في سوق “الصاغة” بطنطا -المجاور لمسجد السيد البدوي يجلس أصحاب المحال في انتظار من يخاطر بشراء الذهب. فالزائرون إما يكتفون بالفرجة وإما يجربون قطع المعدن الأصفر في أيديهم دون الانتقال إلى مرحلة الشراء.
ووسط حالة الركود تلك جاء قرار جديد ليزيد أوجاع سوق الذهب. وهو تعديل آلية تحصيل ضريبة القيمة المضافة على المعادن الثمينة. والتي تنتجها مصانع المشغولات الذهبية والفضية والبلاتينية. وذلك بزيادة قيمة متوسطات قيم التشغيل المعروفة “المصنعية” 10% بداية من يوليو/تموز الجاري على بيع منتجاتها.
كانت مصلحة الضرائب تدرس منذ ثلاث سنوات تعديل الضريبة على سوق الذهب في مصر. قبل أن تصدر قرارها الأخير. وهو أخف وطأة من دراسة سابقة في أغسطس/آب 2019 كانت ستجعل المصنعية بين 80 و150 جنيهًا. واعترضت حينها شعبة الذهب وتصنيع المعادن الثمينة. وقالت إنها دارسة “قاصرة على عيارات غير دارجة” مثل 23.5 “البندقي”. فضلا عن أنها “لا تراعي ظروف السوق”. قبل أن تقلّصها “الضرائب” لتكون بين 44 و66 جنيهًا وهي قيمة تقديرية.
ركود وتقليص هامش الربح على الذهب
وخلال الركود الحالي قلّص التجار من هامش ربحهم على أمل تحريك السوق للوفاء بنسبة التكاليف الثابتة من عمالة وكهرباء ومياه وإيجارات. فبالنسبة للأسعار المنخفضة أفضل لأنها تنعش المبيعات وتحركها. علاوة على شعورهم بتقليص كبير في نسب الإقبال على شراء الشبكة. ما يثير مخاوف التجار من أن يزيد الركود مع التعديلات الأخيرة.
ترقب في محال الذهب مع الزيادة الجديدة على المصنعية
أحمد السيد -مسئول عن محل ذهب بسوق الصاغة يقول: “قبل 3 سنين كانت السوق يوم الجمعة من كل أسبوع فيها حفلات كتير لشراء الشبكة. لكن دلوقت السوق هادي عشان الأسعار زادت وكمان تضارب القرارات يقلص المشتريات”.
ويرتبط الذهب دائمًا بعلاقة طردية مع التضخم. فهو وسيلة تحوُّط من تراجع القدرة الشرائية للعملة. لكن المتغيرات المتلاحقة في الاقتصاد الدولي حاليا من رفع الفائدة بأمريكا وقوة الدولار وأزمة الغذاء والطاقة العالميتين ربما تغير بعض الشيء من تلك العلاقة.
تأثير الضريبة الجديدة يتباين بين شعبة الذهب وتصنيع المعادن الثمينة التابعة لاتحاد الصناعات المصرية -رابطة تجمع المصنعين- والتي ترى أن هناك تأثيرا تدرس امتصاصه حاليا حتى لا ترفع الأسعار. وبين الشعبة العامة للذهب والمشغولات الذهبية بالاتحاد العام للغرف التجارية -تضم التجار- التي ترى أن القرار لا يحمل تأثيرا على السوق.
من جهتها تستهدف مصلحة الضرائب تعزيز مواردها من سوق الذهب. فحجم إنتاج المشغولات الذهبية المدموغة في مصر من قبل مصلحة الدمغة والموازين بوزارة التموين نحو 65 طنًا في العام. ما يعادل “6.5 مليون جرام”. بينما يشكو الباعة ارتفاع الأسعار. فسعر الجرام قفز بما يتجاوز 185 جنيهًا منذ بداية العام الحالي.
تضارب حول تأثير زيادة المصنعية على مبيعات الذهب
بحسب إيهاب واصف -رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية- فإن الزيادة التقديرية الجديدة سترفع “متوسط” قيمة المصنعية على الجرام عيار 21 بنحو 44 جنيهًا. مع ضريبة القيمة المضافة المستحقة عليه 6.16 جنيه. ومتوسط مصنعية الجرام عيار 24 و18 ستكون 66 جنيهًا. على أن تكون قيمة ضريبة القيمة المضافة المستحقة عليهما 9.24 جنيه.
كما سيرتفع متوسط قيمة المصنعية على عيار 14 -غير دارج وتم استحداثه محليا لإنعاش المبيعات- إلى 55 جنيهًا. فيما يستحق ضريبة عليه 7.7 جنيه. وسيصل سعر المصنعية على عيار 12 إلى 49.5 جنيه. فيما تبلغ ضريبة القيمة المضافة عليه 6.93 جنيه. أما عيار 9 سترتفع سعر مصنعيته إلى 33 جنيها. على أن تحصل منها ضريبة قيمة مضافة بقيمة 5.62 جنيه. وبالطبع فإن العيارين الأخيرين غير دارجان بالسوق المحلية.
في المقابل، فإن ممثل التجار المهندس هاني ميلاد جيد -رئيس شعبة الذهب والمشغولات الذهبية بالاتحاد العام للغرف التجارية- يرى أن الزيادة الجديدة سيتم تطبيقها على قيمة المصنعية فقط. وليس كامل قيمة قطعة المصوغات. وتدخل قيمة الضريبة بالنسبة للمنتج أو المصنع من ضمن تكاليف الإنتاج وبالتالي لا تحمل تأثيرًا.
وأوضح في بيان أن تلك الزيادة اتفقت عليها الشعبة بالاتحاد العام للغرف التجارية ومصلحة الضرائب. وذلك لتحقيق انضباط ضريبي بما يحقق مصلحة منتجي وتجار المشغولات الذهبية في وجود آلية محددة للمحاسبة الضريبية. كما تضمن حقوق الضرائب وخزانة الدولة في تحصيل عوائد ضريبية تتناسب مع حركة الأسواق وتغير الأسعار.
الزبون هو المتضرر من زيادات مصنعية الذهب
ويرى نادي نجيب -سكرتير شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية- أن قرار الضرائب الجديد يزيد الركود بسوق الذهب. فهو ببساطة يرفع المصنعية بنسبة 10% بجانب ضريبة القيمة المضافة “14%”. والتي تفرض مرة واحدة في مرحلة الدمغ وهي مطبقة حاليًا. وعوائدها تذهب للخزانة العامة للدولة وليس التجار وسيتحملها الزبون.
وأضاف لـ”مصر 360″ أن الضرائب وضعت تقديرات افتراضية للعيار. فالمصنعية ليست ثابتة وتختلف من مصنع لآخر حسب كمية العمل والمجهود في القطعة. وبالتالي القيمة تزيد كلما زادت المصنعية. وهو أمر حتى لو كانت زياداته بسيطة لكنه يؤثر نفسيا في المتعاملين. خاصة في ظل ارتفاع الأسعار والركود التي تمر بها السوق حاليًا.
رئيس شعبة الذهب وتصنيع المعادن الثمينة يقول إن الشعبة تعمل حاليًا على دراسة مقترحات لاستيعاب الزيادة على ضريبة القيمة المضافة عن طريق رفع قيمة المصنعية 10% سنويًا. حتى لا تؤثر سلبا على تراجع مبيعات المصانع والتجار على حد سواء.
يقول “نجيب” إن السوق عانت أيضًا من البلبلة فيما يتعلق بالدمغة. فلا تزال الدمغة اليدوية هي الدارجة بالسوق. ويفترض أن يتم الانتقال منها إلى الدمغة بالليزر العام المقبل.
ووفقًا لوزارة التموين فإن استخدام الليزر في دمغ الذهب يعني وضع شهادة ميلاد لكل قطعة ذهبية. لتتضمن البيانات الخاصة بقطعة الذهب. ومنها تاريخ التصنيع وعيارها الدقيق بما يمنع إعادة بيع الذهب المسروق وإمكانية التتبع لمعرفة اسم البائع وكذلك المشتري.