من مقر وزارة التموين، التي تبعد خطوات عن ميدان التحرير. والذي عُلقت في جوانبه أحد أبرز لافتات ثورة 25 يناير 2011 “عيش – حرية – عدالة اجتماعية”. كشف الوزير علي المصيلحي، عن دراسة إضافة طحين البطاطا إلى دقيق القمح المُستخدم في إنتاج الخبز المدعم.
برر المصيلحي قراره بخفض تكلفة استيراد القمح بحوالي 500 ألف طن. وأشار إلى أن دراسة تُجرى حاليًا على تكنولوجيا طحن البطاطا، واستخدامها في الخبز المدعم. وقدر الوزير نسبة الخلط مع دقيق القمح بما يتراوح بين 10 إلى 20%.
يأتي هذا في الوقت الذي قررت فيه وزارة التموين زيادة استخراج الدقيق من ناتج طحن القمح التمويني بداية من يوليو/تموز 2022. ذلك لإنتاج دقيق 87.5% بدلًا من دقيق 82% من طحن القمح. ما يعني زيادة نسبة النخالة “الردة” في رغيف الخبز.
لماذا دقيق البطاطا؟
بحسب خطاب صادر عن وزارة التموين -حصل “مصر 360” على نسخة منه- فإن كل مديرية تموين مطالبةً بإعداد خطة عمل محددة التوقيتات. لإجراء تصفية فعلية صفرية لكل مطحن تمويني. ومن ثم، يبدأ تجهيز المطحن لإنتاج الدقيق البلدي استخراج 87.5%.
يُقدر مجدي الوليلي، عضو غرفة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية. حجم الزيادة في طن القمح المطحون، بعد زيادة نسبة النخالة “الردة” بنحو 6%. ما يعني أن طن القمح “1000 كيلو” سينتج حوالي 875 كيلو جرامًا، بزيادة قدرها حوالي 616 رغيفا إضافيا.
يشرح وزير التموين، طريقة إضافة البطاطا إلى الدقيق. يقول: “تُسلق البطاطا ثم تُخلط مباشرة مع دقيق القمح المعدّ للعجن الذي يتم بالطرق العادية”. ويضيف أن البطاطا محصول رخيص ويسهل الحصول عليه ويمكن توفيره طوال العام.
هل وصلت التعليمات للمخابز؟
يقول عطية حماد، رئيس شعبة المخابز باتحاد الغرف التجارية. إنه إلى الآن لم تصلهم أي تعليمات بشأن إضافة البطاطا. أو حتى الطريقة التي سيتم إضافة البطاطا بها للعجين.
ويُضيف لـ”مصر 360″، أنه لاتوجد دراسات حول طريقة تأثير البطاطا على طعم رغيف الخبز. أو على الأقل لم تصلهم أي تقارير بهذا الشأن. موضحًا أنه لا يعلم إن كانت البطاطا أضيفت لدقيق القمح عالميًا أم لا.
يشير حماد إلى أنه سمع عن تجربة إضافة البطاط لدقيق القمح في الوادي الجديد. لكنه ليس كلاما مؤكدًا. لافتًا إلى أن الهدف من كل ذلك هو توفير استهلاك القمح بسبب ارتفاع سعره عالميًا، بعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.
ويلفت رئيس شعبة المخابز إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها الحكومة لإضافة منتج آخر. للدقيق المعدّ لإنتاج رغيف الخبز المدعم. إذ استخدمت الذرة في السابق، مضيفًا أن الشعبة تنتظر صدور تعليمات وزارة التموين التي لا تزال تدرس الأمر إلى الآن.
أين تزرع زراعة البطاطا في مصر؟
يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن محصول البطاطا يزرع على مساحات صغيرة جدًا في بعض المناطق المتفرقة في مصر. وإنه في حال أرادات الدولة إضافتها لدقيق القمح، يجب إدخالها ضمن برنامج الزراعات التعاقدية.
ويضيف لـ”مصر 360″، أن الزراعة التعاقدية ستضمن زيادة مساحة المنزرع من البطاطا. خاصةً وأن محصول البطاطا غير مربح للفلاح، رغم أنه وفير الإنتاج. ذلك بسبب أسعاره الرخيصة جدًا. وبالتالي، فإن احتمال منافسته مع محاصيل أخرى منعدمة.
وبحسب نشرة الإنتاج الزراعي الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للعام 2019. فقد بلغت المساحة المنزرعة من البطاطا حوالي 31 ألفًا و768 فدانًا، بإنتاجية تقدر بنحو 447 ألف طنًا. بينما يقدر حجم إنتاجية فدان البطاطا بحوالي 14.09 طنًا.
ويشير أبوصدام إلى أن من أبرز ما يميز البطاطا أنها محصول يمكن زراعته طوال أيام السنة. ولا يرتبط بموسم زراعي معين مثل القمح. فضلًا عن كونها أرخص من محصول القمح، الذي تعدّ زراعته مكلفة قياسًا بمحصول البطاطا. وبالتالي فقد تسهم البطاطا في توفير كميات كبيرة من القمح التي تستوردها مصر.
البطاطا مفيدة.. ولكن هل تصلح بديلًا؟
وفق الدكتور خالد يوسف، استشاري التغذية العلاجية وأمراض السمنة والنحافة. فإن طريقة تحضير خبز البطاطا مختلفة عن الخبز العادي المدعم الحالي، إذ لا يعتمد فقط على إضافة البطاطا إلى دقيق القمح. بل يجب أن تتم إضافة الزبدة والسكر والخميرة والملح، حتى يكون صالحًا للعجن والخبز.
وحسب دراسة أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2014. فإن الخبز البلدي يمد المستهلك بنحو 70% من احتياجاته النشوية والبروتينية، و52% من السعرات الحرارية التي يحتاجها. كذلك، فإن المواصفات القياسية للرغيف عام 2014 كانت تحدد وزنه بـ130 جرامًا. وفي 2017 تراجع وزن الرغيف إلى 110 جرامات فقط، قبل أن ينخفض وزنه 20 جرامًا إضافية.
وحول اختلاف طعمه عن الخبز العادي، يكشف استشاري التغذية أن الطعم بالتأكيد سيكون مختلفًا عما اعتاد عليه ملايين المصريين. ولن يتم تقبله بسهولة، رغم قيمته الغذائية العالية للجسم البشري. مضيفًا أن قطعة خبز البطاطا 130 جراما ستُشكل قيمة غذائية كبيرة جدًا.
ويبلغ نصيب الفرد المصري من القمح يوميًا 420 جرام، تمد جسده بـ1470 سعرا حراريا في اليوم، و49.6 جرامات من البروتين، و5.5 جرامات من الدهون، وفق نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
من جهته، قال الدكتور عبد المنعم الجندي، أستاذ تربية الخضر والنباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة وصاحب فكرة خبز البطاطا، إن تجربة إنتاج رغيف البطاطا في الوادي الجديد تمت عبر إضافة 15 طنًا من البطاطا المسلوقة إلى 2 طن من دقيق القمح، تم خبزها خلال شهر مايو/ آيار الماضي. وهو يعتقد أن البطاطا قد تكون هي الحل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح. بل قد يتم الاستغناء عن دقيق القمح لتحل البطاطا بدلًا منه.