه العقيدة لم ولن تتغير. أما التهديدات الإيرانية المحتملة فنحن نفضل التعامل معها بالطرق الدبلوماسية”.

في الوقت الحالي، تستمر إسرائيل في العمل كرئيس لمنتدى النقب حتى الاجتماع الوزاري المقبل. حيث ينبغي أن ينعقد الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية سنويا -وهو يعد الهيئة الحاكمة الرئيسية للمنتدى- ومن المرتقب انعقاد اجتماع وزاري في وقت لاحق من هذا العام، على أن يسبقه اجتماع آخر للجنة التوجيهية في إسرائيل.

وحسب البيان المشترك، ناقشت اللجنة التوجيهية مسألة تعيين رؤساء لكل من مجموعات العمل الست التي أطلقها الوزراء في قمة النقب. وهي: الطاقة النظيفة، التربية والتعايش، أمن الغذاء والمياه، الصحة، الأمن الإقليمي، السياحة.

وينبغي أن تجتمع مجموعات العمل بانتظام على مدار العام. للدفع قدما بالمبادرات “التي تشجع التكامل والتعاون والتنمية على المستوى الإقليمي. وبما فيه صالح شعوب المنطقة، عبر مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك المبادرات التي تعزز الاقتصاد الفلسطيني وتحسن نوعية حياة الفلسطينيين”. كما أعربت الدول المشاركة.

وينبغي أن يقدم رؤساء مجموعات العمل تقارير منتظمة عن التقدم المحرز إلى اللجنة التوجيهية. ويجوز لهم -بإجماع الأعضاء- دعوة المشاركين من غير الأعضاء إلى المشاركة في مبادرات محددة. تحقق فيها مشاركتهم فائدة مباشرة للهدف المعلن للمبادرة.

 

اقرأ أيضا: ما بين السطور: “الناتو العربي الإسرائيلي” وباب القاهرة “الموارب”

حشد أمريكي وتخوفات عربية

قبيل اجتماع أمس، أوضح أوديد جوزيف، مسؤول الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإسرائيلية. أن دولته ترى في هذا الاجتماع “إمكانية صياغة الهيكل الإقليمي في وقت مبكر قليلاً. سيكون وجود الوفد الأمريكي في غاية الأهمية، وكذلك وصول الرئيس بايدن إلى هذه المنطقة. وتحديداً زيارته لإسرائيل”.

وأضاف خلال لقاء مع عدد من الصحفيين الإسرائيليين: من وجهة نظرنا، ستكون -يقصد زيارة بايدن- جزءًا مهمًا مما كان يتبلور في المنطقة طيلة العام ونصف الماضي”.

من ناحية أخرى، هدف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى حشد دعم الشرق الأوسط لموقف بلاده تجاه روسيا. من أجل التحكم في أسعار الطاقة العالمية. كما أنه قلل للمجتمعين من خطورة التنازلات الأمريكية لإيران، وأعاد القضية الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات. وبالطبع، أراد عكس مسار تدهور مكانة الولايات المتحدة في المنطقة. لكن، أعربت الدول المشاركة عن شكوكها بشأن تحول تركيز إدارة بايدن من الشرق الأوسط إلى آسيا. بدا ذلك جليًا في تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات. لدرجة أن أبوظبي امتنعت عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. واتبعت السعودية مسارًا مشابهًا، حيث رفض ولي عهدها محمد بن سلمان الطلبات الأمريكية والأوروبية لزيادة إنتاج النفط للسيطرة على الارتفاع في الأسعار، بل، وقضى وقتًا يرفض التحدث مع الولايات المتحدة.

لكن، تناول بلينكن مع نظيره المصري -فقط- الحاجة إلى استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

أشار حمزاوي في تحليله إلى أن المشاركة المصرية في قمة النقب “تعبير عن خوف مصر من فقدان المبادرات الدبلوماسية العربية- الإسرائيلية. أو يمكن اعتبارها نتيجة متأخرة للمداولات السياسية بين قادة مصر وإسرائيل والإمارات التي جرت في سيناء قبل أيام قليلة من القمة”.

مع ذلك، بدا من خلال مشاركة شكري، أن القاهرة أقل اهتمامًا ببناء تحالف إقليمي مناهض لإيران. وأكثر ميلًا لدفع التعاون الأمني ​​العربي- الإسرائيلي في اتجاهات تعالج الأزمات الرئيسية في الشرق الأوسط. بما في ذلك الحروب الأهلية، وتزايد انعدام الأمن الغذائي بسبب للتأثيرات العالمية لحرب أوكرانيا. وانعدام الأمن المائي، وتغير المناخ، والقضية الفلسطينية.

الحث لإنشاء “ناتو” عربي

يربط البعض بين زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة البحرينية المنامة، والمقررة اليوم الثلاثاء. بالاجتماع الذي دار أمس بين ممثلي أعضاء منتدى النقب. والذي “ناقش قضايا تتعلق بالمفاوضات الجارية بشأن الاتفاق النووي مع إيران. والأنشطة الإيرانية في المنطقة”، لكن فكرة “حلف الناتو في الشرق الأوسط” لم تتم إثارتها على طاولة الاجتماع، وفق مصدر مطلع على لقاء أمس.

ورغم أن زيارة السيسي للمنامة تأتي بعد زيارة الملك حمد للقاهرة لتوقيع عدة اتفاقيات في مجالات اقتصادية وسياسية وعسكرية ومجالات أخرى بين مصر والبحرين. لكن أضاف أحد المصادر أن “حلف الناتو في الشرق الأوسط مطروح على الطاولة. والدول متفقة على ضرورة وجود مثل هذا التحالف، لكن من المحتمل أن يتم طرحه في القمة مع بايدن”.

ويفسر المحلل السياسي الأردني خالد عساف “نتائج هذه التحركات المتسارعة ستكون تشكيل تحالف في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي الذي أعلنه ملك الأردن لمواجهة إيران وسيكون هذا التحالف بمشاركة إسرائيلية”. لافتًا إلى أن “التحالف هذه المرة سيكون أقوى من التحالف العسكري الإسلامي الذي تم الإعلان عنه قبل عدة سنوات. وقد لا نرى مشاركة دول مثل الكويت وسلطنة عمان، والتي لا تفضل المشاركة في أي تحالفات عسكرية لمواجهة إيران”.

وبخصوص الاجتماعات المتتالية الأخيرة لقادة بعض الدول العربية، قال عساف: “هذا أمر طبيعي، فهناك قمة متوقعة مع الرئيس جو بايدن خلال زيارته للسعودية. يجب أن تكون “أي الدول العربية” مستعدة جيدًا لأن دول المنطقة لديها نفس الاهتمامات المشتركة، وستضع كل ما تريده على الطاولة أمام بايدن”.

أمجد الزهراوي، كاتب صحفي وعراقي، قال لصحيفة ميديا ​​لاين الأمريكية، إن “حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط سيكون ضد إيران. لكنه يمثل أيضًا فرصة لإسرائيل للاندماج في نظام الأمن العربي، وخاصة الخليج”. لكنه أشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لن يحصل على موافقة القوى السياسية للانخراط في أي تحالف عسكري يضم إسرائيل “فالتحالف موجه ضد إيران، ومعظم القوى السياسية في العراق موالية لإيران”.