مع اقتراب موعد زيارة ساكن البيت الأبيض إلى المنطقة، يشهد الشرق الأوسط تحركات مكثفة بين العديد من دبلوماسيات المنطقة. حيث تعمل إسرائيل -إلى جانب دول خليجية- لإثارة الفزع من عدوان إيراني يستهدف الدولة العبرية في المقام الأول. في توافق مع النوايا الأمريكية في الحد من النفوذ الروسي والصيني في دول الخليج الغنية بالنفط.

في الأسابيع الماضية، ظهرت العديد من التقارير فيما يتعلق بالتطورات الجارية في المنطقة. والتي من المحتمل أن تتناولها زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. أبرزها فكرة الحلف الدفاعي المحتمل. والذي شبهه الملك الأردني عبد الله بن الحسين بـ “الناتو العربي”.

يضع التحالف المزعوم، ومقدماته، العديد من علامات الاستفهام حول المستقبل الدفاعي للشرق الأوسط. في وقت تبدو فيه خطوات سياسية متسارعة لحشد إسرائيلي لدول المنطقة في مواجهة إيران. هنا، اختلفت ردود الأفعال، وفق المصالح الوطنية، ليصير البعد الإقليمي في المرتبة الثانية.

على الرغم من توقيع الإمارات والبحرين، ومن قبلهما مصر والأردن، معاهدات سلام مع إسرائيل. وإقامة علاقات دبلوماسية. إلا أنها لم تشكل أي تحالفات عسكرية رسمية، أو تشارك في برامج التعاون الدفاعي. حيث ينظر الجيش المصري إلى إسرائيل باعتبارها “العدو الاستراتيجي” وليس إيران، التي تفضل القاهرة عدم خوض أي نزاع عسكري معها. بينما تظل السعودية مترددة في اختيار الدخول في تحالف قد يُنهي مبادرة السلام التي طرحتها بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

اقرأ أيضا: كواليس إجهاض مشروع “ناتو الشرق الأوسط” بزعامة إسرائيل: تأييد إماراتي.. ورفض مصري

هل يبدأ MEAD التحالف المزمع؟

تأكدت فكرة التحالف الدفاعي الجديد، عندما قال العاهل الأردني إنه على استعداد لدعم إنشاء تحالف في الشرق الأوسط. مشابه لحلف شمال الأطلسي. وقال لقناة CNBC: “سأكون من أوائل الأشخاص الذين سيؤيدون حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط”. مع ذلك، أشار إلى أن “توضيح مهمة الحلف يجب أن يكون واضحًا جدًا جدًا. وإلا فإنه يربك الجميع”.

تصف مجلة Breaking Defense، المتخصصة في الشؤون العسكرية. تعليقات الملك الأردني بأنها “الأقوى من زعيم إقليمي حول هذه القضية”. بينما تصاعد الاهتمام مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، أن إسرائيل انضمت إلى ما أسماه “تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط MEAD“. وهي شبكة دفاع جوي إقليمية بقيادة الولايات المتحدة، تضم دولًا عربية.

وقال جانتس، في إحاطة أمام الكنيست الإسرائيلي. إن مثل هذا التعاون يحدث بالفعل، مبينا أنه “خلال العام الماضي، كنت أقود برنامجا مكثفا مع شركائي في البنتاجون والإدارة الأمريكية. سيعزز التعاون بين إسرائيل ودول المنطقة. هذا البرنامج بدأ العمل به بالفعل، وتمكن بنجاح من اعتراض محاولات إيرانية لمهاجمة إسرائيل ودول أخرى”.

على الرغم من أن جانتس لم يذكر أسماء الدول العربية. إلا أن العديد من المراقبين يفترضون أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المحتمل أن تشمل الإمارات والسعودية والبحرين وقطر ومصر و /أو الأردن. كما يشير رياض قهوجي محرر Breaking Defense، والذي أشار إلى أنه من غير الواضح في أي مرحلة يتم تنفيذ الترتيب حاليًا. ونقل عن محللين قولهم إن MEAD وأي تعاون دفاعي إضافي “مرهون بتسوية الولايات المتحدة التوترات القائمة مع لاعبين مختلفين في المنطقة”.

ونقل قهوجي عن متحدث باسم البيت الأبيض قوله إن الولايات المتحدة “تدعم بقوة اندماج إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط الأوسع. وسيكون هذا موضوع نقاش عندما يزور الرئيس إسرائيل”. كما نقلت The Wall Street Journal عن مسؤول إسرائيلي كبير -لم يذكر اسمه- إن البرنامج “لا يزال قيد التنفيذ” و “هناك بالتأكيد شركاء يرون أنه حساس للغاية للحديث عنه”.

اجتماع “غير معترف به” في شرم الشيخ

في 26 يونيو/ حزيران الماضي، نشرت صحيفة The Wall Street Journal تقريرا تناول ما زعمت أنه اجتماعات لمسؤولين عسكريين مصريين في شرم الشيخ. مع نظرائهم من إسرائيل والسعودية وقطر والأردن والإمارات والبحرين لمناقشة التعاون في مجال الدفاع. كما قال محرر الصحيفة ديفيد كلود.

وقال التقرير “إنها المرة الأولى التي يلتقي فيها مسؤولون إسرائيليون وعرب رفيعو المستوى لمناقشة التعاون العسكري ضد تهديد مشترك”. ولفت إلى أن المسؤولين العسكريين “اجتمعوا لاستكشاف كيف يمكن للدول أن تدافع ضد قدرات إيران الصاروخية. والطائرات بدون طيار المتزايدة”. ولفت إلى أن الاجتماع كان بحضور الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية السابق.

ووفق التقرير، اتفق القادة من حيث المبدأ على نظام للإبلاغ السريع عند الكشف عن التهديدات الجوية. ومع ذلك، فإن هذه التفاهمات “لم تكن ملزمة”. كما أشار إلى أن “المرحلة التالية هي تأمين الدعم السياسي من قادة الشرق الأوسط بشأن إجراءات الإخطار”. وقال التقرير إنه “على الرغم من أن إسرائيل وجيرانها في المراحل الأولى من مناقشة التعاون العسكري. فإن الأمر لا يزال حساسًا من الناحية الدبلوماسية”.

وبينما رفض مسؤولون في إسرائيل ومعظم الدول العربية الحديث عن الاجتماع. لم تتطرق الإمارات إلى المحادثات، لكن مسؤول أشار للصحيفة أن “الإمارات ليست طرفاً في أي تحالف عسكري إقليمي أو تعاون يستهدف أي دولة بعينها. علاوة على ذلك، فإن الإمارات ليست على علم بأي مناقشات رسمية تتعلق بأي تحالف عسكري إقليمي”.

جاء الاجتماع في الوقت الذي استثمرت إيران بكثافة في تطوير ترسانتها من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار الهجومية. ما جعل إسرائيل تحاول جمع من تراهم خصوم إيران الإقليميين. وتعزيز أنظمة دفاعهم الجوي، وتحسين قدرات الإنذار المبكر، من خلال الارتباط مع بعضهم والولايات المتحدة. التي لا يزال لها وجود عسكري في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضا: ما بين السطور: “الناتو العربي الإسرائيلي” وباب القاهرة “الموارب”

لماذا لا ينجح الناتو العربي؟

روجت الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، أو ما أسماه بـ MESA. وهو نموذج لمشروع تحالف حاول تفعيله من قبل الرئيس باراك أوباما. ومن المتوقع أن يناقش الرئيس الحالي جو بايدن هذا الموضوع خلال زيارته المرتقبة للمنطقة.

في أبريل/ نيسان 2019. أشار تقرير لوكالة رويترز إلى فشل مساعي بايدن بخصوص التحالف بسبب القاهرة -وهو الأمر الذي يتكرر مع بايدن حاليا- حيث انسحبت مصر “لأنها شككت في جدية المبادرة، ولم تر بعد مخططًا رسميًا يضعها. وبسبب خطر أن تؤدي الخطة إلى زيادة التوترات مع إيران”. حسبما قال مصدر عربي وقتها، تحدث شريطة أن عدم الكشف عن هويته.

وقال المصدر وقتها، إن عدم اليقين بشأن ما إذا كان ترامب سيفوز بولاية ثانية العام المقبل. وما إذا كان من يخلفه سيتخلى عن المبادرة، قد ساهم أيضا في القرار المصري.

أيضا، يشير تقرير حديث لـ DW أن خطط “الناتو العربي” ليست ناجحة بشكل خاص. وفي الواقع، لا تزال العديد من نفس الظروف التي تسببت في فشله موجودة حتى يومنا هذا.

يقول التقرير: من الناحية اللوجستية، هناك مشكلات تتعلق بالتشغيل البيني. أي أن الدول المختلفة تستخدم أنظمة أسلحة وطائرات مختلفة. وهناك مخاوف من أن تهيمن دول أكبر وأفضل تسليحًا -مثل السعودية أو مصر- على أي تحالف. ولا ترى كل الدول العربية إيران على أنها أكبر أعدائها. كما أن البعض الآخر، مثل مصر، لديهم أولويات سياسية متنوعة.

في الوقت نفسه، لا تزال القضية الفلسطينية تشكل حجر عثرة رئيسي للدول العربية عندما يتعلق الأمر بالتعاون مع إسرائيل. فالسعودية، حتى الآن ترفض إقامة علاقات أوثق مع إسرائيل بسبب هذا.

ونقلت DW عن سينزيا بيانكو، الزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، والتي تركز على أمن دول الخليج. قولها: “لا يزال الأعضاء المزعومون -في أي تحالف من هذا القبيل- لا يثقون ببعضهم البعض. والعلاقات السياسية بينهم قاسية وغير مؤكدة”. مشيرة إلى أنه “بدون التطبيع السعودي- الإسرائيلي سيكون من الصعب إحراز تقدم”.

“تعاون” وليس “تحالف”

نقلت Breaking Defense عن عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في الإمارات. اعتراضه على مسمى “التحالف” على ما يتم تحضيره حاليا “لن أقول إن هناك تحالفًا عسكريًا يتم تشكيله بين إسرائيل وبعض الدول العربية. لأن التحالف يتضمن صياغة اتفاقيات مكتوبة تكون ملزمة لجميع الموقعين. ما لدينا هو أكثر من محور يتشكل على أساس التفاهمات بين إسرائيل والدول العربية الأخرى.”

وأضاف عبد الله أن الإمارات والسعودية تعملان على إنشاء محور للدول العربية “المعتدلة”، حسب قوله. والذي من المفترض أن يكون أكثر انفتاحا على التعاون مع إسرائيل. في جهود تعزيز الأمن الإقليمي، بما في ذلك الدفاع الجوي. وأضاف: تصرفات إيران العدائية، إلى جانب برنامجها النووي المستمر. تثير المخاوف في كل مكان في المنطقة، وحولت إيران إلى عدو مشترك، أو عدو للعديد من الدول العربية وغير العربية في الشرق الأوسط”.

وبينما لم توقع المملكة العربية السعودية -وهي قوة عربية رئيسية- أي معاهدة سلام مع إسرائيل، وليس لها علاقات دبلوماسية معها. لا يشك بعض محللي الدفاع السعوديين في إمكانية أن تكون الرياض جزءًا من تحالف عسكري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بشرط أن تحل الولايات المتحدة جميع نزاعاتها العالقة مع المملكة، وتعيد الاضطلاع بدورها كضامن لأمن المنطقة.

ضغوط أمريكية بسبب السعودية

المجلة الدفاعية الأمريكية، نقلت عن اللواء السعودي المتقاعد عبد الله غانم القحطاني قوله: “المنطقة على وشك حدوث تغييرات كبيرة. أتوقع أن تتحقق في المستقبل القريب للغاية. وستشمل شكلاً من أشكال التعاون الأمني ​​بين إسرائيل والدول العربية”. كما أجاب عن سؤاله عن تحالف الدفاع الجوي المزمع MEAD: “القوات الجوية. هذا منطقي، فقط إذا أخذنا في الاعتبار التهديدات التي تشكلها إيران وحلفاؤها على معظم دول المنطقة.” في الوقت نفسه، أشار إلى أن المملكة “لن تقدم أي شيء مجانًا”.

يقول القحطاني: “أعتقد أن المملكة سيكون لها شروطها وشروطها في تعاملاتها مع الولايات المتحدة وغيرها. أعتقد أن الاستعدادات التي يقوم بها المسؤولون الأمريكيون لرحلة الرئيس بايدن القادمة إلى الرياض تهدف إلى تصحيح العلاقات بين الدولتين”. مشيرًا إلى أن العديد من المؤسسات الحكومية الأمريكية، والشركات الخاصة. مارست ضغوطًا على بايدن لإعادة النظر في سياساته تجاه المملكة. خاصة علاقته مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وتضغط السعودية للحصول على مزيد من الدعم الأمريكي في مواجهة مليشيات الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن. والتي أطلقت أكثر من 200 صاروخ باليستي، وعشرات من طائرات كاميكازي بدون طيار ضد المملكة في السنوات السبع الماضية.